أقامت المنظمة الآثورية الديمقراطية أمس السبت الأول من نيسان 2017 في صالة السلام بمدينة القامشلي، احتفالا جماهيريا بمناسبة عيد رأس السنة البابلية الآشورية “أكيتو”.
افتتح الاحتفال الذي شهد حضور شعبيا مع ممثلين عن مختلف الأحزاب السياسية والمؤسسات المدنية، عريفي الحفل زوعا حنا وبرشابا غريبو، بالنشيد الآشوري وبمواكبة فرقة أورنينا للفلكلور الآشوري.
ثم ألقت الرفيقة شميرام كورية كلمة المرأة الآثورية، ليستمع بعدها الحضور لقصيدة شعرية باللغة السريانية ألقتها الرفيقة رمثا شمعون، ولأغنية أدتها سارة عيسى برفقة خيو نجيب.
كما ألقى السيد إيشوع كورية كلمة حزب الاتحاد السرياني، تلاها لوحة فنية راقصة لفرقة أورنينا، ومن ثم استمع الحضور لكلمة المنظمة الآثورية الديمقراطية التي ألقاها الرفيق كبرئيل موشي مسؤول المكتب السياسي.
واختتم الاحتفال بأغنية قومية أدتها سيميل موشي برفقة خيو نجيب.
وفيما يلي نص الكلمة التي ألقاها الرفيق كبرئيل موشي:
الأخوات والإخوة الحضور:
يسعدني باسم قيادة المنظمة الآثورية الديمقراطية، أن أرحّب بممثلّي أحزاب ومؤسسات شعبنا السرياني الآشوري، وبممثلي الحركة الوطنية الكردية، والقوى الوطنية العربية، ومنظّمات المجتمع المدني والهيئات الحقوقية والنسوية. كما ويسعدني أن أرحّب بأبناء شعبنا فردا فردا، وأشكرهم على تلبية دعوتنا والمشاركة في هذه الاحتفالية التي تقام بمناسبة عيد رأس السنة البابلية الآشورية (الأكيتو).
وبهذه المناسبة، أتوجه بأجمل التهاني والتبريكات إلى أبناء شعبنا السرياني الآشوري في الوطن والمهجر، وكذلك إلى جميع السوريين.
الأعزاء الحضور:
يحتفل اليوم أبناء شعبنا السرياني الآشوري في سوريا والعراق ودول المشرق ودول المهجر أيضا، بعيدهم القومي، عيد رأس السنة البابلية الآشورية (الأكيتو)، كما احتفل أجدادنا منذ أيام سومر وأكد وبابل وآشور. حيث كانت تقام فيه احتفالات وكرنفالات ضخمة على مدى اثني عشر يوما، يشارك فيها كافة شرائح الشعب إلى جانب الملوك والكهنة، احتفاء بمقدم الربيع، وبتجدّد الطبيعة، وما ينطوي عليه ذلك من إعلاء لقيم ومعاني الحياة، من خلال تغلّب قوى الخير على الشرّ وانتصار الإنسان على الموت.
احتفالنا اليوم بعيد الأكيتو، ما هو إلاّ تعبير عن التواصل مع عمقنا الحضاري الأصيل، واستعادة لإرثنا التاريخي الحافل بالعطاء والتضحية، والغني بالقيم والدلالات الإنسانية والفلسفية العميقة، حيث أبدعت عبقرية الإنسان الرافدي في إنتاج ملاحم وأساطير خالدة عكست رؤية متقدّمة لعلاقة الإنسان بالطبيعة والحياة والكون، وما زالت في الكثير من جوانبها تحكم سلوك وفكر الإنسان إلى يومنا هذا.
