فبالتزامن مع قيام الشعب السوري ونهوضه آنذاك لبناء دولة على أسس ديمقراطية وقانونية، بادرت نخبة من الشباب الآشوري المثقف لإنشاء مؤسسة سياسية تتبنى آليات ووسائل عصرية، تتيح لها التفاعل مع قوى وفعاليات الشعب السوري بكافة أطيافه لبناء دولة حديثة تنتفي فيها كل أشكال التمييز. فجاءت ولادة المنظمة الآثورية الديمقراطية كأول تنظيم في صفوف شعبنا يحمل أعباء ومهام النضال القومي والوطني، يتبنى الديمقراطية نهجا، والعمل السلمي سلوكا وخيارا في حياته السياسية. إن توقف المسار الديمقراطي، واستفراد الأنظمة الشمولية بمقاليد الأمور في سوريا منذ الوحدة مع مصر، عطل الحياة السياسية ولم يوفر الفرصة للفعاليات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني من التطور بشكل طبيعي وانعكس ذلك على المنظمة وأجبرها على العمل السري. وبالرغم من الصعوبات التي واجهتها فإنها سارت بثقة وثبات في طريق الانخراط في الحياة السياسية السورية، والتواصل والانفتاح مع كافة أبناء شعبنا في الوطن والمهجر.
حققت سوريا في الآونة الأخيرة اختراقات جدية على صعيد كسر العزلة والانفراج في علاقاتها الإقليمية والدولية، تعززت مع قدوم إدارة أمريكية جديدة تتبنى نهجا مغايرا في التعاطي مع قضايا ودول المنطقة يقوم على الانفتاح والحوار، وصون المصالح المشتركة. وأطلق هذا موجة من الارتياح والتفاؤل بإمكانية التوصل إلى سلام عادل وشامل تستعيد بموجبه سوريا كامل الجولان المحتل، ويفضي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
ويتطلع المواطنون السوريون أن يكون لهذه الانفراجات تأثيرا ملموسا على صعيد الأوضاع الداخلية بما يخفف التوتر ويزيل الاحتقان من المجتمع، من خلال إطلاق الحريات العامة وتوسيع نطاق المشاركة في الحياة السياسية، والإفراج عن معتقلي إعلان دمشق وكافة معتقلي الرأي، وتقييد العمل بقانون الطوارئ وإلغاء القوانين الاستثنائية بما يمهد للبدء بإصلاحات شاملة في كافة المجالات، تؤدي إلى بناء نظام ديمقراطي علماني يكفل حل مسألة التعدد القومي حلا ديمقراطيا عادلا، والاعتراف الدستوري بالشعب الكلداني السرياني الأشوري كشعب أصيل في إطار دولة القانون والمؤسسات، وبما يرسي دعائم الوحدة الوطنية. على أن يقترن ذلك بإيجاد حلول ومعالجات جادة وعاجلة لتحسين الأوضاع المعاشية المتدهورة، لا سيما في محافظة الحسكة التي تعيش تحت وطأة المرسوم 49 وسوء الأوضاع المناخية. وكذلك اتخاذ إجراءات حازمة للحد من انتشار البطالة، وخلق فرص عمل أمام الشباب والخريجين، ومكافحة الفساد المستشري في مفاصل المجتمع، وبما يضمن تحقيق التنمية البشرية المستدامة.
وفي العراق، فإن المنظمة تثمن الانجازات التي تحققت لشعبنا في دستور إقليم كوردستان العراق، من حيث تثبيت التسمية الموحدة وإقرار حقوقنا القومية بما فيها الحكم الذاتي. وتتطلع إلى تثبيت هذه الحقوق في دستور العراق الاتحادي بما يعزز علاقات الشراكة والأخوة ويقوي روابط العيش المشترك بين مكونات العراق الذين يتطلعون لخروج قوات الاحتلال واستعادة السيادة الكاملة على طريق بناء عراق ديمقراطي حر وموحد.
أما في تركيا فمازالت العقلية الاتحادية التي ارتكبت جريمة الإبادة الجماعية (السيفو) بحق شعبنا وبحق الأرمن، متجذرة في سلوك وممارسات الحكومة التركية التي مازالت ترفض الاعتراف بهذه الجريمة، ويتجلى ذلك في قضية المحاكم التي أثارتها حول أملاك وأوقاف دير مار كبرئيل التاريخي (طورعبدين)، بقصد التضييق على ما تبقى من وجود حضاري وإنساني لشعبنا وبشكل يتعارض مع معايير الإتحاد الأوربي التي ينبغي على تركيا الاستجابة لها كشرط لدخوله. لا شك أن هناك الكثير من المخاطر التي تهدد شعبنا بوجوده وبدوره يأتي في مقدمتها الهجرة، ما يفرض على حركتنا القومية الكثير من المهام والعمل لتخفيف حدة هذه الأخطار عبر توطيد أسس وحدتنا وترسيخ وجودنا وتثبيت حقوقنا دستوريا.
وهذا يتطلب رفع مستوى التعاون والتنسيق بين كافة فعاليات ومؤسسات شعبنا من أجل توحيد الجهود والخطاب والمطالب القومية كي يعيش بحرية وكرامة.
تحية إلى رواد النهضة القومية والخلود لشهدائنا الأبرار.
سوريا: 11 تموز 2009م / 6759 آشورية
المنظمة الآثورية الديمقراطية
المكتب السياسي