وردتـي

عزيزتي.. ما بالك حزينة
ألعل الشوك يضنيك
أم الأوراق تثقلك
أرجوك أصغي إلي
أنسي كل شيء
انظري إلى نفسك
ألبسك الله ما لم يلبسه الملوك
وغمرك بألوان الخيال
إن قلت إنك الحب لربما أنسى أنك الروح
وإن قلت إنك الأمل لربما أنسى أنك الحياة
ولكن.. أيُّ حياة
حياة تبدأ بالشباب وتنتهي بالشباب
ما أحقرنا نحن البشر
تعجز أفواهنا عن الكلام فتكوني أنت الوسيلة
بل وما أغبانا
نرميك فوق الجثث والقبور
متناسين أننا نضع ميتاً فوق ميت
أعذرينا لأنك ضحية جشعنا
كلُّ منا يريد حياتك لحظات ليرضي الآخرين
يا للأسـى….
تعيشين في حقولنا
ثم ننكر أنك ابنتنا
نسرق حياتك دون ندم
لأن الحاجة إلى موتك أقوى
لمَ كل هذا؟
لمَ الأحمر خمرياً؟
والبياض شحوب
لمَ الموت ليس كالحياة؟
لا.. لا تحني رأسك صغيرتي
استفيقي من عالم الموت فأنت وردة
لا تنحني للحزن لأنك الفرح
لا تكترثي للرياح فهي غبية
تمايلي.. ارقصي حولها نسيماً
أنت قـوية
قـوية بالخجل
قـوية بالدموع
وقـوية بالهزال
الموت أسطورة
الموت خيال الحزن
الموت كلام الضعفاء
لا تموتي أنت جميلة كل حين
لوحة رسام عارٍ من كل شيء إلا الإنسانية
مقطوعة موسيقية للبسطاء
صغيرتي
تجمعين هدوء العالم كله
وصخب العالم كله
لأنك وردة
ماذا باستطاعتي أن أفعل
آه… لو كان بيدي
لاخترقت الشمس وحملتها لكِ كي لا تبردي
آه… لو استطعت
لجعلت البحر هائماً على وجنتيكِ
لكنني.. سأجعلك بين صفحات أشواقي
أرعى جسدك الهزيل
وأرفع ناظريك نحو الشمس
يا أنثى أحزاني
يا جمالاً مجروحاً في وجوده
حمّلوك عبء الكلمات
وشحنوك بعاطفة الإنسان المريضة
تنامين في أحضان الكلمات
المتلعثمة في الفراق
والتائهة في وجود الوداع
لا ثمرة تهبين
بل انعزال عن الوجود
وتوحّد في عمود نار
وتنسك في روح السكون الأزلي
تولد معك كلماتي عارية
متقشرة من حرير العذوبة
خجلة من النظر إليك
أصبحت كلماتي معك
مبتلة بالمطر
تموهت ألوانها
فباتت تبحث عن سراب الجمال
وعن مكنونات الوجدان العميقة
حائرة من موتك
عاجزة عن إتمام الكلام
يا أنثى أحزاني
نامي على كتفي
تنفسي حنان الأم
سأرضعك قبلي
وأكسوك بلحم يدي المرتعشتين
آه.. لو كان السلام رحيقاً والموت أكذوبة
والحب كلاماً والحياة أضحوكة
لكنت قد جبلت من النسائم زورقاً
وأشرعته روح الرياح المنسمة
عندها… لكنت قد جبلت لك غصناً أخضراً
متأججاً من لذاعة الحياة القوية
ولكن الوجود يوقظني
وعقلي يتأسف من نفسي الهلامية
يمسكني من يدي.. يسندني
ليقول لك
إنها أحلام زائلة.
 

شاهد أيضاً

قصة.. حدثت معي

التقيت بجارتي بعد سنوات في منزل صديقتنا، وبعد أن رحبنا ببعضنا بالقبل والسلام والمسايرات، بدأ …