دمشق(سوريا) – إيلاف++احتفل المسيحيون في العالم منذ عدة أيام وتحديداً في الخامس والعشرين من كانون الأول بالميلاد وحاليا يتم التحضير لاحتفالات رأس السنة الميلادية وسط أجواء من الفرح وفي سوريا احتفلت جميع المحافظات بعيد الميلاد وتنتظر رأس السنة الميلادية لتحتفل بها بطريقتها الخاصة وعلى الرغم من أن الاحتفال بعيد الميلاد قد اقتصر على المسيحيين فقط، إلا أن رأس السنة الميلادية أصبح بحق تقليداً سنويا لكل الطوائف، باستثناء بعض الأحياء السكنية الصغيرة التي تجد الاحتفال برأس السنة من التقاليد الغربية البعيدة عن الثقافة العربية، وكان نصيب دمشق الأكثر تنوعا وتعددا في مظاهر الاحتفال من بين المحافظات الأخرى.
وفي تصريح خاص لإيلاف يقول الصحافي والناشط الآشوري أسامة إدوار موسى "المسيحيون في سوريا هم جزء أصيل من المجتمع السوري لا بل هم الجزء الأقدم في سوريا، لذلك فان احتفالات المسيحيين السوريين قديمة قدم المسيحية التي انطلقت من دمشق على يد بولس الرسول في فجر المسيحية الأول" ويضيف " يوجد في سوريا عدة طوائف مسيحية كالكاثوليك والارثوذوكس و اللاتين والروم وغيرهم وتحتفل معظم هذه الطوائف بعيد الميلاد في الخامس و العشرين من كانون الأول حسب التقويم الغريغوري والتقويم اليولياني وهما تقويمان تعتمدهما الكنيسة".
وفي وسط العاصمة دمشق خرج الآلاف من المسيحيين إلى الشوارع في مسيرة ارتدوا خلالها زي "بابا نويل" ضمن المهرجان السنوي الثاني للاحتفال بعيد الميلاد المجيد، التي شارك فيها أيضا أطفال أيتام عراقيون هذا العام بلغت تكلفتها نحو ثلاثة ملايين ليرة سورية (65 ألف دولار)، من خلال إنشاء " منارة دمشق " بالقرب من ساحة باب توما كتب عليها " دمشق أقدم عاصمة مأهولة في العالم "وتجمع السوريون، مسيحيين ومسلمين، مع أطفالهم على جانبي الطريق التي سلكتها المسيرة لمتابعة المهرجان والتقاط صور تذكارية، بحضور بطريرك الروم الكاثوليك في سورية غريغوريوس الثالث لحام. "ميلاد موسى" طالب جامعي شارك هو وعائلته احتفالهم بليلة العيد قال لإيلاف " عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية طقوس جميلة تزرع قيم المحبة والتسامح بين أبناء المجتمع الواحد مسيحيين ومسلمين وبخاصة في دولة مثل سورية التي يخف فيها التطرف الإسلامي، ويشارك كل أبناء هذا الوطن في احتفالات الغير دون تعصب، ويضيف "نحن بحاجة إلى هذه الثقافة التي من شانها أن تزيد المحبة والتآلف بيننا وتؤسس لثقافة قبول الآخر واحترام معتقداته وتقاليده".
في يوم الميلاد ورأس السنة الميلادية طقوس خاصة من زينة وترانيم وشجرة العيد و"بابا نويل" الذي يقدم الهدايا الأطفال، فتقول الطفلة "راما" ذات التسع سنوات "أحب عيد الميلاد ورأس السنة وخاصة شجرة الميلاد التي نزينها أنا وإخوتي وأحب كثيرا طقوس الميلاد وأنتظر قدوم "بابا نويل" الذي يجلب لي ولغيري الهدايا الجميلة في كل ليلة عيد". وشاركت الفنانة لينا شماميان باحتفالات عيد الميلاد في ساحة باب توما من خلال المشاركة في مشروع " موسيقى على الطريق " الذي أطلقته جمعية صدى الثقافية عام 2008 ضمن فعاليات دمشق عاصمة الثقافة العربية والذي يهدف إلى تقريب الناس إلى الموسيقى من خلال إقامة حفلات موسيقية في الحدائق العامة وأماكن تواجد الناس، حيث حضر المئات من المواطنين للاحتفال بعيد الميلاد والاستماع إلى صوت لينا شماميان.
