بقلم : أشور العراقي
++ الزلازل ظاهرة طبيعية تحدث في مناطق وأزمنة ومقاييس مختلفة وعندما تكون بشدة 6 أو أكثر حسب قياس ريختر في عالمنا هذا، تكون مدمرة على الأغلب ولا تترك خلفها سوى الخراب والدمار لتلك المناطق التي تصيبها، خاصة إذا كانت مأهولة بالسكان، فتقتل وتشرد الآلاف من البشر، وأحياناً تلك الكوارث يكون لها بعض الايجابيات التي نذكر منها على سبيل المثال تجدد التربة وتحريك الحس الإنساني والشعور بالمسؤولية اتجاه بعضنا البعض، كما حدث بجزيرة سومطرة شمال أندونيسيا، كما أنتقل شمالا إلى جزر أندامان بالمحيط الهندي، فسبب في وقوع موجات مدّ أسفرت عن مقتل الآلاف في سيريلانكا وتايلاند وغيرهم.. وعندما نسمع هكذا أحداث نتسارع شعوباً وحكومات ومؤسسات وجمعيات خيرية وغيرها.. حتى لو كان البعض بخلاف مع تلك الدولة التي حدث فيها ذلك الحدث، في تلك اللحظة بالذات تترك الخلافات جانباً، و يستيقظ الشعور الإنساني بداخلنا، لهذا الكل يتسابق إلى نصرة تلك الأوطان والشعوب، بالمساعدات المالية والغذائية والعلاجية، والألبسة وغيرها من الأمور الإنسانية البحتة.. ، وهذا ليس منّة من أحد، لأنه واجب أنساني، وعندما نشاهد هذه الأمور..و حتى لو لم نستطيع أن نشارك فيها, نشعر بالسعادة لنصرة أولائك المنكوبين.
ولكن أين يكمن واجبنا إذا ضرب زلزال منطقة ما، وبظاهرة غير طبيعية، وكان أقوى من كل تلك الزلازل الطبيعية التي ضربت تلك المناطق، ولو كانت شدّته أكثر من10على قياس ريختر، نقول كيف يجب على الشعوب والأمم التصرف في هكذا موقف…؟؟؟هل تستيقظ الضمائر كالمعتاد، وتزداد سرعة التسابق وزيادة المعونات حسب قياس ريختر أيضاً، أم أنهم ستتجاهل تلك الضمائر الحدث وضحاياه وأسبابه، للحفاظ على وجودهم وكياناتهم والاطمئنان على نوم ضمائرهم، والاستمتاع بأحلامهم السعيدة التي ستكون سبب لحفر قبورهم عاجلاً أم أجلاً …..؟؟؟؟؟؟
وها هو الزلزال المدمر الخارج عن تخوم كل الظواهر الطبيعية، لان الزلازل الطبيعية لها بعض الايجابيات كما ذكرنا سابقاً، أما هذا الزلزال الذي ضرب العراق فإنه من عمل إبليس في طبيعة البشر، لهذا لن يدمر المدن ويقتل البشر فحسب، بل ضرب البنية التحتية والتعليم والاقتصاد لبلد كان السبّاق في العلم والمعرفة، ومن أغنى دول العالم اقتصاديا، وليس هذا فحسب، بل شرد هذا الزلزال أكثر من أربعة ملايين نسمة خارج الوطن، وربما أكثر من ذلك في داخله، وقتل أكثر من مليون نسمة، وأيضاً حسب إحصائيات منظمة اليونسيف التي تشير إلى وصول عدد الأطفال الأيتام في العراق اليوم إلى5،5مليون طفل يتيم أو أكثر، هذا البلد الذي قضى على الأمية منذ عقود، نراه اليوم السباق ليس للحافظ على مستواه التعليمي كما السابق، بل السباق نحو الأمية، فقد بلغ عدد الأميين في عراقنا بعد التحرر المزعوم أكثر من خمسة ملايين نسمة، وخلف وراءه أيضاً أكثر من ثلاثة مليون معاق، وترك أيضاً ما يزيد عن مليوني أرملة، وما يزيد عن مليون ونصف امرأة مطلقة، ولا ننسى تلك الفتيات العانسات التي يقترب عددهن من نصف مليون تقريباً، بسبب انخفاض ملحوظ بعدد الشباب لمشاركتهم في المعارك، سواء كانت ضد أو مع المحتل وأعوانه، فمنهم من يقتل ومنهم من يعاق، والكثير ممن تبقى على قيد الحياة ولأسباب اقتصادية أو أمنية أو غيرها من الأسباب التي تمنعهم من الارتباط. وهناك أيضاً عشرات الألوف من المساجين، وغيرهم الكثير من هذه الكوارث، وهكذا نستطيع القول بأن هناك الآن حوالي20مليون نسمة أصبحوا ضحايا هذه الكوارث في عراق اليوم، ما بين القتل والتهجير والأيتام والأميين والأرامل و العوانس، أوفي السجون وغيريها.
