أسامة ادور موسى *
>>> ومن هنا يجب أن يتوقف هؤلاء الخائفون والمشككون الحذرون والمتشائمون عن التخيل بأن العالم يكف عن الدوران لحظة ينامون، وأن للحقيقة مكان واحد فقط هي هناك في أعلى رؤوسهم !!! وعليهم "تحديث" ذهنياتهم منطلقين من مجموعة من البديهيات:
– نحن الآن في القرن الحادي والعشرين، وقد ولى فيه زمن دفع الجزية المالية والسياسية وغيرها، الآن هو زمن رفع الصوت لانتزاع الحقوق. ومن لم يمتلك الشجاعة لطلبها، فعلى الأقل عليه أن يصمت ويتنحى ليفسح المجال أمام من لديه الجرأة على فعل ذلك. إلا اذا كان البعض يخجلون ضمنا من تخاذلهم ويموهون صمتهم المخجل بإطلاق شعارات دخانية خرقاء لإعماء الأبصار.
– لقد ولى زمن الدكتاتوريات إلى غير رجعة، وقد ذهب "موديل" الحزب الواحد والقائد الأبدي الى الجحيم، وانتهى عصر أنظمة القهر والقمع، ولا مكان لأي دكتاتورية من أي نوع كانت بعد اليوم في العالم. إنها حتمية تاريخية، من يحول دونها هو كمن يقف في وجه الشمس كي لا تشرق صباحا.
– أن الوطن يتشكل من امتزاج الشعب والأرض والسماء والحدود والمؤسسات والدولة. والوطن باق للأبد. أما السلطة فهي رؤساء ووزراء ومسؤولون زائلون متغيرون لأنهم ببساطة يموتون بالجلطة والسكري مثلهم مثل باقي الناس وليسوا خالدين مهما رفعوا من شعارات البقاء للأبد !! ونحن إذ ننتقد السلطة فهذا لا يعني أننا نخون الوطن، بل نحن الأحرص على الوطن ممن يكيل المديح لسلطة ظالمة جائرة فاسدة تستثمر الوطن شركة خاصة لها ولأزلامها.. وشتان بين الوطن والسلطة.
– لقد أصبح العالم قرية واحدة صغيرة يهتم سكانها بكل التفاصيل الدائرة فيها، ولم يعد ممكنا قهر الشعوب وقتلها وإخفاء المعالم، فالانترنت والموبايل قد رفعا الجاهزية الإعلامية الى أعلى المستويات لرصد كل الانتهاكات. اليوم ليس مطلوبا أن تكون خطيبا كارزميا مفوها ومفكرا رصينا خاذقا، ولا أن تمتلك جمهورا مؤدلجا لتقود ثورة ضد الظلم. يكفي أن يكون لديك قلم، أو أنترنت، أو موبايل وستحقق النصر على الأباتشي والبي فيفتي تو.
– "الما يحضر عنزتو تولد جدي". هذا المثل البدوي البسيط يختصر المشهد السياسي الحالي في المنطقة والعالم وموقع الآشوريين السريان فيه حاضرا ومستقبلا. أي إن لم تكن رقما أساسيا في موازنة وحل معادلة التغيير السياسي القادم، لن يكون لديك الحق في المطالبة بشوط إضافي للعب، ولن ينفعك البكاء على الأطلال. ومن هذه الجزئية الكبيرة بالذات تأتي أهمية حضور المنظمة الآثورية في الحراك الوطني على الساحة السورية لكسر عقدة الخوف المزمن من جهة وانتزاع الحق بمنطق الندية لا بروحية الذمية من جهة أخرى.
– لم تعد أي قوة قادرة على استخدام حجة الأكثرية والأقلية، الأقلية تفرض شروطها بقوة أكبر إذا تمكنت من قواعد اللعبة، وكانت حاضرة عند كل المفترقات والمنعطفات السياسية الهامة. والآشوريون يستطيعون استخدام جميع "الأكثريين والأكثريات" وتوظيفهم من أجل مصالحهم القومية، وهم لديهم القدرة والإرادة والحق في فعل ذلك. انظروا الى صلابة الأقباط و عنادهم وهم في قلب العاصفة، انظروا الى تشبث شعبنا بأرضه وحقوقه في العراق رغم كل ماجرى، انظروا الى ثبات الموارنة وعزمهم في لبنان، حيث لم تستطع كل قوى الإرهاب التي مارستها سورية و ايران و حزب الله وتوابعهم أن تكسر إرادة شخص مثل سمير جعجع. أن تكون لديك الإرادة أهم وأفعل من كل أسلحة العالم.
– أن ثقافة اللاعنف هي المهيمنة في عالم الغد. ولقد ثبت بالتجربة أن ملح غاندي الذي مرغ عرش بريطانيا في أوحال الهند، ألهم اليوم شباب جيورجيا أن يقتلعوا شيفردنادزه من كرسيه عبر الورود الحمراء.
– أن شرعة حقوق الإنسان ستكون الكتاب المقدس الذي يوحد العالم حول حتمية أن يتمتع كل الناس والشعوب بحقوقهم كاملة. فلم يعد للحق التاريخي وهجه وبريقه، فما تحت الأرض من آثار وتاريخ مضى هو تحت الأرض ولن يعود، أما من يقرر فهم الأحياء.
– إن استخدام الدكتاتوريات المتهاوية لذريعة "البديل الأسوأ" ما هي الا محاولة لثني كل من يفكر بالتغيير، وهي تستهدف خصوصا أبناء الأقليات القومية والدينية وحتى الأقليات الفكرية. وهذا ما ساقه القذافي ومبارك وصالح وبن علي وكل الأنظمة المتهاوية حول الإمارات الإسلامية وسيطرة القاعدة وغيرها، وهذه كذبة تشبه كذبة المقاومة التي لم تعد تنطلي الا على الأغبياء والمنافقين.
… يتبع في الجزء الثالث…
* أسامة ادور موسى
إعلامي آشوري