عامودا (سوريا) – أدو أورغ >>> الإخوة المحترمون أعضاء لجنة السلم الأهلي في مدينة عامودا الإخوة ممثلي أحزاب الحركة الوطنية الكردية وهيئات المجتمع المدني واللجان الحقوقية .. الأخوات الإخوة الحضور.. مساء الخير.. بداية أترّحم على شهداء وطننا سوريا من المدنيين والعسكريين، ثم أتوّجه بالشكر الجزيل للجنة السلم الأهلي في مدينة عامودا، التي أتاحت لي فرصة اللقاء معكم في هذه الأمسية الجميلة، آملا أن نقضي معا وقتا مفيدا.
أعزائي الحضور:
تعاني سوريا منذ حوالي خمسة عقود من أزمات بنيوية عميقة، في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، بسبب خضوعها لسيطرة نظام شمولي استبدادي، تحكّم بكل مفاصل الحياة والسلطة والثروة، نظام غيّب الحريات، وألغى السياسة من المجتمع، وقضى على فرص المشاركة في الحياة السياسية. وسدّ كل المنافذ أمام تقدّم وتطوّر البلاد . وترافق ذلك مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة, وانتشار الفساد بمعدلات غير مسبوقة, ما أدّى إلى زيادة حدّة الاحتقان , وتراكم عوامل الغضب والاستياء في المجتمع . إن فقدان الشعب السوري للأمل في الإصلاح والتغيير, وفقدانه للثقة بوعود السلطة المتكررة, وتأثره بالثورات الشعبية التي شملت العديد من دول المنطقة, واستيعاب شبابه لقيم العصر وتقنياته, إضافة لعوامل التوتر الكامنة في بنية المجتمع, الناجمة عن التسلط المديد لمنظومة الاستبداد والأمن على الحياة العامة, وتراكم عوامل القهر والظلم والفقر, كل هذ دفع الشباب السوري للانتفاض على واقعه، محطماً جدار الخوف من أجل استعادة كرامته الإنسانية والمطالبة بالحرية والديمقراطية. اليوم ومع دخولها الشهر السادس, تزداد الانتفاضة السلمية للشعب السوري تجذراً واتساعاً وانتشاراً, بفضل شجاعة وتضحيات الشباب السوري, لتشمل معظم المدن والبلدات السورية , من أجل إنجاز عملية التغيير الوطني الديمقراطي، التي أضحت مطلباً مباشراً وصريحا لمعظم السوريين على مختلف انتماءاتهم القومية والدينية, حيث قرروا وبشكل قاطع عزمهم على إنهاء الإحتكار والاستئثار, وبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة, وفق عقد اجتماعي جديد, يستند إلى دستور عصري, يقر بالتعدد السياسي والقومي, والتداول السلمي للسلطة. وبناء دولة القانون والمؤسسات والمواطنة التي توفر العدالة والمساواة والشراكة الوطنية الكاملة بين جميع أبناء سوريا. وبموازاة ذلك زادت السلطة من استخدام العنف والقمع تماشياً مع خيارها الأمني الذي اعتمدته منذ بداية انطلاق الحراك الشعبي, بهدف القضاء على حركة الاحتجاج والتظاهر السلمي. ومؤخراً بلغ التصعيد منحىً خطيراً مع دخول الجيش والقوى الأمنية للبلدات والمدن كحماة وديرالزور وحمص واللاذقية وغيرها. مع ما يعنيه ذلك من المجازفة بإسقاط آخر أوراق الحل, وتعطيل المبادرات السياسية الكفيلة بإخراج البلاد من أزماتها ومشاكلها. إن الحل الأمني والعسكري أثبت فشله في احتواء الأزمة , وإن الاستمرار به حتى النهاية, وتكثيف الحملات الأمنية, واستمرار دورة العنف وإراقة الدماء, سيقود البلاد حتماً إلى المجهول, وسيدفع الأمور نحو التدويل, واستدعاء التدخلات الخارجية, التي بدأت تنخرط أكثر فأكثر في الشأن السوري, وهو أمر ينطوي على خطورة كبيرة , نأمل ومعنا كل السوريين على تجنبها . إن الهروب من استحقاقات التغيير الديمقراطي, ومحاولات السلطة لشراء الوقت, من خلال اتخاذ بعض الإجراءات والتدابير المحدودة, لا تفيد في معالجة الأزمة الوطنية الحادة التي تعصف بالبلاد . فالإجراءات التي اتخذتها السلطة جاءت قاصرة, ولم تلامس جوهر التغيير المطلوب من الشعب.