هذا هو التحرر الذي وعدوا العراق فيه، هذا التحرر الذي خلفته طبيعة هذا الزلزال العدائي للعراق ولشعبه وحضارته وعظمته وتاريخه، بالقيام بتجاربهم العسكرية لأسلحتهم الفتاكة والقاتلة برمي مئات الأطنان من القنابل المحرمة دولياً، منها المحمل باليورانيوم، ومنها العنقودية وغيرها.. ولهذا تلوثت الحياة والتربة والمياه والهواء وكل شيء، إن كان جامداً أو متحركاً في بلاد الحضارة (بلاد الرافدين ).
واليوم علينا أن نسميه ليس بلد الحضارة والعلم ومحو الأمية، بل بلد الجهل والتخلف والعبودية الذي يسير بسرعة الصوت نحو الأمية، وبلد الأيتام والأرامل والمعاقين والمتشردين والمعتقلين والمضطهدين ( البلد الأسير ).أجل هذا البلد الأسير بلا سيادة، المعتقل بلا حرية، الجاهل بنسب الأمية فيه، المتخلف بكل المقاييس العلمية والدولية، اليتيم بالجامعة العربية .
كيف يتحرر إذا كان عدد سكانه 29 مليون نسمة تقريباً، وتقدر ضحايا زلزال المحتل وأعوانه ب 20مليون نسمة تقريباً، فكم مواطن يبقى لدينا لإعادة وبناء ما دمره ذاك الغزو، إذ لم يبق لدينا سوى9مليون نسمة من العدد ألأجمالي للسكان، ولنشاهد معاً أين سنجدها تعمل تلك الكفاءات المتبقية البالغة التي تستطيع أن تعتمد على ذاتها، من هذه التسعة ملايين.
وبعد هذه العملية الحسابية البسيطة نقول، إذا كان واحد بالألف من هذه التسعة ملايين عراقي رئيساً أو مسؤولاً أو رئيس عشيرة أو وزيراً أو برمانياً، فسيكون عددهم 9000رئيساً أو مسؤولاً في عراق اليوم، وإذا كان كل مسؤول كالرئيس الطالباني الذي لديه4500جندياً تحت أمرته، ولحمايته نهاراً كما يدعي، أما في الليل يعملون بفرق السلب والنهب والموت والاغتيالات.. وغيرهم نمن المسؤلين، إذا طالب بعدد من الجنود لحمايتهم كالتي لدى الطالباني، فسيكون العدد المطلوب لحماية أولائك المسؤولين 40500000مليون جندي إذاً علينا أن نستورد حوالي 40000000 مليون جندي أخر من العالم لحماية قادة ورؤساء ومسؤولي عراق اليوم، هكذا يقول المنطق، وإذا كانت رواتب كل أولائك المسؤولين كراتب البرزاني، الذي يقدر وحسب المعلومات التي حصلت عليها مجلة ( لفين )، هي( 400 ) ألف دولار شهرياً، ونقول أيضاً أنه لو طالب كل أولائك القادة والمسؤولين بالمساواة بمخصصاتهم ورواتبهم مع البرزاني، فستكون قيمة تلك المخصصات والرواتب 3600000000 دولار شهرياً، عندها لو باعوا البترول الاحتياطي أيضاً، و باعوا معه العراق كما فعلوا، لتغطية كلفة رواتبهم ومخصصاتهم، وعلى ما تقدم وببساطة ندرك يقيناً أين تذهب أل 17% حصة الشمال، والأكيد إلى حساباتهم في سويسرا بلا شك …؟؟؟
