دمشق( سوريا) – وكالات ++ تظاهر الآلاف الجمعة في عدة مدن سورية وللمرة الأولى في مناطق شمال شرق سوريا حيث يشكل الأكراد غالبية، للمطالبة بإطلاق الحريات مما أسفر بحسب شهود وناشطين حقوقيين عن وقوع تسعة قتلى برصاص قوات الأمن، ثمانية في مدينة دوما، وآخر قرب درعا.
وجاءت التظاهرات الجديدة بعد دعوة ناشطين سوريين للمرة الثالثة إلى التظاهر بعد صلاة الجمعة التي أطلقوا عليها اسم "جمعة الشهداء" احتجاجا على خطاب الرئيس بشار الأسد السبت الذي لم يعلن خلاله عن أي إجراءات إصلاحية محددة لتهدئة حركة الاحتجاجات غير المسبوقة في البلاد، لا سيما رفع حالة الطوارئ المفروضة في سوريا منذ العام 1963.
وقال الناشط الحقوقي هيثم المالح في تسجيل فيديو تم بثه على مواقع الانترنت "أدعو المواطنين إلى الاستمرار في الضغط على السلطة من أجل تحقيق مطالبهم التي لا غنى عنها". وقال شاهد من دوما عبر الهاتف إن متظاهرين قاموا بعد خروجهم من مسجد المدينة بعد الصلاة بإلقاء الحجارة على قوات الأمن التي ردت بإطلاق النار عليهم.
وأفاد الشاهد إن عدد القتلى قد يتجاوز العشرة إلا أنه أورد أسماء ستة عرفت هويتهم وهم إبراهيم المبيض، وأحمد رجب، وفؤاد بلة، ومحمد علايا، ونعيم المقدم وعمار التيناوي. كما أضاف الشاهد أن بين القتلى شخصين من عائلتي عيسى والخولي. وأضاف "سقط أيضا عشرات الجرحى وقامت قوى الأمن باعتقال العشرات كذلك".
وأكد الشاهد أن نحو ثلاثة آلاف شخص خرجوا من عدة جوامع في دوما القريبة من دمشق للتظاهر بعد صلاة الجمعة وان قوات الأمن قامت بإطلاق الغاز المسيل للدموع بكثافة لتفريقهم قبل إطلاق النار. وأضاف أن معظم السكان قاموا بالاحتماء في البيوت وان قوات الأمن نشرت قناصة فوق البنايات كانوا يطلقون النار على كل من يخرج إلى الشارع. وتابع "أنهم يقومون باعتقال الجرحى ويمنعونهم من الدخول إلى المستشفيات".
وأكد أن قوى الأمن كانت تحاصر المدينة ولا تسمح بدخولها إلا لمن تثبت بطاقة هويتهم أنهم من سكانها. وفي دمشق، لم يتمكن مسؤول سوري من تأكيد سقوط قتلى، ردا على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية. وفي وقت لاحق من مساء الجمعة، أعلن مصدر سوري مسؤول أن مسلحين أطلقوا النار الجمعة على متظاهرين في مدينة دوما شمال دمشق ما أدى إلى مقتل عدد منهم وإصابة العشرات من المدنيين وعناصر قوات الأمن.
وفي الصنمين في محافظة درعا جنوب سوريا، أكد ناشط لحقوق الإنسان أن شابا يدعى ضياء الشمري في العشرينات من العمر قتل بنيران قوى الأمن على مدخل المدينة. وأضاف الناشط أن القتيل جاء إلى الصنمين مع متظاهرين آخرين من بلدتي انخل وجاسم المجاورتين وأن قوى الأمن أطلقت النار لتفريقهم. وأفاد الناشط أن متظاهرين اثنين آخرين من بلدة جاسم قتلا أيضا إلا أنه لم يتسن التحقق من هذه المعلومة كون هوية القتلى لم تعرف بعد.
وفي مدينة درعا، تظاهر الآلاف أمام القصر العدلي مطالبين بإطلاق الحريات و"الوحدة الوطنية". وشهدت درعا، مركز الاحتجاج، اكبر عدد من القتلى منذ 18 مارس/ آذار. وراوحت حصيلة القتلى بين ثلاثين وفق السلطات، و55 حسب منظمة العفو الدولية وأكثر من سبعين حسب هيومن رايتس ووتش و130 كما قال ناشطون.
