حوار مع الأستاذ كبرييل موشي مسؤول العلاقات الخارجيّة في المنظمة الآثوريّة الديمقراطيّة
أستاذ كبرييل نرحب بكم أجمل ترحيب ونشكركم لمنحكم جزءا” من وقتكم لقراء جريدة يكيتي ومتابعي موقع يكيتي ميديا الالكتروني لإلقاء الضوء على آخر المستجدات على الساحتين السورية والدولية…
س١- الأزمة السورية مرت بمراحل ومنعطفات عدة، وتعددت منصات المعارضة في ظل تدخل لاعبين دوليين و إقليميين في الأزمة السورية التي تنقلت بين اتفاقات جنيف و استانة وسوتشي، وأربعة مبعوثين دوليين.
برأيكم لماذا هذا الوضع الاستثنائي والتراجيدي ؟
جواب السؤال الأول: منذ انطلاق الثورة السورية عام 2012، تعامل معها النظام من خلال الحلول الأمنية والعسكرية، وتصوير الأمر على أنه مواجهة بين الدولة والإرهاب الإسلامي، بهدف حرف الثورة عن مسارها السلمي، وإفراغ المطالب الشعبية في الحرية والكرامة والديمقراطية من جوهرها ومضمونها، وهذا قاد (وفق ما هو معلوم للجميع)، إلى العسكرة والأسلمة والتطييف،. كما استدرج التدخلات الخارجية (إقليمية ودولية) بما في ذلك دول تولّت قيادة ثورة مضادة، تجسّدت بدخول التنظيمات الإرهابية المتطرفة والميليشيات الطائفية إلى قلب المشهد بقصد تحويل الثورة من صراع بين نظام ديكتاتوري وشعب ثار من أجل الحرية والعدالة والديمقراطية ويسعى إلى التغيير الديمقراطي الشامل، إلى حرب ضد الإرهاب، وهذا زاد من وتيرة التدخل الخارجي، وتحولّت سوريا إلى ساحة لتصفية الحسابات الدولية والإقليمية التي أجّجت الصراع عبر حرب بالوكالة كانت أدواتها أطراف محلية (نظام ومعارضة)، جرى استقطابها لخدمة أجندات ومصالح الدول، وفقدت الأطراف المحلية بالتالي استقلاليتها وقدرتها على التأثير في مجرى الأحداث باتجاهات تخدم المصلحة الوطنية. تضافر ذلك مع تقاعس مريب من المجتمع الدولي، وغياب إرادة دولية لحل الصراع وفق قرارات مجلس الأمن لا سيما القرار 2254، حيث وقف المجتمع الدولي عاجزا أمام وقف المآسي والكوارث التي تعرّض وما يزال يتعرّض لها الشعب السوري منذ تسع سنوات على أيدي آلة القتل التي أطلقها النظام وحلفائه. كل هذا زاد من تعقيد الأوضاع، وأعاق جهود الوصول إلى الحلّ السياسي الذي يتطلّع إليه السوريون.
س٢- استطاع محور استانة ( روسيا- تركيا – إيران ) فرض مقاربته بخصوص اللجنة الدستورية وتجاوز سلة هيئة الحكم الانتقالي ربما لفرض وقائع جديدة ، وفي نفس الوقت أمريكا تكرر في أكثر من مناسبة وعلى لسان مبعوثها الخاص جيفري بأنه لابديل عن جنيف لحل الأزمة السورية…إزاء هذا المشهد المتشابك كيف تنظرون إلى مسار الحل؟
جواب السؤال الثاني: في ظل تخلّي الولايات المتحدة والدول الأوربية عن دورها ومسؤولياتها في الملف السوري وحصره بالجانب الإنساني فقط، استطاع بالفعل محور أستانا (روسيا- تركيا- إيران) التحكّم بمآلات الأحداث في سوريا، والتلاعب بالقرارات الدولية بقصد فرض وقائع ميدانية على الأرض، تعزّز من جهة نفوذ ومصالح هذه الدول في سوريا، وتعطيها من جهة ثانية الفرصة لفرض رؤيتها الخاصة للحل السياسي النهائي عبر الحسم العسكري بما يتعارض والقرارات الدولية التي تؤكد أن الحلّ هو حلّ سياسي. ولا شك أنّ استفراد هذه الدول في فرض آلية مناطق خفض التصعيد، ساهم في تعطيل مسار الحل السياسي، عبر إيهام النظام بوهم الانتصار، وزيادة التعنت في رفض تطبيق القرارات الدولية وبرز ذلك بوضوح في عرقلة أعمال اللجنة الدستورية.