أعزائي الحضور :
إن مشكلة سوريا اليوم, هي أبعد وأعمق من إجراء إصلاحات شكلية, وإغراقها بقوانين لا تجد سبيلها إلى التطبيق. مشكلة سوريا تكمن في تحريرها من منطق الاحتكار والاستئثار, وفي تحريرها من وصاية وهيمنة المنظومة الأمنية على الحياة العامة،وبغير ذلك، لا معنى لأية تغييرات في النصوص القانونية والدستورية. إنّ الأزمة التي تعيشها البلاد، هي أزمة سياسية بامتياز، ولا يمكن معالجتها من خلال الحلول الأمنية والعسكرية التي تأكد فشلها وعقمها، كما لايمكن أن يتمّ ذلك عبر الهروب من الاعتراف بالأزمة، وإحالتها إلى فكرة المؤامرة، والأجندات الخارجية، وإنمّا من خلال تبنّي حلول سياسية خلاّقة، تقوم على الحوار والانفتاح على المجتمع وقواه السياسية الحيّة من مختلف الأطياف السياسية والقومية. إننا كسوريين، معنيون جميعا، باجتراح الحلول لأزمتنا الوطنية، وهذا يستدعي تخلّي السلطة كليّا عن الخيار الأمني، وخلق بيئة مناسبة لإطلاق حوار وطني جاد ومسؤول يغلّب المصلحة الوطنية على كل ماعداها، من أجل إنقاذ البلاد، وتجنيبها مخاطر الانزلاق إلى الفوضى والنزاعات الأهلية، على أن يتوج ذلك بالدعوة لعقد مؤتمر وطني شامل، تشارك فيه جميع القوى الوطنية في السلطة والمعارضة، إضافة إلى ممثلين عن الحراك الشبابي، يكون من مهامه التوافق على أسس وآليات الانتقال الديمقراطي السلمي والآمن، وينبثق عنه أطر سياسية لقيادة مرحلة انتقالية، تتولّى صياغة دستور عصري جديد، يقرّ بالتعددية السياسية والقومية، ومبدأ تداول السلطة سلميا على كافة المستويات، وبناء دولة ديمقراطية علمانية تقوم على أسس العدالة والمساواة والشراكة الوطنية الكاملة، وإرساء مشروع للمصالحة الوطنية، يقرّ بمبدأ المحاسبة القانونية، ويجنب البلاد نزعات الثأر والانتقام، ويحمي البلاد من الانجرار إلى الفتنة، ويصون الوحدة الوطنية، ويقطع الطريق على كل أشكال التدويل والتدخل الخارجي. ولا يمكن بلوغ هذه المرحلة، دون قيام السلطة بتوفير المناخات المناسبة لإنجاح ذلك، وهذا يتطلب تحقيق مايلي: وقف كافة أعمال العنف والقمع ضد المتظاهرين السلميين، وفك الحصار عن المدن والبلدات السورية المحاصرة. إعادة الجيش إلى ثكناته، وسحب القوى الأمنية، والحدّ من تدخلها في الحياة العامة. الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين قبل الانتفاضة وبعدها، وإغلاق ملف الاعتقال السياسي نهائيا. تشكيل لجنة تحقيق مستقلة لمحاسبة المسؤولين عن أعمال القتل التي طالت المدنيين والعسكريين ورجال الأمن من أبناء الشعب السوري. السماح بعودة المنفيين بضمانات قانونية توفر لهم عودة كريمة وآمنة. إطلاق الحريات العامة، بما في ذلك حرية التظاهر السلمي وحرية العمل السياسي.
الإخوة الحضور..
