31-03-2021
في الوقت الذي يحتفل السريان الآشوريون بعيد رأس السنة الجديدة في الأول من نيسان من كل عام , كعادة قومية تراثية متأصلة وموروثة منذ ما قبل ستة آلف سنة, نرى الغربيون الأوربيون والأمريكيون يكرسون هذا اليوم لعادة ما يسمى بـ ( عيد الكذب April fools ) . يكذبون على بعضهم البعض , لأجل المزاح والتسلية . فمن أين إنطلقت هذه العادة ( عادة كذبة نيسان April fools ) ، كيف ومتى إنتشرت وتعممت ؟؟
إن عادة الكذب في الأول من نيسان تعود في الاصل إلى منتصف القرن السابع عشر الميلادي , إبان حكم الملك لويس الرابع عشر ( 1638 – 1715 ) ملك فرنسا , حيث كانت بداية السنة الجديدة حتى عهده تبدأ في الأول من شهر نيسان , بدلا من الأول من شهر كانون الثاني , وكانت تقام في الساحات العامة والشوارع في كل مدن أوربا إحتفالات وكرنفالات شعبية كبيرة إحتفاءا بقدوم عيد رأس السنة الجديدة في الأول من نيسان .
كان شهر نيسان هو الشهر الأول في التقويم السنوي بدلا من شهر كانون الثاني , حتى فترة حكم الملك لويس الرابع عشر الذي عُرف في التارخ بـلقب ( ملك الشمس ) حيث خاض عدة حروب في إوروبا إحتل فيها معظم دول أوربا بقبضة من حديد , وقد لقب أيضا بـ ( لويس ديودون louis Dieudonne ) والتي تعني باللاتينية ( لويس هبة الله) ( راجع الموسوعة العلمية Funk & Wdagnalls Vol. 16 الصفحة 18) لايمانه بالمسيحية وتعصبه الشديد لها . رأى هذا الملك إن عادة الإحتفال بعيد تجديد الحياة في الأول من نيسان لا يتوافق والتبشير المسيحي ــ وحسب إعتقاده ــ لا أحد يمكنه تجديد الحياة ومنح حياة جديدة إلا الرب يسوع المسيح الذي قال : ” أنا هو الطريق والحياة ” ( يوحنا 14:6 ) وقال أيضا : ” إذ أعطيته سلطانا على كل جسد ليعطي حياة أبدية لكل من أعطيته ” ( يوحنا 17 : 2 ). ومن هذا المبدأ أصدر الملك لويس الرابع عشر أمرا ملكيا بوقف الإحتفالات بالأول من نيسان , وإلغاءها كعيد تجديد الحياة ، أو كعيد رأس السنة الجديدة , لانها عادة وثنية قديمة لا توافق والإيمان المسيحي إطلاقا , وشدد على إقامة الإحتفلات والكرنفالات في الأول من كانون الثاني كبداية لرأس السنة الجديدة ، وكإشارة لبداية تجديد الحياة التي وعدنا بها يسوع المسيح واهب الحياة الجديدة للمؤمنين به ، حيث يعتبر شهر كانون الثاني الشهر الذي يلي ولادة المسيح .