اكتسب عيد الأكيتو في وقتنا الراهن، معاني ومضامين قومية معاصرة، جعلت منه العيد القومي الأبرز لشعبنا، يعكس من خلاله إرادة الحياة والتجّذر في الوطن، ويعبّر عن توقه للحرية، ويستمدّ من معانيه العزيمة والإصرار على متابعة مسيرته الإنسانية، بما يرسّخ من وجوده القومي، ويعزّز من دوره الوطني، وتحقيق تطلّعاته القومية المشروعة، وفي مقدّمتها “الاعتراف الدستوري بالوجود والهوية القومية للسريان الآشوريين وضمان كافة حقوقهم، واعتبار لغتهم وثقافتهم لغة وثقافة وطنية، وذلك ضمن إطار وحدة سوريا أرضا وشعبا.
إنّ تحويل عيدي الأكيتو و النوروز إلى أعياد وطنية، بات ضرورة وطنية ملّحة من أجل إزالة الغبن والظلم الذي لحق بالشعبين السرياني الآشوري والكردي، ومن أجل إعادة سوريا لأصالتها التاريخية والحضارية التي قامت أساسا على حقيقة التعدّد والتنوّع القومي والديني والثقافي.
أيتها الأخوات أيها الإخوة:
ست سنوات مرّت على انطلاق الثورة السورية من أجل الحرية والكرامة، ورغم تواتر الحديث والمواقف عن أنّ لا حلّ عسكريا للأزمة في سوريا والتي تحولّت إلى جزء من لعبة المحاور الإقليمية والدولية، وساحة لحروب وصراعات لا مصلحة للسوريين في استمرارها، ف‘نّ آلة الحرب والدمار لم تكفّ عن العمل، تحصد المزيد من الأرواح، وتدمّر المدن والقرى والبنى التحتية، وتشرّد الملايين في الداخل والخارج، وسط صمت وعجز دولي مخجل. ورغم الحصيلة الكارثية على كافة الصعد الإنسانية والسياسية والاقتصادية التي نتجت عن هذه الحرب المدمرّة التي قادت سوريا إلى حافّة التقسيم، وعرّضت بعض أجزائها لاحتلالات معلنة وأخرى مبطّنة، فإنّ البعض ما زالت تراوده أوهام الحسم العسكري والاحتفال بالنصر على أشلاء وطن مدمر وممزّق ومثخن بالجراح.
إنّنا في المنظمة الآثورية الديمقراطية نطالب المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته السياسية والقانونية والأخلاقية والإنسانية، وندعوه للتحرّك بشكل سريع وعاجل من أجل وقف الحرب الدائرة في سوريا، واتّخاذ مواقف واضحة وحازمة في دعم عملية الحلّ السياسي التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف، والضغط الجاد من أجل فرض حلّ سياسي يضمن الانتقال السياسي من نظام الاستبداد إلى نظام ديمقراطي علماني، يستجيب لتطلّعات السوريين ويليق بتضحياتهم الكبيرة، وذلك وفق بيان جنيف1 وقرارات مجلس الأمن 2118 و 2254 وبيان مؤتمر فيينا، على أن يسبق ذلك تطبيقا كاملا من قبل كافة الأطراف لإجراءات بناء الثقة التي نصّت عليها القرارات الدولية والمتعلقة بوقف إطلاق النار وفكّ الحصار عن المناطق المحاصرة، وتسهيل عبور المساعدات الإنسانية إليها، والإفراج عن المعتقلين، والكشف عن مصير المفقودين والمخطوفين، باعتبارها مدخلا للوصول إلى الحلّ السياسي المنشود. ونرى أنّ أيّ تأخرّ أو تقاعس عن تحقيق ذلك، يصبّ في خدمة قوى التطرّف والإرهاب، وما يحمله ذلك من مخاطر وتهديدات للأمن والاستقرار في كافة دول المنطقة.
