آدو نيوز
وجهت مجموعة من الأحزاب والكنائس والمؤسسات الكلدانية السريانية الآشورية رسالة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورؤساء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ورئيس لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا، رسالة طالبت فيها بالحماية الدولية وإرسال فريق من لجنة التحقيق الدولية للتحقيق في الجرائم المرتكبة ضد المكون الكلداني السرياني الآشوري، وكشف مرتكبيها وتقديمهم للعدالة الدولية.
ويأتي هذا التحرك نتيجة للاجتماع الذي ضم عدد من أحزاب ومؤسسات شعبنا والذي كانت قد دعت له المنظمة الآثورية الديمقراطية في السويد نهاية كانون الثاني الماضي، بعد سلسلة التفجيرات التي استهدفت أبناء شعبنا في الجزيرة السورية.
وقد وقعت الرسالة من قبل كل من الأحزاب والمؤسسات والكنائس التالية:
المنظمة الآثورية الديمقراطية- المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري – حزب تحرير آشور – الحزب الديمقراطي الكلداني – حزب بيث نهرين الديمقراطي –حزب حرية بيث نهرين – حركة تجمع السريان المستقل – حزب الاتحاد الديمقراطي السرياني – كنيسة السريان الأرثوذكس في السويد والدول الاسكندنافية – كنيسة المشرق الآشورية – الاتحاد الكلداني في السويد – اتحاد المرأة الآشورية في السويد.
وفيما يلي نص الرسالة:
تتزايد وتيرة الضغوط التي تتعرض لها المكونات الإثنية الصغيرة في سوريا، جراء استمرار الحرب المدمرة في البلاد، وخصوصا منها الكلدان السريان الآشوريون. ويعتبر هذا المكون أحد أعرق وأقدم الأقليات الإثنية واللغوية والدينية في منطقة الشرق الأوسط وسوريا، وهم ورثة الحضارة الآشورية والبابلية والآرامية التي طبعت مراحل تاريخية هامة من تاريخ سوريا بطابعها الحضاري الخاص.
كغيرهم من السوريين، تعرض الكلدان السريان الآشوريون إلى انتهاكات واسعة في مجال حقوق الإنسان من قبل السلطات الحكومية ، حيث مورست ضدهم سياسيات تمييز عنصرية تم تكريسها عبر مواد في الدستور منعتهم من تعلم لغتهم الأم، وممارسة شعائرهم القومية، والترشح لمناصب حساسة في الدولة، والتعبير عن تطلعاتهم السياسية عبر مؤسسات تمثلهم.
أما بعد العام 2011، أي بعد اندلاع النزاع المسلح في البلاد، فقد قاسى هذا المكون الإثني والديني مرارة الحرب، فقد تعرض لانتهاكات جسيمة على يد مختلف أطراف الصراع، وذلك من خلال استهداف نشطائه السياسيين بأكثر من 40 حالة اعتقال موثقة، ومحاكمة قادته السياسيين أمام محاكم الإرهاب،واختطاف رموزه الدينية عبر اختطاف المطرانين يوحنا إبراهيم وبولس اليازجي،وخطف أعداد كبيرة من أبنائه من قبل عصابات منظمة مقابل فدية مالية، ومجموعات دينية متطرفة مقابل تغيير دينهم.ولعل أبرز عمليات الخطف هي ما قام به تنظيم الدولة الإسلامية )داعش( من خطف طال أكثر من 230 مدنيا في فبراير 2015 كما أبرزه تقرير لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا، الصادر في سبتمبر من العام نفسه.
هذا ناهيك عن الضغوط العسكرية والسياسية التي يتعرض لها الكلدان السريان الآشوريين من أجل مغادرة أراضيهم وبيع ممتلكاتهم، وفرض الجزية على بعض مناطقهم، والتهديد بسبي النساء والأطفال من قبل تنظيم الدولة الاسلامية، واغتيال قادتهم العسكريين المولجين بحماية قراهم، من قبل جماعات مسلحة محلية، وتعرض احدى قراهم لقصف جوي من طائرات النظام. كل ما سبق ساهم في إرغام أعداد كبيرة منهم إلى مغادرة منازلهم خوفا من تعرضهم للقتل بحيث أفرغ عدد كبير من البلدات والقرى من ساكنيها بشكل كامل.
وقد تصاعدت وتيرة العنف الذي استهدف أبناء هذا المكون في منطقة الجزيرة السورية في الآونة الأخيرة بشكل مقلق للغاية. حيث انفجرت ثلاث سيارات مفخخة في بلدة تل تمر في 10 ديسمبر 2015، واستهدفت القامشلي، وتحديدا الأماكن التي تكتظ بالمدنيين من الكلدان السريان الآشوريين في حي الوسطى الذي تقطنه غالبية مطلقة من المسيحيين، بثلاث عبوات ناسفة، تم تفجيرها عن بعد، في 30 ديسمبر من 2015 و24 يناير 2016 ذهب حصيلتها قرابة 22 مدنيا وأكثر من سبعين جريحا.
