ـ المعارضة السياسية ضعيفة ومشتتة والفصائل المسلحة مشتتة الولاءات وضعيفة، وتحمل خطابا وشعارات دينية نقيضة للثورة
ـ كانت سياستنا ولازالت المراهنة على الحلول السياسية واتباع سبل النضال السلمي.
ـ الارهاب كما تفهمه المحاكم السورية هنا كل من ناضل سلميا من اجل حقوق شعبه ومن اجل الديمقراطية بديلا عن الاستبداد.
ـ يعيب الحركة الكردية الكمّ الكبير من الاحزاب، التي تؤدي لتشتت وارتباك وصعوبة اتخاذ المواقف المشتركة في هذه المرحلة الحساسة المتسارعة.
ـ لم نفكر بالتسلح لحد الآن، ولكن في المستقبل لكل حادث حديث
آدو الإخباري / بويار/ القامشلي: اجرى الصحفي احمد بافي الآن حواراً مع القيادي في المنظمة الآثورية الديمقراطية المهندس بشير اسحق سعدي، نشر في صحيفة بويار المستقلة الصادرة في القامشلي العدد الثالث بتاريخ 1 أيلول 2014، وتناول اللقاء عدة محاور منها الوطنية والقومية السريانية الآشورية، بالإضافة إلى واقع محافظة الحسكة المعروفة بالجزيرة السورية. فكان هذا اللقاء المطول :
باختصار من هو بشير سعدي؟
ـ أنا من مواليد مدينة الدرباسية بمحافظة الحسكة، حصلت على شهادة الهندسة المدنية من جامعة حلب بتاريخ 1974، أنهيت الخدمة الإلزامية عام 1977، وأعمل بمهنة الهندسة بمكتبي الخاص بالقامشلي. انضممت للمنظمة الآثورية الديمقراطية عام 1970، اعتقلت بالمرة الأولى مع عدد من الرفاق القياديين عام 1986، رشحتني المنظمة لانتخابات مجلس الشعب السوري عام 1990 حيث توفرت لي فرصة الفوز بهذه الانتخابات التي اتسمت بالنزاهة والحيادية تجاه المستقلين بمحافظة الحسكة، في تلك الدورة التي لم تتكرر، حيث عادت بعدها مسرحية قوائم الظل المفبركة سيئة الصيت من جديد، ولم يتوفر بعدها فرصة لانتخابات نزيهة اقله في قطاع المستقلين، اعتقلت مرة ثانية مع عدد من رفاقي بالمنظمة عام 1997. اتشرف بانني كنت في الموقع الاول في قيادة المنظمة الآثورية الديمقراطية لدورتين، مرة مسؤولا للجنة المركزية، واخرى مسؤولا للمكتب السياسي، وكنت ممثلا للمنظمة في الأمانة العامة لاعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقارطي، وحاليا أنا مسؤول لمكتب العلاقات العامة باللجنة المركزية.
بداياتك السياسية، متى كانت؟
ـ كانت البداية في مدينة الدرباسية عام 1966 كصديق للحزب الشيوعي السوري وفي احدى حلقاته المتعلقة بمنظمة الشباب الديمقراطي.
