بقلم: مجدى خليل
++ سيناريو الفوضى هو أحد السيناريوهات المطروحة عن مستقبل النظام السياسى بعد حكم مبارك، وهو السيناريو الاسوأ أو السيناريو الكابوس بين جميع السيناريوهات المطروحة. ما هى أحتمالات حدوث هذا السيناريو الكابوس؟ الاجابة يتوقف الأمر على عدد من العوامل المتعلقة بطريقة أنتقال السلطة، ودور المؤسسة العسكرية فى حماية الدولة فى حالة إندلاع مثل هذه الفوضى، ودور الخارج فى السيطرة على الوضع حتى لا تسقط دولة بحجم مصر فى ايدى المخربين. اما توقعات الفوضى فتتباين وفقا لتشاؤم وتفاؤل المحللين السياسيين، فالمتشائمون يرونه أحد السيناريوهات المطروحة بقوة فى الحالة المصرية، والمتفائلون يرون أن مصر دولة مستقرة منذ آلاف السنيين ومن الصعب أن تنزلق إلى حالة فوضى على غرار ما هو حادث فى دول فاشلة مثل الصومال واليمن والعراق والسودان وأفغانستان وحتى لبنان.
المتفائلون يرون من الصعب على أمريكا وإسرائيل أن يتركا مصر تنحدر إلى حالة الفوضى وفى هذه الحالة تحاط إسرائيل بعدوين مثل الكماشة هما إيران ومصر وثالثهما تركيا التى تسير بخطى متسارعة نحو الأسلمة، كما أن أمريكا اخذت درسا قاسيا من ترك إيران تقع فى يد الخومينى بل وسماحها بذلك بإعطاء الأمر للشأة بمنع الجيش من التصدى للمحتجين.المشائمون يرون أن قدرة أمريكا وإسرائيل على وقف الفوضى محدودة للغاية خاصة إذا انحاز الجيش فجأة للتيار الإسلامى كما حدث فى إيران عام 1979،أو إذا حدثت الفوضى بشكل مفاجئ نتيجة ظرف مفاجئ . ويعللون ذلك بأن وضع مصر الدولى والاقليمى يتدهور دون أن تقدم لها أمريكا شيئا لإستعادة دورها المفقود بل على العكس ساهمت فى هذا التراجع، ويمثل ذلك قلقا لواشنطن وللمصريين أيضا كما يقول ديفيد شينكر فى ويكلى استاندرد بعدد 2 سبتمبر 2010 " وبالنسبة لمصر، لا يمثل أياً من ذلك أخباراً سارة. لكن بالنسبة لواشنطن — التي اعتمدت على القاهرة منذ عام 1978 كشريكتها العربية الرئيسية — يمثل ضعف مصر ضربة أخرى للبنية الأمنية الإقليمية للولايات المتحدة التي هي مهتزة بالفعل. وفي الواقع، مع ابتعاد أنقرة عن تحالفها التقليدي مع واشنطن وتراجع دور القاهرة وانكفائها على ذاتها، ليس لدى إدارة أوباما اليوم أي شركاء مسلمين ذوي قوة عسكرية هائلة لمساعدتها على مواجهة التهديد الذي تشكله إيران". ?????
الصديق العزيز الفنان الكبير محمد نوح عرض لنا منذ حوالى 20 عاما فى جمعية النداء الجديد بالقاهرة فيلم صوره صحفى فرنسى عن ثورة الخومينى فى إيران بعد أن انحاز قادة الجيش له، وفور وصول الخومينى إلى أرض طهران، وفى أول صلاة له سارع كل قادة الجيش الكبار للصلاة خلفه، وما كان من الخومينى إلا أن قال لهم أمام الجماهير الغفيرة " مش انتوا برضوا اللى كنتوا بتصلوا وراء الشاه"، لحظات مرت كالدهر قبل أن تنطلق الجماهير وتمزقهم أربا. الاستاذ محمد نوح قال لنا أنه عرض هذا الفيلم على كبار القادة المصريين وقتها لتوضيح خطورة تصديق الإسلاميين وخطورة تخلى الجيش عن دوره الحقيقى فى حفظ الأمن فى لحظات الفوضى والهرج والمرج. ?????
