في اتصال هاتفي أجريناه مع الرفيق عبدالأحد اسطيفو عضو الهيئة السياسية للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، وعضو الوفد التفاوضي للمعارضة السورية، استوضحنا منه عن بعض القضايا حول المسار التفاوضي وكان لنا معه اللقاء التالي:
1 ـ تمتاز الجولة الثامنة من محادثات جنيف بمشاركة المعارضة السورية بوفد واحد، وبعد مرور أكثر من عشرة أيام على انطلاقتها، هل يمكننا الحديث اليوم عن وفد موحد في الرؤية والموقف أيضاً؟
ـ أعتقد بأن السوريين أثبتوا بأنهم قادرين على تشكيل فريق واحد مقابل النظام في محادثات جنيف، وهذا انجاز جيد، وتمكنوا من الارتقاء فوق واقع التباينات بين مختلف المكونات التي شكلت قوام الهيئة العليا للتفاوض بنسختها الجديدة الناتجة عن الاجتماع الموسع الثاني للمعارضة السورية في الرياض في الشهر الماضي، والتي عرفت ب “الرياض 2”. كما تمكنوا من اجتياز تحدي الأيام العشرة الأولى من المفاوضات، بتماسك، رغم بقاء عوامل الهشاشة كامنة وتستحق المزيد من العمل والحوار المدفوع بحس عال من المسؤولية لتجاوزها، ليكون الوفد موحدا بالقدر الكافي بمواجهة استحقاقات العملية السياسية والمسار التفاوضي.
2 ـ بالعودة الى “الرياض2″، والبيان الختامي الصادر عنه، وما أثير حوله من شكوك واتهامات حول تمرير مواقف تقبل بخوض المفاوضات بدون شروط مسبقة تتعلق بمصير “الأسد”. برأيكم، لماذا تم استبعاد الكثير من أعضاء الهيئة العليا السابقة؟ وهل تضمن بيان “الرياض2” شرطا مسبقا للتفاوض؟
ـ ما حصل لا يمثل استبعاداً للأعضاء السابقين في للهيئة العليا للتفاوض، فاجتماع “الرياض 2 ” هو نفسه “الرياض 1 “، من حيث المكونات المدعوة، والدعوات ترسل إلى تلك المكونات وهي بدورها تختار ممثليها إلى الاجتماع. لكن القضية الأهم في الاجتماع كانت انضمام منصتي القاهرة وموسكو وإعطاء دور أكبر للمستقلين. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، استطاع اجتماع “الرياض2” تجاوز الأخطاء التي كانت قائمة في مستوى العلاقات الناظمة بين مكونات الهيئة العليا وايضا مع الوفد التفاوضي. أما بالنسبة للبيان الختامي فقد عكس قراءة جديدة للواقع السياسي، وجاء أكثر وضوحاً في رؤيته السياسية وفي موقفه غير المشروط من التفاوض المباشر مع النظام، و في هذا السياق، تمسك البيان بثوابت الثورة السورية، مع مواقف من العملية التفاوضية مبنية على قرارات الشرعية الدولية وخاصة القرار 2254، الكفيلة بتحقيق الانتقال السياسي المنشود. ولكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال بأن انتقالاً سياسيا وتغييرا جذريا عميقا ممكن أن يتم مع بقاء النظام برأسه ورموزه باعتباره السبب الأساسي في ما آلت إليه الأمور في البلاد.