نبذة عن المنظمة الآثورية الديمقراطية، رؤيتها وسياساتها؟
ـ تأسست المنظمة الآثورية الديمقراطية في 15 تموز عام 1957، وهي أول تنظيم سياسي قومي في أوساط شعبنا الآشوري الكلداني السرياني، كانت ولا زالت أهدافها مبنية على أسس وطنية وقومية وديمقراطية من خلال مقولة ارتباط وتلازم النضال القومي بالنضال الوطني والديمقراطي، وطنية بارتباطها بالوطن وقضاياه وبربط مهجره به، وفي توجهها لخلق رابطة بين مختلف مكوناته على أساس الهوية الوطنية السورية المشتركة. وقومية بمعنى تبنيها قضية شعبها الآشوري السرياني والنضال من أجل الإقرار الدستوري بحقوقه القومية كشعب أصيل، بما يعنيه ذلك من اعتبار ثقافته ولغته السريانية ثقافة ولغة وطنية، وضمان حقوقه السياسية والثقافية والإدارية دستوريا ضمن إطار وحدة الدولة والمجتمع السوري. وديمقراطية لإيمانها بأن النظام الديمقراطي العلماني القائم على مبدأ المواطنة المتساوية وأسس العدل والمساواة وشرعة حقوق الإنسان، بما تعنيه من ضمان حرية وحقوق المواطن الفرد وحقوق كافة الأقليات القومية ضمن إطار وحدة الدولة والمجتمع، وفي ظل هوية وطنية سورية جامعة تحتوي التنوع القومي واللغوي والثقافي والديني التي تزخر به سوريا التاريخ والحضارة. كما أن إحدى القضايا التي توليها المنظمة أهمية في نضالها هي مطالبة الحكومة التركية بالاعتراف بجريمة الإبادة الجماعية التي ارتكبتها حكومة الاتحاد والترقي التركية بحق شعبنا في الحرب العالمية الأولى، في مناطق تواجده التاريخية في جنوب شرق تركيا الحالية المعروفة بادبيات شعبنا ب"بيت نهرين العليا"، والتي راح ضحيتها نصف مليون من أبنائه، والاستيلاء على اراضيه التاريخية خصوصا في منطقة حيكاري، وممتلكاته وكنائسه واديرته، وطرد وتهجير البقية الباقية من أرضه التاريخية، بما يرتبه هذا الاعتراف من حقوق وتعويضات وتبعات قانونية لشعبنا وفق أحكام القانون الدولي. كما آمنت المنظمة بنهج الاعتدال والواقعية وبسبل النضال السلمي الديمقراطي وصولا لأهدافها، بعيدا عن كل أشكال العنف والانقلابات وحرق المراحل، ونبذ كافة أشكال التطرف والتعصب والإرهاب.
وقد عانت المنظمة في مسيرة نضالها من الاستبداد وتعرضت كغيرها من القوى والأحزاب السورية لكافة أشكال التضييق والممارسات التعسفية وللملاحقات والسجون والاعتقالات، والتي بدأت مع إعلان الوحدة السورية المصرية عام 1958 واستمرت حتى يومنا، ورغم ذلك استطاعت المنظمة أن تنشر فكرها الوطني القومي الديمقراطي بين قطاعات واسعة من شعبنا في سوريا أولا، ثم استطاعت أن تنشئ لها فروعا في معظم مناطق تواجده في دول المهجر، كان لها دورا كبيرا في نشر الفكر القومي لدى المهاجرين من أبنائها وربطهم بقضية وطنهم وشعبهم، والحفاظ على الثقافة والتراث واللغة السريانية وحماية الهوية القومية لشعبنا من الانصهار في ثقافات وهويات دول المهجر، وكان لها دورا كبيرا في قيام الأندية الآثورية في أوروبا. وللمنظمة في سوريا علاقات ايجابية مع معظم القوى الوطنية الديمقراطية بمختلف طيفها القومي، وكانت حاضرة منذ تأسيسها في مجمل النشاط السياسي الوطني، وقد تعززت هذه المشاركة بشكل خاص وبشكل شبه علني بعد الاعتقالات التي طالت معظم قياداتها في عامي 1986 و 1987 حيث قررت الانتقال لمرحلة جديدة من العمل العلني رغم حالة المنع والتقييد وعدم الترخيص القانوني للعمل السياسي، وبدأت بالمشاركة في كافة الاستحقاقات السياسية بدأ من انتخابات مجلس الشعب لعام 1990 التي حققت فيها انجازا بنجاح مرشحها لمجلس الشعب، واستمرت مشاركتها في الاستحقاقات الوطنية والانتخابات اللاحقة سواء بمجلس الشعب أو بالمجالس المحلية والنقابات، متحالفة مع مختلف القوى الوطنية الديمقراطية من أجل الأهداف الوطنية المشتركة. وقد استطاعت المنظمة أن تكرس حقيقة وجود شعبها لدى الرأي العام السوري كقضية قومية وشعب أصيل وليس مجرد حالة طائفية كما أرات الحكومات المتعاقبة السورية أن تكون، كما وقفت المنظمة بكل قواها في وقف نزيف الهجرة والحث على التشبث بأرض الوطن، وساهمت في الدفاع عن حقوق شعبها والوقوف إلى جانبه إزاء مختلف التعديات التي تعرض لها، ومن أجل ذلك تعرضت كوادرها للاعتقالات في أعوام 1986 و1987 و1992 و1997 و1998 وفي ايار 2011 مع بدايات الثورة السورية داهمت الاجهزة الأمنية مقر المنظمة بالقامشلي واعتقلت ثلاثة عشر من اعضائها على خلفية المشاركة بالمظاهرات، وفي 2013 و2014 اعتقل ثلاثة من قيادييها، منهم مسؤول المكتب السياسي الاستاذ كبرئيل كورية والدكتور سمير ابراهيم عضو اللجنة المركزية، ولايزالان قيد الاعتقال، والمنظمة حاضرة دوما لتقديم ما يتطلب من تضحيات من اجل قضية الدفاع عن حقوق شعبها ومن اجل القضية الوطنية الديمقراطية عموما.