إنّ التباين في الأهداف والمقاربات بين أطراف أستانا والذي انكشف بشكل صارخ مؤخرا في قضية إدلب، يظهر عجز هذا المحور في فرض رؤيته الهادفة إلى تعويم النظام، كما يظهر العجز عن اجتراح أية حلول بمعزل عن التوافق مع الأطراف الدولية الأخرى لا سيما الولايات المتحدة ودول المجموعة المصغرة. ونرى أن الحلّ السياسي الذي يستجيب لتطلعات الشعب السوري هو الحل الذي يتم تحت رعاية المتحدة ومن خلال التطبيق الكامل لبيان جنيف1 وقرار مجلس الأمن 2254، وبغير ذلك لا يمكن استعادة السلام والاستقرار في سوريا.
س٣- يطلق بعض المراقبين على التطورات الأخيرة في إدلب بالمعركة السياسية الحاسمة …برأيكم هل سيكون هناك بازارات سياسية توافقية تفاديا ” للانزلاق عميقاً في هذا المستنقع؟
أم سيكون للنظام وداعمه الرئيسي (روسيا) فصلا من التمدد والسيطرة؟
وهل ترون دوراً يذكر لأمريكا، حليفة تركيا في الناتو؟
جواب السؤال الثالث: لا جدال بأنّ نتائج ومخرجات أستانا، خدمت النظام وحلفائه طيلة السنوات السابقة. غير أنّ عقدة إدلب وما تمثله من ناحية رمزية وإنسانية لمجتمع الثورة، والتداعيات التي نتجت عن الحرب الأخيرة على سكانها الذين قدموا إليها من محافظات سورية عديدة، والخشية من الانزلاق في نزاع أوسع، دفع الأطراف إلى تجميد النزاع مؤقتا بهدف إفساح المجال للبحث في وقف أعمال القتل والتهجير كمقدمة لإنعاش العملية السياسية المتوقفة، وذلك إدراكا من الجميع بأنّ إنهاء ملف إدلب وحسمه عسكريا، سيدفع النظام وحلفائه الروس والإيرانيين إلى التوجّه إلى مناطق شرق الفرات والانقضاض عليها. وهذا سيقضي على العملية السياسية برمتها. لهذا تحركت الولايات المتحدة ومعها الاتحاد الأوربي والناتو سياسيا ودبلوماسيا وإعلاميا من أجل لجم طموحات روسيا في فرض رؤيتها الخاصة على شكل الحل النهائي في سوريا، وتجلّى هذا من خلال الدعم السياسي لتركيا والتلويح بفرض عقوبات جديدة بهدف دفع الأطراف للعودة إلى مظلة الأمم المتحدة وتنفيذ قراراتها.
س٤- إن نظام الدولة المركزية الشمولي أثبت فشله في إدارة مجتمعاتها، وخاصة في الدول المتعددة القوميات والثقافات والأديان.
كنموذج الدولة السورية التي يعيش فيها العرب والكُرد و الكلدو الآثوريين والتركمان وغيرهم، انتم في المنظمة الآثورية كعضو في الأئتلاف الوطني السوري الذي يضم مختلف المكونات السورية، هل ترون بأن نظام اللامركزية السياسية – الفيدرالية – هو الحل الأنسب للتشاركية والحد من الشمولية و الاستبداد في سوريا المستقبل؟
جواب السؤال الرابع: إنّنا في المنظمة الآثورية الديمقراطية، ننظر إلى اللامركزية باعتبارها النظام الأمثل لحماية التعدد القومي والثقافي, والضمان الدستوري لحقوق القوميات من عرب وكرد وسريان آشوريين وتركمان وغيرهم، وكذلك ضمان تعزيز وترسيخ التعددية السياسية والمشاركة الشعبية والتوزيع العادل للسلطة والموارد وتحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة. بما يقطع الطريق على إعادة إنتاج الاستبداد بأشكال أخرى. غير أنّي لا أخفيك بأنّ اللامركزية السياسية (الفيدرالية) تعتبر من القضايا الإشكالية والمختلف عليها حتى في أوساط المعارضة السورية حيث ما يزال البعض يتوجّس منها ويعتبرها خطوة على طريق الانفصال. ومع أنّنا لا نتفق مع هذا الطرح المتوجّس، فإننا نرى ضرورة لإطلاق نقاش واسع ومعمّق بين كافة الأطراف حول اللامركزية وأهميتها بهدف بناء توافق وطني يحقق مصالح كافة المكونات ويحافظ على وحدة البلاد.
الحوار منشور في جريدة يكيتي العدد “٢٧٢”