الرئيسية / أخبار سوريا / المهندس كرم دولي عضو المكتب التنفيذي للمنظمة الآثورية في حديث مطوّل للوكالة الآشورية الدولية للأنباء AINA عن مشاركة الآشوريين في اللجنة الدستورية وحول عمل المنظمة ومواقفها إزاء الوضع في سوريا.

المهندس كرم دولي عضو المكتب التنفيذي للمنظمة الآثورية في حديث مطوّل للوكالة الآشورية الدولية للأنباء AINA عن مشاركة الآشوريين في اللجنة الدستورية وحول عمل المنظمة ومواقفها إزاء الوضع في سوريا.

25-02-2021

رابط المقابلة باللغة الانكليزية على موقع AINA

http://www.aina.org/news/20210224221221.htm

 

النص العربي للمقابلة:

مشاركة الآشوريين في اللجنة الدستورية السورية  .

بقلم عبد المسيح بار ابراهام .  AINA News Release جنيف، سويسرا.

بعد اجتماع مع أعضاء اللجنة الدستورية السورية في جنيف، سويسرا برعاية الأمم المتحدة في نهاية يناير/كانون الثاني، أعرب غير بيدرسن، مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا، عن خيبة امله للتقدم البطيء لعملية السلام في سوريا. وأشار السيد بيدرسن إلى الخلافات حول نهج العمل بين الرئيسين المشاركين، اللذين يمثلان الحكومة السورية والمعارضة السورية، وقال “هناك حاجة إلى نهج جديد للمحادثات، إذا كان لها أن تستمر”.

تأسست اللجنة الدستورية في ايلول 2019 تحت رعاية الأمم المتحدة بهدف صياغة دستور جديد للبلاد. وتتألف هيئة الصياغة من 45 عضوا، في حين تضم الهيئة بكامل هيئتها 150 عضوا، وينتمون \ بالتساوي \ الى ممثلي الحكومة وجماعات المعارضة والمجتمع المدني. وقد عُقدت الدورة الرابعة للجنة في الفترة ما بين 30 تشرين الثاني و4 كانون الأول 2020. وكانت دورة 29 كانون الثاني 2021 هي الخامسة للجنة .

 والمنظمة الديمقراطية الآشورية هي عضواً مؤسساً في المجلس الوطني السوري والائتلاف الوطني السوري وجزءاً من المعارضة السورية منذ نشأتها وكتنظيم اشوري سرياني، تعمل المنظمة على تأمين الحقوق القومية للشعب الآشوري في الدستور السوري الجديد ويمثلها عضوين في اللجنة الدستورية، غير أن لا تمثيل لها في الهيئة المصغرة (لصياغة الدستور).

وقد أتيحت لنا الفرصة للتحدث مع السيد كرم دولي ( مهندس، ومقيم حاليا في فيينا- النمسا) وهو عضو المكتب التنفيذي للمنظمة الآثورية الديمقراطية، وذلك حول تقدم المفاوضات والوضع في البلاد في ضوء الأزمة الإنسانية المتفاقمة في سوريا، والتي تفاقمت بسبب وباء كوفد 19.

 

من فضلك هل تسطيع ان تخبرنا باخر المستجدات حول الاجتماعات الاخيرة للجنة الدستورية؟

اجتماعات اللجنة الدستورية المصغرة التي انعقدت في جنيف برعاية الامم المتحدة بين 25 و 29 كانون الثاني 2021 في دورتها الخامسة لم تحرز أي تقدم في مسار العملية الدستورية. بالطبع هذا الأمر لم يكن مفاجئا لتوقعات الكثير من المراقبين ولا حتى للمعارضة السورية نفسها. وربما يكون التعبير الذي استخدمه السيد غير بيدرسون ” إن هذه الدورة مخيبة للأمل” هو التوصيف الأنسب لهذه الدورة.