والمنظمة انخرطت بالحراك الوطني الديمقراطي السوري بشكل فعال منذ بدايات ربيع دمشق، وشاركت خلاله وبعده في مجمل الفعاليات والانشطة والندوات والمؤتمرات والمنتديات والاعتصامات والمظاهرات، واللجان والجمعيات الحقوقية ولجان الدفاع عن المجتمع المدني، وصولا للمشاركة في لجنة تنسيق العمل الوطني وبعدها في إطار إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي، ولاحقا في تأسيس المجلس الوطني السوري والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة كواحدة من القوى الوطنية الديمقراطية السورية التي تناضل من أجل الانتقال لسوريا جديدة، دولة مدنية ديمقراطية تعددية وطنا نهائيا لكل ابنائها.
ما هي قراءتكم للثورة السورية؟
ـ الثورة السورية كانت من البدايات ثورة سلمية حقيقية، ثورة ضد تراكم طويل من الاستبداد والفساد، ثورة ضد سياسة الصهر القومي لمجمل القوميات التي تتشكل منها اللوحة الفسيفسائية السورية، فجر فتيلها اطفال درعا الذين كانوا صورة البوعزيزي في الثورة التونسية، طالبت الجماهير الثائرة بالحرية والكرامة، أكدت شعاراتها على وحدة الشعب السوري، قابلها النظام بقسوة وعنف معتمدا الحل الأمني والرصاص الحي وسيلا من الدماء والاعتقالات سبيلا لوأدها، وعلى مبدأ الفعل أدى ذلك لعنف مضاد وتحولها للأسف للعسكرة، للساحة التي أرادها وخطط لها النظام، فشلت كل المبادرات الدولية والعربية في انجاز حل سياسي، دخلت قوى اقليمية ودولية على خط النظام وخط الثورة، ادت لتحول الصراع من ثنائية نظام يحاول التشبث بالسلطة ويراوغ من اجل افشال الثورة باصلاحات شكلية خادعة، وبين معارضة ثورية تسعى لاسقاط النظام واقامة نظام ديمقراطي، الى تحول البلاد ساحة لتصفية حسابات خاصة بين محاور الصراع الاقليمية والدولية، وكلها تسعى لتحقيق مصالحها واجنداتها الخاصة، ولا يهمها من قريب او بعيد مصلحة سوريا والسوريين. تحولت للأسف معظم هذه الفصائل المسلحة التي كانت تشكل ما عرف بالجيش الحر، والتي كان من المفترض ان ترفع شعارات الثورة بالحرية والكرامة ووحدة الشعب السوري، الى فصائل مشتتة وموزعة الولاءات، حاملة لشعارات طائفية دينية هي نقيض للثورة واهدافها وشعاراتها. زاد الطين بلة تسرب مجموعات ارهابية تكفيرية جهادية كجبهة النصرة وتنظيم دولة العراق والشام "داعش" من خارج الحدود، لها اجنداتها الخاصة في اقامة دولة الخلافة الاسلامية، سيطرت عمليا على معظم المواقع التي كانت تحت سيطرة الجيش الحر، بالمقابل دخلت ميليشيات شيعية عراقية وايرانية اضافة لميليشيات حزب الله اللبناني دعما للنظام، ما أدى ذلل الى تحويل الصراع عمليا الى حالة شبيهة بالحرب الاهلية الطائفية، والى حالة من التخندق والاصطفاف على اساس عرقي أو ديني، بعيدا عن روح الثورة وشعاراتها واهدافها.
