الرئيسية / اخبار اشورية / كلمة المنظمة الآثورية الديمقراطية بمناسبة عيد الشهيد الآشوري2010

كلمة المنظمة الآثورية الديمقراطية بمناسبة عيد الشهيد الآشوري2010

بيث زالين(سوريا) – مطاكستا ++ إخوتي الحضور.. مساء الخير .. نحتفل اليوم بذكرى أليمة علينا جميعا.. ذكرى مذبحة سيميل التي قاومت عوامل النسيان، وأبت مفارقة الذاكرة.. ذكرى مشحونة بالغضب، ومحملة بالوجع والألم الذي توارثناه جيلا إثر جيل.. وجع يتجدد.. تستدعيه الحكايا والكتب، وتستثيره بإلحاح صور الضحايا من النساء والأطفال والشيوخ الذين تبعثرت أشلاؤهم الممزقة بحراب ورصاصات غادرة داهمتهم في البيوت والكنائس والبيادر لقتل روح الحياة فيهم لتمنعهم من بدء يوم جديد مفعم بالأمل والإيمان.. صور ترتسم فيها أرواح الشهداء .. تطوف حولنا.. تهمس في آذاننا وصايا لاتمل من تكرارها.. تخاطبنا .. تطالبنا أن نكون نحن .. أن نبقى آشوريين.. أن نصون الإنسان فينا.. أن نسمو قوق الألم .. أن نحب الحياة..

أعزائي الحضور:
في سيميل لم يضرب الطاعون ولم يقضي أهلها جراء وباء أو جائحة مرضية. في سيميل تجسدت الوحشية والهمجية في أبشع صورها، عندما اجتاحت قوات الجيش العراقي بقيادة المجرم بكر صدقي بلدة سيميل صبيحة السابع من آب عام 1933 لترتكب واحدة من أبشع المجازر ضد الإنسانية بحق شعبنا المسالم والأعزل، وحصدت بقسوة أرواح الآلاف دونما ذنب اقترفوه، لكن فقط لإشباع شهوة الدم، وإرضاء نزعات الحقد التي ملأت صدورهم، وللقضاء على الروح القومية لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري، ومعاقبته على مطالبه السلمية في صون وجوده القومي، ونيل حقوقه المشروعة بما في ذلك حقه في الحكم الذاتي في مناطقه التاريخية.

مجزرة سيميل تمثل فصلا داميا آخر في سلسلة المجازر والمذابح التي طالت شعبنا في العصر الحديث. سبقتها جريمة الإبادة الجماعية ( السيفو) التي ارتكبها الاتحاديون الأتراك في الحرب العالمية الأولى، وقضى فيها حوالي نصف مليون إنسان من أبناء شعبنا ومن مختلف الطوائف، استشهدوا في حيكاري وطورعبدين وماردين وآمد والرها وأورميا وغيرها. وأعقبتها مذبحة صوريا عام 1969 التي ارتكبتها السلطات العراقية، حيث بدأت تتكشف خفاياها وتظهر للعلن المقابر الجماعية التي دفنت فيها جثث ضحاياها.

ما أشبه اليوم بالبارحة، فمأساة سيميل جرت بوجود الانتداب البريطاني، وتحت أنظاره، ووسط صمت مخز لازمه كما لازم النخب الوطنية والمجتمع الدولي الذي لم يحرك ساكنا ولم يهتز ضميره لهذه المأساة. واليوم فإن مأساة شعبنا تتكرر وتتفاقم في ظل الاحتلال الأمريكي للعراق. حيث يتعرض أبناؤه لكل أنواع الاضطهاد من قتل وخطف وتطهير وتهجير قسري، وتفجير للكنائس ومصادرة للأملاك على أيدي قوى التطرف الديني والقومي وقوى الإرهاب الأصولي وفق مخطط يهدف إلى إفراغ العراق من سكانه الأصليين. يجري ذلك دون أن نلحظ أية ردود فعل أومواقف حازمة من الحكومة والنخب العراقية وسلطات الاحتلال ولا حتى من الحكومات والنخب العربية والإسلامية والدولية، للحد من هذه المعاناة أو وقف نزيف الهجرة المتواصل.