3 ـ شاركت المنظمة الآثورية الديمقراطية بممثلين اثنين في اجتماع “الرياض2″، ما هو تقييمكم لتلك المشاركة؟ وماذا عن طبيعة مشاركتكم في محادثات جنيف؟
ـ لقد جاءت مشاركتي من ضمن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة الذي أمثل فيه المنظمة الآثورية الديمقراطية وكعضو في الهيئة السياسية وفي الوفد التفاوضي كمنسق لسلة الانتخابات ضمن محادثات جنيف، كما كان لمشاركة الرفيق كبرئيل موشي مسؤول المكتب السياسي للمنظمة الآثورية دور بارز في مخرجات البيان الختامي من خلال حضوره الوطني ومداخلاته وتفاعله مع معظم الطيف الوطني لشرح قضية شعبنا السرياني الآشوري والعمل على ضمان حقوقه وشراكته الوطنية في مستقبل سوريا، ولابد هنا من الإشارة إلى مضمون البيان الختامي الذي جاء أكثر وضوحا في محتواه من حيث طبيعة النظام الديمقراطي المنشود، وموقفه المتقدم حيال مسألة التنوع القومي والديني في سوريا حيث ورد بالنص”…كما عبروا عن التزامهم بأن سورية دولة متعددة القوميات والثقافات، يضمن دستورها الحقوق القومية لكافة المكونات من عرب وكرد وتركمان وسريان آشوريين وغيرهم، بثقافاتهم ولغاتهم على أنها لغات وثقافات وطنية تمثّل خلاصة تاريخ سوريّة وحضارتها”. جاء ذلك في نطاق مجموعة من المبادئ الدستورية التي تتطابق مع كل المعايير الدولية للدولة بمفهومها العصري، ونعتقد بان هذا التقدم لا يمكن أن يحدث دون أن تسبقه جهود كبيرة سعينا ونسعى دوما لبذلها للوصول بسوريا إلى ما تصبو إليه كل شعوب العالم من حرية وكرامة واحترام للتعدد والتنوع وحقوق الانسان والمرأة، في ظل مواطنة كاملة ومتساوية للجميع وفي ظل هوية وطنية جامعة تعكس حقيقة التنوع القومي والديني والثقافي في المجتمع السوري.
أما عن طبيعة مشاركتنا في المسار التفاوضي، فأنا اليوم كعضو في الوفد المفاوض للمعارضة السورية، اعمل كمنسق لسلة الانتخابات وهي إحدى السلات الأربعة التي تتوزع حولها مفاوضات الحل السياسي بين المعارضة والنظام، و التي تسعى لوضع تصورات شاملة حول طبيعة العملية الانتخابية المزمع إجراءها ضمن المرحلة الانتقالية على كافة المستويات وطبيعة المناخات والظروف التي يجب أن ترافقها في المستوى الأمني والقانوني والسياسي لتعكس بصدق حقيقة مواقف وتطلعات السوريين. كذلك يشارك الرفيق كبرئيل موشي كشخصية وطنية ضمن الهيئة التوجيهية للوفد التفاوضي، والرفيق جورج صطيفو ضمن الفريق الاستشاري للوفد المفاوض.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن ورقة المعارضة السورية التي سلمت للأمم المتحدة حول المبادئ ال12 التي قدمها المبعوث الدولي الخاص ستيفان ديمستورا، جاءت لتؤكد مضامين بيان الرياض2، وتؤكد على الموقف الثابت للمعارضة السورية في مقاربتها لسؤال التنوع والهوية الوطنية السورية، حيث ورد بالنص في البند العاشر”… سوريا دولة متعددة القوميات والثقافات تلتزم بأن يضمن دستورها الحقوق القومية لكافة المكونات من عرب، وكرد، وتركمان، وسريان آشوريين، وغيرهم، بثقافاتهم ولغاتهم على أنها لغات وثقافات وطنية تمثل خلاصة تاريخ سوريا وحضارتها.” . وهذه الوثيقة تضاف لرصيد المنظمة الآثورية من الوثائق الرسمية التي صدرت عن جميع المؤتمرات التي ضمت طيفا واسعا من قوى المعارضة السورية والتي لم يغب عن أي منها الاعتراف بوجود شعبنا السرياني الآشوري والاعتراف بحقوقه القومية كمكون سوري على قدم المساواة مع بقية مكونات الشعب السوري. إن إيمان المنظمة الآثورية الراسخ بأنه لا يمكن لشعبنا أن يستعيد وجوده ويحيا ذاته القومية بحرية وكرامة ومساواة إلا في إطار الدولة الديمقراطية العلمانية، دفعنا ويدفعنا دائما إلى بذل المزيد من الجهود للمشاركة الفاعلة والإيجابية مع بقية شركائنا السوريين لتثبيت حضورنا ، كمواطنين كاملي الحقوق، في مستقبل البلاد، وهنا أود التنويه إلى الأهمية البارزة التي تكتسبها جولة المكتب السياسي الحالية للعديد من الدول الأوروبية لشرح قضية شعبنا وتطلعاته المشروعة، والصدى الإيجابي الذي نتلقاه بعد كل لقاء مع الفعاليات السياسية الحكومية والبرلمانية حول طروحات المنظمة الآثورية، ومواقفها التي تنم عن نضج سياسي مدفوع برؤية سياسية واضحة ومبدئية حيال الشأن السوري.
