01-04-2021
الأخوات .. الإخوة الحضور
يسعدني ياسم قيادة المنظمة الآثورية الديمقراطية أن أرحّب بممثلي أحزاب الحركة الوطنية الكردية والأحزاب والقوى الوطنية ، وكذلك بممثليّ مؤسساتنا المدنية والدينية.
ثمّ أتوجّه باسم قيادة المنظمة الآثورية الديمقراطية وباسمكم جميعا، يأجمل التهاني والتبريكات لأبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري في الوطن والمهجر، وكذلك إلى جميع أبناء الشعب السوري، بمناسبة عيد رأس السنة البابلية الآشورية (الأكيتو). وأقول للجميع أكيتو بريخو .. أكيتو بريخا
الأعزاء الحضور:
يعتبر عيد رأس السنة البابلية الآشورية (الأكيتو) من أهم الأعياد القومية للشعب السرياني الآشوري. احتفل به أجداده منذ أيام سومر وأكاد وبابل وآشور، وفي أجزاء واسعة من سوريا الحالية. حيث كانت تقام فيه احتفالات وكرنفالات ضخمة على مدى إثني عشر يوما، يشارك فيها كافة فئات وشرائح الشعب إلى جانب الكهنة والملوك، احتفاء بِمقدَم الربيع، وبتجدّد وانبعاث الطبيعة، وما يرمز له ذلك من إعلاء قيم ومعاني الحياة من خلال تغلّب الخير على الشرّ وانتصار الإنسان على الموت. وتجلّى ذلك في ملاحم وأساطير عكست عمق تفاعل الإنسان مع الطبيعة. اختلفت طقوس الاحتفال من حقبة إلى أخرى، واتخذّت في أحيانٍ كثيرة طابعا رمزيا، وانتقلت بعض طقوس ومظاهر الاحتفال إلى الحقبة المسيحية التي استعارت بعض دلالات ومفاهيم الأكيتو، ولعلّ أبرز ملامح هذا التأثرّ، يتجلّى في موضوع قيامة السيد المسيح الذي يحاكي قيامة الإله تموز وانبعاثه من عالم الأموات، وهناك الكثير من الطقوس والإشارات يقوم بها أبناء المنطقة عموما في الأول من نيسان تحديدا، تجد تفسيرها المنطقي في معاني هذا العيد.
إنّ المنظمة الآثورية الديمقراطية، باعتبارها أوّل تنظيم سياسي في صفوف شعبنا، بذلت جهودا كبيرة في سبيل إحياء وتثبيت عيد الأكيتو وغيره من الأعياد التي تخصّ شعبنا، في الوجدان والوعي الشعبي، وإضافة معاني ودلالات معاصرة عليه، تتكامل مع معانيه الإنسانية والحضارية، باعتباره عيداً قومياً يجمع أبناء شعبنا على مختلف تسمياتهم: السريانية، الكلدانية، الآرامية، الآشورية، ومن خلاله يعبّرون عن وجودهم وعن هويتهم الخاصة والمميّزة. ومن أجل تحقيق ذلك قدّم رفاق المنظمة تضحيات كبيرة عندما كانوا يحتفلون سرّاً في البيوت والقرى على شكل مجموعات صغيرة لحين تحولّه إلى عيدٍ شعبي. فالبعض من هؤلاء الرفاق جرى اعتقاله في ساحات الاحتفال، والبعض فُصِل من وظيفته. لكن بالعزيمة والإرادة والإصرار تمّ تكريس يوم الأوّل من نيسان عيداً لكلّ شرائح شعبنا، يحتفلون به في كلِّ مكان في الوطن والمهجر، بعد أن كان الاحتفال به يقتصر على النخب والمجموعات السياسية. بالتأكيد لم تكن المنظمة لوحدها في هذا المجال، إذ لا يمكن إنكار دور وجهود الأحزاب والمؤسسات التي نشأت لاحقاً في توسيع دائرة الاحتفال بهذا العيد. وما احتفالنا المشترك اليوم إلاّ تأكيداً على الطابع القومي الجامع الذي يحظى به هذا العيد.
الأخوات الإخوة الحضور:
جرت في الماضي محاولات كثيرة لإنكار وطمس هذا العيد وإلغائه من ذاكرة شعبنا. وقبل أيام، وصلت الهمجية والبربرية ببعض المستويات الرسمية في الموصل لدرجة الإقدام على هدم أسوار مدينة نينوى التاريخية، في عملية مُدانة تعكس مستوىً من التخلّف والحقد على كل ما يمتُّ إلى المدنية والحضارة بِصِلة. وهذا بلا شك يؤشّر على حجم الصعوبات التي تواجه شعبنا وقواه السياسية في سعيهم الدؤوب من أجل نيل حقوقنا القومية المشروعة، وفي مقدمتها: ” الاعتراف الدستوري بالوجود والهوية القومية للشعب السرياني الآشوري، وضمان كافة حقوقه القومية، واعتبار لغته وثقافته السريانية ، لغةً وثقافة وطنية وذلك ضمن إطار وحدة سوريا أرضاً وشعباً”. وكذلك تحويل عيد الأكيتو مع عيد النوروز إلى أعياد وطنية لكل السوريين، بما يساهم في إزالة مشاعر الغبن والظلم التي لحقت بالشعبين السرياني الآشوري والكردي، وبما يعيد سوريا إلى أصالتها التاريخية القائمة على التنوّع.
