1 – الميلاد والتأسيس:
اكتب هذا المقال حيث حسب تقديري الشخصي ان عدد كبير من ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري في العراق خاصة الذين لا يعملون في الحقل القومي لا يعرفون الكثير عن منظمة مطكستا ومبادئها واهدافها وتاريخها ومواقفها القومية الاصيلة اضافة لظروفها الخاصة الصعبة حاليا في سوريا بعد الانتفاضة الشعبية السلمية طيب من هي منظمة مطكستا ؟ هي (المنظمة الاثورية الديمقراطية) تأسست في الخامس عشر من تموز عام 1957 في مدينة القامشلي في سوريا لم يكن التأسيس من بنات أفكار مؤسسيها فحسب ولا نتاج قرار سياسي أتخذ في التاريخ اعلاه وإنما هي المحصلة الفكرية والتنظيمية والنضالية لعقود طويلة من كفاح ابناء شعبنا وبمعنى اخر ان الفكر والأهداف والتي تشكل العمود الأساسي للمنظمة ولدت منذ فترة طويلة وقبل أن تولد مطكستا رسميا حيث كانت الولادة كنتيجة طبيعية لمخاض طويل دام عقودا من الزمن وخلاصة لرؤى وأفكار وتوجهات ونضال الرواد الاوائل من حركتنا القومية امثال (يوسف بيت هربوت) و (فريدون أتورايا) و (نعوم فائق) و (فريد نزها) و (سنحاريب بالي) و (شكري جرموقلي) وغيرهم ممن ناضلوا في سبيل الحفاظ على وحدة هوية امتنا ونيل حقوقها القومية المشروعة بعد أن عانى شعبنا شتى أنواع الاضطهاد والإقصاء والتمييز والتهجير … حيث شهدت أوساط شعبنا الكلداني السرياني الآشوري في مختلف مناطق تواجده سلسلة من النشاطات والفعاليات القومية وحراكا فعالا وغنيا في المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية والفكرية للفترة من نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين بسبب نضج الوعي القومي لدى شعبنا وتمت المطالبة بحقوقنا القومية والتاريخية والوطنية على يد القائد القومي (اغا بطرس) 1920 و المناضل القومي (ملك ياقو ملك اسماعيل) 1933 والقائد الشجاع البطريرك الشهيد مار (شمعون بنيامين) احد ابرز قادة امتنا في العصر الحديث لذلك يعتبر تأسيس المنظمة الآثورية الديمقراطية كأول تنظيم سياسي قومي في صفوف شعبنا تقريبا وعلى أيدي نخبة من شباب شعبنا المؤمن بوحدة شعبنا القومية ممَن تأثروا بمعاناة شعبهم وأدركوا بحسهم القومي العالي أن الحفاظ على الهوية القومية لشعبنا وبلوغ كامل حقوقه المشروعة في الوطن ورفع الغبن والحرمان والتهميش والظلم الذي لحق به لا يمكن أن يتحقق إلا بالعمل السياسي القومي المنظم من أجل وضع قضية التنوع القومي في إطارها الوطني الديمقراطي والدستوري الصحيح على أسس الشراكة الكاملة والمواطنة الحقة والعيش المشترك …
2 – مبادى المنظمة الاساسية:
تؤمن المنظمة الآثورية الديمقراطية بأننا امة واحدة وشعب واحد وتناضل من اجل الحفاظ على الوجود القومي لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري وتحقيق تطلعاته القومية المشروعة في وطنه التاريخي في بلاد مابين النهرين وان المراحل التاريخية المتعددة من حضارة شعبنا في سومرية وآكادية وبابلية وكلدانية وآشورية وآرامية وسريانية هي جميعاً تسميات قومية لها مدلولات حضارية عرف بها شعبنا وفق السياق التاريخي لكل تسمية وتؤمن المنظمة ايضا ان شعبنا له الحق بالعيش على أرض وطنه الاصلي متمتعاً بكامل حقوقه القومية والإنسانية والتاريخية بالتساوي مع كافة المكونات التي تشاركه العيش على هذه الأرض في إطار ديمقراطي يتميز بالعدالة والمساواة والحرية وسيادة القانون وتؤمن المنظمة ان اللغة السريانية هي لغة الاباء والاجداد بلهجتيها الشرقية والغربية بكل لهجاتها العامية كالسوادايا والطورانية ولهجة معلولا وجبعدين وهي احدى المقومات الاساسية لاستمرار امتنا وتعزيز وجودها القومي لذلك تؤكد دائما على اهمية الحفاظ على لغة وتراث وثقافة وتاريخ شعبنا لانها مسؤولية قومية ووطنية وإنسانية تقع على كافة تنظيمات شعبنا القومية ومؤسساتنا الثقافية في الوطن والمهجر …
3 – فكر المنظمة:
فكر المنظمة علمي وعملي وواقعي قابل للتطبيق في الظروف التي تعيش فيه وهو من أهم اسباب نجاحها وقوة استمراريتها وديمومتها أن وضوح الرؤية الفكرية للمنظمة وقدرتها على قراءة الوقائع والاحداث قراءة صحيحة هي التي جعلت المنظمة أن تكون قادرة على التوفيق والنجاح بأضطراد واستطاعت التعشيق والتكيف بين أهدافها القومية والوطنية دون تغليب احدهما على الاخر رغم التعقيدات والتحديات والظروف الصعبة في بلد مثل سوريا الذي يحكمه حزب شمولي يرفض الاخر حيث استطاعت المنظمة ان تحدد أهدافها القومية بسهولة وأن تطالب بها بشكل علني في ادبياتها بحيث لا تتعارض أو تتناقض مع الأهداف الوطنية وأهداف بقية الأحزاب السورية الوطنية رغم ان ذلك كان سببا في اعتقال بعض قيادي المنظمة لاكثر من مرة لاسباب سياسية وقومية دون ان يزعزع ذلك في مواقف المنظمة الثابتة والمبدئية القومية والوطنية ان هذا الثبات الفكري والمبدئي اعطى للمنظمة زخما نضاليا وشعبيا واسع النطاق في ظروف سياسية بالغة التعقيد والاحتقان …
4 – تعاطي المنظمة مع المسألة الوطنية:
يتسم موقف المنظمة الآثورية الديمقراطية من المسألة الوطنية والانتفاضة الشعبية السلمية الحالية في سوريا بالشجاعة والمبدئية ووالوضوح حيث اعتقل عدد من قياداتها وكوادرها مؤخرا بسبب تلك المواقف المبدئية الثابتة بأعتبارها جزء من الحركة الوطنية الديمقراطية في سوريا ومنذ البداية دعمت الحراك السلمي للانتفاضة ورفضت الحلول الامنية والعسكرية ودعت الى الحوار الوطني والحلول السياسية وهذا يأتي منسجما ً مع مبادئها وبرنامجها السياسي في التعاطي مع المسألة الوطنية و الذي يرتكز على ضرورة إجراء إصلاحات سياسية شاملة وإجراء تعديلات دستورية تضمن الإنتقال إلى نظام ديمقراطي عصري بشكل سلمي و هادئ و تعمل من خلال عضويتها في إئتلاف إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي لتحقيق هذه الأهداف إضافة إلى نيل الإعتراف الدستوري بشعبنا كشعب أصيل و ضمان كافة حقوقه ضمن إطار وحدة البلاد … والمنظمة على قناعة تامة بأن نيل حقوق شعبنا لا يمكن أن يتم بمعزل عن حلّ وطني ديمقراطي شامل يحظى برضا و قبول كافة شركاء الوطن حيث تؤكد المنظمة في خطاباتها على أهمية الحفاظ على سلمية الانتفاضة ونبذ وإدانة كل أشكال العنف أيّا كانت الجهات التي تقف وراءه وتدعم وتساندها بدون أية مواربة حتى تحقيق غاياتها النبيلة في الحرية والديمقراطية ودعت شعبنا للمساهمة الفاعلة في عملية التغيير الديمقراطي السلمي وصولا لبناء نظام ديمقراطي علماني الذي يعتبر الضمانة الحقيقية والاكيدة للاستقرار والشراكة ونيل الحقوق …
5 – علاقة المنظمة بتنظيماتنا في العراق:
تقف المنظمة على مسافة واحدة من اغلب تنظيمات ومؤسسات شعبنا القومية الوحدوية في العراق بشكل خاص ومنها (المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري والحركة الديمقراطية الاشورية زوعا) وغيرها ولعبت المنظمة دورا رائدا ومتميزا في التقارب والتألف الذي حصل وتطور الى اتفاق لتجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الاشورية في الوطن حيث استمرت المنظمة في مساعيها الحميدة بكل مستوياتها القيادية لفترة طويلة بالتعاون والتنسيق مع الاتحاد الاشوري العالمي ومنظمة كاسكا في امريكا الى ان تم تتويجها بالاتفاق المذكور اعلاه بين تنظيماتنا لايمانها المطلق بأن الحصول على كامل حقوقنا القومية المشروعة في الوطن لا يتحقق الا بوحدة تنظيماتنا السياسية وكذلك وقفت المنظمة بكل مستوياتها وبقوة الى جانب شعبنا الكلداني السرياني الاشوري في العراق في محنته بعد 2003 وما تعرض له من قتل واضطهاد وظلم وتهجير وانتصرت المنظمة لحقوقه القومية المشروعة وفي مقدمتها استحداث محافظة لشعبنا في بعض مناطق سهل نينوى بمشاركة كافة المكونات القومية والدينية المتعايشة فيها والحكم الذاتي لشعبنا في اقليم كوردستان وفقا للمادة 35 من مسودة دستور الاقليم ….
