الرئيسية / مقالات حول العراق / ضحايا من هم هؤلاء

ضحايا من هم هؤلاء

سركون سليفو

++ هذا العنوان كان لمقال سابق لي نشرته في صحيفة الحياة حول حادثة مانكيش حين استشهد فيها عدد من ابناء شعبنا على يد مجموعة من الارهابيين, وقد وجدته عنوانا جديدا يطرح نفسه مرة اخرى مدخلا لكتابتي هذه. وأتساءل ومعي الالاف من ابناء شعبي … ضحايا من هم هولاء الذين سقطو شهداء في كنيسة سيدة النجاة, وهم بين يدي الرب متعبدين في صومعة السلام والامن وبيت الرب مهللين ومتضرعين اليه.

قرار الاقتحام .. انهاء لازمة؟ ام انقاذ للرهائن؟
لقد كان اول سؤال تبادر الى ذهني فور سماعي للخبر, لماذا هذه السرعة في الاقتحام؟ ووهو سؤال مشروع تسآله معي الالاف ان لم يكن الملايين ممن تابعو هذه الحادثه. هل كان لانهاء الازمة والظهور بمظهر المنتصر والتبجح بالقدرة على القضاء على الارهابيين هو الغاية؟ ام كانت النوايا هي لانقاذ المصلين الرهائن من خطر وشيك يتهدد حياتهم؟ لماذا التسرع بالاقتحام والمجازفه بارواح الرهائن وحتى بحياة الجنود المقتحمين. رغم المعرفة المؤكدة بخطورة مثل هذه العمليه على ارواح الرهائن, اين كانت الحكمة في محاولة كسب الوقت والدخول في مفاوضات ليس الهدف منها الرضوخ لمطالب الارهابيين مطلقا, بقدرما كان الحفاظ على ارواح الابرياء قدر المستطاع ، وترك قرار الاقتحام خيارا اخيرا بعد ان تستنفذ كل الخيارت الاخرى.الم يكن يستحق الابرياء فرصة اكبر للمحافظة على ارواحهم واعطاء جزء صغير مشابه لفرصة المفاوضات الماراثونية للوصول الى كرسي رئاسة الوزراء. ولكن من الواضح والجلي ان ارواح المصلين لم تكن تهم الحكومة او وزراة دفاعها اوداخليتها, بقدر ما كان يهمها استعراض العضلات والعمل بعقلية "رامبو" في مواجهة مثل هذه المواقف لكسب امتار قليلة امام علاوي في طريق تشكيل الحكومة البعيدة تماما عن ايه اعتبارات وطنية ومصالح الشعب. وهل على المسؤولين عن عملية الاقتحام رؤية تلك الارقام من الضحايا ليقتنعو بضرورة استخدام الخيارت الاخرى.

جثث متناثرة في الكنيسة وشماعة تشكيل الحكومة
المثير للاستغراب هو عدد التصريحات والتعليقات والبيانات التي صدرت من هنا وهناك تعزو اسباب وقوع الجريمة الى تأخر تشكيل الحكومة ومؤسساتها ..واتساءل.. هل هناك فراغ سياسي ام فراغ امني ومؤسساتي في الدولة ؟؟ وهل توقفت المؤسسات الحكومية عن اداء واجباتها تجاه شعبها؟.. وهل المالكي وحكومته معلقة هويته الوطنية وحرصه على امن الوطن الى حين تشكيل الحكومة؟ وهل الحوادث السابقة التي في بخديدا او الموصل وحتى في بغداد منذ سقوط النظام، والتي لا تختلف في اساليبها وارقام ضحاياها سابقا عن الذي حصل في كنيسة سيدة النجاة, والتي لم تكن في ظل حكومة انتقالية او تصريف اعمال؟؟ . ويرفض السيد المالكي حتى تسميه حكومته بها, وهل ضمير الحكومة وواجباتها واستراتجيتهاالامنية مرهونه بتشكيل الحكومة؟ انها عمليه تبرير لتقصير هذه الحكومة ومؤساستها تجاه حماية شعبنا وامنه، ان لم نقل أنها رؤيتهم القاصرة الى شعبنا، لا يجب ان تبرر اطلاقا بل على العكس فهي يجب ان تفضح وكفانا ان نكون قطيعا من الخراف نذبح على مذبح الارهابيين والمراهنين واصحاب الاجندات السياسية الذين ما فتئوا يستخدمون شعبنا وسيلة لتحقيق غاياتهم, ولم لا، وهو الحلقة الضعيفة بين ابناء الشعب العراقي. ومن المؤكد ان مثل هذه الاعمال الإرهابية ضد شعبنا هي ضمن اجندات تعمل على تصفية الوجود القومي لشعبنا في الوطن.