الفكرة القومية للمنظمة الآثورية الديمقراطية، ارتكزت على وحدة الشعب السرياني الآشوري، بكافة طوائفه وتسمياته، وبأنه شعب أصيل واستمرار حي ومتواصل لشعب وحضارة مابين النهرين وسوريا، بتسمياتها ومراحلها التاريخية المتعددة، من سومرية وأكادية وآشورية وكلدانية بابلية، وآرامية سريانية. وهي جميعا تسميات عرف بها شعبنا في هذه المنطقة، فق تسلسل تاريخي حضاري يجسّد منظومة لغوية وإنسانية واحدة ومتكاملة. إنّ الشعب السرياني الآشوري، بالرغم من انتمائه واعتزازه بانتمائه المسيحي عقيدة وإيمانا، فإن المنظمة الآثورية الديمقراطية تحرص وتؤكد على تعريفه بدلالة هويته وخصوصيته القومية، وليس انطلاقا من هويته الدينية. لذلك فإنها تعمل من أجل الحفاظ على الوجود والهوية القومية لهذا الشعب، وتثبيت حقه في العيش على أرض وطنه، متمتعا بكافة حقوقه القومية والوطنية، بالتساوي مع كافة شركائه من عرب واكراد وغيرهم، في إطار ديمقراطي يتسم بالعدالة والمساواة والشراكة الكاملة. وتطالب بالاعتراف الدستوري بحالة التنوع القومي والثقافي واللغوي في سوريا، والإقرار بالوجود والهوية القومية للشعب الآشوري السرياني باعتباره شعبا أصليا، وضمان كافة حقوقه القومية والسياسية، واعتبار لغته وثقافته السريانية، لغة وثقافة وطنية، وذلك ضمن إطار وحدة سوريا أرضا وشعبا، ووفق ما تنص عليه المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والشعوب الأصلية.
منذ سنوات طويلة طرحت المنظمة، فكرة التلازم ما بين النضالين القومي والوطني. إيمانا منها بأنّ حلّ القضية القومية، لا يمكن تحقيقه إلاّ من خلال حلّ وطني ديمقراطي شامل بالتفاهم مع كافة شركاء الوطن. وتدعو إلى فصل الدين عن السياسة، وحيادية الدولة تجاه الأديان كافة، إذ ترى في العلمانية والديمقراطية شرطان متلازمان، لا يمكن أن يتحقق أحدهما بمعزل عن الآخر، وترى أن النظام الديمقراطي العلماني، يوفر حريات واسعة لكل الأديان، ويحقق المساواة، ويمنع التمييز الطائفي والقومي واضطهاد المرأة، ويحدّ من استغلال الدين من قبل السلطة والتيارات السياسية المتنافسة. لهذا تدعو لإلغاء المادة الثالثة من الدستور، وعدم إدراجها في أي دستور جديد. كما أنّ المنظمة تعتبر الديكتاتورية امتهانا لكرامة الإنسان، وخطرا على المجتمع، وتهديدا لحرية الأفراد والجماعات، لذلك تدعو لإلغاء كل المواد التي تكرس منطق الاحتكار والاستئثار بالسلطة والثروة من قبل أحزاب أو أفراد. إنّ المنظمة تعتبر نفسها جزءا من الحركة الوطنية الديمقراطية في سوريا، وتنطلق في مقاربتها للمسائل الوطنية، من احترام الدولة السورية بحدودها الراهنة المعترف بها من الأمم المتحدة، باعتبارها وطنا نهائيا لجميع أبنائها. وتعمل على إعادة الاعتبار للرابطة الوطنية السورية، وتنميتها وتعزيزها، وبلورة هوية وطنية سورية جامعة، تغرف من واقع التعدد القومي والديني والثقافي واللغوي التي يتميز بها المجتمع السوري. هوية وطنية، عصرية، عابرة لحالات الانقسام المجتمعي، سواء على أساس قومي أو ديني أو طائفي أو مناطقي، كمدخل لمعالجة الخلل والشرخ الذي اصطنعه النظام الشمولي بين مختلف فئات الشعب السوري، وتحويل حالة التعدد والتنوع إلى عنصر قوة وإثراء وطني، بدلا من أن تكون عامل ضعف وتمزيق للهوية الوطنية السورية ومهدد للوحدة الوطنية.