كما لم نلمس أية محاولة جادة لتوفير الحماية اللازمة لشعبنا للبقاء في وطنه. وإذا كان الفاتيكان قد تنبه مؤخرا لمأساة شعبنا في العراق نأمل ألا تكون مبادرته الخاصة بدراسة وضع مسيحيي الشرق الأوسط متأخرة ونأمل أن تفتح أنظار المجتمع الدولي على هذه المأساة كخطوة على طريق إيجاد المعالجات المناسبة لها.

إن الحكومات والمجموعات والقوى التي اقترفت هذه المجازر بحق شعبنا، حركتها دوافع ونزعات ارتكزت إلى ثقافة تقوم على الحقد والتعصب والعنصرية، وعلى أسس الاستعلاء والتفوق القومي والديني، وعلى قاعدة الصهر والإلغاء والاجتثاث التي تلغي الآخر، ولا تسمح بأي شكل من أشكال الاختلاف والتنوع، وبشكل يناقض كليا المفاهيم والقيم العصرية المبنية على قيم الشراكة والعيش المشترك، والقائمة على أسس الديمقراطية والعلمانية وحقوق الإنسان وحقوق القوميات كسبيل وحيد لبناء دول متمدنة ومجتمعات متطورة متصالحة مع نفسها ومع المجتمع الدولي.

وللأسف فإن طغيان منطق المصالح وتغليبه لدى أركان المجتمع الدولي والقيمين عليه، يدفع في الكثير من الأحيان إلى التغاضي عن هذه الممارسات والسكوت عن هذه الجرائم والانتهاكات ، ويحول دون ترسيخ هذه القيم والمفاهيم الإنسانية، ما يشجع قوى الشر على المضي في نهجها والتمادي في سلوكها المنافي لمبادىء القانون الدولي ولكل المعايير القانونية والأخلاقية ودون أي حساب للتبعات والعواقب. إن قضية شعبنا واستمرار وجوده ودوره في الوطن، تتعلق بمدى التقدم الحاصل في مجال نيل حقوقه القومية في الإطار الوطني، وفق ما تنص عليه المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الشعوب الأصلية والأقليات وحقوق الإنسان، ووفق ما تقتضيه شروط المواطنة والشراكة الكاملة.

غير أن مطالبنا المحقة لم تلق التفهم المطلوب، وفي الكثير من الأحيان جوبهت بالرفض والصد والتجاهل من قبل الحكومات والنخب الوطنية. لكنه مع ذلك لم يتراجع ولم يتنازل عن مطالبه، بل ظل متمسكا بها، ودفع ثمنا باهظا من أجل الحفاظ على هويته القومية والدينية، وتعرض لمآس وكوارث ساهمت كثيرا في زعزعة ثقته بنفسه وبدوره وبشركائه، مادفعه إلى العزلة والإنكفاء، أو إلى الهجرة. وساعد على ذلك جملة عوامل موضوعية وذاتية بعضها ناتج عن الشعور بالضعف والخوف، والبعض الآخر ناجم عن حالة الانقسام والتشرذم التي يعيشها على مستوى الأحزاب والمؤسسات والكنائس والأفراد.

الإخوة الحضور..
إذا كنا نحتفل اليوم بذكرى شهداء سيميل، فإننا في المنظمة الآثورية الديمقراطية، نعتبر هذا اليوم عيدا لكل شهداء شعبنا وأمتنا الذين قضوا دفاعا عن هويتهم القومية وعقيدتهم الدينية عبر تاريخنا الطويل. عيدا لكل شهداء سيفو وصوريا في تركيا والعراق وسوريا وإيران ولبنان، لكل شهدائنا الذين ضحوا من أجل أوطانهم واستقلالها في تركيا والعراق وسوريا وإيران ولبنان. إن احتفالنا اليوم ليس تمجيدا للموت، ولا للاستغراق في الألم والحزن، أو الاستسلام لليأس، كما أنه لا يتوسل إثارة نزعات الحقد والانتقام. إنه احتفال من أجل الحياة ومن أجل المستقبل .. مستقبلنا نحن ومستقبل أجيالنا، من خلال إعلاء قيم ومعاني الشهادة بما تمثل من تضحية وعطاء ، تسمو بالإنسان وتدفعه لتقديم أثمن ماعنده من أجل حق شعبه في الوجود والحياة.