بأعتبارى أحد هؤلاء المحلليين المتشائمين بالنسبة لمستقبل مصر أرى أن الفوضى الجزئية أو الشاملة احد السيناريوهات المطروحة على طاولة مستقبل مصر بعد مبارك. إذا حدثت هذه الفوضى ، لا قدر الله، سيدفع الأقباط الثمن الاكبر من جراءها، وهناك بالفعل من يخطط ويستعد لهذه الفوضى وللإنقضاض على الأقباط فور حدوثها، فهناك تخطيط من التيارات الإسلامية المتطرفة والمنظرين للعنف أن يدفع الأقباط ثمنا باهضا فى حالة حدوث مثل هذه الفوضى.وللأسف هناك جهات فى الحكم والأمن والمخابرات تسعى لتفريغ فائض الغضب وفائض الكراهية وفائض العنف وفائض الهمجية ضد أقباط مصر بعيدا عن أستهداف النظام وشلله الفاسدة، وتستخدم هذه الجهات نفس التكتيك والأدوات التى استخدمتها من قبل.
فى نهاية السبعينات أنتشرت الشائعات بشكل هستيرى عن خطة البابا شنودة لعمل دولة قبطية فى أسيوط، وعن تخزين الأسلحة داخل الأديرة ، وكانت تلك الشائعات مبررا لسلسة من الإعتداءات الأثمة ضد الأقباط على مدى عقود. أبطال الشائعات الهستيرية ضد الأقباط فى نهاية السبعينات من القرن الماضى هم وتلاميذهم أبطال الهستيريا الحالية ضد الكنيسة والبابا شنودة أيضا، بزعم جديد هو أن الكنيسة اصبحت دولة داخل دولة، وأن الكنيسة تخطف السيدات المسلمات، وأن الأقباط يهربون الأسلحة من إسرائيل ، كما نشر كذبا عن السيد جوزيف ابن القمص بطرس الجبلاوى وكيل مطرانية بورسعيد المحجوز فى سجون وزارة الداخلية حتى كتابة هذه السطور. ?????
فى أزمة السبعينات كانت شخصيات بحجم الشيخ متولى الشعراوى والشيخ محمد الغزالى والشيخ كشك تتولى التنظير للإرهابيين من آجل الفتك بالأقباط، فى هذه السنوات تتولى التنظير للإرهابيين شخصيات مثل زغلول النجار ومحمد عمارة ومحمد سليم العوا وطارق البشرى،لدرجة أن محمد سليم العوا يهدد الأقباط فى قناة الجزيرة فى حوار له مع احمد منصور بتاريخ 15 سبتمبر 2010 أن الفوضى القادمة سيكون وقودها جثث الأقباط ، ولأول مرة فى التاريخ يتهم الأقباط كشعب والكنيسة كمؤسسة بالعمالة لإسرائيل وبأنهم يخزنون الأسلحة القادمة من إسرائيل فى الكنائس والأديرة القبطية!!!.
وفى حواره هذا المدمر الملئ بالكراهية وصل إلى قمة التحريض ضد الأقباط،وفى الكثير مما قاله جرائم تحريض على القتل وعلى التطهير العرقى للأقلية، وهى جرائم مؤثمة فى القانون المصرى والدولى: انظر ما يقوله فى هذا الحوار الخطير " لم تستقر نفوس المسلمين ولن تستقر منذ حادثة وفاء قسطنطين"،"البابا لا يحكم دولة داخل الدولة وأنما أمبراطورية موازية"، "إذا بقى الوضع الكنسى على ما هو عليه ستحرق البلد"، " المطالبة بتقسيم مصر إلى دولة للمسلمين ودولة للأقباط ،لأول مرة يتم الأعداد العلمى القبطى للمطالبة به منذ خروج البابا شنودة من الاعتقال"، " النيران ستشتعل فى البلد كلها ومظاهرات المسلمين ضد الكنيسة لن يوقفها أحد"، " الكنيسة ورجالها يعدون لحرب ضد المسلمين"،" إسرائيل فى قلب القضية القبطية، والتعامل معها يأتى به لتخزين الأسلحة فى الكنائس، ولما سفينة أسلحة قادمة من إسرائيل بأسم بطرس الجبلاوى تتمسك يبقى عشرين حاجة تانية عدت"، " إذا أستهان البابا بالقضاء إلى هذه الدرجة لن يكون للمسلمين حقوقا فى مواجهة الأقباط".
يؤسفنى القول أن هذا الكلام الخطير يمهد للفتك بالأقباط فى حالة اندلاع الفوضى، ليس على غرار ما حدث فى السبعينات ولكن يمكن أن يتطور ليصبح على غرار مذابح الأرمن التى حدثت فى تركيا عام 1915. الجنون والهوس الذى صاحب قضية كاميليا شحاتة زاخر هو حالة تسخين قبل المباراة الأساسية والتى ستكون نتائجها تنفيس هذه الكراهية فى جثث الأقباط كما يريد محمد سليم العوا وصحبه.
ما الحل؟ هل أستعد الأقباط فى الداخل والخارج لمثل هذا السيناريو الكابوس؟.
هذا ما سوف نناقشه فى مقال قادم.