قدّم شعبنا السرياني الآشوري، خلال مسيرته التاريخية والحضارية، قوافل من الشهداء، دفاعاً عن هويته القومية ووجوده القومي وعقيدته الدينية. ومع بدايات القرن العشرين، تعرّض لأشرس وأعنف الحملات البربرية، كان أكثرها بشاعة وقسوة، المذابح التي تعرّض لها خلال الحرب العالمية الأولى على يد حكومة الاتحاد والترقي التركية، التي شنّت حملات إبادة جماعية على كافة مسيحي السلطنة العثمانية، وقد قضى في هذه المذابح التي اشتهرت باسم (سيفو)،ما يزيد على نصف مليون إنسان من جميع طوائف شعبنا، استشهدوا في حيكاري وآمد والرها وماردين وأزخ وطورعبدين وغيرها. ومع طيّ صفحة السلطنة العثمانية، واستتباب الأوضاع لصالح سلطات الانتداب الغربي في الدول الجديدة التي نشأت في المنطقة، وخلال السنة الأولى من إعلان استقلال العراق كدولة عضو في عصبة الأمم، تعرّض شعبنا مرّة أخرى ، لمجزرة رهيبة، نفّذتها هذه المرّة قوات الجيش العراقي النظامي بقيادة بكر صدقي، تحت أنظار سلطات الانتداب البريطاني. حيث قام الجيش العراقي باستعراض قوته وبطولاته على مواطنين عزل، باستباحة قراهم، وعلى مدى أيام ارتكب فظائع وجرائم بلغت ذروتها في السابع من آب عام 1933،عندما قام بتدمير بلدة سيميل المسالمة، وإبادة كل من لجأ إليها من أبناء شعبنا، الذين تجمّعوا فيها هرباً من نيران القصف الأرضي والجوي الذي طال قراهم. وقضى في هذه المجزرة أكثر من 5 آلاف شهيد معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ، في واحدة من أبشع جرائم وإرهاب الدولة في التاريخ الحديث. لقد شرّعت هذه الجريمة الأبواب أمام العسكر للهيمنة على الحياة السياسية، وفتحت الطريق أمام سياسات التطهير العرقي والطائفي، التي سارت عليها الحكومات العراقية المتعاقبة، وكلّفت شعب العراق بكافة أطيافه أثماناً باهظة. وفي السنوات الأخيرة واجهت شعبنا موجة إرهابية عاتية، تمثلت باجتياح تنظيم داعش الإرهابي لمدنه وبلداته وقراه في سهل نينوى والخابور وكذلك في صدد والقريتين ومعلولا على يد تنظيمي داعش وجبهة النصرة، وذلك أمام بصر العالم المتحضّر الذي وقف متفرجا إزاء المجازر والجرائم التي طالت شعبنا.
إن تضحيات ودماء شهداء شعبنا في سيفو وسيميل وسهل نينوى والخابور والقامشلي،وقيم شهدائنا مار شمعون بنيامين, توما أودو،آشور يوسف، فرج رحّو، اسكندر بولس، فرنسيس شابو، يشوع مجيد هدايا، وكل شهدائنا الأبرار الذين نستذكرهم في هذا اليوم، يجب أن تحثّنا على تعزيز شراكتنا مع كافة القوى الوطنية من أجل تجاوز نظم الاستبداد القائمة، والعمل على بناء دول عصرية ترتكز إلى أسس الديمقراطية والعلمانية والمواطنة الحقيقية. وينبغي أن تدفعنا اليوم إلى المزيد من الوحدة والالتفاف حول القيم والمبادئ التي ضحّوا من أجلها حفاظاً على هويتهم القومية الوطنية، ويجب أن تشكّل حافزاً لكل قوى ومؤسسات وفعاليات شعبنا السياسية والاجتماعية والدينية، على تجاوز الخلافات والانقسامات القائمة، وتوحيد الصفوف، والعمل معاً من أجل تعزيز قدرتنا على مواجهة التحديات والصعوبات التي تواجه شعبنا في المرحلة الراهنة. ومن أجل تحقيق تطلعاتنا القومية المشروعة والحفاظ على وجودنا الإنساني والحضاري في وطننا.
تحية إجلال وإكبار لشهداء سيميل وشهداء شعبنا
تحية إجلال وإكبار لشهداء وطننا الحبيب سوريا
سوريا 6/آب/2017
المنظمة الآثورية الديمقراطية
المكتب السياسي
شاهد أيضاً
المنظمة تهنئ حزب بيث نهرين الديمقراطي بذكرى تأسيسه
31-10-2024 زار وفد من المنظمة الآثورية الديمقراطية مقر حزب بيث نهرين الديمقراطي في مدينة أربيل …