المنظمة الآثورية الديمقراطية : ندعو تركيا للتصالح مع تاريخها وشعوبها من خلال الاعتراف والاعتذار عن جريمة الإبادة الجماعية (سيفو).
يحيي شعبنا السرياني الآشوري في الرابع والعشرين من نيسان من كل عام، ذكرى مذابح 1915 (سيفو)، التي أودت بحياة مئات الآلاف من أبنائه القاطنين في أرجاء السلطنة العثمانية، وكذلك بحياة ما يقارب المليون ونصف من أبناء الشعب الأرمني وعشرات الآلاف من اليونانيين البونت. قضوا جرّاء تصاعد النزعات العنصرية التي تجسّدت في حكومة الاتحاد والترقي التي سيطرت على مقاليد الحكم في السلطنة العثمانية في سنواتها الأخيرة. حيث قام الجيش العثماني بمساعدة الميليشيات المنفلتة، بارتكاب مجازر مروّعة، وقاد حملات تطهير عرقي بحق مسيحيي السلطنة بهدف اجتثاث وجودهم التاريخي، وما يزال صدى هذه الجريمة التي هزّت الضمير الإنساني، يتردّد في ذاكرة الأجيال باعتبارها جريمة إبادة جماعية منظّمة لا تموت بالتقادم وفقاً للقانون الدولي.
مع حلول الذكرى الخامسة بعد المائة لجريمة الإبادة الجماعية (سيفو)، ورغم إقرار أكثر من (30) دولة بوقوعها، فإنّ الحكومات التركية المتعاقبة باعتبارها وريثة للسلطنة العثمانية من الناحية القانونية، ما تزال ماضية في نهجها القائم على سياسة الإنكار والتهرّب من مسؤوليتها السياسية والقانونية.
إنّ تراخي وتقاعس المجتمع الدولي، حيال جريمة (السيفو) وغيرها من جرائم الإبادة التي اقترفت بحق الإنسانية في أكثر من مكان، شجّع الطغاة على التمادي وارتكاب المزيد منها دون خوف من عقاب أو مساءلة، وأدّى إلى تنامي نزعات التعصّب والتطرف والكراهية، وحوّل مآسي الشعوب إلى أوراق للابتزاز والمساومة في سوق المصالح الدولية.
رغم مرور أكثر من قرن على مأساة (السيفو)، إلاّ أنّها ما تزال تحتفظ بأهميتها وراهنيتها، كون البشرية لم تتعلّم بما يكفي من التجارب والمحن التي ألمّت بها. حيث تعيش سوريا وشعبها منذ أكثر من تسع سنوات، ظروفاّ مأساوية مشابهة لِما شهدته سنوات (السيفو)، وما حصل ويحصل فيها من أعمال قتل وتهجير وتغيير ديمغرافي، وجرائم بحق الإنسانية على أيدي قوى الاستبداد والإرهاب، يؤكّد ما نقول، ويفضح عجز المجتمع الدولي وتردده في تطبيق المعايير والمنظومات الحقوقية والإنسانية المتقدمة التي توافقت عليها البشرية.
في وقت تكافح فيه البشرية للقضاء على وباء كوفيد 19 الذي شلّ كل مناحي الحياة، وللخروج من الأزمات التي نجمت عنه. فإنّنا نرى ضرورة اعتماد مقاربات جديدة تقوم على التضامن الإنساني، والتزام سياسات حازمة تجاه انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم ضد الإنسانية، والتعاطي مع الجرائم السابقة كالسيفو وغيرها، بذهنية مختلفة بقصد إغلاقها نهائياً، من أجل منع تكرارها، ومن أجل تحقيق العدالة واستعادة القيم الإنسانية بعيداً عن إثارة الأحقاد والضغائن بين الشعوب. لذلك فإنّنا ندعو تركيا إلى طي صفحة الماضي والتصالح مع تاريخها وشعوبها من خلال الاعتراف والاعتذار عن جريمة (السيفو). ونرى أنّ هذا يعتبر مدخلاً ضروريا لتحقيق الأمن والاستقرار، وفتح صفحة جديدة بين شعوب ودول المنطقة عنوانها الثقة والتعاون لمواجهة كافة التحدّيات التي تواجهها.
المجد والخلود لشهداء سيفو وسوريا
24/4/2020
المنظمة الآثورية الديمقراطية
المكتب التنفيذي