باريس(فرنسا) – آدو آورغ >>> أيها الأخوة والأخوات … منذ الانطلاقة الأولى للمنظمة الآثورية الديمقراطية في 15 تموز 1957 وضع المؤسسون أمام ناظريهم أمرين أساسيين ومازلنا نحن الأجيال اللاحقة نصر كامل الإصرار عليهما وهما: علمانية الحركة السياسية التي أسسوها كأول حركة سياسية قومية بين صفوف الشعب السرياني الآشوري وتم ترسيخ هذا المبدأ في دستورها الذي ينص على تجرد المنظمة عن فكرتي التدين والالحاد وعدم التدخل في الشؤون الدينية للفرد وميوله الشخصية تجاه أي من المسألتين.
أما الأمر الثاني الذي ركز عليه المؤسسون الأوائل فهو اعتبار سوريا بحدودها وجغرافيتها المعترف بها دولياً وطناً نهائياً للسريان الآشوريين والإصرار على وحدة تراب هذا الوطن الذي يجب أن يتفيأ كل أبنائه من مختلف المكونات والأطياف والقوميات والأديان ظلاله على قدم المساواة والعدالة في الحقوق كما في الواجبات. مع التأكيد على عدم تمييز أو استئثار أية فئة بأية مزايا أو حقوق لا يتمتع بها الآخرون. وإذ كنا نؤكد على الوجود التاريخي العريق والأصيل للسريان الآشوريين في سوريا وما بين النهرين باعتباره حقيقة تاريخية لايسع أحد إنكارها. واعتبار اللغة السريانية اللغة التي هي استمرار لأقدم حضارة في التاريخ الإنساني، فإنها مدعاة فخر واعتزاز لكل أبناء المنطقة وترسيخها في دستور البلاد كلغة وطنية تهم كافة أطياف الشعب السوري بالقدر ذاته الذي تهم أبناؤها الذين مازالوا ينطقون بها. إن هذا ليس تمييزاً أو استئثاراً لفئة دون أخرى لأن هذا هو إرثنا الحضاري كسوريين جميعاً منذ آلاف السنين وعلينا أن نحافظ على هذا الإرث الذي يجعل سوريا كوطن هي المتميزة والمستأثرة بما لايسع أي بلد في العالم إدعاؤه أو الزعم بامتلاكه.
أيها الأخوة والخوات
إن الظروف العصيبة التي نتجت عن رياح الثورة العارمة التي قامت منذ ستة أشهر ومازالت في وطننا سورية لإزالة الظلم والاستبداد والقهر والتمييز بين أبناء الوطن الواحد وضد استحواز فئة صغيرة على مقدرات البلاد قاطبة، وتنصيب حزب من الانتهازيين ومدعي الوطنية الكاذبة والعروبيين المتدثرين والمتزلفين لرأس النظام والمتنفذين من عائلته وأقربائه تضع السوريين عامة والقوى العلمانية بوجه خاص أمام خيارات تاريخية ومصيرية للبلد ككل وللإنسان في هذا البلد. فإما أن نختار عائلة النظام ونمضي قدماً في تدمير الوطن كمفهوم والمواطن كإنسان ونحولهما إلى مجرد أدوات مسخرة لخدمة النظام العائلة والمنتفعين من حوله، أو أن نحسم الخيار باتجاه المستقبل الواعد الذي ينتظره كل سوري بآمال كبيرة عقدها على هذه الثورة. وإننا في المنظمة الآثورية الديمقراطية قد حزمنا أمرنا وحددنا خيارنا بالوقوف إلى جانب الشعب وثورته من أجل الحرية والديمقراطية.
وتأتي مشاركتنا في هذا التجمع العلماني لتكريس هذه المبادئ التي آمنا بها ونعمل على تجسيدها واقعاً معاشاً لكل السوريين بمختلف أطيافهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم وميولهم السياسية والفكرية.
