الرئيسية / مقالات حول سوريا / كيف تكون مجرماً بريئاً !

كيف تكون مجرماً بريئاً !

 

بقلم: سامي ابراهيم

++ كيف تتزين جرائم الانتحاريين بثوب البراءة؟ كيف يرتكب الانتحاري مجازره ويبقى ضميره ثابتا؟ كيف ينال الانتحاري الحق في أن يقتل إنساناً أعزلاً بريئاً؟ غريزة القتل والتدمير هي إحدى غرائز الإنسان التي انتصر عليها واستطاع عقله قمعها ودفنها في أعماق اللاشعور، فمنذ فجر التاريخ ومنذ وجود الجماعات البشرية الأولى تشكلت قناعة لدى الإنسان بأن القتل هو الخطيئة الأشنع، وبأن القتل هو أعظم الخطايا التي ترتكب.

وفي الوقت الذي يشهد فيه العالم انجازات وإبداعات حضارية عظيمة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الحياة البشرية، هذه الإنجازات التي زادت من وعي الإنسان ومداركه ومعارفه وأسعدته ووفرت الكثير من سبل الحياة الرغيدة التي كانت حلماً قبل خمسين عاما، بدأنا نشهد مدّاً ظلامياً وعدمياً لقوى وأيديولوجيات يكون فيها قتل الإنسان هدفها الوحيد، متخذة من تعاليم دينية ونصوص إلهية قانوناً لها يشرع جرائمها ويكسبها ثوب البراءة.

سأسمي هذه الجماعات بالجماعات الانتحارية، والعضو المنتسب إليها: "انتحاري". إفناء الذات عند الانتحاري أمر لا يحسب له حساب، يريد أن يجر العالم معه إلى الفناء. الانتحاري يتخذ من نص ديني مصدره الوحيد في تعريف (الصح والخطأ)، وبسبب طبيعة النص التشريعية فإن هذا النص يقدم طرحاً لمشروع بناء أخلاق للإنسان _بغض النظر عن إدعائه أنه المصدر الوحيد للأخلاق_ فــ(يبني) للإنسان الأنا العليا، أي انه يكوّن للإنسان (المعتقد بإلوهية هذا النص) أخلاقَ جديدة لا علاقة لها بأخلاق المجتمع المتمثلة بالقوانين المدنية والأحكام والتشريعات المتناسبة مع الواقع الحالي والملائمة للظروف التي يعيشها أفراد المجتمع في الوقت المعاصر والتي وضعها أكاديميون وحقوقيون بمساعدة علماء النفس والاجتماع احتووا فيه أغلب تفاصيل الحياة البشرية، مع تطويرٍ دائم وتغيير في بنية القوانين يتأقلم مع تغيير الحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمع.

وعندما يبني النص الديني أخلاق مغايرة لأخلاق المجتمع، عندها تصبح القيم الإنسانية لدى الانتحاري مجرد أوهام لا معنى حقيقي لها. يعتقد الانتحاري أن لوجوده غاية وحيدة هو أن يموت. يعطي لموته ولموت الآخرين تبريرات معتمداً على أحداث ونصوص وسير وقصص دينية شكلت المنظومة الفكرية لديه وأسست قواعد المنطق والتحليل عنده. الانتحاري كائنٌ غارقٌ في أوهامه يعيش في عالم الأحلام. بل إن الانتحاري يعيش في تنبه وتيقظ دائم من أجل تحقيق أثمن شيء: حلمه! حلمه في الجنة، هو كمن يسير أثناء نومه ليقصد أماكن محددة بدقة متناهية. الانتحاري إنسان فقد قدرته على التفكير، لقد تمت بنجاح عملية تجريده من (الوعي)، وتجريده من الإدراك، لقد فقد القدرة على التحكم بأحلام يقظته. فقد القدرة على التحكم بعقله. أصبح آلة مبرمجة لتقتل، آلة مبرمجة لتنفذ الأوامر. وبمعنى أدق:"تم إلغاء خصائصه كإنسان".
…………………………

النص الديني هو "لغة" واللغة هي سلوك لأنها تعبر عما يشعر به الإنسان من انفعالات وما يعتريه من عواطف، اللغة هي نافذة الإنسان للعالم الخارجي، فهي تكشف حقيقة أفكاره وطريقة تفكيره، وبها يعبّر عن معتقداته وإيمانه وآرائه ويعبّر عن أهوائه ويشرح مواقفه ويدافع عن نفسه. اللغة هي آلية التفكير عند الإنسان، لأن العقل يفكر عن طريق منولوج داخلي (حوار) يستخدم الإنسان في هذا الحوار اللغة التي تعلمها أو التي يعرفها، ويتم في هذا المنولوج تحليل القضايا وتفسير الظواهر، ومن خلال هذه المعالجة اللغوية العقلية يتوصل الإنسان لقرارات، هذه القرارات هي سلوك، وهي تصرفات، فهو يقرر أنه سيتصرف مع قضية معينة بطريقة تختلف عن تصرفه وتعامله مع قضية أخرى، يقرر الانتماء لجماعة أو تنظيم أو حزب أو يبقى على الحياد.