المشهد السوري الان مأساوي وكارثي، النظام ضعيف ومترنح، وفشل في حسم المعركة لصالحه رغم بعض المكاسب العسكرية، المعارضة السياسية ضعيفة ومشتتة، وحتى الائتلاف كونه الاطار الاهم فيها يعاني من خلافات داخلية، الفصائل المسلحة المحسوبة على المعارضة والمسماة بالجيش الحر مشتتة الولاءات وضعيفة، وتحمل خطابا وشعارات دينية نقيضة للثورة ولخطاب الائتلاف نفسه، تنظيم "جبهة النصرة" وهو تنظيم ارهابي وتؤام فكريا لتنظيم داعش لازال للأسف يعمل وينسق مع فصائل الجيش الحر، تنظيم "داعش" الارهابي يسيطر حالياعلى مناطق واسعة خصوصا في محافظتي الرقة ودير الزور، ويشكل خطرا على أمن ومستقبل سوريا والسوريين والمنطقة عموما، مؤتمر جنيف2 فشل في جولتيه في التقدم نحو حل سياسي انعقدت عليه آمال السوريين، ويتحمل مسؤولية الفشل طرفي النزاع ورعاتهما. تزايد مشاعر الاحباط في حل قريب للمأساة السورية التي اصبح يبدو بعيدا، ضمن هذه اللوحة المأساوية التي آلت اليها الأمور، يبدو واضحا ان الثورة فشلت في مسارها وانحرفت عن اهدافها، والنظام ايضا تمسك بخياره الأمني وفشل في انجاز اصلاحات حقيقية، وفشل في احتواء الازمة والتعامل الايجابي مع المبادرات السياسية، وفي التعامل مع الثورة وقواها منذ بداياتها حتى اليوم.
المشهد السوري الحالي برأيي خرج عن معادلة ثنائية ثورة ونظام، الى حالة صراع بين قوى عديدة محلية واقليمية، كل لها اجندتها الخاصة بعيدا عن تطلعات وحلم مكونات الشعب السوري في الحرية والديمقراطية، وبرأيي أن على قوى الثورة من ناحية والنظام من ناحية اخرى الاقتناع بأن الخيار العسكري لا افق له لكلا الطرفين، واستمراره لن يؤدي إلا لدمار من وما تبقى من سوريا والسوريين، ولا بد من الاقتناع بالحل السياسي سبيلا وحيدا للخروج بتسوية سلمية تحفظ وحدة البلاد وتحقق حلم السوريين، في بناء سوريا جديدة حرة ديمقراطية، سواء عبر احياء عملية السلام في جنيف أو عبر أية مبادرة سلام بديلة، وإلا فاننا سائرون في طريق سيؤدي إلى غياب سوريا التي عرفناها واحببناها عن الخارطة.
هل حاورتم النظام قبل الثورة، أو أثنائها؟
ـ لم نحاور النظام والنظام لم يحاورنا ولم وايحاور أحد غيرنا كما أعلم، الحوار بطبيعته يعنى قبول واعتراف واحترام طرفي الحوار لبعضهما، الحوار لم يكن جزءا من ثقافة وسلوك النظام، ولو كان كذلك لما وصلت الأمور في سوريا إلى هذا المأل، نأمل أن ينتهي الوضع مع النظام لقبول الحوار مع قوى الشعب السوري على أساس الاحترام والاعتراف المتبادل وصولا لانجاز تسوية سياسية تحفظ وحدة سوريا وتحقق حلم السوريين بالحرية والكرامة.
كمنظمة، هل كانت هناك تحفظات قبل انخراطكم في الثورة السورية؟
ـ كانت سياستنا ولازالت المراهنة على الحلول السياسية واتباع سبل النضال السلمي، ولكن للأسف جرت الرياح بما لا تستهي السفن.