منذ انطلاقة أعمال اللجنة الدستورية في نهاية تشرين الاول من العام 2019 مارس وفد النظام السوري، لعبة التمييع وإضاعة الوقت والتهرب من الاستحقاقات التي تحددها اللوائح الناظمة لعمل اللجنة الدستورية واستمر بهذا الأسلوب في الدورات الاربع السابقة، لذلك بذل المبعوث الدولي الخاص بسوريا السيد بيدرسون في وقت سابق لانعقاد هذه الدورة مساعيه لدفع الأطراف للتقدم بمقترحات حول منهجية النقاش بحيث تفضي إلى البدء بعملية صياغة الدستورالجديد. إلا أن وفد النظام عدا عن رفضه للمقترح المقدم من قبل وفد المعارضة وأيضا مقترح السيد بيدرسون فإنه لم يقدم بالمقابل أي مقترح، الأمر الذي أكده السيد بيدرسون في إحاطته التي قدمها في مقر الأمم المتحدة بجنيف بعد انتهاء أعمال اللجنة الدستورية في 29 من كانون الثاني الماضي. وقد انعكس ذلك الفشل بشكل واضح على أجواء الاجتماعات حيث رفض ممثلو النظام مجرد الحديث عن صياغات للمبادئ الدستورية بحجة أنه لا تزال هناك حاجة لمزيد من النقاشات حول بعض المفاهيم والمبادئ الدستورية. وبخصوص الإطار الزمني أكد السيد هادي البحرة على أهمية تحديد جدول زمني واضح للجنة الدستورية لانجاز مهمتها استندا الى البند الرابع من القرار 2254 واستعداد الوفد لعقد جلسات بفترات زمنية تمتد لعدة أسابيع متتالية إلا أن ذلك ايضا قوبل برفض من قبل وفد النظام.

إجمالا يمكن القول بأن عدم إحراز تقدم في هذا المسار وفي ظل عدم تحديد موعد لانعقاد أعمال الدورة السادسة يمثل تحديا  ليس فقط لهيئة التفاوض السورية ( التي تمثل الهيئة المرجعية للجنة الدستورية)، بل للأمم المتحدة ودول ما يعرف بالمجموعة المصغرة وعلى رأسها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي. وفي إحاطته التي قدمها أمام مجلس الامن الدولي في التاسع من شباط الجاري في جلسة مغلقة سعى السيد بيدرسون ،وفق تقارير صحفية متطابقة، إلى ايصال رسالة حمّل من خلالها النظام مسؤولية عدم احراز أي تقدم في عمل اللجنة الدستورية، دون ان يسميه حرفيا، وتبعا لنفس التقاريرفقد أشار الى ضرورة وجود تدخل دولي أكثر فاعلية دونه قد تكون مهمته مستحيلة.

لماذا لا يوجد تمثيل للمنظمة الاثورية في الهيئة المصغرة لصياغة الدستور؟

قبل الإجابة على هذا السؤال لا بد من توضيح أعتقد بأنه مهم حول آلية التمثيل في اللجنة الدستورية. إن اللجنة الدستورية بصيغتها الموسعة والمصغرة هي إحدى لجان هيئة التفاوض السورية والتي تضم 7 مكونات وهي: الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، هيئة التنسيق الوطني،  ممثلين عن الفصائل المسلحة، منصة القاهرة، منصة موسكو، المجلس الوطني الكردي، لجنة الشخصيات الوطنية أو ما يعرف بلجنة المستقلين. ومن الواضح بأنه لايوجد تمثيل للمنظمة الآثورية الديمقراطية ولا للسريان الاشوريين ككتلة مستقلة ضمن الهيئة بل المنظمة ممثلة ضمن لجنة المستقلين من خلال الأستاذ كبرئيل موشي. إن تشكيل اللجنة الدستورية يتم عبر ترشيح كل مكون من مكونات الهيئة لمجموعة من المرشحين من أعضائها ويتم التصويت على تلك الاسماء ضمن هيئة التفاوض. وبناء على ذلك فقد حصلنا على مقعدين ضمن اللجنة الدستورية الموسعة (45 عضو) واحد عن الإئتلاف الوطني ممثلا بالسيد عبدالأحد اسطيفو والثاني عبر لجنة المستقلين ممثلا بالسيد كبرئيل موشي. لكن بالمقابل فإننا لم نحصل على اي مقعد ضمن اللجنة المصغرة نتيجة العديد من العوامل ولكن أهم تلك العوامل هو افتقادنا كشعب وكمنظمة للتمثيل كأحد مكونات الهيئة وهو ما نطالب به ونعمل على تثبيته منذ تشكيل الهيئة لأنه يمثل ظلما وإجحافا بحق مكون قومي أصيل في سوريا.