وفي منطقة صافيتا الساحلية تم إنجاز أكبر شجرة ميلاد في محافظة طرطوس بارتفاع 18 مترا حملت نحو 3200 لمبة وأنواع أخرى من الزينة بمشاركة جميع الأهالي الذين توافدوا أليها لتقديم التهاني للبعض والتمتع برؤية الألوان الزاهية والجميلة التي غطت ساحة الكنيسة، وأيضا في محافظة حمص وسط سورية تجمع المئات من المواطنين في ساحة كنيسة أم الزنار ومشاهدة الشجرة الموجودة في ساحة الكنيسة والتي يبلغ طولها خمسة وعشرين متراً وتعد ثالث أكبر شجرة طبيعية في الوطن العربي، والاحتفال بمهرجان الميلاد الذي أصبح تقليداً سنويا في المحافظة، وفي المحافظات الشرقية والشمالية كانت الاحتفالات مقتصرة على الكنائس وممارسة الطقوس الدينية وتزيين البيوت وتبادل التهاني بين المواطنين. ويؤكد الناشط الآشوري أسامة إدوار أنه " رغم تواجد كثافة كبيرة للمسيحيين في الجزيرة السورية إلا أن المسيحيين لا يشكلون أغلبية ساحقة في أي من المحافظات بل هم ينتشرون في كل المدن والقرى السورية، ففي محافظة الحسكة هناك طابع خاص للاحتفالات الميلادية لوجود مناطق ذات غالبية آشورية تطفي طابعا خاصا للاحتفالات بعيد الميلاد تنبع من خصوصية هذا الشعب بعاداته وتقاليده وثقافته المختلفة المميزة".
وحول طقوس أعياد الميلاد ورأس السنة عند المسيحيين يضيف الصحفي أسامة إدوار موسى لإيلاف " تبدأ هذه الطقوس قبل خمس وعشرين يوما من العيد حيث يبدأ الصيام الأصغر بتنكر الأطفال بهئيات ساخرة ويجوبون الشوارع والبيوت إعلانا لبدء الصوم وهناك أغاني خاصة بالمناسبة باللغة السريانية، ثم يقوم الأهالي بمنح الأطفال الزائرين إما قطع حلوى أو الجوز أو الزبيب أو المال في إشارة إلى الكرم الذي سيجلب الوفرة والخصوبة والخير لأهل البيت مع ميلاد المسيح، وهي عادة قديمة جدا انتقلت إلى الغرب عبر ما يعرف بعيد البربارة أو الهالوين" ويسرد في التفاصيل الأخرى بالقول "طبعا الشجرة هي من أهم الرموز وهي دلالة على الولادة الجديدة وهي أيضا عادة آشورية قديمة جدا حيث تشير الرقم واللوحات الأثرية إلى وجود الشجرة المقدسة في دياناتنا القديمة والتي تزين بالألوان لإعطاء الحياة المزيد من اللون والجمالية والحيوية، وأيضا تعتبر المغارة من الأشياء التي يحرص المسيحيون على وضعها تحت الشجرة وهي تجسيد للمغارة التي ولد فيها السيد المسيح الذي أحاطت به أمه مريم ووالده يوسف والحيوانات التي ملأت المكان بالدفء، ومن طقوس الميلاد أيضا قداس الميلاد وهذا شي رئيسي والمسيحيون في سوريا يحتفلون به في قداس ليلة الميلاد وقداس الصباح".
وينهي الصحفي الآشوري تصريحه الخاص لإيلاف بالحديث عن "بابا نويل" بالقول" لا يستقيم الحديث عن عيد الميلاد إن لم نتحدث عن بابا نويل، أو مار زوخي بالسريانية وهو قديس تختلف الروايات حوله من شعب إلى شعب ومن أمة إلى أمة، بالنسبة للآشوريين فهم يسمونه مار زوخي، وهو الذي ينتظره الأطفال كل عام لكن الأجمل في حكاية مار زوخي أنه لا يعطي الهدايا إلا للأطفال الصالحين والمطيعين والمجتهدين لذلك يجهد الأطفال ليكونوا كذلك كي لا يغضبوا أهاليهم وبالتالي القديس مار زوخي أو بابا نويل لكي يحضر ويجلب لهم هديتهم وتوضع تحت السرير ليلة الميلاد"