توفر المؤتمرات فرصة حقيقية لتبادل التجارب والخبرات والأفكار بين مختلف فروع وهيئات المنظمة. وتكريس الممارسة الديمقراطية الصحيحة في حياتها من القاعدة للقمة، بما يعزز الثقة المتبادلة بين أعضائها من جهة، وبينها وبين الجماهير من جهة ثانية. وبما يحقق مستوى أداء أفضل على الصعيدين القومي والوطني. وقد جاء انعقاد المؤتمر العام العاشر للمنظمة الآثورية الديمقراطية، لتعزيز الحالة الديمقراطية المتقدمة فيها، بما حمله من تغيير في صفوف القيادة وبنى وهياكل المنظمة كافة. كتجسيد لإرادة التجديد فيها، وإفساح المجال أمام القيادة الجديدة من أجل تطبيق رؤى وأفكار المنظمة، وترجمة توجهاتها في العلنية والانفتاح، للارتقاء بالعمل القومي في هذه المرحلة التي يمر بها شعبنا. والتي جاءت حصيلة طبيعية للجهود الجبارة التي قامت بها الهيئات القيادية السابقة من أجل إرساء حالة مؤسساتية تتصف بالديمومة والاستمرار والتجدد.
وما تجاوز المؤتمر لمسألة الشعارات، إلا تغليباً لإرادة العمل الجاد، وخطوة باتجاه طرح خطاب سياسي عصري يتسم بالصدق والشفافية والعقلانية، ويرتكز على الطاقات الحقيقية الموجودة في صفوف شعبنا، وبنفس الوقت يكون قادراً على مواكبة التطورات السريعة التي تمر بها المنطقة، ويتيح تحقيق التفاعل والانسجام بين القيادة في الوطن وفروع المنظمة باتجاه كل ما يخدم القضيتين القومية والوطنية.
تمر المنطقة بمرحلة تطورات خطيرة وحاسمة من تاريخها. فرضها الاحتلال الأمريكي للعراق والإطاحة بنظام صدام حسين الاستبدادي. وأدى هذا لاختلال موازين القوى الإقليمية والدولية، وتغيير الكثير من المفاهيم التي سادت لفترة طويلة على صعيد الفكر والممارسة السياسية في عموم المنطقة. وقد توقف المؤتمر أمام هذه الأوضاع ودرسها بعمق وإمعان. وضمن إطار المشهد السياسي العراقي. بلا شك فإن الملف القومي حظي بالاهتمام الأكبر. إذ نوقشت أوضاع شعبنا الآشوري (الكلداني السرياني) بمنتهى الجدية. وتم التأكيد على ضرورة تقديم كل الدعم اللازم لقوى ومؤسسات شعبنا في العراق لتمكينه من الاستمرار بدوره الحضاري المميز، ومن أجل نيل الاعتراف الدستوري بحقوقه القومية كشعب أصيل تمتد جذوره عميقاً في تربة وتاريخ العراق. وفي هذا الإطار جددت المنظمة استعدادها التام للتعاون مع جميع القوى الآشورية الحية والفاعلة في الوطن والمهجر من أجل تحقيق هذه الغاية النبيلة. كما وخلص المؤتمر إلى أنه بعد تحرر العراق من الدكتاتورية، فإن الوضع يستدعي تكاتف جهود كافة أبناء الشعب العراقي على مختلف تكويناتهم القومية والدينية، من أجل تجاوز حالة الفوضى والتخبط الناجمة عن فراغ السلطة بهدف بناء عراق ديمقراطي تعددي حر. وبالرغم من الخلل الواضح في تمثيل شعبنا. رأى المؤتمر أن تشكيل البنى السياسية والإدارية الوطنية في هذه المرحلة، يعتبر خطوة مهمة على طريق استعادة العراق لوحدته وسيادته، وإنهاء الاحتلال بأسرع ما يمكن، من خلال تشكيل حكومة منتخبة تتولى مقاليد الأمور، ووضع دستور دائم للبلاد، يضمن تمثيلاً عادلاً لكل مكونات الشعب العراقي، ومنها شعبنا الآشوري.
لقد أضحت قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان والأقليات في المرحلة الراهنة، من أبرز القضايا المعاصرة التي تشغل الشعوب في كل مكان. وشعبنا الآشوري (الكلداني السرياني) في سوريا ليس بعيداً عن هذه الحقيقة، وتدخل هذه القضايا في مقدمة اهتماماته، كما سائر أبناء سوريا. وشعبنا في الواقع قد تجاوز مسألة الإحساس بكونه مجرد أقلية منغلقة على ذاتها كما يريد البعض تصويرها. إلى إدراك أنه شعب أصيل، وجزء هام وأساسي من مكونات النسيج الوطني العام. من هنا فإن قواه السياسية وفي مقدمتها المنظمة الآثورية الديمقراطية ربطت دوماً القضية القومية بالقضية الوطنية. وجعلت من الوطن مركز الثقل في نضالها السلمي المطلبي، كما سعت لحشد كل طاقات شعبنا في المغتربات لخدمة القضايا الوطنية، إيماناً منها بأنه لا يمكن حل القضية القومية لشعبنا خارج الإطار الوطني، وعبر حل ديمقراطي شامل يقر بالتعدد والتنوع السياسي والقومي ضمن إطار الوحدة الوطنية. وانطلاقاً من هذا الفهم جاء تأكيد المؤتمر على ضرورة الانفتاح على جميع القوى والنخب السياسية الوطنية في سوريا من أجل الاعتراف الرسمي بشعبنا كشعب أصيل كإحدى الحاجات الوطنية. وكذلك المشاركة في عملية الحوار الوطني القائمة على الاعتراف بالآخر، وترسيخ قيم ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان في الحياة العامة، دعماً لعملية الإصلاح التي بدأت في سوريا، وتذليل العقبات التي تعترضها. وصولاً لبناء دولة القانون والمؤسسات التي ينعم جميع أبنائها بالعدالة والمساواة.