بالمقابل فإنه على الرغم من أهمية تواجدنا ضمن اللجنة المصغرة لنعبر عن رؤيتنا ومطالبنا بأنفسنا مباشرة خلال اجتماعات اللجنة الدستورية إلا أن ذلك لايعني ابدا غياب دورنا ومساهماتنا في عمل اللجنة الدستورية الموسعة والتي بدورها تمثل الهيئة المرجعية للجنة الدستورية المصغرة ولايمكن تمرير أي قرار او موقف او مقترح دون موافقة اللجنة الموسعة، كذلك فإن قوام اللجنة المصغرة ليس ثابتاً، بل قابل للتغيير في حال طالب أي مكون في هيئة التفاوض بتبديل أحد او بعض ممثليه ضمن اللجنة الدستورية الموسعة او المصغرة.

وكمثال عن أهمية تمثيل السريان الآشوريين ضمن اللجنة الدستورية المصغرة ضمن ثلث المعارضة، أود الإشارة الى ما جرى خلال جلسات الدورة الاخيرة من مداخلات وسجالات تناولت مفهوم ومرتكزات الهوية السورية وما ورد فيها من مغالطات على لسان بعض اعضاء وفد النظام بما يخص الحقوق الثقافية واللغوية للسريان الاشوريين، المداخلة الوحيدة من وفد المعارضة التي حاولت تفنيد تلك المغالطات قدمت من قبل السيد كاميران حاجوالممثل (الكردي) الوحيد في اللجنة المصغرة وبعد التنسيق معه على هامش الاجتماعات من خلال تواجدي هناك، وعلى الرغم من شكرنا وتقديرنا لمبادرة السيد حاجو وتقديمه لرؤيتنا حول تلك القضية بكل دقة وأمانة وما مثلته من حالة إيجابية وحضارية، إلا أن تواجد مباشر لممثل عن شعبنا كان سيوفر إمكانية مباشرة لتقديم المزيد من الشروحات والتفاصيل، إذ من حق كل القوميات التي تشكل المجتمع السوري أن تعبر عن نفسها  وعن تطلعاتها حول مستقبل البلد بنفسها.

وهنا أود التنويه أيضا إلى أنّ غياب تمثيلنا في اللجنة الدستورية المصغرة كسريان آشوريين لا يقتصر فقط على ثلث المعارضة بل يشمل ذلك ايضا ثلث المجتمع المدني.

 وفقاً لبيان صحفي صادر عن منظمتكم، فقد شكلتم ما يسمى بفريق الدعم الاستشاري المكون من الآشوريين والأكراد واليزيديين. هل يمكنك شرح مهمة هذا الفريق الاستشاري؟

إن فكرة تشكيل الفريق جاءت بمبادرة مشكورة من قبل المركز الأوروبي للدراسات الكردية ومقره برلين ضمن إطار مشروع ممول من قبل الاتحاد الاوروبي وذلك نتيجة الخلل في تمثيل كل من السريان الآشوريين والكرد والإيزيديين في اللجنة الدستورية حيث هناك غياب كامل لتمثيل الإيزيديين والسريان الاشوريين ووجود ممثل واحد للكرد ليس فقط ضمن ثلث المعارضة وإنما أيضا في ثلث المجتمع المدني (الثلث الثالث).

فريق الدعم الإستشاري يعمل من خلال مواكبته لاجتماعات اللجنة الدستورية على تقديم الاستشارة السياسية والقانونية التي تعبرعن مطالب وحقوق هذه المكونات الثلاث كمساعدة لممثلي هذه المكونات ضمن اجتماعات اللجنة الدستورية. وأيضا لتقديم رؤية هذه المكونات حيال العديد من المبادئ الدستورية وشرح مواقفها السياسية إزاء العديد من القضايا في الشأن السوري خلال اللقاءات مع ممثلي الدول والهيئات التي تتواجد في جنيف أثناء انعقاد الاجتماعات، وايضا خلال اللقاءات مع العديد من أعضاء اللجنة الدستورية. كما يسعى الفريق لكسب دعم بعض الدول لدعم مطالبته الأمم المتحدة بتشكيل فريق دعم استشاري للمكونات الصغيرة تابع لفريق عمل المبعوث الدولي الخاص بسوريا على غرار الفريق النسائي والمجتمع المدني.