ولهذا فإنها تتبنّى النهج السلمي الديمقراطي، وترفض كل أشكال التعصب والتطرف والاستعلاء القومي والديني، وتعمل من أجل نشر ثقافة حقوق الإنسان، وتعزيز مفهوم المواطنة وقيم الاعتدال والعيش المشترك، وجعل الحوار والانفتاح والتشارك، قاعدة أساسية للعلاقة بين مكونات المجتمع وقواه السياسية. ووفق هذا النهج سارت في بناء علاقاتها وتحالفاتها الوطنية. فقد انضمت لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي السلمي منذ بدايات تشكيله.وبنت علاقات أخوية وثيقة مع أحزاب الحركة الوطنية الكردية، علاقات مبنية على الاحترام المتبادل وعلى قاعدة الشراكة ومصلحة الشعبين الآشوري والكردي، كما بنت عللاقات متينة مع العديد من القوى والشخصيات العربية والوطنية السورية. إنّ المنظمة ترى في العلاقة مابين الشعب الآشوري مع إخوته وشركائه الأكراد والعرب، ضرورة حيوية، تمليها ضرورات الحاضر والتطلع المشترك نحو المستقبل، وذلك انطلاقا من خبرة الحياة التي عمقت هذه العلاقة التي تتجاوز في أحيان كثيرة اعتبارات المصلحة الآنيّة.
الإخوة الحضور…
منذ انطلاقتها، دعمت المنظمة الآثورية الديمقراطية، انتفاضة الشعب السوري من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية، وانخرطت فيها وفق إمكانياتها، لأنها رأت فيها أملا ووعدا بحرية طال انتظارها. ومشاركتها جاءت انسجاما مع مبادئها وبرنامجها، وتعبيرا عن انحيازها للحق والمستقبل، وتأكيدا على أنّ عملية التغيير الوطني الديمقراطي تستجيب لطموحات وتطلعات كل السوريين على مختلف توجهاتهم وانتماءاتهم. إنّ هذا الأمر على أهميته، لا يحجب حقيقة أخرى، إذ ليس خافيا على أحد، أن تفاعل شعبنا والمسيحيين عموما مع الحراك الشعبي لا زال ضعيفا ودون المستوى المطلوب، وهذا حال معظم الأقليات الدينية والقومية في سوريا وكذلك شرائح واسعة من الغالبية العربية. وأسباب ذلك تعود إلى ثقافة الخوف التي كرستها منظومة الاستبداد، والخوف على الاستقرار، والخشية من تكرار التجارب المؤلمة في العراق وغيرها، وأيضا التوجس من البديل المحتمل، حيث يعتقد الكثيرون أنه سيكون بديلا دينيا متطرفا. وقد اعتمد النظام استراتيجية تقوم على تغذية هذه المخاوف وتضخيمها، وتقديم نفسه كحام للأقليات وحارس للقيم العلمانية، من أجل تحييد الأقليات عن المشاركة في الحراك الشعبي، وحصر حركة التظاهر في طابع ديني وطائفي محدد، لتأكيد روايته ومزاعمه بأن الانتفاضة ترمي إلى إقامة دولة سلفية، وتجريدها بالتالي من محتواها الوطني الديمقراطي الشامل. إنّ شعبنا السرياني الآشورين تنتابه في الحقيقة هواجس ومخاوف مشروعة، بعضها ناتج عن إرث تاريخي، لم يفارق ذاكرته الجمعية، ويرتبط بمراحل الاضطهاد التي تعرّض لها ، لا سيما ذاكرة الإبادة الجماعية ( السيفو)، والبعض الآخر يعود إلى الخوف من انتشار الفوضى والقلق من تكرار تجربة العراق، حيث تقلصت أعداده من أكثر من مليون إنسان قبل احتلال العراق، إلى حوالي نصف مليون إنسان بعد سنوات قليلة، جرّاء القتل والخطف وتفجير الكنائس وغير ذلك من الاعتداءات، وهناك أيضا خوف من البديل القادم، حيث يجزم البعض بأنه سيتم استبدال ديكتاتورية بأخرى أسوأ وأشد وطأة، كونها تستمد مشروعيتها من النصوص الدينية، وهنا لن نناقش أو ندحض هذه الهواجس التي لم تأخذ في الحسبان خصوصيات الدول والمجتمعات وظروف كل منها، لكن لا يمكن إنكار هذه الهواجس أو التقليل من أهميتها، وينبغي على الجميع تفهمها، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالخوف على الوجود والمصير. إننا لعلى قناعة بأن الاستسلام لهذه الهواجس، لن يزيلها، وأن الانكفاء والانغلاق لن يبددها. وحده الانفتاح والتفاعل والمشاركة، كفيل بتبديدها وإزالتها. لهذا نقول بأن شعبنا الذي عانى من الظلم والاستبداد وغياب الحريات، والحرمان من الحقوق، كباقي السوريين، لا يمكن أن يتنكر لتطلعاته في التحرر والانعتاق، ومع تقدم الحراك سوف يخرج من حالة التردد والإحجام، إلى آفاق المشاركة الفاعلة، لأنه يدرك أن مصلحته تكمن في قيام دولة مدنية ديمقراطية وعصرية، وهذه الدولة وحدها تضمن وجوده ومستقبله وحقوقه، بالتساوي مع مواطنيه وشركائه.