ست سنوات مرّت، ورغم هول المعاناة والألم، وما تخلّل مسار الثورة من شوائب وانحرافات تجلّت بمحاولات الأسلمة والعسكرة والإرهاب. فإنّه لا الاستبداد ولا قوى الإرهاب باعتبارهما وجهان لعملة واحدة، نجحا في كسر إرادة السوريين أو دفعهم للتراجع والتخلّي عن مطالبهم المحقّة في بناء دولة سورية جديدة تقوم على أسس العدالة والمساواة والشراكة الوطنية الحقيقية بين كافة السوريين من عرب وكورد، وسريان آشوريين، وأرمن.. مسلمين ومسيحيين وإيزيديين.
الحضور الكرام:
إنّ المنظمة الآثورية الديمقراطية تنظر إلى سوريا المستقبل، باعتبارها دولة مستقلة ذات سيادة، دولة دستورية، تمتلك دستورا وضعيا توافقيا، يساهم في صياغته كافة القوى السياسية والمكونات الوطنية عبر ممثليهم في هيئة تأسيسية منتخبة، تراعى فيه حقوق الجميع على قاعدة المساواة والشراكة الوطنية. دولة كلّ المواطنين بغضّ النظر عن انتماءاتهم القومية والدينية، دولة المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات، وليست حكرا لدين أو مذهب أو طائفة أو عرق أو إيديولوجيا أو حزب. هي الدولة التي تحترم العقائد الدينية ولا تعاديها، وتعمل على تحييد الدين عن السياسة. دولة تعود فيها السيادة للشعب وتقوم على فصل السلطات وتعتمد الديمقراطية نظاما سياسيا يقوم على المشاركة والتداول السلمي للسلطة عبر انتخابات نزيهة.
وبرأينا فإنّ الدولة الحديثة بهذا المعنى تتجسّد في الدولة الديمقراطية العلمانية لأنها تقدّم الحلّ الأمثل لقضية التعدّد والتنوّع.
كما نؤكّد بأنّ المنظمة منفتحة على اعتماد وتبنّي نظم حديثة، وفي مقدّمتها الطرح الفيدرالي، والتفاعل معها بإيجابية، وبما يضمن تجاوز مساوئ النظام المركزي الذي غذّى على مدى عقود، نزعات التسلّط والاحتكار والاستئثار في الحياة العامة، وبما يضمن توزيعا عادلا للسلطات والثروة، ويعزز العملية الديمقراطية، وتوسيع نطاق المشاركة، والإسهام في تحقيق الإنماء المتوازن لكافة المناطق في سوريا، على أن يتمّ ذلك في مناخات يسودها الاستقرار والقدرة على التعبير عن الإرادة الحرّة لكلّ السوريين.
أعزائي الحضور:
رغم الهدوء والاستقرار النسبي الذي تنعم به مدن وبلدات الجزيرة، غير أنّه ثمّة مخاوف وهواجس تنتاب الكثيرين من أبناء الجزيرة، ناجمة عن استمرار الصراعات الكردية الكردية وصراعات أخرى كامنة، وبروز بعض نزعات الهيمنة والاستئثار لدى بعض الأطراف، ما أدّى إلى رفع منسوب التوتّر والاحتقان في المجتمع.
إنّ الجزيرة السورية تكاد تختزل صورة سوريا بتنوعها، وهذا يفرض على جميع القوى السياسية العاملة فيها، تحمّل مسؤولياتها، والتحلّي بأكبر قدر من الحكمة والعقلانية في التعاطي مع المشكلات القائمة والحدّ من التوتر. كما ينبغي عليها الاستفادة من مناخات الاستقرار من أجل الارتقاء بالسلوك والممارسة الديمقراطية، وإدارة الخلافات بين القوى والأحزاب السياسية بطريقة سلمية حضارية، وحصر ذلك في إطار الاختلاف الطبيعي، وضمن السياق الديمقراطي الذي يتسع لكافة الأطراف ولكافة الأفكار والرؤى، بعيدا عن الممارسات الإقصائية وعن منطق الإلغاء والتخوين، وذلك على أساس الشراكة بين الجميع. ولهذا نرى أنّ هناك ثمّة حاجة لإطلاق حوار واسع بين كافة القوى السياسية وخصوصا الأطراف الكردية التي ينظر إلى توافقها كحاجة ومصلحة وطنية ونحن في المنظمة مستعدون للإسهام في إطلاق هذا الحوار وندعو الجميع للاشتراك في تشكيل شبكة أمان اجتماعي تحافظ على السلم الأهلي وتصون قيم العيش المشترك.