طبيعة العلاقة بينكم وبين الحركة الكردية (المجلس الوطني الكردي)؟
ـ العلاقة بين المنظمة وبين مجمل احزاب الحركة الكردية سواء المنضوية ضمن اطار المجلس الوطني الكردي، أو في اطار مجلس شعب غرب كردستان، وغيرها من الأطر، هي علاقة شراكة وطن ومجتمع مشترك وهي قائمة على الاحترام المتبادل، وهذه العلاقة الايجابية هي ترجمة لحياة مشتركة لأجدادنا ولزمن طويل في أرض وحياة مشتركة سواء في جبال حيكاري او في جنوب شرق تركيا الحالية (بيت نهرين العليا) أو في العراق وسوريا، اتسمت هذه العلاقة عموما بالايجابية والتعايش الاخوي والاحترام المتبادل حتى وصلت في حيكاري الى مرحلة من التحالف، وعقد اتفاقيات دفاع مشترك، وطبعا هذا لا ينفي وقوع حوادث وصدامات وخلافات في مراحل زمنية استثنائية عكرت صفو هذه العلاقات الاخوية.
بدأت العلاقة بين المنظمة والحزب الديمقراطي التقدمي الكردي والحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) أولا منذ بداية الثمانينات، وطبعا كانت العلاقة محدودة نظرا للعمل السري الذي كانت عليه كل الاحزاب، وتطورت وتعززت هذه العلاقات عمليا مع بداية التسعينات، حيث توفر جو محدود من هامش الحرية مع انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الخامس، نتج عنه نجاح ممثل المنظمة وقائمة الحركة الكردية خلق جوا مناسبا لمزيد من التعارف وتعزيز للعلاقة بين المنظمة وبقية احزاب الحركة الكردية، حيث كانت هذه المحطة بداية للتواصل الايجابي من قبلنا مع الجميع ومنها الأحزاب الكردية، وكان للأجواء الايجابية التي أعقبت هذه المرحلة عاملا مساعدا لإظهار وتعميق هذا التواصل، ليس حزبيا فقط بل شعبيا من خلال المشاركة المتبادلة في كل المناسبات السياسية لدى الجانبين، وقد تعاونت المنظمة والأحزاب الكردية في انتخابات المجالس المحلية بمحافظة الحسكة لعام 1991، وفي الانتخابات التشريعية لأعوام 1994 و1998 حيث دخلت المنظمة الانتخابات التشريعية مع الأحزاب الكردية في قائمة مشتركة إلى جانب ممثلين عن قوى عربية ووطنية أخرى. ساهمت هذه العلاقة الايجابية بين الشعبين والحركتين في خلق جو من الاحترام والثقة بين الطرفين كان من مفاعيله حل كثير من القضايا الاجتماعية الشائكة والتعديات والخلافات البينية.
ولا بد من الاشارة الى العمل المشترك للمنظمة وأحزاب الحركة الوطنية الكردية في "إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي" منذ بدايات تأسيسه، ومشاركتهما في معظم الانشطة والمحطات السياسية سواء بالندوات والمنتديات والاعتصامات، وفي لجان الدفاع عن المجتمع المدني والجمعيات المعنية بحقوق الانسان، وفي مؤتمر دير الزور عام 2005. واشتراكهما في تحمل أعباء وتبعات كل هذا النشاط السياسي المعارض من مضايقات وسجون ومعتقلات، وصولا لبدايات الثورة السورية، حيث تشابكت الايدي في المظاهرات المطالبة بالحرية والكرامة، وتعاون ومشاركة التنسيقيات الكردية والآشورية السريانية في المظاهرات في سوريا واوروبا، وما تبع ذلك من أنشطة واستحقاقات ورؤية مشتركة لتعزيز السلم الأهلي ثقافة ونهجا ومؤسسات، وصولا للعمل المشترك في اطار الائتلاف الوطني السوري والتنسيق المشترك بينهما في تعزيز مسار الواقعية والاعتدال والدفع نحو الحل السياسي، بما يخدم قضيتنا المشتركة في الوصول في بناء نظام مدني ديمقراطي تعددي علماني، يقر دستوره بهوية وحقوق شعبينا القومية إلى جانب كل شركائنا في الوطن تحت راية وهوية سورية تحتوي كل التنوع الرائع في وطننا المشترك سوريا.