ومن خلال المعالجة اللغوية يتواصل مع الآخرين ويندمج في المجتمع. وأنت تستطيع الحكم على المستوى العقلي أو الأخلاقي لشخص وتستطيع أن تدرك أنه مثقف أو جاهل أو بسيط أو متهور، أي أنه يمكنك تقييم الفرد _من وجهة نظرك_ من خلال منطقية تصرفاته أو طبيعة سلوكه. ولطالما كانت النصوص الدينية هي لغة تربط أفراد المعتقد الواحد أو الدين الواحد أو الجماعة الواحدة، ولطالما جعلت بعض الجماعات نوعاً معيناً من النصوص مصدر أيديولوجيتها الفكرية والسلوكية، فإن هذه النصوص استطاعت أن تحدد سلوك الإنسان، وعندما يتجه الإنسان في سلوكه لأن يقتل ويرتكب المجازر معتمداً على نصوص دينية، عندها يصبح من الواجب أن توضع هذه التعاليم في قفص الاتهام وتحاكم وتدان، على الأقل يتم نقدها وتسليط الضوء عليها.
………………….

قد يقول قائل: كيف يمكننا أن نتهم نصاً دينياً بأنه سبب عملية إجرامية أو تخريب أو تفجير أو تنكيل أو اضطهاد؟! لماذا لا نتهم الشخص الذي فسر النص الديني كما يحلو له؟! هنا أقول بما أن النصوص الدينية هي تعبيرٌ عن أفكار، فإن التلاؤم الفكري عند الإنسان سيفرض حتماً تلاؤماً وتوافقاً سلوكياً مع نص مثل : "فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ" ، والنصوص الدينية أيضا هي ظروف، هذه الظروف تفرض على المؤمن تكيفاً، طريقة التكييف مع هذه النصوص تفرز أناساً يرمون النص الديني ويضعوه جانبا وينسبوه لحالة تاريخية، وتفرز بالمقابل أناساً يعتقدون أن هذا النص مطلق وهو حالة عامة ويصلح لكل مكان وزمان، وفي الحالة الثانية يتكوّن ما يسمى شخصاً انتحاريا يكون الخلية الأولى في نسيج الجماعة التي ستقوم بعمليات تفجير وقتل.

إذن يمكننا اتهام نصٍ دينيٍ بأنه سبّب كل جرائم القتل التي ارتكبت بسبب ديني، وبأنه مسؤول عن التخريب العقلي عبر مرّ السنوات، ونستطيع اتهام النص الديني باعتباره مساهما أساسيا في تحديد سلوكيات الأفراد، وبأنه خلق أفراداً يرتكبون جرائمهم مبررينها بأنهم مأمورون ومرسلون من إله عظيم مطلق، أرسلهم لأسمى غاية وأنبل هدف ألا وهو الجهاد: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ. إذن عندما تكون طريقة التكييف سليمة، عندها سيخسر هذا النص معركته وسيفقد سطوته وحكمه وسيعبر عن حالة تاريخية لا تقدم ولا تؤخر، ولن يبني هذا النص أية أخلاق أو قوانين يعمل بموجبها الإنسان، لذلك فإننا نرى وجود عدد كبير من المسلمين قمة في الأخلاق والنبل والكرم والصدق والطيبة والرقي والتفهم للآخر.

ومن هنا تأتي أهمية الدور الذي تلعبه العلمانية، فهي بفصلها للدين عن أحكام الدولة والتشريعات والقوانين المدنية والمؤسسات الحكومية، تُبعد تأثير النص الديني عن عقل الإنسان، لأنها تساوي قبل كل شيء بين جميع أفراد المجتمع فلا يعود التمييز بين إنسان وآخر حسب انتمائه الديني (والذي يتبنى هذا الطرح في التمييز والعنصرية هو النص الديني) بل يتم تقييم الإنسان حسب قدراته العقلية.
 ……………………………