ما هي وجهة نظر المنظمة فيما يتعلق بالدستور السوري؟

سوريا دولة مستقلة ذات سيادة على كامل أراضيها المعترف بها ضمن الأمم المتحدة، وهي دولة متعددة القوميات والأديان والثقافات ويضمن دستورها الحقوق القومية لجميع مكوناتها من عرب وسريان آشوريين وكرد وتركمان وغيرهم، بثقافاتهم ولغاتهم على أنها لغات وثقافات وطنية تمثل خلاصة تاريخ سوريا وحضارتها.

وترى بأن الدستور يجب أن يتاسس على مبدأي الديمقراطية والعلمانية واحترام حقوق الإنسان، بحيث يضمن التداول السلمي للسلطة ووضع قوانين عصرية للأحزاب والانتخابات توفر فرص متكافئة لتحقيق الشراكة الوطنية وتضمن تمثيل الجميع في إدارة البلاد، مع التأكيد على أهمية فصل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وبناء جيش سوري محترف لا يتدخل في السياسة ويخضع للسلطات التنفيذية ولرقابة المؤسسة التشريعية والقضائية.

كما ترى بأن اللامركزية التي تمنح فيها الادارات المحلية صلاحيات موسعة هي النموذج الافضل لإدارة البلاد والكفيلة بمنع عودة الدكتاتورية وتضمن توزيعا أكثر عدلا للثروات وتحقق عملية الإنماء المتوازن.

المنظمة الآثورية الديمقراطية تطالب دوما بضمان حقوق المرأة وإلغاء كافة القوانين والتشريعات التي تتناقض مع مبدأ المساواة بالرجل وتعمل على تمكينها من المشاركة في عملية الإدارة وصنع القرار وتمثيلها بما لا يقل عن الثلث في جميع السلطات.

وتعتبر المنظمة الآثورية الديمقراطية بان أي نص دستوري يجب أن لا يتناقض مع مبدأ المواطنة الكاملة والمتساوية ، ومن هنا فإن دولة المواطنة التي نسعى إليها يجب أن تتطابق مع دولة كل المواطنين وبالتالي فإن اسم الدولة لا يجب أن يكون ملحقا بأية صفة قومية أو دينية أو ايديولوجية لأن هذا يتناقض مع مبدأ المواطنة من جهة ولأنها ستكون حينها دولة جزء من المواطنين فقط، حتى ولو شكلوا غالبية عددية، فالحقوق من ناحية لا يجب ان تقاس بالعدد، ومن ناحية اخرى فإن السريان الآشوريين ليسوا جالية طارئة على هذه البلاد بل هي موطنهم التاريخي منذ آلاف السنين ولم يعرفوا غيرها وطنا لهم واسمها مستمد من اسمهم، بل ربما يمثلون اليوم ماتبقى من الحبل السري الذي يربط سوريا باسمها. المعيار نفسه ينطبق ايضا على دين رئيس الدولة وعلى مصادر التشريع. حيث ترى المنظمة بان الدولة يجب أن  تكون حيادية تجاه الأديان أي أن تقف على مسافة متساوية منها وهذا يجب أن يشمل أيضا جميع الأديان والمعتقدات الأخرى بما فيها حرية اختيار أي معتقد أو مذهب فلسفي أو حتى الإلحاد. وتنطلق المنظمة في ذلك من فهمها لموقع الدين والمعتقد بأنه مرتبط بالافراد وبأن مكانه الطبيعي هو المجتمع المدني ودور العبادة وليس مؤسسات الدولة. وحول مسالة إدارة التنوع القومي فإن المنظمة ترى أهمية الارتقاء بالرابطة الوطنية السورية وفقا لمفهوم جديد للهوية السورية الجامعة بحيث ينهل من حالة التنوع القومي والديني والثقافي الذي ساهم في صياغة هذه الهوية، وبحيث ينعكس ذلك التنوع في رموز الدولة كالعلم والنشيد والعملة وايضا في الإعلام والتعليم والسياحة لكي يشعر الجميع بأنه جزء حقيقي من هذه الدولة.

هل توصلت المنظمة حتى الآن إلى اتفاق كامل داخل المعارضة السورية فيما يتعلق بقضايا مثل تسمية اسم الدولة (الجمهورية السورية مقابل الجمهورية العربية السورية) ودور الدين في التشريع ومبادئ المواطنة واللامركزية؟

رغم وجود تطابق في العديد من المبادئ الدستورية بين مختلف قوى المعارضة إن كان داخل الإئتلاف الوطني السوري أو داخل هيئة التفاوض السورية إلا أن النقاشات لا تزال مستمرة حول عدة موضوعات منها اسم وهوية الدولة ودين رئيسها وموقع الدين من التشريع وقوانين الأحوال الشخصية وطبيعة الحقوق القومية للقوميات غير العربية بالإضافة إلى درجة اللامركزية في إدارة الدولة.  وفي هذا السياق لا بد من التنويه إلى توافق الجميع حول احترام الأديان وضمان حرية ممارسة الشعائر الدينية. 

