06-08-2019
يرتبط عيد الشهيد الآشوري، بذكرى مجزرة سيميل التي ما زالت بشاعتها مرتسمة في الأذهان، وذكراها حيّة وحاضرة في ذاكرة وضمير كل فرد من أبناء شعبنا السرياني الآشوري. نفذت المجزرة في السابع من آب عام 1933عندما أقدمت قوات الجيش العراقي بقيادة قائد الجيش العراقي بكر صدقي على مهاجمة بلدة سيميل وقرى شعبنا، ودكتها بالمدافع والطائرات بمنتهى الوحشية، ومهدّت الحكومة العراقية برئاسة رشيد عالي الكيلاني، للمجزرة عبر حملات إعلامية منظمة ساهمت في تأجيج وإثارة المشاعر والغرائز الدينية. جرى ذلك في ظل صمت وتواطؤ سلطات الانتداب البريطاني. وقضى جرّاء ذلك ما ينوف على خمسة آلاف إنسان من أبناء شعبنا دونما ذنب اقترفوه، وإنما عقابا للشعب السرياني الآشوري على مطالبه السلمية في الحفاظ على وجوده القومي ونيل حقوقه القومية المشروعة، وكذلك بسبب رفضه لمحاولات بعثرته وتشتيته وإخماد روحه القومية. لقد شرّعت هذه الجريمة البشعة الأبواب أمام العسكر للهيمنة على الحياة السياسية في معظم دول الشرق، وأرست مبدأ العقاب الجماعي، وفتحت الطريق أمام سياسات التطهير العرقي والطائفي، التي سارت عليها الحكومات العراقية المتعاقبة، وكلفت شعب العراق بكافة أطيافه أثماناً باهظة.
سيميل لم تكن إلا حلقة في سفر الإبادة المنظّمة التي تعرّض لها شعبنا، ومجزرة سيميل ليست مفصولة عمّا سبقها أو تلاها من مذابح ومجازر طالت شعبنا. وإنما نفذتها أدوات وجهات أعماها الحقد والعنصرية والتعصب، دينيا كان أم قوميا. فرئيس الوزراء العراقي الذي خطط لهذه المجزرة ما هو إلا تلميذ نجيب في مدرسة النازية، والضباط الذين نفذوها هم خريجو مدرسة الاتحاديين الأتراك الذين اقترفوا جريمة الإبادة الجماعية( السيفو ) بحق شعبنا أثناء الحرب العالمية الأولى، وقتلوا حوالي نصف مليون إنسان من أبناء هذا الشعب المسالم في جنوب شرق تركيا. كما أن بلدة صوريا ليست إلا ضحية أخرى من ضحايا العنصرية والاستعلاء القومي. وما تعرّض له شعبنا في الأمس القريب من قتل وخطف وتهجير لأبناء شعبنا وتدمير لكنائسه في قرى الخابور وسهل نينوى على أيدي قوى الإرهاب والتطرف الأصولي كداعش وغيرها، ليس إلا تكرارا واستمرارا لنفس العقلية التي تأبى وترفض الاعتراف بالآخر والقبول به انطلاقا من خلفية دينية تتناقض كليا مع كل شرائع السماء والأرض.
تحلّ ذكرى مجزرة سيميل، ومحنة السوريين مازالت تتفاقم، فمنذ أكثر من ثماني سنوات، عجز المجتمع الدولي ممثلا بمجلس الأمن في الدفع بمسار الحلّ السياسي، وكبح الرهانات العسكرية من قبل النظام وحلفائه، وتجلّى هذا العجز في جولة أستانا الأخيرة، حيث لم تصمد الهدنة الهشّة التي أقرّت في إدلب سوى أيام، بسبب تضارب أجندات الدول الضامنة (روسيا، تركيا، إيران)، وانسحب هذا الفشل على تشكيل وإعلان اللجنة الدستورية، بعد أن ساد تفاؤل بقرب إطلاقها، وهذا يؤشّر إلى أنّ إرادة التعطيل مازالت تسبق إرادة الحلّ من قبل ضامني أستانا الذين فشلوا على مدى ثلاث عشرة جولة في تحريك المسار السياسي، والاستجابة لتطلعات السوريين في وقفٍ دائم للحرب. وبموازاة ذلك، تتصاعد نبرة التهديدات التركية باقتحام مناطق شمال شرق سوريا عسكرياً، وما ينطوي عليه ذلك من احتمالات إشعال حروب جديدة سيكون لها آثار وتداعيات خطيرة ومأساوية على كافة مكوّنات هذه المناطق.
إنّنا في المنظمة الآثورية الديمقراطية، ندعو تركيا إلى وقف لغة التهديد، وإلى تجنيب منطقة الجزيرة وشرق الفرات، أيّة أعمال عسكرية، وإلى اعتماد الوسائل السياسية في حلّ الإشكالات القائمة، وبما يحقّق مصالح كافة الأطراف، ويحفظ أمن حدود دول الجوار، ويساهم في إرساء السلام والاستقرار في المنطقة. كما ندعو المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته السياسية والقانونية والإنسانية، على استعادة المبادرة والإسراع في عملية الحلّ السياسي وفق مرجعية الأمم المتحدة في جنيف، واستناداً إلى قرار مجلس الأمن رقم (2254) الذي رسم خطوات الحلّ، وتطبيق كافة بنوده، من أجل تحقيق الانتقال السياسي إلى نظام ديمقراطي علماني يقوم على أسس الحرية والعدالة والمساواة والشراكة الوطنية بين كافة السوريين.
إنّ الوفاء لأرواح الشهداء وتضحياتهم، وتحقيق تطلعات شعبنا وضمان حقوقه دستورياً، يُلزم أحزاب ومؤسسات شعبنا، أن تكون على قدر الآمال المعقودة عليها، حيث تحتم الظروف على الجميع تطوير آليات التنسيق، ورفع مستوى التعاون، وبلورة صيغ متقدّمة للعمل القومي المشترك، تمكّن الجميع من الارتقاء لمستوى التحديات التي تواجه شعبنا ووطننا.
المجد والخلود لشهداء سيميل وشهداء شعبنا وشهداء وطننا سوريا
سوريا 6 آب 2019
المنظمة الآثورية الديمقراطية
المكتب التنفيذي