يملك كل إنسان سيلاً جارفاً من التصورات الذهنية والذكريات التي كوّنها تراكم الخبرات والتجارب والأحداث والمشاهد العقلية، هذا السيل يتدفق قادماً من اللاشعور ليذهب إلى العقل الواعي، وكلما كان الإنسان سويا من الناحية العقلية والنفسية كلما كانت الآثار والانطباعات التي يخلفها هذا السيل قليلة، وعلى العكس فإن أي قصور عقلي أو ذهني سيولد طريقة تعامل خاطئة مع ذلك السيل، وبالتالي فإن القدرة العقلية إذا لم تحتمل معالجة صحيحة سليمة سوية لهذا السيل الجارف من البيانات والتصورات والذكريات والأحداث التي يخزنها اللاشعور بسعات تخزين ضخمة، فإن نتائج التدمير العقلي والنفسي ستكون كارثية، لينتج سلوك مرضي شاذ غير سوي يتجلى في رؤيتنا لأشخاص غير أسوياء يقومون بعمليات إجرام أو اغتصاب واعتداء وانتقام تتجلى فيها أمراض نفسية تولد سلوكا مرضيا وغير سوي، عجز أصحابها عن المعالجة العقلية الصحيحة لتيار المعلومات القادم.

والنص الديني هو مجموعة من التصورات الذهنية، هو تصورات الإنسان للخطأ وللصواب.. للعدل والظلم.. للحق والباطل.. هو تصورات الإنسان لما يراه من ظواهر طبيعية، فتراه ينسب كل حدث في الطبيعة إلى فعل إلهي، فعند رؤيته مطرا غزيرا وسيولا جارفة وزلازل وبراكين تراه يقول "إنه غضب إلهي"، عند شحّ الأمطار تسمعه يقول "إنه عقاب الله على أفعالنا وخطايانا". إذاً كل شيء من فوق. ولكن يجب ألا ننسى أن النص الديني هو تصورات ذهنية خاطئة، لأنه ناتج عن عقل وجد قبل مئات السنين، في تلك الفترة كان يمكن أن تقتل شخصا وتجر رأسه خلف حصانك ويبقى ضميرك ثابتا، كان الإنسان يغزو ويسبي ويذبح دون أن يملك تصوراً واعياً للأمور أو تحليلاً منطقياً، يرى العواصف والفيضانات، يرى البرق ويسمع الرعد الذي ينسبه لغضب إلهي وليس لشحنة كهربائية بين الغيوم والأرض. ومن هنا نقول أن التصور الذهني الخاطئ للأمور الموجود في النص الديني أنتج كل التصرفات الفعلية الشاذة التي نراها الآن في عصرنا ذات طبيعة إجرامية. وولّد ما نسميه اليوم "الإرهاب الديني". قد لا يكون خاطئا قبل مئات السنين وقد يكون متوافقا ملائما للتصور الموجود حينها لحظة تشكل أو تكون أو كتابة النص الديني، ولكنه اليوم خاطئ، وهذه حقيقة لا تقبل القياس بمقياسين مختلفين.
…………………………

لكن كيف يتم تفعيل النص الديني حتى تتم عملية التفجير أو الإنتحار؟ يتم تفعيل النص الديني عن طريق الخلط العقلي الذي يصيب الإنسان، هنا الإنسان لا يميز الزمن ولا يدرك العام، فهو يعود للخلف ليعيش في زمن سابق، ويتم استنتاج تصورات بناء على ذلك الزمن، لتأتي أحكامه وتصرفاته وسلوكه متوافقة مع زمن غير زمانه، وبذلك ينفذ الإنسان ما جاء من تعاليم في النصوص الدينية. وإن تنفيذه لما جاء في النصوص يتم عن طريق عملية إحياء حالة شعورية، عملية الإحياء أثيرت بواسطة الحالات الإيحائية الذاتية، كيف وماذا يعني هذا؟ إنه يحس أنه تلقى تهديداً، خطراً، لذلك ترى حالة الهيجان التي يجب أن يعيشها منفّذ النص الديني، وبالمقابل ترى المرشد أو الموجه أو المغذي تراه وتسمعه يقول في حماس وصراخ يشق الآذان: "شرفنا انتهك أيها الغيارى هيا للقتال.. إنهم الكفار.. لا كافر بريء.. وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ".

بكل بساطة يقوم هذا الإنسان بتنصيب برنامج اسمه "الإهانة" في عقله وعقل مستمعيه وجماعته، ليزرع فكرة واحدة ألا وهي "الانتقام" {ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ) فتنمو الفكرة في عقول من يفشل في معالجة صحيحة لتيار التصورات الذهنية {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) لنرى النتيجة بأعمال تفجير وانتحار لا يذهب ضحيتها إلا الأبرياء الذين لا حول لهم ولا قوة.
………………………………