من جانب آخرلا يمكننا  توصيف المشهد بأنه بين فريقين ضمن المعارضة لأن موقف مكونات هيئة التفاوض لا يمكن وضعها في نسق واحد إزاء مجمل تلك المبادئ فمنها على سبيل المثال، من يصرّ على بقاء صفة العروبة في اسم الدولة لكنه يرفض بالمقابل تحديد دين الرئيس. بالمقابل يجب التذكيربأن موقف النظام هو الاكثر تشددا وراديكالية إذ يصر ممثلوه على الهوية العربية الإسلامية لسوريا واعتبار الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع وبأن دين رئيس الدولة هو الإسلام، وهو ما ينطبق على مواقف بعض القوى الإسلامية والقومية العربية وإن بدرجات أقل. أما فيما يخص الحقوق القومية فهناك توافق بين غالبية قوى المعارضة على حق القوميات غير العربية في ممارسة لغتها وثقافتها تعليما وتعلّما مع تباينات حول اعتبار السريانية والكردية والتركمانية لغات رسمية ثانية في المناطق التي يشكلون فيها أغلبية عددية. وأيضا تباينات في الموقف من تعريف الشعب السوري بدلالة مكوناته القومية وذكرها في الدستور بشكل صريح. وحول هذه النقطة تحديدا فإن المنظمة تستند في مطالبتها بالإقرار الدستوري بالوجود والحقوق القومية للسريان الآشوريين على قدم المساواة مع بقية القوميات إلى البيان الصادر عن الاجتماع الموسع لقوى الثورة والمعارضة السورية بتاريخ 23 تشرين الثاني 2017 والمعروف ببيان ” الرياض2″ وترى في مواقف بعض القوى تراجعا عما تم الاتفاق عليه من اعتباره وثيقة مرجعية أساسية في عمل هيئة التفاوض.

اما بخصوص موضوعة اللامركزية فعلى الرغم من اتفاق الجميع على الادارة اللامركزية للبلاد إلا أن هناك تباين في المواقف حول درجة اللامركزية وصلاحيات المركز والاقاليم.

في هذا المقام أود أن أعود للتذكير بالآلية المتبعة لصياغة موقف هيئة التفاوض حول تلك المبادئ، إذ الدور هنا هو لمكونات الهيئة، فبالنهاية سيقدم كل مكون موقفه إزاء كل نقطة منها، وبالتالي علينا ألا نتوقع لا نحن ولا غيرنا بأن مانراه ثابتا وحقيقة قد يكون للآخرين وجهة نظرمتطابقة عنه. أمر آخر يجب أخذه بعين الاعتبار والمتعلق بالميل العام في المجتمع السوري لاعتبار أن الهوية العربية الاسلامية هي أمر ذو حضور بديهي في الدولة السورية المقبلة. ومن المفيد الإشارة إلى أن هيئة التفاوض لم تصدر بعد اي وثيقة رسمية تحسم هذه النقاط بعد بل تركز فيما تقدمه على النقاط المشتركة والمتوافق عليها.

هناك تحدي آخر ذو بعد مفاهيمي يتجلى بموقع صندوق الانتخاب والاستفتاء في النظام الديمقراطي، حيث يرى قسم من قوى المعارضة بأن الاستفتاء على الدستور هو من ستكون له الكلمة الفصل في هذه الموضوعات المعلقة، بينما تصر المنظمة الآثورية الديمقراطية على أن مبادئ العدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان وضمان حقوق الاقليات العددية يجب ان يكون في مرتبة المبادئ الدستورية التاسيسية والتي لا يمكن تعديلها إلا بشروط خاصة جدا وبحيث لا يتم سن اي تشريعات تناقض تلك المبادئ الدستورية او ما يسميه البعض بالمبادئ الفوق دستورية. وفي موقفنا هذا ننطلق من فهمنا لجوهر وقيم المنظومة الديمقراطية ككل وأيضا الى تجارب الشعوب الأخرى التي سبقتنا في إنجاز تجربتها الديمقراطية.

في هذا السياق لا يسعني إلا أن أؤكد بأن المنظمة الآثورية الديمقراطية رغم كل ما تقدمه من جهود وعمل سياسي دؤوب إلا أن هذا لا يكفي لوحده لأننا عندما نتحدث عن مستقبل وطن وشعب فإن المسؤولية يجب أن تكون مشتركة وبالتالي فإننا بحاجة إلى جهود الجميع من أحزاب ومؤسسات وشخصيات لدعم مطالبنا في سوريا المستقبل والسعي لتوسيع دائرة الاصدقاء والمناصرين وأيضا العمل على كسب دعم وتأييد دولي عبر مختلف الأدوات المتاحة. إذ لا يكفي أن تكون -أو تشعر بأنك – صاحب حق، بل الأهم هو ماذا تعمل لتحقيق ذلك.

هل يمكن أن تشرحوا مواقف ممثلي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكندا وهولندا والدنمارك وإيطاليا والاتحاد الأوروبي التي تتابع تقدم المشاورات التي تقودها الأمم المتحدة باهتمام ؟

من خلال لقاءاتنا ضمن فريق الدعم الاستشاري مع ممثلي العديد من الدول شرحنا لهم رؤيتنا الدستورية وكانت مواقفهم متطابقة وداعمة لتلك الرؤية وللمطالب فهم يعتبرونها أمور بديهية لم تعد مواضيعا للنقاش في دولهم، كذلك فقد عبروا عن دعمهم لمطلبنا بتشكيل فريق دعم استشاري تابع لمكتب المبعوث الخاص. مع تاكيدهم جميعا على تمسكهم بالتسوية السياسية وفق مضمون القرار الدولي  2254 وعلى أهمية بقاء المعارضة موحدة وأهمية أن تتمكن من تجاوز كل الخلافات داخلها بمواجهة استحقاق عملية التسوية السياسية. كما أكدوا استمرارهم في تطبيق عزلة سياسية على النظام وربط ملف العقوبات الاقتصادية بتحقيق تقدم حقيقي في مسار الحل السياسي.
س: يبدو أن تركيا لا تزال هي الدّاعم الرئيسي للمعارضة السورية. كيف تقيّمون تأثير تركيا على رؤية المعارضة فيما يتعلق بمستقبل سوريا؟

للمزيد من الدقة في استخدام التعابير فإن تعبير المعارضة السورية ينطوي اليوم على تنوع كبير فما عدا المكونات السبعة التي تشكل هيئة التفاوض والتي لا تتلقى كلها دعما تركيا،  هناك العشرات من الأحزاب والتحالفات السياسية المعارضة للنظام خارج ذلك الإطار بالإضافة الى الفصائل المسلحة ذات الطابع الإسلامي الراديكالي. لذلك فإن هذا السؤال ينطبق على الإئتلاف الوطني السوري مع مجموعة من الفصائل المسلحة المدرجة تحت مسمى “الجيش الوطني السوري” المنتشرة في بعض المناطق الشمالية.

سياسيا، لا أحد يمكنه أن ينكر وجود تأثير تركي على مواقف الإئتلاف التي ربما تظهر في المستوى التكتيكي وليس الاستراتيجي،  وهذا بطبيعة الحال تفرضه عوامل جيوسياسية نتيجة الحدود المشتركة الطويلة لتركيا مع سوريا وتحول الثورة السورية إلى حالة مسلحة، وهذا بالطبع ليس استثناء سوريا فالعديد من حركات المعارضة السياسية والمسلحة تلجأ بحكم الجغرافيا إلى إحدى دول الجوار وهذا بالطبع له تبعاته وانعكاساته السلبية والايجابية. لكني بالمقابل لا أعتقد بأن لتركيا أي دور فيما يخص رؤية الإئتلاف لدستور سوريا المقبل وإن ما قد يتوقعه البعض من مظاهر انسجام أو أحيانا تطابق بين رؤية حزب العدالة والتنمية التركي الذي يتزعمه الرئيس أردوغان وبعض القوى المنضوية في الإئتلاف فإنه أمر طبيعي لأن المشهد السياسي السوري بطبيعته ينطوي على الكثير من التنوع سياسيا وايديولوجيا.