إذاً أين السيادة والوطنية، وإلى أي اتجاه يؤخذ العراق وهو بقبضة هذه العصابات، أليس إلى المستقبل المجهول…..!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟
و نتساءل، أين هو المجتمع الدولي من هذا الزلزال المدمر، وأين هي مشاعرهم الإنسانية التي نشعر بها أحياناً كما في بعض الإحداث، التي ذكرناها في أندونيسيا وسيرلانكا وغيرها، و ما هو السبب الآن الذي جعل أحاسيسهم غائبة وضمائرهم نائمة أو ميتة هذه المرة، وذلك عندما حلت علينا في العراق أخطر الكوارث التي ضربت بشدة لا مثيل لها، و سجلت أعلى الأرقام القياسية بقياس ريختر للظواهر الطبيعية وغير الطبيعية، دون أحساس أو رحمة….؟؟؟؟وأين الدول الإسلامية والعربية، وما محلهما من الأعراب ضمن هذا الزلزال، أين الرحمة الإسلامية وأين الكبرياء والنخوة والكرامة العربية من كل هذا، هل تبخرت بحرارة القنابل بضجيج المدافع والطيران، أم أنها اختارت لِذاتها أماكن ومسميات أخرى تليق بها، وبعصرهاهذا،ولكن أغلب الظن باعها ه8ؤلاء العرب والمسلمين بأسواق البورصة، فذهبت سهواً مع براميل النفط ومشتقاته، بل ربما ضيعوها في شوارع مدينة الضباب، أو في صالات قمار واشنطن، أو ملاهي هنكاريا وكرواتيا وغيرها ………؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أيها العرب..
أيها المسلمون..
نحن لا نريد عطفكم ولا كرمكم ولا رحمتكم ،ولا نريد كرهكم ولا عدائكم، ونقول لكم بكل بساطة ومحبة، أن تضعوا كل ما تملكون أينما شئتم، وأفرحوا بها كما يحلو لكم، ومع من تريدون وفي المدن التي ذكرناها أو غيرها، ولكن.. ولكن إنما رجاؤنا أن تتركونا بحالنا، لا نريد خيركم ولا شركم، إذ لا خير منكم يأتينا.. ولا تجربوا أسلحتكم المستهلكة فينا، ولا تدربوا عناصركم الإرهابية على ابتزازنا واغتيالنا، إذ لا فرق هنا في عراقنا بينكم وبين المحتل، هذا المحتل الذي يبتزنا بدوره، ويجرب أسلحته المتطورة فينا، ويقيس قوتها بفتك أجسادنا.فعلى ما يبدو هناك من يسيطر على أحاسيسكم ومشاعركم وضمائركم، ويتحكم فيها عن بعد، فأصبحتم ملكاً لغيركم،… وعن تلك الأحاسيس التي تمتلكونها، لم تعد تسمى بأحاسيس إنسانية، لان الإنسان خلقه الرب وأعطاه الحرية المطلقة، وأعطاه العقل كي يميز بين الخير والشر، وقال وعلمنا من خلال الأديان والأخلاق أن نعمل الخير ونحارب الشر، ولكن على ما يبدو في هذه الأيام، أصبحت الآيات تقرأ بالمقلوب من قبلكم، وأصبح بعضكم يعمل الشر ويحارب الخير، ونحن وبكل صدق، كنا نتمنى أن تسمعوا صراخ الأرامل وتشعروا بآلام الأيتام، وبمعاناة المهجرين، كنا نتمنى أن تروا وتعوا ذلك حتى تهبوا كالحمم لنصرة أخوتكم وأحبابكم في العراق، هذا العراق، عراق العلم والمعرفة والحضارة، الذي له فضله عليكم و على كل البشرية أبداً.