رأيكم باعلان الادارة الذاتية؟
ـ دعيت المنظمة من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي للقاء تشاوري حول فكرة الاعلان عن ادارة ذاتية تضم محافظة الحسكة وعفرين وعين العرب (كوباني)، وقد جرت عدة لقاءات بين المنظمة ووفد من حركة المجتمع الديمقراطي الكردي (TEVDEM) وكان رأينا أن مثل هذه المشروع يقتضي توافق حوله من قبل اطر المعارضة السورية واهمها الائتلاف وهيئة التنسيق، كون المنظمة هي جزء من الائتلاف وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) ايضا هو عضو في هيئة تنسيق العمل الوطني، من اجل أن ينال التفهم والتأييد من كلا الاطارين الأساسيين ويجري التعامل معه بايجابية وتفهم لضرورة اعلانه من قبل الاطارين ولا يفهم بانه تغريد خارج السرب. كما أكدنا على ضروة أن يجري توافق سياسي عليه من قبل جميع المكونات القومية الثلاثة في الجزيرة وقواها السياسية وخصوصا المكون العربي بما يوفر تأييد شعبي عام يضمن نجاحه واستمراره، ونقطة اخرى تفترض ان تكون قيادة الادارة العليا توافقية بين المكونات الثلاثة لضمان حماية حقوق الجميع بعيدا عن تحكم الاكثرية بالاقلية، كما تحفظنا على حالة غير منطقية وغير ممكنة لاعلان ادارة ذاتية في الجزيرة، وهي حالة وجود النظام وسيادته وسيطرته الكاملة في مدينتين اساسيتين في المحافظة وهي مدينتا القامشلي والحسكة، إذ أن الشرط الأول لقيام إدارة ذاتية هو أن تكون المنطقة محررة أو في حكم المحررة وهذه الحالة غير متوفرة. واعلنا اعتذارنا عن المشاركة.
إن رأينا باعلان تأسيس الادارة الذاتية بالشكل الذي قام عليه، يشوبه من الناحية القانونية توفر اجماع شعبي وسياسي، فضلا عن وجود سيادة كاملة للنظام في مدينتين اساسيتن هما القامشلي والحسكة مما يشكل ذلك حالة غير طبيعية وغير صحية خلالهما على الاقل، ومع ذلك لم تقف المنظمة في موقف سلبي من اعلان الادارة وتعاملت معها بايجابية وخصوصا تربطنا بالاحزاب السياسية التي شاركت فيها علاقات ايجابية فضلا عن الشخصيات المستقلة التي شاركت فيها. واحترمنا قرارهم واستمرت علاقتنا معهم، على مبدأ لا يفقد الخلاف للود قضية.
رأيك بالقوة العسكرية (YPG) التابعة للادارة الذاتية، ومشروعية الدفاع عن المنطقة ومكوناتها؟
ـ قوات حماية الشعب ال (YPG) قامت عمليا بتأمين مناطق واسعة من المحافظة من هجمات تنظيم داعش الارهابي، وهذا عمل يشكرون عليه، وقدموا مئات الشهداء، وهم شهداء للوطن وللمحافظة، ونحيي تضحياتهم، وبقناعتي أن الدفاع عن المنطقة ومكوناتها واجب الجميع ولكن يقتضي ان يكون هذا الدفاع وفق توافق سياسي بين جميع المكونات ممثلة بقواها الفاعلة ومشاركة حقيقية في ادارة عملية الدفاع.
طبيعة علاقتكم السياسية مع حزب الاتحاد الديقراطي (PYD)
ـ علاقتنا مع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي جيدة وقائمة على الاحترام المتبادل، ويجري لقاءات مستمرة بين الحزبين يتم فيها تقييم للاوضاع السياسية وسبل تمتين العلاقة البينية بين الحزبين والشعبين الكردي والسرياني الآشوري، وقد تعززت هذه العلاقة في السنوات الاخيرة، بالمشاركة والتعاون في حل عدد من القضايا الاجتماعية وفي المشاركة في الفعاليات والانشطة السياسية لكلا الحزبين، ومع الاعلان على تشكيل مجلس شعب غرب كردستان شاركت المنظمة في المؤتمر التأسيسي للمجلس وفي المؤتمر السنوي التالي، ووقعت مع المجلس بيانا مشتركا عام 2012 عبر عن توافق وتفاهم في قضايا وطنية عديدة.
