31-03-2018
بيان
بمناسبة عيد رأس السنة البابلية الآشورية (الأكيتو)
يحتفل شعبنا السرياني الآشوري في سوريا والعالم بعيده القومي، عيد رأس السنة البابلية الآشورية (الأكيتو) في الأول من نيسان (ܚܕ ܢܝܣܢ). مستعيداً إرثاَ عريقاً تكرّس منذ القدم في سومر وأكاد وبابل وآشور، حيث خطت البشرية أولى خطواتها على دروب الحضارة والتمدّن. من خلال إنتاج ملاحم وأساطير غنية بالقيم والدلالات الفلسفية والدينية، عكست رؤية متقدّمة لعلاقة الإنسان بالطبيعة والحياة. وتمّ تجسيد ذلك عبر طقوس واحتفالات حملت معاني ترمز إلى الخصب والتجدّد والانبعاث. وفي وقتنا الراهن أضفى شعبنا على عيد الأكيتو، معاني ومضامين معاصرة، يعبّر من خلالها عن تمسكه بإرادة الحياة والتجذَر في الوطن، ويستمدّ منها الأمل والعزيمة على متابعة مسيرته الإنسانية، وترسيخ وجوده القومي، وتعزيز دوره الوطني من أجل نيل حقوقه المشروعة في ” الاعتراف الدستوري بالوجود والهوية القومية للسريان الآشوريين وضمان كافة حقوقهم بالتساوي مع كافة القوميات في سوريا”.
تتزامن احتفالاتنا بعيد الأكيتو، مع دخول ثورة الشعب السوري من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية عامها الثامن. حيث لم تتوقف آلة العنف والدمار عن الدوران، ولم تنفع الجهود المبذولة في جنيف وأستانا وسوتشي في وقف الحرب وإنتاج حلول سلمية، بل على العكس، دخل الصراع في سوريا وعليها، مرحلة جديدة، عنوانها سباق محموم وشرس من قبل الدول الإقليمية والكبرى المنخرطة في الأزمة السورية، على تقاسم وتثبيت وتوسيع مناطق النفوذ فوق الجغرافيا السورية، متكئة على أدوات محلّية فقدت استقلاليتها ورهنت إرادتها لأجندات الآخرين. وفي طريقها لتحقيق مصالحها لم تتورّع هذه الدول عن احتلال أجزاء من سوريا، ما أدّى إلى تهجير آلاف المدنيينالسوريين من الغوطة الشرقية وعفرين وغيرها بالتواطؤ مع حلفائها المحليين، متّخذة من حجّة مكافحة الإرهاب غطاء لعملياتها. وبموازاة ذلك كشف المجتمع الدولي وقواه الفاعلة عن عجز فاضح في تطبيق قراراته، التي داستها المصالح الإقليمية والدولية، ليدفع الشعب السوري بكافة فئاته المزيد من الأرواح والدماء والدمار والتشريد في أبشع مأساة إنسانية شهدتها البشرية منذ الحرب العالمية الثانية.
إنّنا في المنظمة الآثورية الديمقراطية، نؤمن بأنّ الحلول العسكرية لن تجلب حلاّ لما نعيشه كسوريين، وبأنّ أوهام الحسم العسكري التي تراود النظام وحلفائه لن تعيد عقارب الساعة إلى ماقبل عام 2011، كما لن تفلح في إرغام السوريين على التخلّي عن مطالبهم في الحرية والكرامة والديمقراطية، ونحن على يقين بأنّ الاستمرار في هذه الخيارات سوف يساهم في تفاقم الأوضاع وتقسيم البلاد وتمزيق نسيجها الاجتماعي. لذلك فإنّنا نطالب المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته السياسية والقانونية والإنسانية والأخلاقية، وندعوه للتحرّك بشكل عاجل من أجل وقف الحرب المدمّرة في سوريا، واتخاذ موقف حازم بدعم عملية الحلّ السياسي التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف من أجل فرض حلّ سياسي يستند إلى بيان جنيف والقرار 2254 وبما يضمن الانتقال من نظام الاستبداد إلى نظام ديمقراطي علماني يقوم على أسس المواطنة المتساوية والشراكة الحقيقية بين كافة السوريين، على أن يسبق ذلك تطبيقاَ كاملاَ من قبل كافة الأطراف لإجراءات بناء الثقة، التي تشمل وقف إطلاق نار شامل على كافة الأراضي السورية، وإنهاء حالات الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية، والإفراج عن المعتقلين وكشف مصير المفقودين والمخطوفين، وبغير ذلك ستتحوّل سوريا إلى ساحة مستباحة لقوى الإرهاب، وللأطماع الإقليمية والدولية، ولن تنعم المنطقة بالهدوء والاستقرار.
إنّ المنظمة الآثورية الديمقراطية، إذ تتقدّم بأجمل التهاني والتبريكات لأبناء شعبنا (في الوطن والمهجر)، ولعموم السوريين بمناسبة أعياد الأكيتو والقيامة المجيدة، فإنّها تدعو أحزاب ومؤسّسات شعبنا إلى تجاوز خلافاتها السياسية والحزبية الضيقة، وتغليب المصلحة القومية المشتركة، والسعي نحو تطوير آفاق التعاون والتنسيق فيما بينها، من أجل تجسيد إرادتنا الحرّة في نيل حقوقنا القومية وترسيخ وجودنا القومي والإنساني وتعزيز دورنا الوطني إلى جانب كافة شركائنا في الوطن.
المجد والخلود لشهداء شعبنا ووطننا
كل عام وأنتم بخير
سوريا 31/12/6767 آ – 31/3/2018 م
المنظمة الآثورية الديمقراطية
المكتب السياسي