شتان ما بين ابو اسراء المالكي ونوري المالكي
ابو اسراء .. هذا كان لقبه حين كنا ننادية في اجتماعات لجنة العمل المشترك التي كنت امثل زوعا فيها في دمشق وحينها كان ابو اسراء طافحا بالوطنية والديمقراطية، وثقافة قبول الآخر بغض النظر عن انتمائه القومي او الديني . وكنت قد استبشرت خيرا حين استلم رئاسه الوزراء لكوني على علم بإمكاناته ورؤيته للعمل الوطني وللعراق عامة. ولكن عندما تحول ابو اسراء الى نوري المالكي تغيرت المفاهيم وتغيرت المصالح وتغير المزاج السياسي والوطني للرجل. وكانت تجربة استبعاد زوعا وشعبنا من المشاركة في مؤسسات الحكومة رغم فوزه في الانتخابات النيابية وتغليب المصالح الحزبية والكتلوية على الاستحقاقات الانتخابية وعلى قاعدة "شيلني واشيلك" بين الكتل الكبيرة الفائزة دون اي اعتبار للمعايير الوطنية، او حقوق المكونات او حتى الاستحقاقات التاريخية والنضالية المشتركة, نسفت كل تلك القناعات وتحولت معظم الاحزاب وكتلها السياسية الى مكاتب لمضاربات البورصة السياسية وتحول شعبنا الى مجرد رقم واسهم قد تتلقفها الايادي لتحقيق ارباح ومكاسب على حسابه ..وان كانت الدماء ثمنا لهذه المكاسب.

هل فقط عند النوائب والكوارث نتحد؟؟
رغم فرحتي ببيانات الاستنكاروردودالافعال التي عبرت بحق عن التفاف شعبنا بكافة طوائفه حول ادانة الجريمة واعتبارها ارتكبت بحق الشعب بكل اطيافه الا انه حز في النفس ايضا ان يكون عنوان تكاتفنا هذا باهظ الثمن الى هذه الدرجة وان تكون الدماء المراقة هي وثيقة التقارب بين اطياف شعبنا, وان لا يتوحد خطابنا القومي الا على ضفاف بحر الدم … و نتساءل ان كان شهداء كنيسة سيدة النجاة بين ايدي ربهم كلدانا ام سريانا ام اشوريين. لانهم هؤلاء جميعا. وان يكون هذا التكاتف مرحلي ومؤقت نعود بعدها الى الصراعات الداخلية ونؤخر المهم وندخل في دائرة الجدل البيزنطي مرة اخرى. ما يسبق حرف النون من تسمية كلدا…ن ام سريا…ن ام اشورييـ ..ن. !!!!! ؟؟

ضحايا من هم هؤلاء
وهذا هوالسؤال الذي يطرح نفسه وبقوة .. ضحايا من هم هولاء؟؟ ..عاش شعبنا الاف السنين على هذه الارض وبنى عليها اقدم الحضارات واعظمها، وقدم للبشرية ما قل نظيره ان كان في فترة كيانه السياسي وحضارته البابلية الاشورية ام بعد اعتنافه المسيحية ونشره لها في ابعد الاصقاع من خلال كنائسه المشرقية وتراث هذه الكنائس زاخر بما قدمه شعبنا. واليوم اصبح اقليه قومية ودينية في بلد تتقاذفه الامواج بكل الاتجاهات. بلد اصبح مرهونا بإرادات دولية واقليمية واجندات طائفية ودينية متطرفة. هل هم ضحايا الوضع السياسي القائم بكل تداعياته الدراماتيكية وبعد الاحتلال الامريكي له وتفجير الحقد الطائفي الذي نفخ فيه الدكتاتور السابق وأوصله الى حد الانفجار؟؟ أم ضحايا السياسات العنصرية وامتداداتها والنظرة الدونيه الى مكون صغيراصبح وجوده على ارضه مرهونا بمضاربات سياسية لكتل ومجاميع سياسية او قومية او اجتماعية كبيرة تتقاذف اهواؤها حب السيطرة على الوطن وخيراته واستقطاع ما يمكن استقطاعه وتحقيق اكثر ما يمكن من المكاسب وان كان بدماء الابرياء. ام لعلهم ضحايا التطرف الديني والاسلام السياسي العنصري الاعمى البعيد عن المفاهيم الاسلامية الحقيقية التي عايشناها مع الصديق والجار وزميل الدراسة والعمل. التطرف الاسلامي الذي يعبر عن اجندات سياسية اكثر منه عن اجندات دينية مستورده من خارج الحدود. تعمل لحساب المصالح الاقليمية على دفعها باتجاه تحقيقة اهداف لها في الساحة الوطنية. ام هم ضحايا حالة الفوضى العارمة التي يعيشها الوطن؟ فوضى سياسية وامنية واقتصادية, فوضى وفساد ضربت اطنابها بكل مفاصل الحياة في العراق الذي يعاني منها بطوله وعرضه. ولشعبنا الحصة الاكبر من انعكاسات هذه الفوضى لكونه يتميزقوميا ودينيا، ولأنه اكثر الحلقات ضعفا فيه. ولكن من المؤكد ان العمليه بعيدة كل البعد عن الشارع العراقي البسيط الذي يحمل همومنا مثلما نحمل همومه, هموم الامن والخبز والاستقرار والوحدة الوطنية والتسامح الديني الذي عاشه العراق عبر قرون طويلة, وهو ضحية هذه الاجندات مثلما نحن, جماهير بمختلف الوانها وانتمائاتها اصبحت دماؤها وسيله لايصال الرسائل السياسية بين الفرقاء ان كان من الداخل والمحيط الاقليمي او عبر البحار.

شاهد أيضاً

هذه هي الحقيقة حتى لو كانت مرة

بقلم : أشور العراقي ++ رغم تلك العملية الأنتخابية، عذراً الأنتحارية العراقية التي ضحينا بالكثير …