بغداد(العراق) – ميدل ايست اونلاين ++ لا يزال المتحف الوطني العراقي بعيدا عن استعادة مجده السابق، بعد 7 أعوام من الاجتياح الأميركي، ونهب كنوزه التي كانت تضم إبان حكم الرئيس السابق صدام حسين أروع المجموعات في العالم عن مهد الحضارة البشرية. وأعيد افتتاح هذه المؤسسة رسميا في شباط (فبراير) 2009.
لكن بعد عام ونصف، تسود أجواء غريبة قاعات المتحف المشيد من الآجر في وسط بغداد، فقد تم إغلاقه مرة أخرى. وهذه المرة لأعمال التجديد. وقالت مديرة المتحف أميرة عيدان، بصوت طغى عليه هدير مكيف الهواء القديم "نحن بحاجة إلى إعادة تأهيل قاعات العرض، وتحسين التدابير الأمنية، وتركيب إضاءة ومكيفات هواء جديدة". لكنها تجهل متى سيكون المتحف متاحا أمام الجمهور لزيارة قاعاته البالغ عددها 24.
وأكثر القاعات شهرة تلك التي تضم الثورين المجنحين، وزنهما 38 طنا، والجداريات الضخمة العائدة إلى حقبة الملك سرجون الثاني (722-705 قبل الميلاد)، من العاصمة الآشورية القديمة در ساركوين. لكن معظم قاعات العرض الأخرى الغارقة في الظلام والحرارة المرتفعة خلت من آثار سومر وبابل أو الحقبة العباسية لأن بعض قطعها التي تعود إلى حوالي تسعة آلاف عام تركت مكانها لمواد البناء.
ففي إحداها، تمثال منسي للرئيس الأسبق عبد الكريم قاسم (1914-1963) يتطلع إلى مئات من صفائح السقف التي لا تزال في الصناديق، في حين توقف العمال للتدخين جالسين على الركائز. لكن هذه القاعات شهدت نوعا آخر من الفوضى في نيسان(ابريل) 2003 على مدى أيام قليلة إثر سقوط النظام السابق، وتمت سرقة 15 ألف قطعة أثرية أمام أعين القوات الأميركية تضاف إلى عشرات آلاف أخرى نهبت خلال عقود من 12 ألف موقع أثري مسجل.
ومنذ العام 2003، تعلن الحكومة بانتظام عودة قطع من الآثار عثر عليها في مختلف أنحاء العالم. لكن في السابع من أيلول(سبتمبر) الحالي، تلقت وزارة الخارجية 500 قطعة من الولايات المتحدة، ضمنها مئات من ألواح مغطاة بالحروف المسمارية أنقذت بأعجوبة من تحت أنقاض مركز التجارة العالمي بعد اعتداءات 11 أيلول(سبتمبر) 2001. وأوضحت عيدان "استعدنا أكثر من خمسة آلاف من مجموعات المتحف"، وتفسر قلة العدد بـ "عدم وجود وسائل بشرية ومالية".
ويعمل في المتحف حوالي مئة موظف، خمسة منهم فقط "يتحققون" بواسطة أجهزة كمبيوتر قديمة من القطع المسروقة عبر التتبع على شبكة الإنترنت مقتنيات المجموعات الخاصة، وعمليات بيع المزاد في أنحاء العالم. وقال المسؤول عنهم عباس خضير "عندما نحدد قطعة من العراق، نقوم بإبلاغ فرع الإنتربول فيبلغ الشرطة في البلد المعني". وتستغرق الإجراءات القضائية وقتا طويلا كما أن ملف الأدلة يجب أن يكون متماسكا وقويا.
وتشير عيدان إلى 21 لوحا وقلادة صادرتها السلطات الإسبانية العام 2004 وبعد مداولات مطولة، قرر القاضي الإسباني عام 2009 بقاء هذه المقتنيات في مدريد. وهناك أيضا الإهمال لدى الإدارة العراقية. فقد أعلن وزير السياحة والآثار قحطان الجبوري الاثنين الماضي العثور على 638 قطعة أثرية في مستودع يحوي أدوات مطبخية تابع لرئاسة الوزراء، وذلك بعد إعادتها إلى بغداد من الولايات المتحدة في كانون الأول(ديسمبر) 2008.