الرئيسية / أخبار سوريا / مؤيد سكيف: المنظمة الآثورية في ذكراها الستين حاملا أساسيا للهوية السورية

مؤيد سكيف: المنظمة الآثورية في ذكراها الستين حاملا أساسيا للهوية السورية

مؤيد اسكيف*

لايمكن الحديث عن المعارضة السياسية في سوريا المعاصرة دون الحديث عن الدور الذي لعبته وتلعبه المنظمة الآثورية الديموقراطية على مدى ستين عاما منذ تأسيسها في 15/7/1964 ومهما كان هذا الدور محدود التأثير في الحياة السياسية السورية العامة إلا أن ستون عاما من العمل السياسي “السري والعلني” للمنظمة وكوادرها تشكل إرثا سوريا يساهم في غنى المجال السوري العام، هذا الإرث السياسي ساهم في إنتاجه سياسيون آشوريون -لم يتم تسليط الضوء عليهم وطنيا- خلصوا إلى أن مصالح الآشوريين السوريين لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال تحقيق قيم العدالة على أسس وطنية لكل المكونات السورية الأخرى، والتمسك بالحق التاريخي كجزء من الحق الوطني لتلك المكونات، هذا الإرث لابد من الأخذ به وتطويره والبناء عليه، من أجل تتويج هذه التجربة الوطنية التي كانت ومازالت تعبر في حقول من ألغام الإقصاء والتهميش وكل أشكال الإلغاء المادي والمعنوي كالقتل والاعتقال و التخوين و التكفير والتهجير، ما يضاعف من حجم التحديات التي تواجه العمل الوطني السوري عموما، والدور الذي يمكن أن تضطلع به المنظمة خصوصا، وذلك في ضوء الوضع الراهن في سوريا عموما وفي منطقة التواجد الأكبر للآشوريين في الجزيرة السورية.

وعلى الرغم من حالة التشظي السوري غير المسبوق في الأرض والديموغرافيا والهوية السورية و كل أشكال وعي الذات الوطنية و احترام قيم الديموقراطية إلا أن المنظمة لا تزال متمسكة بخطابها الوطني الديمقراطي الذي يقول بوحدة سوريا أرضا وشعبا وتكريس نظام ديمقراطي علماني يقوم على أسس المواطنة التي تمنع التمييز حسب العرق والدين أو المذهب واللغة والثقافة ..إلخ. مثل هذا الخطاب الذي يشكل رافعة بناء حقيقية لسوريا المستقبل صار عملة نادرة في ظل تحزبات و انقسامات شملت حتى بعض الأحياء في المدن والقرى، و أغلب المؤسسات الاجتماعية الصغيرة كالأسرة و العائلة.

إن التجربة والخبرات التي نتجت عنها على مدى الستين عاما الماضية من عمر المنظمة أثمرت عما يمكن اعتباره تمسكا للمنظمة بمصالح سوريا العليا من حيث وحدتها أرضا وشعبا و إيجاد نظام سياسي يعتمد صيغة حكم وإدارة تحقق تلك المصالح العليا لهذا البلد ولشعبه بكل تلوناتهم الثقافية والعرقية والدينية ولذلك رأينا انخراط المنظمة سياسيا – عند كل مفاصل العمل السياسي وامتحاناته الوطنية- في المشاريع التي تؤكد على هذه الثوابت وهذه المصالح التي يتم التعبير عنها في أدبيات المنظمة بلغة متوازنة وناضجة فيما يتعلق بالممكن السياسي، و صارمة حيال استحالة تجاهل البعد الأخلاقي، ومسببا للتفاؤل بالنسبة لاستمرار التمسك بالقضية السورية باعتبارها قضية وطنية بامتياز، ولذلك كانت حاضرة المنظمة في عداد القوى المشكلة لإعلان دمشق للتغير الديموقراطي وقبل ذلك كانت جزء من حراك ربيع دمشق. و خلال الثورة السورية كانت المنظمة واضحة في موقفها وفي موقعها وفي طبيعة تحالفاتها السياسية.

بالتأكيد وبما لايدع مجالا للشك ينطبق على المنظمة من نقد ما ينطبق على جميع القوى السياسية السورية خلال السنوات السبع الأخيرة تحديدا من تدني فعالية العمل السياسي، ومحدودية العلاقة مع الشارع على أسس وطنية، وغير ذلك الكثير من السلبيات والمآخذ التي أدت إلى ترهل دور المعارضة ككل خاصة في الأجسام السياسية التي ادعت تمثيل الشعب السوري وقضيته وثورته وكانت في الوقت نفسه بيئة خصبة للفساد السياسي و المالي و الإداري.

وكما هو معروف فإن بيئة العمل السياسي في سوريا وشروطها المادية و المعرفية و فعاليتها المحدودة بل والمعدومة، تمنع حتى القوى السياسية المنظمة والفاعلة على الساحة من القيام بدورها، لكن لايمكن استخدام سياسات نظام الأسد القمعية سابقا و الإجرامية لاحقا كشماعة يتم من خلالها تبرير الأخطاء وسوءات تقدير المواقف و التوازنات السياسية المحلية و الإقليمية والدولية، هذا الوضع العام يجب ألا يمنع -باعتقادي- أن تطور المنظمة من أدواتها لتجترح مفاهيم جديدة للعمل السياسي في سوريا، تتحدى فيها كل العقبات، وأن تعمل على تجاوز الجغرافية المحلية لتمتد على كامل الأرض السورية لتؤكد ما تعلنه من الدور الفريد الذي تلعبه المنظمة باعتبارها حاملا أساسيا لقضية الهوية السورية سواء من حيث البعد الثقافي المعرفي الفكري المستند على حقائق تاريخية مكتملة العناصر أو من حيث أدوات الحكم المنادى بها كالمطالبة باقتراح دستور وطني يعتمد مفاهيم الإدارة العصرية للحكم ومؤسساته.

وبطبيعة الحال لايمكن تناول المنظمة على مدى ستين عاما في مقال قصير، فهذا لايفيها حقها ولا يمكن أيضا الإسهاب في الحديث أكثر عن تاريخها ومسيرتها والعقبات التي مرت بها وعليها أو مناقشة أدبياتها ومواقفها ، ولكن يمكن القول بأن على المنظمة الكثير من المسؤوليات سواء كان ذلك فيما يتعلق بمنع هجرة السوريين الآشوريين وتهجيرهم و العمل على تشجيع الهجرة المعاكسة نحو سوريا موطن الآباء و الأجداد كجزء من عودة كل السوريين إلى بيوتهم وقراهم والقطع مع كل الأسباب التي تؤدي إلى أن يخرج السوري من دياره، و أن تستمر المنظمة في كونها أحد أهم الحوامل الوطنية لتشكيل الهوية السورية في الماضي و الآن وفي المستقبل.

مؤيد سكيف – إعلامي سوري

شاهد أيضاً

المنظمة تهنئ حزب بيث نهرين الديمقراطي بذكرى تأسيسه

31-10-2024 زار وفد من المنظمة الآثورية الديمقراطية مقر حزب بيث نهرين الديمقراطي في مدينة أربيل …