نشرو د اثور 179++ في الوقت الذي كان فيه السوريون يتحملون أعباءً أثقلت كاهلهم لشراء لمازوت بالسعر الحر لتدفئة أسرهم في فصل الشتاء– الذي ليس من طبعه انتظار القوانين والتعليمات – كانت الحكومة منهمكة في البحث عن آلية تقلص بموجبها عدد المستفيدين من دعم هذه المادة.
وعلى الرغم من تأخر صدوره، وبالرغم من عرضه على مجلس الشعب، فقد جاء القانون (29) تاريخ 29-11-2009 الخاص بتوزيع مبلغ نقدي كدعم لمادة المازوت، مخيباً للآمال،ومعززاً الهواجس حول مسار السياسات الاقتصادية باتجاه الابتعاد أكثر فأكثر عن الهموم المعيشية للمواطنين، والسعي لتحرير الأسعار بدون وجود أي مؤشر حقيقي باتجاه سد الفجوة المتنامية بين الأسعار والأجور والذي أدى إلى زيادة عدد المصنفين فقراء بحيث وصلوا بحسب تقارير رسمية إلى نحو 30% من المجتمع.
فالحصول على الدعم مشروط بمجموعة من المعايير التي ستؤدي إلى تقليص عدد الأسر المستفيدة من الدعم من 4.5 مليون أسرة (وزعت عليها القسائم في العام الماضي) إلى 1.5 مليون أسرة وفق تقديرات رسمية. وفي هذا بحد ذاته تمييز بحق شرائح كبيرة من المواطنين(دافعي الضرائب). كما ان تلك الشروط والمعايير غير قابلة بالضرورة للضبط والتحديد وبالتالي لن تكون منيعة تجاه عمليات الاحتيال والفساد والمحسوبية.
بالإضافة إلى أن تحقق أحدها ولعوامل اجتماعية واقتصادية معقدة يطول شرحها لا يعني بالضرورة انتفاء الحاجة الماسة لهذا الدعم، ناهيك عن الآلية المستحدثة في ملئ الاستمارة ( التعهد) الأمر الذي سيضعه في خانة الاتهام وربما (الابتزاز) حتى يأتي اليوم الذي ستتأكد فيه (الجهات المعنية) من صحة المعلومات الواردة في الاستمارة لتثبت براءته. ناهيك عن أن عشرات الألوف من النساء المطلقات والعازبات اللاتي يعشن في منازل مستقلة لن يحصلن على الدعم لعدم امتلاكهن للبطاقة العائلية.
ببساطة فإن هذه الآلية غير مريحة وغير سريعة وغير عملية ولن تكون عادلة على الأقل بالمقارنة مع التجربة السابقة التي اتبعت في العام الماضي بتوزيع القسائم على الرغم مما شابها من عمليات تزوير( وصلت وفق مصادر حكومية إلى 13 ألف حالة تزوير). وبلغة الأرقام فإن الخسائر التي كانت تتحملها الدولة والتي وصلت بعام 2007 إلى 407 مليار ليرة سورية ناتجة عن بيع المازوت بالسعر المدعوم ( 7 ليرات ) قد تقلصت كثيرا بعد تضاعف سعر المادة ثلاثة مرات واستثناء المازوت المستخدم في قطاع النقل من الدعم.
فهل انعكس هذا الوفر على معيشة المواطن خلال العامين السابق والحالي ؟ ببساطة فإن المواطن لا يهمه كثيراً أن يكون تحديد سعر المشتقات النفطية من صلاحيات الحكومة ( كما ورد في القانون 29 )أم من صلاحيات مجلس الشعب.بل إنه يتطلع إلى اليوم الذي يشعر فيه بأن هناك من يسعى بجدية وكفاءة للنيل من وحش الغلاء والتخفيف من وطأة اللهاث اليومي لكسب عيش كريم.