4 ـ يدور الحديث في أروقة السياسة الدولية عن ضغوطات يتعرض لها وفد المعارضة لضم أطراف جديدة بحجة أن يكون التمثيل أكثر شمولاً. هل هذا صحيح؟
ـ لم يتعرض وفد المعارضة السورية لأية ضغوطات مباشرة في هذا الجانب، وأن ما يثار كان يتمحور دائما حول النص الوارد في القرار الأممي رقم 2254، والذي بنص على دعوة كل من الهيئة العليا ومنصتي القاهرة وموسكو، وآخرين. وتعبير “آخرين” يقصد به، وفق ما عبر عنه المبعوث الدولي ستيفان ديمستورا، بأنه يشير إلى التمثيل النسائي والمجتمع المدني، وهو متوفر اليوم من خلال المجلس الاستشاري النسائي ولجنة دعم المجتمع المدني، الإطاران اللذان يتواجدان في جنيف مع فريق المبعوث الدولي ويقومان بدور استشاري هام.
5 ـ لا تزال الجولة الثامنة من محادثات جنيف معطلة بشكل كبير نتيجة موقف النظام وتلكؤه في المشاركة. ويبدو بأنه يتعرض لضغوط من حلفائه في كل مرة للحضور والمشاركة. كيف تقرؤون ذلك في سياق رؤيتكم لمستقبل المفاوضات المباشرة؟
ـ نعم هذا صحيح فالنظام يتعرض لضغوطات من حليفه الروسي للمشاركة في المفاوضات، لكن ذلك لا يعدو عن كونه محاولات لإضاعة الوقت والابتعاد عن جوهر العملية التفاوضية التي تهدف لانجاز الانتقال السياسي وفق قرارات الشرعية الدولية، لذلك فإن تلك الضغوطات لا قيمة لها إذا لم تدفع النظام للانخراط بشكل جدي في المسار التفاوضي المباشر وعبر القواعد والموضوعات التي تم التوافق عليها مع الأمم المتحدة.
6 ـ ما موقف المعارضة السورية اليوم من الدعوات الروسية لعقد مؤتمر حوار سوري في سوتشي؟
ـ بالنسبة لنا فإن كل الدروب يجب أن تؤدي إلى جنيف، وعليه فلا مشكلة لنا مع أي مؤتمر ينعقد وفي أي مكان كان، شرط أن يكون تحت مظلة الأمم المتحدة، ويسعى لانجاز الانتقال السياسي الحقيقي في سوريا.
7 ـ ختاماً، هل يمكن التفاؤل بنتائج ملموسة لهذا المسار التفاوضي وإلى أي مدى ستبقى المعارضة السورية أسيرة لمماطلة النظام، وعدم جدية المجتمع الدولي في دفع المسار التفاوضي إلى الأمام؟
ـ بما يخص الجولة الحالية، هناك نقطتين أساسيتين نستند عليهما الاولى تتمثل في أننا حاضرون في جنيف بوفد واحد ورؤية موحدة، والثانية هي عدم استعدادنا للاستمرار الى ما لا نهاية في حال استمر النظام في المماطلة والخوض في تفاصيل بعيدة عن جوهر العملية التفاوضية، لأنها ستكون بهذا المعنى محادثات أحادية الجانب لا يمكن معها تحقيق أي تقدم ملموس في مسار العملية السياسية.
أما بخصوص مستقبل المسار التفاوضي والحل النهائي للصراع في سوريا، فلست متفائلا، فلطالما لا يزال هناك مؤتمرات واجتماعات تعقد هنا وهناك خارج المسار الرسمي الذي يجري تحت مظلة الأمم المتحدة، هذا يعني بأن الاتفاقات الإقليمية ليست جاهزة بعد بالشكل الكامل، والأهم بانه لم يتم التوصل بعد لتوافق روسي – أميركي حول “صفقة سورية”. لذلك أعتقد بأن المسار للأسف لا يزال طويلاً.
الرئيسية / أخبار سوريا / عبدالأحد اسطيفو : ” تثبيت حقوقنا القومية في وثيقة المعارضة السورية المقدمة للأمم المتحدة، انجاز آخر يضاف لرصيد المنظمة الآثورية الديمقراطية”.
شاهد أيضاً
المنظمة الآثورية الديمقراطية في أوروبا تقيم مخيمها السنوي للشبيبة
7-10-2024 نظّم فرع أوروبا للمنظمة الآثورية الديمقراطية مخيم الشبيبة السنوي في ألمانيا بين 3 و6 …