بقلم: غسان يونان : أجل، الملفونو گابي موشه، رئيس المكتب السياسي في المنظمة الآثورية الديموقراطية، نراه اليوم وحيداً في مواجهة المارد المدجج بكل أنواع الأسلحة الفتاكة، بينما سلاحه الوحيد، هو الكلمة وفي البدء كانت الكلمة!
أجل، الملفونو گابي موشه وحيداً في مواجهة العواصف والتحديات الآتية من كل حدبٍ وصوب. تساعده وتؤازره وتبحث عن مخرج لإعادته إلى أهله ومحبيه وأصدقاء دربه لتكملة المسيرة التي بدأت في الخامس عشر من شهر تموز عام ١٩٥٧م. إنها مجموعة صغيرة في الكمية ولكنها كبيرة في النوعية، سلاحها الإيمان بحقها المشروع وبكلمتها الحرة والتي يحاول هذا المارد طمس الحقيقة وسدّ كل الأفواه التي تطالب بالحرية والديمقراطية والحقوق المهضومة لبنيها وفي طليعتهم الشعب الآشوري الأصيل في المنطقة، الشعب الذي تمتد جذوره في أعماق التاريخ، من جبال آشور إلى روافد دجلة والفرات والخابور مروراً بطور عبدين وأورمية وغيرها وغيرها.
إنه الخوف الممزوج بحب التسلط والاستفراد بكل مقومات الوطن والمواطن وبكل القيم الإنسانية، إذ لا فرق بين معارضة عسكرية وأخرى مدنية، فالمعارضة معارضة، سواء كانت بالكلمة أم بالمدفع. وأما "مطاكستا"فنضالها سياسي متحضر. لكن، ومن خلال كل هذه المستجدات الدراماتيكية، تدفع الأقليات "القومية" الفاتورة الأكبر من دمها ودموعها، دون أي رادعٍ أو وازع!!!
أمام كل هذه المآسي، من تدمير البيوت على ساكنيها، إلى فتح الأبواب لقُطّاع الرؤوس الذين يحاولون إعادة عقارب الزمن إلى العصر الحجري، إلى تدمير البنى التحتية وإعادة المنطقة مئات السنين إلى الوراء، نرى "مطاكستا" وحيدةً في الساحة إلاّ من بعض الأصوات الداعمة ولكن بخجل!!! بينما كانت "مطاكستا" وحتى بالأمس القريب في الصفوف الأمامية داعمة شقيقاتها وأشقائها في العراق وغير العراق!!!!
أجل، الملفونو گابي موشه وحيداً في نضاله، وإلاّ فأين صُراخ الشعب وأقلام الكتاب وتحركات القيادات والرجالات من كل ما يجري من حولنا من تفريغ المنطقة من وجودنا الدائم بالترغيب والتنكيل والقتل والخطف وانتهاك الأعراض والكرامات والزج في السجون المظلمة؟!
أين تلك الأصوات!!!؟
فاليوم مطلوبٌ أكثر من أي وقت مضى، صرخة نابعة من المعاناة التي يمر بها شعبنا ووقفة عزّ وعنفوان من كافة مؤسسات شعبنا (السياسية منها والدينية والثقافية والاجتماعية والشخصيات القادرة)، صرخة تطالب برفع الظلم عن شعبنا، أياً كان هذا الظلم، وبإعطاء الحق لأصحابه بعدلٍ ومساواة ليعيش الكل تحت جناح المؤسسات الشرعية، تلك المؤسسات التي ترعى وتصون وتدافع عن حقوق وكرامات مواطنيها دون تمييز أو تفرقة وتحمي حدودها من الفتنة والإرهاب والتعصب الأعمى.
أجل، الملفونو گابي موشه وحيداً في زنزانته إلاّ من المخلصين للقضية التي آمنوا بها وحملوا رايتها في الأعالي لتبقى وتستمر مرفرفة خفاقة، لتحمي تحت ظلالها أبنائها المناضلين الشرفاء في ساحات الكرامة والحرية والعنفوان.