القامشلي( سوريا) – أدو أورغ ++ يحتفل شعبنا الكلداني السرياني الآشوري في الأول من نيسان، بعيده القومي، عيد رأس السنة البابلية – الآشورية (الأكيتو). مستحضرا إرثا حضاريا عريقا، وغنيا بالقيم والدلالات الإنسانية والفلسفية، التي أبدع الإنسان الرافدي في صياغتها عبر ملاحم وأساطير خالدة. عكس من خلالها رؤيته للكون والحياة. مستلهما منها القدرة على التجدد والانبعاث، من خلال التماهي مع الطبيعة، ومحاكاة دورتها وتبدلاتها. لهذا فإن شعبنا لم يرضخ للقهر والظلم، رغم المحن والظروف القاسية التي مرّت عليه، بل ظلّ أبدا متمسكا بأرضه مدافعا عن وجوده، حاملا معه الحلم بالحرية والعيش الكريم.
دخلت دول وشعوب المنطقة مرحلة جديدة، أعادتها إلى مسار التاريخ مجددا، بعد أن أقصيت منه قسرا. مرحلة سمتها الأبرز ثورات وانتفاضات، قادتها الشعوب وأجيالها الشابة، طلبا للحرية والكرامة، ورفضا للظلم والفساد والاستبداد. ولم يكن الشعب السوري استثناء أو بعيدا عن هذا الحراك. فهبت حركة احتجاجات سلمية في العديد من المدن السورية، تطالب بالحرية والإصلاح والتغيير. غير أنها تلونت بدماء عشرات الشهداء في محافظة درعا وحمص واللاذقية ودمشق وغيرها، جرّاء استخدام العنف والرصاص الحي في مجابهتها.
إن اتساع دائرة الاحتجاج، وارتفاع منسوب الاحتقان في المجتمع، دفع السلطة للإعلان وعبر مستشارة رئيس الجمهورية، عن عزمها لاتخاذ جملة من التدابير الاقتصادية والسياسية، تصب في خانة الإصلاح، والاستجابة للمطالب المشروعة للمواطنين. غير أن هذه التدابيرعلى المستوى السياسي، جاءت أقل من مستوى التوقعات، ولم تلب متطلبات الإصلاح والتغيير المنشود. فالشعب السوري بمسلميه ومسيحييه، وبمختلف أطيافه القومية من عرب وآشوريين(سريان) وأكراد وكافة الفئات، يتركز جزء كبير من قضيته الوطنية حول مسائل الحرية والمشاركة السياسية الفاعلة في الحياة العامة.
وينتظر من القيادة السياسية، الإقدام على خطوات إصلاحية جدية وسريعة، من خلال وضع خريطة طريق واضحة المعالم للإصلاحات المطلوبة، محكومة بسقف زمني محدد، تبدأ بإنهاء حالة الطوارىء فورا، وإلغاء الأحكام العرفية وكافة المحاكم والقوانين الاستثنائية، والإفراج عن معتقلي الرأي وإنهاء ظاهرة الاعتقال السياسي. وإطلاق الحريات العامة بما فيها الحق في التظاهر والتجمع السلمي، وإغلاق ملف المجردين من الجنسية والمكتومين من الأكراد وغيرهم.والشروع بإجراء تعديلات دستورية، تكفل قيام التعددية السياسية والحزبية في أجواء ديمقراطية تنافسية حقيقية، وتؤدي إلى الإقرار الدستوري بحالة التنوع القومي والثقافي واللغوي في إطار وحدة البلاد، بما في ذلك الاعتراف بالوجود القومي لشعبنا كشعب أصيل. ومن أجل تجنيب البلاد مخاطر الفوضى، ووضعها على طريق الانتقال الديمقراطي السلمي والآمن، نرى ضرورة إطلاق ورشة حوار وطني واسع، يتوج بعقد مؤتمر وطني جامع، تشارك فيه جميع القوى الوطنية دون استثناء أحد، لتحديد مسار وتوجهات المرحلة المقبلة.
إننا في المنظمة الآثورية الديمقراطية، إذ نحيي أرواح شهداء سوريا الذين شقوّا بدمائهم الطاهرة دروب الحرية ، ونتوجه بالتعازي الحارّة لأسرهم. فإننا في الوقت ذاته، ندين وبشدة اللجوء إلى استخدام العنف ضد المواطنين االمسالمين والعزل.وندعو لفتح تحقيق شفاف ومستقل، ومحاسبة المسؤولين عن قتل المواطنين. وفي السياق ذاته، ندين أيضا جميع أعمال التخريب والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة أيّا كانت الجهة التي تصدر عنها. كما ونرفض وبشكل قاطع كل أشكال الشحن والتحريض الطائفي والمذهبي والإثني، وكل محاولة ترمي لاستدراج الموطنين إلى الفتن بقصد تمزيق نسيجنا الاجتماعي وضرب وحدتنا الوطنية، أيّا كانت الجهات التي تقف وراءها، لأن هذا يمثل إساءة لدماء الشهداء، ولن يجرّ على البلاد سوى الخراب والدمار، وسيقود حتما إلى حرف الحركة الوطنية السلمية عن أهدافها في الوصول إلى الحرية والديمقراطية.
إن عيد الأكيتو هو جزء أصيل من الإرث الحضاري لسوريا وبلاد الرافدين، لنسمو بهذا التراث الذي يوحدنا، ولنجعل منه عيدا وطنيا لكل السوريين على مختلف انتماءاتهم، ولنتجدد جميعا مع الأكيتو، ونبني معا سوريا جديدة.. سوريا المستقبل، المشيدة على أساس العيش المشترك، وقاعدة الحرية والعدالة والمساواة والشراكة الكاملة في الوطن.
تحية إجلال وإكبار لشهداء شعبنا وشهداء الوطن وكل عام وأنتم بخير …!
سوريا 28 أذار 2011م 6760 آ
المنظمة الآثورية الديمقراطية
المكتب السياسي