كل ما سبق ذكره موثق من قبل المنظمات الحقوقية الآشورية والسورية المعنية برصد وتسجيل انتهاكات حقوق الإنسان من خلال تقارير تعتمد في منهجيتها على إفادات لشهود عيان ولضحايا انتهاكات أو أفراد عائلاتهم، لا تترك مجالا للشك أن هذه الممارسات ترقى لما يمكن اعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت ضد مدنيين مسالمين أثناء النزاع المسلح، وبشكل ممنهج وعلى نطاق واسع، مما يخالف مواد القانون الدولي الإنساني متمثلا باتفاقات جنيف الأربع خصوصا في مادتها الثالثة المشتركة المتعلقة بتحييد المدنيين في الصراعات العسكرية.
وفي خضم هذا الاستهداف الممنهج للكلدان السريان الآشوريين في منطقة الجزيرة السورية، والذي كانت أولى نتائجه موجات هجرة ونزوح جماعي الى داخل وخارج سوريا منذ العام 2011 أفضى إلى إفراغ هذه المنطقة من أحد أعرق المكونات التي عاشت على أرض سوريا منذ آلاف السنين. حيث تتحدث الأرقام غير الدقيقة عن تناقص اعدادهم في سوريا بشكل كبير،ما يجعلها أقرب إلى إبادة جماعية لمكون إثني في المنطقة بشكل كامل.
بالمقابل لم تعرالميليشيات المحلية المسيطرة على الأرض في منطقة الجزيرة السورية، ولا ما تبقى من جيش وسلطات أمن تابعة للنظام السوري في المنطقة، لم تعر أي اهتمام لمناشدات الكلدان السريان الآشوريين، ومؤسساتهم السياسية والكنسية،ومطالبتها بإجراء تحقيقات لتبيان حقيقة ما يجري، وكشف من يقف خلف هذه الاعتداءات بالأدلة. لا بل فقد بلغ الأمر بسلطات الأمر الواقع في المنطقة حد تقاذف التهم حول مسؤولية الوقوف خلف التفجيرات، في مؤشر خطير على تحول الكلدان السريان الآشوريين إلى صندوق بريد، تستخدمه الأطراف المتصارعة لتمرير رسائل دموية لبعضها البعض عند اختلافها.
وبما أن المكون الكلداني السرياني الآشوري قد فقد الثقة بالقوى العسكرية المسيطرة على الأرض بقوة السلاح، ويئس من إمكانية أن تقوم هذه القوى بحمايته، لعجزها من جهة، ولتزايد شكوك معظم أبناء هذا المكون أن هذه القوى العسكرية هي التي تقف خلف تهجيرهم من مناطقهم، بالإضافة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مساحات واسعة من منطقة الجزيرة السورية، فإننا نتوجه إلى الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة ورئيس لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا أن يتحملوا المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقهم رافعين إلى مقاماتهم المطالب العاجلة التالية:
أولا: تحميل الأطراف الأمنية والعسكرية في منطقة الجزيرة، المسؤولية القانونية والأخلاقية عن تعرض المكون الكلداني السرياني الآشوري لجرائم من شأنها إبادتهم وتهجيرهم من موطنهم الأصلي،بشكل منظم وظاهر وموثق وممنهج وفق التوثيقات التي تجريها المنظمات الحقوقية المعنية بالشأن الآشوري وتقاريرها المهنية المتعلقة بذلك. ووفق التوصيفات القانونية لمفهوم الإبادة الجماعية الواردة في قانون محكمة الجنايات الدولية.
ثانيا: تقديم الحماية الدولية لهذا المكون بموجب “مبدأ الحماية الدولية” الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2005، وذلك عبر فرض منطقة حماية آمنة تخضع لإشراف الأمم المتحدة بواسطة قوات سلام أممية، تشارك في إدارةشؤونها جميع مكونات المنطقة، من عرب وكورد وكلدان سريان آشوريين، مسلمين ومسيحيين، ما يحفظ السلم الأهلي ويوفر الأمن ويوقف عملية اقتلاع هذا المكون وإبادته بشكل كامل.
ثالثا: الضغط على الحكومة السورية وقوى الأمر الواقع، من أجل القبول بوصول مراقبين دوليين ومحققين ميدانيين تابعين للجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا، للتحقيق في الجرائم المرتكبة ضد المكون الكلداني السرياني الآشوري، وكشف مرتكبيها وتقديمهم للعدالة الدولية، لردعهم ومنعهم من مواصلة ارتكاب المزيد من الجرائم ضد مكونات الشعب السوري، وتكريس مبدأ العدالة الدولية، ومكافحة ثقافة الإفلات من العقاب.
رابعا: دعوة الحكومة السورية إلى إطلاق سراح جميع المعتقيلن السياسيين، وخصوصا منهم المعتقلين من الكلدان السريان الآشوريين وفي مقدمتهم كبرئيل موشي كورية مسؤول المنظمة الآثورية الديمقراطية المعتقل من قبل سلطات النظام السوري منذ أكثر من عامين.