لمن تتبع القوة العسكرية (سوتورو) وكيف ترون الاعلان عن قوة مسلحة من قبل المكون المسيحي؟
ـ السوتورو كلمة سريانية تعني الحماية، تشكلت بقرار من هيئة السلم الأهلي التابعة لطائفة السريان الارثودكس عام 2012 بهدف الحراسة والحماية للأحياء المسيحية في مدينة القامشلي، ولكن قبل عدة اشهر انقطع ارتباطها الاداري مع هيئة السلم الاهلي واصبحت تابعة لجيش الدفاع الوطني التابع للدولة، وبعد مدة أسس حزب الاتحاد السرياني لنفسه مجموعات مسلحة أسماها بنفس الاسم، وهي حاليا تابعة للمجلس العسكري السرياني التابع لحزب الاتحاد السرياني الذي هو عضوا في الادارة الذاتية.
قانون واجب الدفاع الذاتي، هل سيوافق عليه المكون المسيحي؟
ـ لا اعتقد ذلك.
هل تنسقون مع المعارضة السورية بالخارج؟
ـ نحن جزء من إعلان دمشق والمجلس الوطني السوري والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، ولنا ممثلين في مجمل هذه الأطر، وبالطبع يجري التنسيق معها عبر ممثلينا، سواء من هم في الداخل أو من هم في الخارج.
حيثيات اعتقال السياسي كبرئيل موشي كورية، وفي اي فرع استقر به المقام الآن؟
ـ جرى اعتقال الرفيق كبرئيل موشي كبرئيل مسؤول المكتب السياسي من قبل فرع أمن الدولة بالقامشلي بتاريخ 19-12-2013، انتقاما من المنظمة على خلفية نشاطها السياسي السلمي في صفوف المعارضة السورية، وبعد شهرين تحول الى سجن عدرا بدمشق، وجرى تحويل ملفه لمحكمة الجنايات في ريف دمشق، وقبل ايام تحديدا في جلسة بتاريخ 21-8-2014 جرى تحويل ملفه لمحكمة الارهاب، ويقصد بالارهاب كما تفهمه المحاكم السورية هنا كل من ناضل سلميا من اجل حقوق شعبه ومن اجل الديمقراطية بديلا عن الاستبداد، وكما هو معروف للجميع ان القضاء السوري غير مستقل، وهذه المحاكم هي عمليا نسخة عن محكمة امن الدولة وتنفذ ما يطلب منها أمنيا.
هل فكرتم كحزب بالتسلح، ألم يأتي الأوان؟
ـ لم نفكر بالتسلح لحد الآن، ولكن في المستقبل لكل حادث حديث.
الحسكة، الموصل، شنكال، كيف تقرؤون احداثها؟ وهل تخشون ان تندرج القامشلي في هذه القائمة يوما ما، وهل أعددتم شيئا لذلك؟
ـ ان تنظيم داعش الارهابي هو خطر على المنطقة وكل مكوناتها، وفي مقدمتهم المخالفين لهم بالدين من المسيحيين والصابئة واليزيديين، وقد اصدرت المنظمة اربعة بيانات الاول بخصوص اجتياح الموصل والثاني باجتياح جبل سنجار والثالث محاولة اجتياح الحسكة والرابع اجتياح القرى والمدن المسيحية في سهل نينوى، وطالبنا فيها المجتمع الدولي بالتدخل لضرب داعش كونها لم تعد خطرا على منطقتنا فحسب بل على مجمل الأمن والسلم العالمي وبالتالي واجب سحقها لا يترتب على شعوب ودول المنطقة فقط بل على المجتمع الدولي ممثلا بمجلس الأمن، وطالبنا بتأمين منطقة حكم ذاتي بمناطقه التاريخية تكون بمثابة ملاذ آمن له وبحماية دولية ريثما تستقر الاوضاع بالعراق، ومثل ذلك للمكون اليزيدي، كما نحن في مرحلة التحضير للدعوة لمؤتمر قومي عام لمواجهة هذا الخطر الوجودي على شعبنا في العراق وسوريا، أما ما يتعلق الوضع بالقامشلي فانا اعتقد انها خارج الخطر لعدة اسباب منها عدم توفر البيئة الحاضنة لداعش ولمجمل الفكر التكفيري الاصولي.