رغم الصعوبات التي واجهتها المنظمة، فإنّ نضالها لم يتوقف، بل على العكس فإنّ ذلك زادها عزيمة و إصراراً ومثابرة على المضي قّدّماً من أجل المطالبة بحقوق شعبنا، ولم توفرَ جهدا في سبيل الوصول إلى ذلك. فمنذ انخراطها المبكّر في أطر المعارضة الوطنية الديمقراطية، دفعت بهذه المطالب إلى دائرة اهتمام النخب الوطنية إلى جانب القضايا التي تتعلّق بالديمقراطية وحقوق الإنسان. واستطاعت تثبيت ذلك في الوثائق الصادرة عن مؤتمرات المعارضة، وفي الأوراق التي أقرّتها أطر المعارضة الرسمية. كما كرستها في التحالفات الوطنية التي عقدتها وآخرها جبهة السلام والحرية. وقبل يومين، تبنّت الهيئة السياسية للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة مقترح المنظمة الآثورية الديمقراطية باعتبار عيد الأكيتو عيداً وطنيّاً لكل السوريين. بالتأكيد فإنّ هذا الجهد يتكامل مع ما قام ويقوم به رفاقنا في حزب الاتحاد السرياني وفي الحزب الآشوري الديمقراطي من خلال وجودهم في مجلس سوريا الديمقراطية من أجل تثبيت هذه الحقوق. لا شك أنّ هذا يعتبر خطوة متقدمة في القطع مع الفكر الشمولي الذي سيطر على المنطقة والاعتراف بمسألة التنوّع، لكنها ليست كافية، فالمطلوب المزيد من العمل وتضافر كافة الجهود من أجل تثبيت حقوقنا على المستوى الوطني دستورياً.
الإخوة الحضور:
مع تعثّر مسار الحل السياسي، بسبب انعدام عوامل الأمان والاستقرار، وبسبب تنامي التهديدات النابعة من مخاطر الصراع على سوريا إقليمياً ودولياً، وانسداد آفاق الحل السياسي، وتفاقم الأوضاع الإنسانية الناجمة عن انهيار الاقتصاد، وتفشّي وباء كورونا. كل هذا يهدّد بمضاعفة محنة وآلام السوريين الذين عانوا من مآسي وأهوال الحرب على مدى أكثر من عشر سنوات. وهذا يتطلّب وضع نهاية لهذه المأساة المفتوحة، من خلال العمل الجاد على استعادة السلام والاستقرار، وهذا لا يمكن أن يتحقق بدون ممارسة ضغوط دولية حقيقية على النظام وحلفائه من أجل السير في العملية السياسية وتطبيق القرار 2254 بكامل بنوده، لضمان الانتقال إلى نظام ديمقراطي علماني دولة يقوم على أسس العدالة والمساواة والشراكة الحقيقية بين كافة مكونات الوطن من عرب وأكراد و سريان آشوريين وأرمن.. مسلمين ومسيحيين وإيزيديين.
الحضور الأعزاء
يعيش شعبنا في الوطن أوضاعاً صعبة وقاسية أسوةً ببقية السوريين على مختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم السياسية، وتواجهه مخاطر وتحدّيات كبيرة تحتاج إلى جهود جماعية للتخفيف من حدّتها وأضرارها على وجودنا القومي. ونرى أنّ هذا يشكل حافزاً مهمّاً لأحزابنا ومؤسساتنا وكنائسنا للتعاون معاً في المجالات الممكنة من أجل تخفيف المعاناة الحياتية التي يعاني منها شعبنا في هذه المرحلة، وفي هذا السياق، تندرج الحوارات الجارية الآن بين أحزاب حركتنا السياسية في سوريا والمتمثلة بالمنظمة الآثورية الديمقراطية وحزب الاتحاد السرياني والحزب الآشوري الديمقراطي من أجل الوصول إلى رؤى ومواقف مشتركة حيال مطالبنا القومية ورؤيتنا لسوريا المستقبل. ونؤكد بأنّنا في المنظمة الآثورية الديمقراطية على استعدادٍ كامل لإنجاح هذه الحوارات وصولاً إلى بناء تحالف سياسي بين أحزابنا وبما يحقّق التكامل التام فيما بينها، بهدف تحقيق تطلعات شعبنا وضمان حقوقه المشروعة.
في الختام: نجدّد تهانينا لأبناء شعبنا وللشعب السوري بعيد الأكيتو وكلنا أمل أن يكون العام الجديد عام خير وسلام لجميع السوريين.
تحية إجلال وإكبار لشهداء شعبنا وشهداء وطننا
أكيتو بريخو وكل عام وأنتم بخير
سوريا 1 نيسان 6771 آ – 2021 م