الرئيسية / آراء / معاً في مواجهة خطاب الكراهية

معاً في مواجهة خطاب الكراهية

مساهمة الأستاذ داوود داوود مسؤول المنظمة الآثورية الديمقراطية في مبادرة “معاً في مواجهة خطاب الكراهية” التي أطلقها اللقاء الوطني الديمقراطي في سوريا.

خطاب الكراهية دوافعه، اشكاله، كيفية مواجهته، نتائجه.
* داوود داوود
ظهر مفهوم “خطاب الكراهية” أول مرة عام 1961 مع ظهور “الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري” (CERD)، وهي أول اتفاقية دولية تجرّم بشكل مباشر “خطاب الكراهية”.
ويوصف خطاب الكراهية بأنه كل كلام يثير مشاعر الكره والتحريض على العنف اتجاه مكون أو أكثر من مكونات المجتمع بسبب انتمائه القومي او الديني او المذهبي او الهوية . و الكراهية مشاعر حادّة ومتطرفة للغاية، ترفض أن ترى الجماعة الضحية المستهدفة جماعة بشرية ، جزءاً أساسياً من المجتمع. ويجب الحفاظ عليها وعدم الانتقاص من حقوقها، ومعاملة أبنائها بمساواة مع الاخرين، وتشجيعهم على المشاركة في الحياة السياسية والعامة. بل تعمل ضمناً على تهميش أفرادها، إما بالإقصاء أو النبذ أو الإفناء أو بالانتقاص من حقوقها الانسانية المكفولة للافراد والجماعات . بما في ذلك حق الوجود نفسه . وهذا ما يؤدي إلى تشويه التماسك الاجتماعي والوطني والى توتر العلاقات بين ابناء المجتمع الواحد
واذا تعرضت الجماعة المستهدفة، أو بعض أبنائها، لكارثةٍ ما، كجريمة ضد الإنسانية، أو مذبحة أو جريمة حرب ، يرفض دعاة الكراهية الاعتراف بتلك الجريمة، ويصرّون على نفيها، أو ربما إلقاء اللوم على الضحايا أنفسهم، واعتبارهم المسؤولين عنها. وبالتأكيد نتائج ذلك تكون وخيمة للغاية على الجميع، فهي تبدأ بانسحاب أبناء الجماعة المستهدفة من الحياة العامة، والتوقف عن لعب دور إيجابي، ويدفعهم نحو الشعور المتزايد بالاضطهاد والاستهداف والتمييز ضدهم، وربما إلى الرغبة في الهروب أو العنف. وبهذا، يخسر المجتمع الاسهام الإيجابي لأبناء تلك الجماعة، بل ويتحولون تدريجيا إلى عنصر خطر حقيقي في الجتمع .
وثمّة خطاب كراهية يستخدم كأداة أساسية في الصراع السياسي، وخاصة في الانظمة الاستبدادية لتمزيق المجتمع وإضعافه، وهزيمة قواه الحية . وذلك بوصف خصومها بالإرهاب والعملاء والمتآمرين والاوطنيين ، وتحول تلك الكراهية لسياسات للقتل والسجن والتعذيب، بل ولتدمير مدن كاملة، وترحيل سكانها، كما الحال في سورية للحفاظ على مصالحها وبقائها في سدة الحكم . وفي المقابل، هناك من يقابل تلك الكراهية بكراهية مضادة، بتكفير هذا الحاكم أو ذاك، والدعوة إلى العنف،
ان خطاب الكراهية لا يكافح بخطاب مماثل ، بل لا بدّ من سنّ قانون لمكافحة خطاب الكراهية بما يحافظ على التنوع المجتمعي . فالكراهية هي اعتداء على التسامح والتنوع والاندماج وتصيب جهود السلام والاستقرار والتنمية المستدامة والكرامة الانسانية بانتكاسة . وبهذه الحالة لن يكون أيّ إحساس بالأمان إلا وهماً ما دامت الكراهية تعُمّ.
لقد تم تحديد المعايير الدولية بشأن مسألة خطاب الكراهية في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية . وتتمثل باحترام حقوق الآخرين و احترام سمعتهم .و تحظر أية دعوة إلى الكراهية القومية أو الدينية أو المذهبية و التي تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف.
فلكي نتمكّن من التشريع لمكافحة خطاب الكراهية، أو من مقاضاة الجناة، يجب، أولاً، أن نضمن حقوقاً أساسية، كالديمقراطية والقضاء النزيه. ودستور يحترم حقوق الإنسان المشروعة وفق المواثيق الدولية ، ويقر بالتنوع والتعددية ويضمن حقوق المكونات دستوريا بالتساوي دون تمييز على اساس القومية او الدين او المذهب . ويقوم على مبدأ المواطنة المتساوية والتشاركية الحقيقية لجميع المكونات . ويجرم خطاب الكراهية .
وهناك دور مهم للاسرة وللمجتمع المدني ووسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية والقوى السياسية والمؤسسات الدينية ينبغي القيام به. من اجل مكافحة خطاب الكراهية . وذلك بنشر ثقافة الاحترام المتبادل وقبول الاخر المختلف ، وقيم التسامح ، وقبول الرأي والرأي الاخر واختلاف التوجهات ، والتعددية الفكرية واحترام التنوع المجتمعي . ونشر ثقافة العيش المشترك والسلم الاجتماعي . ونبذ وادانة وتجريم خطاب الكراهية .
مسؤول المنظمة الآثورية الديمقراطية.

شاهد أيضاً

جبهة السلام والحرية تعقد اجتماع هيئتها القيادية في أربيل والقامشلي بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لتأسيسها

08-07-2021 عقدت الهيئة القيادية لجبهة السلام والحرية، الأربعاء 7 تموز 2021، اجتماعاً عبر “غرفتين” منفصلتين، …