في الآونة الأخيرة، قامت 95 شخصية دولية بحملة من أجل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا في رسالة نشرت في 21 يناير/كانون الثاني 2021 إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن ووقع العريضة بطريركان من الكنائس السريانية. وجاء النداء لدعم و تحسين الوضع الإنساني الكارثي للسكان السوريين في تقارير صحفية ورسائل إلى السياسيين في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا العظمى وبلدان أخرى. ما هو رأيك في هذا؟  

أولا ومن حيث المبدأ لا يمكن لي و لأي سوري إلا أن يتمنى الخير لأهله وأبناء بلده وأن يعمل على توفيركل ما يمكن أن يخفف عنهم وطأة المعاناة اليومية البالغة الصعوبة التي يعيشونها منذ حوالي العشر سنوات. لذلك أنا مع توفير كل أنواع الدعم للسوريين لكن أن يتم ذلك عبر المؤسسات الدولية المعنية وبحيث تكون محمية ومؤمنة وقادرة على النفوذ إلى جميع المناطق السورية دون استثناء وأن لا يتدخل النظام ولا المنظمات التابعة له في عمليات إيصال وتوزيع المساعدات إلى أصحابها في المناطق الخاضعة لسيطرته والأمرنفسه ينطبق على بقية المناطق أي بعيدا عن تدخل سلطات الأمر الواقع المسيطرة عليها. ويجب أن لا ننسى بأن العقوبات الغربية (الامريكية والاوروبية) المفروضة على شخصيات ومؤسسات تابعة للنظام السوري لا تشمل الجوانب الإنسانية وخاصة الغذائية والطبية وجائجة كوفيد 19، كما أن تلك المؤسسات والشخصيات المعاقبة ثبت تورطها في تمويل العمليات العسكرية للنظام ضد المدنيين والتي وصف الكثير منها وفق تقارير حقوقية بأنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وما هو مثبت لكل متابع أن جميع المساعدات المقدمة من قبل الهيئات والمنظمات الدولية ( والتي يعتبر الغرب المساهم الأكبر فيها) تتم عبر مؤسسات يديرها النظام و يستخدمها لتمويل عملياته العسكرية وهو بالتالي لا يمثل جهة موثوقة.  

من جهة ثانية ولكي نكون موضوعيين علينا التوقف عند نقطتين هامتين، الأولى وهي الهدف من المناشدة والسبيل الأفضل لتحقيق مضمونها. فإذا كان الهدف منها هو انتشال السوريين من هذه الأوضاع الكارثية يجب أولا الحديث عن كل السوريين وليس فقط المحسوبين على نظام الأسد من ميليشيات وشبكات فساد ومحسوبيات، وأيضا البحث عن حل مستدام وليس حلول مؤقتة وإسعافية.

إن العقوبات الاقتصادية هي مرهونة بإحراز تقدم في عملية التسوية السياسية وفق القرار 2254 الذي وافق عليه النظام و داعموه كروسيا وايران وهم بنفس الوقت من يعطله. وهنا يجدر التذكير بمهلة الستة اشهر التي سبقت إقرار قانون “قيصر” التي منحتها الولايات المتحدة للنظام لكي يقوم بإجراءات ملموسة من شأنها عدم تنفيذ القانون ورفع العقوبات عنه كوقف قصف المدنيين والسماح بمرور المساعدات الانسانية واطلاق سراح معتقلي الراي والكشف عن مصير المفقودين. إلا أن النظام لم يقم باي منها.

 وحول المصداقية والدوافع من وراء العريضة نلاحظ بأن الموقعين على هذه العريضة لم يأبهوا لرفض موسكو مقترح فتح معابر إضافية لإدخال مساعدات غذائية وطبية وهم نفسهم لم نسمعهم ولو مرة واحدة يستنكرون فيها جريمة واحدة من آلاف الجرائم التي تمثل أشد أنواع انتهاكات حقوق الانسان التي يستندون اليها كمرجعية أخلاقية وقانونية في مناشدتهم الأمر الذي يؤكد طغيان الجانب السياسي على الإنساني في هكذا عرائض.