الإخوة الحضور..
تعدّ الانتفاضة السلمية للشعب السوري، واحدة من أرقى وأنبل الانتفاضات، وقيمتها هذه تستمدها من سلميتها، وابتعادها عن العنف، بالرغم من محاولات السلطة لاستدراجها إلى العنف المضاد. ومن كونها، نتاجا وطنيا خالصا، نابعا من حاجات ومصالح الشعب السوري، وتوقه إلى الحرية والكرامة، وإن كنّا لاننفي وجود محاولات لاستغلالها، وركوب موجتها من قبل البعض، سواء في الداخل أوالخارج، لغايات وأهداف خاصة. وتتضاعف أهميتها، من اتساع رقعتها وشمولها معظم مدن وبلدات سوريا، ومن اتسامها بطابع وطني شامل، عابر للطوائف والقوميات. ولعلّ من أهم فضائلها، تهديم الجدران المقامة بين السوريين، وجعلهم يتعرفون على بعضهم البعض، وإعادة اكتشاف المدن والبشر والعادات والرموز، ووضعها على الخارطة الإنسانية، فعامودا أضحت توأما لدرعا، والقامشلي لحماه، واللاذقية لديرالزور. كما بينت عن أشكال متقدمة عن عمق التضامن والترابط والتكاتف بين السورين بمختلف أطيافهم الدينية والقومية والسياسية. إنّ الشباب السوري، من خلال الشعارات التي رفعها في التظاهرات، برهن عن وعي متقدم، يعكس حرصه على الوحدة الوطنية، ومناعته تجاه خطاب التحريض الطائفي الذي يستدعي الفتنة. كما خلق قيما جديدة، تتناسب وتطلعاته لسوريا المستقبل. إنّ ترسيخ هذه القيم والممارسات، يفرض على الجميع، تجاوز آليات التفكير العتيقة. فالشباب لا يمكنه صنع المستقبل من خلال محاكاة واستنساخ قيم وممارسات الاستبداد الذي أفسد كل مظاهر الحياة. من هنا فإننا ندعو الشباب إلى الحفاظ على سلمية الانتفاضة والتظاهرات، والابتعاد عن أي شكل من أشكال العنف والاستفزاز، والكلام النابي والعنيف، أو التعرّض للمتلكات العامة والخاصة، والأهم من ذلك الابتعاد عن منطق التكفير والتخوين، وشيطنة من لا يتوافق مع فكرنا بالمطلق، وذلك كي لا نشوّه صورة انتفاضتنا السلمية الحضارية، وكي نجذب شرائح جديدة من الأغلبية الصامتة المترددة، لدعم ومساندة مطالبنا المحقّة في الحرية والديمقراطية، بدلا من أن ندفعها دفعا إلى أحضان الاستبداد. أيها الشباب لقد صنعتم بشجاعتكم وتضحياتكم، وإصراركم على مطالبكم، فجرا جديدا يعد بالحرية والديمقراطية لكل السوريين. ومن أولى ركائز الديمقراطية، القبول بالتعدد وبوجود الآخر وتفهّم خصوصياته، واحترام حق الاختلاف. إن التمسك بهذه المبادئ وقدرتنا على إدارة خلافاتنا بطريقة ديمقراطية عصرية، يؤشّر بلا شك على قدرتنا على الانتقال إلى سوريا الجديدة التي تليق بنا ونستحقها. ختاما: أجدّد شكري للجنة السلم الأهلي في عامودا على دعوتها ومبادراتها التي تعكس حرصها العميق والمسؤول على قضية الشراكة والعيش المشترك، والتي لولاها لا معنى لوجودنا.
المجد والخلود لشهداء سوريا وشهداء الحرية
عشتم وعاشت سوريا وطنا حرا لكل أبنائه
عامودا 15 آب 2011م
مسؤول المكتب السياسي
للمنظمة الآثورية الديمقراطية
كبرئيل موشي كورية