6 – التحديات التي تواجه المنظمة:
تواجه المنظمة تحديات وصعوبات قومية ووطنية قلما يواجها أي تنظيم سياسي قومي من تنظيمات شعبنا حاليا اولها التكيف والتعشيق بين الموقف القومي والوطني في ظل ظروف سوريا المعروفة بأنفراد حزب البعث المتعصب قوميا بالسلطة وعدم اعترافه بالاخر لهذا تعمل المنظمة في ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية وانسانية وحتى دينية صعبة للغاية يستوجب منها وطبقاً لذلك ان تحافظ على فكرها القومي وتوازنه مع موقفها الوطني وهذه موازنة يصعب تحقيقها بسهولة حيث يتطلب تحقيقها جهود فكرية وسياسية وتنظيمية استثنائية وخاصة فإذا كان البعض يعرف الصعاب والمشاكل التي تعانيها المنظمة من تبني الفكر القومي في مجتمع طائفي متشدد فأن الكثير لا يعرف بأن العمل السياسي القومي لمنظمة لها شعبية كبيرة يعد أمراً صعباً جداً إن لم يكن مستحيلاً في ظروف أقل ما يقال عنها بأنها غير ملائمة للعمل السياسي القومي وضمان حريته أي بعبارة أخرى أن أي حزب سياسي قومي خاصة عندما تتوسع قاعدته الجماهيرية لا يمكن أن يظل فاعلاً ومؤثراً في الأحداث مع بقاءه حزباً سرياً … مطكستا اليوم تعتبر حزب سياسي غير مجاز في سورية لان الحكومة السورية لا تعترف بأمتنا كقومية أو مكون قومي ولأسباب متعلقة بأيديولوجية الدولة وحزب البعث ولكن في نفس الوقت تصرف النظر ولاعتبارات سياسية محلية وخارجية عن بعض نشاطات مطكستا أو الفعاليات القومية لها التي لا تتجاوز الخطوط المسموح بها سياسيا للدولة السورية لذلك تمارس مطكستا نشاطها ضمن الهامش الديمقراطي المتاح عليها أن تمتلك مواهب ومؤهلات سياسية وتجارب وخبرة في التعامل مع المسألة الوطنية ومع القوى السياسية الوطنية والقومية الأخرى وهذه المسألة التي نجحت وتوفقت فيها إلى حد كبير ومن المؤمل أن توفق أكثر في المرحلة الجديدة في سورية والتي يتطلب منها المشاركة في نتائجها المتوقعة لتحقيق أهدافها في خدمة شعبنا وامتنا ومطكستا تدرك كل هذه الأمور بشكل واعي ودقيق وتعرف بأنها ليست بالأمر الهين والسهل بل يتطلب منها جهود استثنائية نادرة لتجاوز تحديات المرحلة وتعقيداتها …
7 – ختاما مع التهنئة:
وختاما ولمناسبة الذكرى الرابعة والخمسون لتأسيس المنظمة اتقدم الى قيادة المنظمة بكافة مستوياتها وكوادرها وقواعدها ومؤازريها بأجمل التهاني والتبريكات آملي ان تتحول مناسبة تاسيس منظمتكم المناضلة فرصة لنيل شعبنا في سوريا حقوقه القومية والوطنية المشروعة والمرتبطة بحلّ وطني ديمقراطي شامل ينطلق من مفهوم الشراكة الوطنية الكاملة ويستند لقيم ومفاهيم العيش المشترك وبالتعاون والتنسيق مع كافة القوى القومية والوطنية والديمقراطية في سوريا مع تأكيدنا على الإقرار الدستوري لحالة التنوع القومي في البلاد والاعتراف بالوجود والهوية القومية والثقافية لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري باعتباره شعبا أصليا وضمان كافة حقوقه القومية والسياسية والتاريخية واعتبار لغته وثقافته السريانية لغة وثقافة وطنية وذلك ضمن إطار وحدة البلاد أرضا وشعبا ونتمنى لكم دوام التقدم والنجاح في خدمة قضايا شعبنا وامتنا ….
انطوان دنخا الصنا
مشيكان
antwanprince@yahoo.com