في العام الماضي، في يونيو/حزيران، تم تأسيس “جبهة السلام والحرية” التي جمعت بين المجلس الوطني الكردي في سوريا، المنظمة الديمقراطية الآشورية، تيار المستقبل السوري، والمجلس العربي في الجزيرة والفرات. ما الذي تتوقع أن تنجز هذه الجبهة التي لا يمكن أن تتفق عليها “أدو” والجماعات الأخرى داخل المعارضة السورية؟

يكتسب هذا التحالف أهميته الخاصة من عدة جوانب أهمها أن التحالف بين هذه القوى المؤسسة لجبهة السلام والحرية هو تحالف طبيعي فهي قوى ذات رصيد جماهيري على الارض وتجمعها الكثيرمن القضايا المشتركة التي تجعلها أقرب لبعضها البعض من غيرها بحكم الجغرافيا والتاريخ وأيضا باعتبارها اختبرت العمل المشترك ضمن أطر المعارضة السورية منذ سنوات لذلك فإن مساحة التقاطع في الرؤية لسوريا المستقبل فيما بينها هو أكبر مما يجمعها مع بقية الأطر، لكن هذا لايعني أبدا أنها تأتي في سياق التنافس معها بل يمكن لهذه الخصائص أن تمنحها ميزة القدرة على مد الجسور بين مختلف قوى المعارضة السورية لتحقيق المزيد من التنسيق والتوافق في الرؤية والخطاب السياسي. وأيضا فإن إعلان هذا التحالف يمثل رسالة طمأنة وسلام وتعايش سلمي لسكان المناطق الشمالية الشرقية مقابل بعض التوجهات والخطابات الحامية التي تساهم في زرع بذور التفرقة بين مكونات المنطقة من عرب وكرد وسريان آشوريين. وعلى الرغم من أن مشروع جبهة السلام والحرية لا ينحصر في المناطق الشمالية والشرقية إلا أن هذه المنطقة بما تختزله من تنوع وثراء وما تواجهه من تحديات يجعلها ساحة صراع دولي وإقليمي ينعكس على كامل المشهد السوري الأمر الذي دفعنا للعمل على توحيد الجهود بين مختلف مكونات المنطقة لبناء شراكة حقيقية فيما بينها لمواجهة تلك التحديات وللقيام بالدور المناط بنا كقوى سياسية في العمل على استعادة الأمن والسلام وتحقيق الانتقال السياسي في البلاد بما يحقق تطلعات السوريين بمختلف ألوانهم القومية والدينية.

في سبتمبر الماضي كنت ضمن وفد من جبهة السلام والحرية لزيارة موسكو ولقاء وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف لمناقشة الوضع السوري. ومن الواضح ان اجتماعا مماثلا عقد مع تركيا وممثلين عن الولايات المتحدة . ما هي نتيجة هذه المحادثات؟

يبدو بأن الإعلان عن تاسيس الجبهة ونشر رؤيتها السياسية قد لاقى قبولا من عدة دول كان أولها الولايات المتحدة الأمريكية التي بادرت عبر ممثليها في الجزيرة لعقد لقاء مع الجبهة حيث ابدت موقفا داعما لرؤيتها ومواقفها وعبرت عن دعمها للجبهة في ما تصبو إليه. كذلك فقد التقى وفد من الجبهة بالسيد لافروف وزير الخارجية الروسية حيث عبر عن تاييده لمضمون رؤيتنا السياسية وعن تفاؤله بأن تتمكن الجبهة بما تنطوي عليه من تنوع من لعب دور بارز لتحقيق تسوية سياسية وفق قرارات الشرعية الدولية. ثم كان لوفد من الجبهة لقاء مع الخارجية التركية والتي استمعت لما قدمه الوفد من شرح لأهداف الجبهة ولرؤيتها السياسية وقد أبدت ارتياحها لما استمعت إليه ورحبت بالمزيد من الحوار والتشاور. أيضا تلقت الجبهة رسائل إيجابية من وزارة الخارجية المصرية والعديد من الدول الأوروبية وكندا، وسيكون للجبهة المزيد من اللقاءات لشرح رؤيتها ليس على مستوى الدول فحسب بل أيضا ستتوجه الى الى قوى المعارضة السورية سعيا لتقريب وجهات النظروالنهوض بموقف موحد حيال مختلف القضايا المتعلقة بالعملية السياسية وبالدستور المنشود.

شاهد أيضاً

المنظمة الآثورية الديمقراطية تصدر بياناً في ذكرى تأسيسها الرابعة والستين

15-07-2021 بيان صادر عن المنظمة الآثورية الديمقراطية في ذكرى تأسيسها الرابعة والستين تنامى الوعي القومي …