إنّ نجاحنا في الجزيرة السورية في إدارة خلافاتنا وتكريس الممارسة الديمقراطية، وضمان الحريات الفردية والعامة، وتعزيز مفهوم الشراكة بين كافة المكونات، سيكون له صداه الإيجابي على المستوى الوطني أيضا وسوف يساهم في تعزيز دورنا وحضورنا في المشهد الوطني العام. فهل نحن قادرون على تقديم البديل الديمقراطي القادر على إدارة الجزيرة وقيادتها إلى بر الأمان وتحقيق التنمية والازدهار فيها بعد عقود من التهميش والحرمان.
الأخوات والإخوة الحضور:
في الخامس من شهر شباط الماضي، تلاقت الإرادة الخيّرة لدى قيادة حزب الاتحاد السرياني والمنظمة الآثورية الديمقراطية، حيث أصدرا بيانا مشتركا، عكس توافقات الطرفين على الكثير من القضايا الهامة، تتعلّق بتوحيد الرؤية السياسية لمطالبنا القومية، وتوحيد الرؤية لسوريا المستقبل. هذه الخطوة بلا شك، ورغم وجود بعض التباينات السياسية، تأتي تأكيدا على قدرتنا على تجاوز خلافاتنا السياسية والحزبية، وتغليب المصلحة القومية المشتركة، وتجسيدا لإرادتنا الحرّة في التعبير عن تطلعات شعبنا، وترسيخ وجودنا القومي، وتعزيز دورنا الوطني إلى جانب كافة شركائنا.
إنّ هذه الخطوة التي جاءت كثمرة لجهود مشتركة بذلها الطرفان، ليست مقتصرة على الحزبين، بل على العكس فإننا نتطلّع لأن تشاركنا جميع أحزاب ومؤسسات شعبنا في التفاهمات والتوافقات التي توصلنا إليها، لأنّ ترسيخ وجودنا وتعزيز دورنا يحتاج لجهود الجميع. وسنعمل في المنظمة الآثورية الديمقراطية بكلّ تفان وجدّية من أجل إنجاح هذا الاتفاق وتطويره وتوسيعه. وندعو أبناء شعبنا لدعم هذه الخطوة، لأنّ دعم ومساندة شعبنا يعتبر عاملا حاسما في تعزيز قدرة الحزبين في جهودهما الرامية إلى تحقيق تطلعاته القومية المشروعة في الوجود والحرية.
في الختام نقول: في الأكيتو كما انتصر تموز على الموت، وكما قام المسيح من بين الأموات.
كلنا أمل بأن قوى الخير ستتغلب على قوى الشر، وبأنّ إرادة الحياة ستنتصر على الموت في سوريا.
أجدّد التهاني بعيد الأكيتو
كما أجدد شكري لكم على الحضور وحسن الاستماع
المجد والخلود لشهداء شعبنا ووطننا سوريا والحرية للمعتقلين
وكل عام وأنتم بخير
عشتم وعاشت سوريا وطنا حرا لجميع أبنائها
سوريا 1/1/6767آ – 1/4/2017
الرئيسية / أخبار سوريا / المنظمة الآثورية الديمقراطية تقيم احتفالا بمناسبة عيد رأس السنة البابلية الآشورية –أكيتو
شاهد أيضاً
المنظمة تهنئ حزب بيث نهرين الديمقراطي بذكرى تأسيسه
31-10-2024 زار وفد من المنظمة الآثورية الديمقراطية مقر حزب بيث نهرين الديمقراطي في مدينة أربيل …