فشهادة مار شمعون بنيامين، آشور يوسف، توما أودو، فريدون آثورايا، أدي شير، فرنسيس شابو، يشوع مجيد هدايا، اسكندر بولص، فرج رحو.. وسائر شهداء شعبنا من رجال فكر ودين وصحافة وقادة سياسيين وأناس عاديين رفضوا التخلي عن هويتهم وعقيدتهم، شهادة هؤلاء جميعا كانت من أجل الحياة، من أجل أن نتمتع بحياة حرة كريمة، من أجل أن يتمتع وطنهم بالاستقرار والاستقلال، من أجل رفع شأن القيم والمبادىء النبيلة التي اعتنقوها. شهداؤنا لم يكترثوا للطائفية ، بل كانوا من كل الطوائف، وبشهادتهم وبدمائهم الزكية وحدونا.. وحدوا توجهاتنا في الوجود والحرية والعيش الكريم.

وحتى نستحق الحياة، ينبغي علينا السير على خطاهم في النضال والعطاء والتضحية. لأن تجديد الأمل لدى شعبنا واستعادة ثقته بنفسه وبدوره ومستقبله يتوقف علينا نحن جميعا باعتبارنا أصحاب القضية وأصحاب المصلحة، وهذا يحتاج منًا الكثير من الجدية والصدق للعمل على:

1- تجاوز الحواجز الطائفية والانقسامات الحزبية، والابتعاد عن الصراعات حول قضايا هامشية، والتركيز على الانفتاح والتفاعل بين أحزابنا ومؤسساتنا، وتطوير آليات العمل المشترك، وتوحيد مطالبنا وخطابنا القومي ، والارتقاء بمستوى أدائنا بما يكفل استنهاض طاقاتنا وقدراتنا من أجل نيل حقوقنا القومية وترسيخ وجودنا في الوطن.
2- تنسيق الجهود من أجل تأمين الحماية لشعبنا في العراق، والتحرك معا من أجل فضح مرتكبي هذه الجرائم ومن يقف خلفهم، والتوجه نحو المجتمع الدولي من أجل الضغط على الدول والحكومات بتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية والاعتراف بهذه الجرائم والاعتذار عنها وما يترتب عليها من تبعات والتزامات قانونية.
3- إن حل قضية شعبنا ونيله حقوقه الوطنية يتم بالتفاهم مع الحكومات والنخب الوطنية وليس عبر استيراد الحلول من الخارج.

لهذا تحتل قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق القوميات أولوية في برامجنا، وتفرض تلازما ما بين نضالنا القومي والوطني، وهذا يقتضي الانفتاح والانخراط في القضايا الوطنية، والعمكل مع كافة القوى الوطنية والديمقراطية من أجل بناء نظام ديمقراطي علماني يقوم على أسس العدالة والمساواة، ويقر بالتعدد القومي والديني، والاعتراف الدستوري بشعبنا كشعب أصيل.

وإذا كان مستقبل شعبنا مرهون بإرادة أبنائه وبوحدتهم ووقوفهم صفا واحدا في وجه التحديات والأخطار. فإنه بلا شك تقع مسؤولية كبيرة على الحكومات والنخب الوطنية من أجل طمأنته وإعادة الثقة له وبشركائه في الوطن. وهذا لايكون باستمرار التنكر لوجوده ومطالبه، وإنما بالاستجابة لها وتوفير أسباب الحماية والتطور له. أوصانا الشهداء بحب الحياة والتشبث بالوطن، والتمسك بهويتنا القومية. لنعمل جيعا لنكون أهلا لحمل الوصية وتطبيقها.

ختاما:
يسرنا في المنظمة الآثورية الديمقراطية أن نتوجه بالتهاني الحارة للحزب الآشوري الديمقراطي الشقيق قيادة وقواعد، بمناسبة الذكرى الثانية والثلاثين لتأسيسه، والذي يتزامن مع عيد الشهيد، متمنين لهم دوام التقدم والنجاح في خدمة قضيتنا القومية.

تحية إجلال وإكبار لشهداء شعبنا ووطننا… عشتم وعاشت سوريا وطنا حرا لكل أبنائها… وشكرا للاستماع.

سوريا – 7 آب 2010م 6760 آ

المنظمة الآثورية الديمقراطية
 المكتب السياسي

شاهد أيضاً

الائتلاف الوطني يدين اختطاف الناشط الصحفي حسام القس

04-06-2021 تصريح صحفي الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية دائرة الإعلام والاتصال 04 حزيران، 2021 …