وقال الناشط رديف مصطفى رئيس اللجنة الكردية لحقوق الإنسان (رافض) لوكالة الصحافة الفرنسية إن "المئات تظاهروا في القامشلي ومثلهم في عامودا (700 كلم شمال شرق دمشق) مطالبين بإطلاق الحريات". وأشار إلى أنها "المرة الأولى التي تجري فيها تظاهرات" في هذه المنطقة منذ بدء الاحتجاجات في سوريا في 15 مارس/ آذار لافتا إلى "عدم مشاركة الأحزاب الكردية فيها". وتأتي هذه التظاهرات غداة إعلان السلطات السورية نيتها دراسة أوضاع حوالي 300 ألف كردي محرومين منذ نصف قرن من الجنسية السورية.
وقال مصطفى إن "تظاهرة في الحسكة (600 كلم شمال شرق دمشق) قام بها نحو مئتي شخص"، فرقتهم قوى الأمن "من دون حدوث اعتقالات". وفي حي الصليبة في اللاذقية شمال غرب سوريا، تظاهر نحو 200 شخص بدون أن تتدخل قوات الأمن لتفريقهم، بحسب ما أعلن ناشط لوكالة الصحافة الفرنسية. كما جرت تظاهرات في مدن بانياس، حمص، داريا وانخل بحسب ناشطين حقوقيين وأفلام نشرت على موقع يوتيوب على الإنترنت. من جهة أخرى، أكدت مجموعة من المحتجين أنها أغلقت على نفسها باب جامع في منطقة كفرسوسة في دمشق، خشية اعتداء رجال الأمن عليهم.
وأفاد أحد المعتصمين في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية أن "هناك نحو 600 شخص في الجامع يخشون الخروج خوفا من اعتداء رجال الأمن عليهم بعد أن حاولت مجموعة من المصلين التظاهر والمطالبة بالحرية". وأضاف "حاول البعض التظاهر بعد الانتهاء من الصلاة وهم يهتفون (سلمية سلمية) إلا أن بعض رجال الأمن اعتدوا عليهم فعادوا إدراجهم إلى الجامع واقفلوا الباب للاحتماء".
إلا أن مراسلي وكالة الصحافة الفرنسية الذين جابوا في المنطقة لم يتمكنوا من التأكد من هذه المعلومات، بل لاحظوا انتشار عدد من مؤيدي الرئيس السوري وهم يحملون أعلاما سوريا. وفي جسر الشغور (شمال غرب)، فرقت قوات الأمن 400 متظاهر واعتقلت منهم فراس جركس، بحسب ناشط حقوقي.
وفي بانياس (280 كلم شمال غرب دمشق) تظاهر نحو ألف شخص للمطالبة بتسريع الإصلاحات وإطلاق الحريات، بحسب ما أفاد ناشط حقوقي. وأضاف الناشط لوكالة الصحافة الفرنسية أن 18 شيخا من بانياس أصدروا بيانا مشتركا أيدوا فيه "مطالب الشعب بالإصلاح وإطلاق الحريات ورفع حالة الطوارئ"، مشيرين إلى أنها "حقوق وليست مؤامرة".
واعتبر الموقعون في بيانهم أن "التظاهر السلمي حق وان قمع المتظاهرين وكم الأفواه والاعتقال التعسفي وإسالة الدماء أمر مرفوض شرعا وقانونا"، مؤكدين "ضرورة محاسبة المسؤولين". وأظهرت أفلام نشرت على موقع يوتيوب على الانترنت إطلاق هتافات خلال بعض التظاهرات تدعو إلى "إسقاط النظام" في حين كان التركيز في السابق على شعارات تطالب بالحرية والإصلاح.
من جانبه، أدان البيت الأبيض الإجراءات العنيفة التي اتخذتها سوريا ضدّ المحتجين المناوئين للحكومة وحث الرئيس السوري بشار الأسد على اتخاذ خطوات ملموسة بصورة فورية تجاه الإصلاح.
وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض، في بيان له، إن لدى الحكومة السورية فرصة مهمة لتتجاوب مع الطموحات المشروعة للشعب السوري. وأضاف المتحدث باسم البيت الأبيض، أن العنف لا يشكل الردّ على شكاوى الشعب السوري، مُطالباً جميع الأطراف، بالحفاظ على الهدوء وتجنب العنف.
كما دعا كارني الحكومة السورية إلى احترام حقوق الإنسان والسماح للمظاهرات السلمية، وأضاف أن لدى الرئيس بشار الأسد مسؤولية اتخاذ خطوات ملموسة على وجه السرعة والقيام بإجراءات للوفاء بوعوده ووضع جدول بإصلاح ذي مغزى، وقال إن ما نحتاج إليه الآن هو مسار ذو مصداقية لمستقبل يتمتع بقدر أكبر من الحرية والديمقراطية والفرص، والعدالة.