هل الحركة الكردية السورية تمتهن السياسة في هذه المرحلة الحساسة؟
ـ اعتقد ان الحركة الكردية تمتهن السياسة بامتياز، ولكن يعيبها الكم الكبير من الاحزاب، التي تؤدي لتشتت وارتباك وصعوبة اتخاذ المواقف المشتركة في هذه المرحلة الحساسة المتسارعة الاحداث والتطورات، وان اعلان توحد اربعة احزاب في حزب واحد جديد باسم الحزب الديمقراطي الكوردستاني هو نموذج يحتذى به.
هل الملف الكردي في سوريا مسألة أم قضية شعب؟
ـ لا اعتقد ان هناك فرق بين مصطلح مسألة ومصطلح قضية، وكلتاهما تعبران عن نفس المعنى. واعتقد ان ترجمتهما للغة الانكليزي هي نفسها (Kurdish Question).
هل لديكم مخاوف على المكون المسيحي في المنطقة؟
ـ المخاوف قائمة اذا استمر الصراع العسكري واستمرت المأساة السورية بدون حل سياسي، والمخاوف لن تطال المسيحيين فقط بل كل الاقليات الدينية والقومية.
ما هو رأيكم بقانون ترخيص الاحزاب من قبل الادارة الذاتية؟ وكيف ستتصرفون حيال الموقف؟
ـ القانون برأيي تشوبه ثغرات قانونية هامة، ويراد تطبيقه على احزاب بالمحافظة لم تشارك في الادارة ولها تحفظات مشروعة على انشائها، ولها تحفظات كثيرة على صيغة العقد الاجتماعي (الدستور) الذي سيتم الترخيص وفق مضمونه، من هذه الاحزاب احزاب كردية وآشورية سريانية وعربية ناضلت لعشرات من السنين من اجل دستور ديمقراطي يلبي تطلعات السوريين بالحرية والكرامة، ودفعت من اجل ذلك الهدف فاتورة كبيرة من التضحيات، ولم تقبل أن ترخص ضمن اطار دستور سوري يتناقض اصلا مع مبادئها واهدافها، فكيف سيمكن فرض الترخيص على هذه الاحزاب نفسها وفق دستور الادارة الذاتية لم تشارك فيها اصلا، ولها تحفظات مشروعة على انشائها، اعتقد ان فرض الترخيص على هذا الاحزاب يعني الغائها وشطب ذاكرتها وتاريخها من الوجود، ولا اعتقد ان احدا من هذه الاحزاب سيقبل بذلك. أما الاحزاب المرخصة الموجودة ب"الجبهة الوطنية التقدمية" كحزب البعث وغيره، فكيف سيجري التعامل معها، هل سيطلب منها الترخيص ايضا أم سيكون لها وضعا خاصا؟ واعتقد بان تطبيق هذا القانون سيخلق ازمة سياسية واجتماعية في المحافظة في وقت هي في امس الحاجة لخلق اجواء ايجابية وتوافق وطني واسع لمواجهة المخاطر الوجودية التي تهددنا جميعا، مخاطر التيارات الارهابية الجهادية التكفيرية ممثلة ب"داعش" ومثيلاتها.
أما بالنسبة لنا في المنظمة الآثورية الديمقراطية، اعتقد أنه من المستحيل ان نتخلى عن منظمة عمرها سبعة وخمسون عاما ودفع مؤسسوها ومناضلوها فواتير ضخمة من التضحيات من اجل مبادئها وأهدافها في خدمة قضية شعبها ووطنها، ومن اجل قضية الديمقراطية عموما.