وبناءً على هذه الرؤية فإننا نود أن نوضح على ضوء ثورة الشعب السوري المستمرة مايلي:
1. إن جميع المبادرات التي جرت في الأشهر الأخيرة من مؤتمرات ولقاءات وغيرها بهدف تجميع قوى المعارضة السورية والبحث عن صيغة هيكلية لدعم الثورة ننظر إليها من حيث المبدأ كمحاولات إيجابية لإيجاد طرف تمثيلي موحد تتمثل فيه كل مكونات المجتمع السوري للتعبير الصحيح والسليم عن كل طموحات الثورة والثائرين في الداخل وعلى الأرض. أولئك الذين قدموا أرواحهم وسفكوا دماءهم فداءً لحرية الوطن ومستقبله. وإذ نبارك وندعم هذه الجهود المخلصة فإننا في الوقت ذاته لا بد أن نعبر عن استيائنا من بعض محاولات تمزيق المعارضة وشرذمتها سواء بقصد أو بدون قصد لأن هذه المواقف تقدم خدمة عظيمة للنظام وتطيل من عمره. مما يتسبب بالمزيد من الضحايا الأبرياء والشهداء بين صفوف المواطنين. لذلك نرى ضرورة بذل كل الجهود لتحقيق الهدف الأسمى في هذه المرحلة وهي أيجاد صيغة توافقية لكل قوى المعارضة وتجميعها في هيئة يدعى إليها الجميع دون استثناء لتسهيل قيادة الثورة نحو أهدافها النهائية.
2. لابد من التأكيد على ضرورة الاتفاق مسبقاً بين الجميع على الخطوط العريضة لبناء سوريا المستقبل وتحديد سمات المرحلة الانتقالية منذ الآن وقبل سقوط النظام كي لا نفاجأ بعد سقوطه بما لانتمناه.
3. ضرورة التأكيد على روح المسامحة والتعايش المستقبلي بين الجميع بعد سقوط النظام والابتعاد كلياً عن أي عمل انتقامي ضد أي كان من المتعاونين مع النظام في المرحلة السابقة. وإفساح المجال أمام القانون ليأخذ مجراه وتطبيقه على الجميع دون أية محاباة أو استثناء. وقد يكون من المفيد في هذه الحالة الاستفادة من تحربة مانديلا في جنوب إفريقيا بتشكيله لجنة المصارحة والحقيقة.
4. نفي أكذوبة حماية النظام للأقليات عبر السلوك العملي والحضاري من قبل الأكثرية كما كان قبل انقلاب حزب البعث. مع إبراز حقيقة أن النظام هو الذي كان يحتمي بالأقليات طوال فترة حكمه وما زال. ولم يقدم أية خدمة مميزة لا للأقليات ولا لغيرها من فئات الشعب السوري. بل بالعكس من ذلك فقد انتهكت حقوق الأقليات وحرياتها على أوسع نطاق بالتوازي تماماً مع حقوق الأكثريات وكل المواطنين السوريين.
5. إننا في المنظمة الآثورية الديمقراطية لا نحبذ أن ينظر إلينا كمسيحيين وإنما كمواطنين سوريين أولاً، بانتماء قومي آشوري.كما لا نرغب أن ننظر إلى فئات الشعب السوري الأخرى من خلال ديانتهم الإسلامية وإن كنا وسنبقى نحترم معتقدات الناس أياً كانت لأن الوطنية هي المعيار الذي نطمح له لأن يسود مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل مجموعة قومية أو إثنية أولغوية على اعتبار هذا تنوعاً يزين وطنيتنا ويزيد مجتمعنا غنى وثراءً في إطار الوحدة الشاملة.
6. لقد كان رفاقنا في المنظمة من بين أوائل من نادوا بضرورة جمع القوى العلمانية في إئتلاف واحد يجمع قواها ويوحدها لتكريس الصفة العلمانية للدولة السورية الحديثة والمدنية والمواكبة للعصر وسماته الحضارية الإنسانية. من أجل هذه الرؤى والمبادئ كلها ناضلت المنظمة منذ تأسيسها ومازالت تناضل. وقد عانت وحصلت على نصيبها الوافر من القمع والملاحقة والاعتقال لكوادرها التنظيمة.
لكن ذلك لم يثنها يوماً عن مسيرتها من أجل بناء مستقبل أفضل للإنسان والوطن السوري. المستقبل الذي يستحقه كباني أول حضارة في التاريخ البشري. ونحن مستمرون على هذا النهج والمشاركة الفعالة في ثورة شعبنا إلى أن تتحقق أهدافنا جميعاً في الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة بعد إزالة هذا النظام الفئوي ونهجه الاستبدادي إلى الأبد.