إلإ إن الشعب الذين تعوّد أن يحتفل في الأول من نيسان من كل سنة كبداية إستقبال للعام الجديد ، لم يتمكن من كبح جماحه وإندفاعه للانطلاق الى الساحات العامة في المدن والإحتفال بعيد رأس السنة الجديدة في الأول من نيسان كما كانوا معتادا إليه في السابق . إلا إنه في هذه السنة – وبعد أن وصلتهم أوامر الملك بمنع الإحتفالات بهذه المناسبة – عَمَدَ المحتفلون ومنظمي الإحتفالات إلى إرتداء الإزياء التنكرية لمنع كشف شخصييتهم لفرسان وجنود الملك الذين كانوا يجوبون الشوارع لمنع إقامة الإحتفلات وملاحقة المحتفلين تنفيذا لأوامر الملك الصارمة إلا إن المحتفلون واصلوا إحتفالاتهم كالعادة دون الإهتمام بممانعة الجنود لهم , مما كان سببا في إدخال الغضب الى قلب الملك لويس الرابع عشر , الذي أمر بتوقيف كل شخص محتفل في هذا اليوم وسوقه مباشرة الى قصر الملك ليحاكمهم بنفسه فورا بتهمة التمرد والعصيان على آوامره وخروجهم عن الإيمان المسيحي القويم ، وإتباع عادات وتقاليد وثنية قديمة بالية . ولما إمتثل المحتفلون أمام الملك في قصره ، دافعوا عن إنفسهم قائلين :” يا ملكنا المُعَظَّمْ ، أطال الله من عمرك , نحن لا نتمرد على أوامركم ، بل نطيعها ونقبلها وننفذها بحذافيرها ، أما اليوم ، وكما ترانا ، قد إرتدينا جميعا – وليس كالعادة – هذه الملابس التنكرية ، وخرجنا الى الشوارع والساحات العامة للمدينة ، ليسَ للإحتفال بهذا العيد الوثني المنبوذ ، وإنما للإستهزاء به ، ولاجل إقناع كل الناس بأن هذا العيد ليس عيد تجديد الحياة ، بل هو عيد للكذب والسخرية والإستهزاء ، وليس خروجنا في هذا اليوم الأول من نيسان هو للإحتفال بعيد رأس السنة الجديدة ، إنما للكذب والسخرية من هذا اليوم ، ومن هذا العيد الوثني” . فعفى عنهم الملك وأطلق سراحهم ، بعد أن إقتنع بأنهم لا يحتفلون بالأول من نيسان كعيد رأس السنة الجديدة إنما خرجوا لأجل السخرية والإستهزاء من هذا اليوم ومن هذا العيد .
ومن يومها إنتشرت عادة الكذب المسمى ( April fool ) في الإول من نيسان , وتبدل عيد رأس السنة من الأول من نيسان الى الأول من كانون الثاني عند الشعوب المسيحية في أوروبا . لكن الشعوب المشرقية وبالأخص شعوب بلاد ما بين النهرين والهلال الخصيب , أو الشعوب المجاورة كالفرس ، والكرد ، والعرب ، والترك … فإنهم إستمروا في ممارسة الإحتفال بعيد رأس السنة الجديدة في شهر نيسان وتحت أسماء مختلفة بما يتماشى عادات وتقاليد وطقوس وأساطير تلك الشعوب , فالبعض منهم يسمونه بـ ( عيد نوروز ) والبعض يسمونه بـ ( عيد التجدد ) , وآخرون يطلقون عليه بـ ( المربعينية ) ( نسبة الى فصل الربيع ) , ويسمى عند الآخرون بـ ( بي- نيسانه ) تيمنا بشهر نيسان … وجميع تلك الأعياد تقام في الفترة المحددة ما بين منتصف شهر آذار ومنتصف شهر نيسان حيث ترتدي الطبيعة في هذه الفترة حلة جديدة , وتتجدد الحياة لكل الكائنات الحية على الأرض من نباتات وحيوانات وطيور والإنسان أيضا.
فليبارك الرب عيد ( أكيتو ) على كل العراقيين والسوريين في ( سوريا الكبرى ) من العرب والكرد والتركمان واليزيديين والصابئة والسريان الأشوريين …. وليكون إكيتو ( عيد رأس السنة الآشورية الجديدة) لهذا العام 6771 عيد سلام ومحبة وآمان ووفاق وتفاهم وطني وإستقرار وتحرير شعوينا في الوطن الجريح , كما نأمله أن يكون عام سلام وتفاهم بين شعوب الأرض قاطبة خدمة للإنسان والإنسانية .
يكدان نيسان