الانتحاري إنسانٌ مصابٌ بــ"هذيان الاضطهاد"، جميع الناس أعدائه، فهو يردد (أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ)، الانتحاري يعتقد أن كل اختراع اخترعه الغرب موجهٌ ضده وضد تعاليم دينه وضد إلهه لتراه يكرر دائما (فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ). يعتقد أن التلفزيون والانترنيت والكومبيوتر والسيارة وماكينة الحلاقة… هي آلات تم اختراعها للسيطرة عليه وللسيطرة على تفكير أولاده، وأنها وسيلة من وسائل غزو الغرب لبلاده ( وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)، فهو في حالة حرب دائمة، ولأنه لا يستطيع الاستغناء عنها يتولد لديه صراع يصيبه بحصر شديد يزيد لديه حالة الاضطهاد التي يعاني منها. يعتقد أن الجميع يضطهده، فالحكومة تضطهده، المثقفون يضطهدونه… الانتحاري شأنه شأن أي إنسان متدين يعتقد أنه يملك الحقيقة المطلقة، لكن الفرق بينه وبين المتدين العادي هو أن درجة "هذيان الاضطهاد" لديه قد بلغت أوجها.

تراه مقطب الوجه، متوعد، هائج، صارخ، غاضب، مهاجم، مزمجر لدرجة تشعر بأنه سيخرج من شاشة التلفاز وينقض عليك، متشنج، يحرك يديه ليعبر عن حالة هياجه، وهو بالإضافة لذلك ساخر ومتهكم ومستهزئ، وعالم يفهم في كل شيء، إنه يضع الأقنعة باستمرار ليحمي أمنه الداخلي. الانتحاري يثق بأنه سيحقق النصر، هو منتصر دائما {إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ. فإن استشهد سيدخل الجنة من أوسع أبوابها وسيعيش في أرقى درجاتها، وإن لم يستشهد فإنه حي يرزق وستسجل له من في سجله لدى الله من عظائم الحسنات {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ بالنهاية فإن الانتحاري إنسان مقتنع بخلوده إنسان يعتقد أن عملية انتحاره ستضمن له مكاسب لا تقدر بثمن {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ{وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ هذيان الاضطهاد مرتبط ارتباط وثيق بهذيان العظمة، الانتحاري هنا متيقن تماما بأنه أشرف الناس وأطهرهم وأرقاهم وأفضلهم على الإطلاق، وبالتالي فهو يستحق ارفع منزلة وأرقى درجات الجنة، فيعبّر عمّا يثبت أنه أشرف الناس وأفضلهم بسلوكه سلوكاً مميزاً مغايراً عن بقية الناس فهو يستحق المكانة الأرفع والأرقى لــ"يفجر نفسه" ويحصل على هذه المرتبة ويؤكد على تمييزه وانه عند حسن ظن الله.
……………………………

ماذا يفعل الإعلام العربي الذي يعكس صورة حقيقية لطريقة تفكير الإنسان الناطق باللغة العربية والمنتمي للبلدان الإسلامية، إنه يزيد الطين بلّةً، فهو بكل بساطة يبرر عملية القتل التي قام بها انتحاريون بأنها ردة فعل على عملية قتل قام بها الغرب الكافر. يقول لك هذا الإعلام بأن الآلاف قتلوا في العراق وأفغانستان من قبل الجيوش الأمريكية الغازية ولم يحرك أحدا ساكنا، المئات يقتل في فلسطين والغرب لا يحرك ساكناً، فلماذا علينا أن نشير لعملية فدائية على أنها إرهابية ذهب ضحيتها عدد بسيط من الأشخاص!

الإعلام العربي يتناول الحادثة الإرهابية كحالة فردية ارتكبها شخص أو مجموعة أشخاص. إنه لا يدرس الخلفيات التي أدت لهذه الحادثة. تراه أغرق الإنسان الناطق بالعربية بسيل من القنوات الإعلامية الدينية التي تزيد عقله تحجرا وتزيده انغلاقا وتقوقعا وتعصباً. الإعلام العربي بتبريره لعملية التفجير والقتل يكون قد ساهم في بناء منظومة فكرية للإنسان الناطق بالعربية قائمة على كره الآخر، وحول حياته إلى جحيم من الحقد والكراهية، وجعله يعيش حالة صراع دائم مع ذاته ومع الآخرين، فمتى يعي هذا الإعلام أنه أول من يزرع بذور الإرهاب في هذه المجتمعات؟ ومتى يدرك أنه المعلم الأول في رفض الآخر؟ متى يقود شعوبه ولو خطوة واحدة متقدمة في الحضارة؟!.

شاهد أيضاً

بمشاركة الرفيقين كبرئيل موشي وعبد الأحد اسطيفو: هيئة التفاوض السورية تنهي اجتماعاتها في جنيف وتصدر بياناً ختامياً

04-06-2023 شارك الرفيقان كبرئيل موشي مسؤول المنظمة الآثورية الديمقراطية، عضو هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة …