ثائر غندور
بيروت(لبنان) – الاخبار اللبنانية ++ حزب الله هو من اغتال الرئيس رفيق الحريري». هذا هو الاقتناع الذي بات مُعلناً عند فريق الرئيس سعد الحريري، «والتحقيق الدولي يملك أدلّة على ذلك»، يقول مرجع أمني لصيق برئيس الحكومة سعد الحريري. يضيف المرجع شارحاً وفق تسلسل زمني: «في عام 2006، وقبل حرب تمّوز، توصّل فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي إلى معطيات وأدلّة على تورّط أفراد من حزب الله في عمليّة التنفيذ. فزار العقيد وسام الحسن رئيس الحكومة سعد الحريري وأبلغه بالمعطيات، ثم طلب الحريري من السيّد حسن نصر الله موعداً للحسن، الذي زاره سريعاً، وأبلغه بهذه المعطيات التي لم يوافق عليها نصر الله، لكن لم يقدم نفياً لها.
ثم حصلت ثلاث جلسات مع مسؤولين أمنيين في الحزب لمناقشة هذه الأدلّة». يستفيض المرجع الأمني في شرح ما حصل بين فريق الحريري وحزب الله من مراسلات ولقاءات، أو بين قوى الأمن الداخلي (ضمناً فرع المعلومات) وحزب الله، التي يُمكن تلخيصها بعبارة بسيطة: «طرحنا مخرجاً على حزب الله حينها، هو أن يقول الحزب إنه مستعدّ لمحاكمة أي عنصر من أفراده توجد أدلّة تدين تورّطه باغتيال الحريري، وهو تماماً مثل خريطة الطريق التي قدّمها وزير الخارجيّة السوري وليد المعلّم الذي ردّد مرات عدّة أن سوريا ستحاكم أي مواطن سوري يُثبت تورّطه بعمليّة الاغتيال بتهمة الخيانة العظمى.
وقد طرحنا على الحزب إخفاء هؤلاء الأشخاص أو تصفيتهم وإدانتهم معنوياً، وبذلك لا يصل التحقيق إلى أعلى من دائرة التنفيذ، لكن فوجئنا يوم أقفل السيّد نصر الله الباب وقال إنه مسؤول عن أي عمل يقوم به أي عنصر من عناصر حزب الله، وكأن جسم الحزب غير مخترَق، ونحن نعرف تماماً أنه اختُرق وأعطيناه الأدلة على ذلك، وجرت تصفية المسؤولين الثلاثة في الحزب الذين أبلغنا الحزب عن تعاملهم مع إسرائيل».
وعند نقاش هذا المرجع، بأن حزب الله يرى اتهامه إعلان حرب، فإنه يردّ بأن «الحزب هو ما أكّد الاتهام بتصرفّاته السياسيّة». ويوضح «أن كلّ النقاش الذي يدور حول شهود الزور، والذي يُحاول أن يوحي أن هذه قضيّة كبيرة، هو تشويه للحقائق، فهذه قضيّة صغيرة. كأنهم يُريدون إقناعنا بأن أشرف ريفي ووسام الحسن وسعيد ميرزا ومروان حمادة اغتالوا رفيق الحريري بغطاء من سعد الحريري أو الشيخ سعد قتل والده، أو أن رفيق الحريري انتحر».
يدخل المرجع من هذه النقطة إلى ما نُشر في صحيفة «الشرق الأوسط» عن شهود الزور، مشيراً إلى أن حزب الله «لم يعرف كيف يتعامل مع هذه القضيّة، وأرادوا من اليوم الثاني أن يخلع سعد الحريري ثيابه». لكن الرجل يُقرّ بطريقة غير مباشرة بأن هذه المقابلة كانت مرتّبة من السعوديّة، وعند القول له إن الزميل ثائر عباس لم يزر مقرّ الحريري في الوسط التجاري قبل المقابلة، فإنه يضحك، لكنّه لا ينفي.
ويشرح المرجع الأمني أن موقف الحريري كان له وقعه السلبي على جمهوره. يقول إن «جمهور سعد الحريري لم يتقبّل الخطوة، وأنا أقول إنه لو تخلّى سعد الحريري عن دم والده، فإن الناس لن يتخلّوا». ماذا عن الخطوة التالية؟ يقول المرجع إن لديه معطيات عن أن حزب الله وحلفاءه ينوون التحرّك في الشارع بعد انتهاء زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لبيروت التي يُفترض أن تكون في 13 من الشهر الحالي وتستمرّ ليوميْن.
ويعتقد هذا المرجع أن حزب الله «سيُحاول السيطرة على أغلب البلد، ويُمكنني أن أجزم بأن لا أحد سيواجه حزب الله»، وأن أجهزة الدولة ستحمي المناطق التي يُمكنها أن تحميها. لكن المواطنين لن يُواجهوا الحزب في الشوارع، لكن ربما ستُقفل في وجهه الأزقة في عدّة أماكن، من دون أن يكون ذلك نتيجة قرارٍ سياسي، بل لأن الشحن المذهبي في أعلى مستوياته والشباب سيحمون أحياءهم بالسلاح الفردي، مثلما منعت جمعيّة المشاريع الخيريّة حزب الله لمدّة ست ساعات من دخول مركزها». لكنّ المرجع يضيف شارحاً خطوات وتقديرات بأن «هناك مناطق ستكون مقفلة، مثل شمال لبنان، لكونه يُمثّل ثقلاً وخزّاناً للسُّنة في لبنان».
ويلفت إلى أن قرار عدم المواجهة في الشارع «ينطبق على «القوات اللبنانيّة» التي سيلتزم رئيس هيئتها التنفيذيّة سمير جعجع خيار الدولة، وبالتالي فهو لن يلجأ إلى السلاح». علماً بأن المرجع الأمني المطّلع على أوضاع 14 آذار السياسية وغير السياسية تحدث عن «أن «القوّات» تملك قدرةً على الحراك، وعلى فرض سيطرتها بقوّة السلاح في أماكن عدّة. لكنّه يؤكّد أنه ستكون هناك خطوط حُمر يُدافع عنها حتى آخر عسكري مثل السرايا الحكومية ومقرّ قيادة قوى الأمن الداخلي». وفي عودة من المرجع إلى خطوات يتوقع أن يقدم عليها حزب الله، يرى «أن أي هجوم على الرموز الأمنيّة والقضائيّة، سيُحوّل هؤلاء الأشخاص إلى أبطال وسط جمهورهم، كما يحصل مع اللواء أشرف ريفي في طرابلس وبيروت».
ويشير المرجع إلى «أن رفع لافتات التأييد لريفي في الشوارع مشابه للاستفزاز الذي تعرّض له هذا الجمهور يوم حُمي العميد وفيق شقير بقوّة السلاح». ويضيف أن الحزب «يُمكنه السيطرة على البلد، لكنّه لا يُمكنه أن يحكم، ويُمكنه إسقاط الحكومة، لكنّه لا يستطيع أن يُؤلف حكومة، لأنه لا لبناني من الطائفة السنية يجرؤ على تولّي رئاستها». وعند الإشارة إلى زيارة الوزير محمّد الصفدي للعماد ميشال عون، يرد المرجع بحزم: «المواطنون سيحرقون منزله إذا قبل تأليف حكومة أو أقدم على خطوة كهذه».
ويوضح المرجع «نظريته» قائلاً: «في عام 2005، كان هناك فراغ سياسي شغله فريق 14 آذار، لأن الطبيعة ترفض الفراغ. أما اليوم، فلا وجود لفراغ حتى يُبحث عمّن يملأه، وبالتالي فإن الانقلاب السياسي غير ممكن». ويختم المرجع الأمني اللصيق برئيس الحكومة قائلاً: «لم يعد لدى سعد الحريري ما يتنازل عنه، ولا شيء سيمنع المحكمة الدوليّة من إكمال عملها، وسيصدر قرار المدعي العام الظني في فترة رأس السنة، قبلها بقليل أو بعدها بقليل»، قبل أن يستدرك قائلاً: «هذا ما أتوقّعه، وليس لدي معلومات حاسمة عن هذا الأمر».