آدو نيوز – خاص: ألقى الرفيق داوود داوود نائب مسؤول المكتب السياسي كلمة المنظمة الآثورية الديمقراطية في الاحتفال الذي أقيم في مدينة القامشلي السبت الماضي في ذكرى التأسيس، هذا نصها:
السادة ممثلي الاحزاب والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني
الاخوة والاخوات الاعزاء
يسعدني باسمي واسم رفيقاتي ورفاقي في المنظمة الآثورية الديمقراطية ان ارحب بكم واشكر حضوركم ومشاركتكم احتفالنا هذا بمناسبة الذكرى الستين لتأسيسها .
ستون عاما مضت ووهج البداية لم يخب بعد. ستون عاما مضت والرسالة يتناقلها جيل بعد جيل. مناضلات ومناضلين يضحّون في سبيل تحقيقها، سائرين على درب وخطى روّادنا ومفكرينا الاوائل الذين كانوا منابع نور واشعاع للفكر القومي والقضية القومية، حيث رسموا الطريق للحفاظ على هويتنا القومية ووجودنا واستقرارنا وتحقيق حريتنا. ستبقى أسماء نعوم فائق واشور يوسف وفريدون اتورايا ومار شمعون بنيامين… وغيرها الكثير خالدة في ذاكرتنا، عظيمة في نفوسنا وقلوبنا، لما تمتعت به من نضوج في الفكر والوعي القومي و تفاعلها مع تحديات الواقع الصعبة ومواجهتها بعزيمة وايمان وعطاء وتضحية بلغت درجة الشهادة. حيث كانت قضية شعبنا السرياني الاشوري محور حياتهم فأعطوها كل وأغلى ما لديهم. وشكّل ذلك الدافع والرافعة للنضال السياسي المنظم من أجل الوجود والحرية والكرامة، فكان التأسيس, تأسيس المنظمة الاثورية الديمقراطية في العام 1957 كأول تنظيم قومي سياسي في صفوف شعبنا. وإيمانا وقناعة من الاجيال اللاحقة في المنظمة بأن الحقوق القومية والحريات لشعبنا ولمكونات المجتمع لا يمكن بلوغها الا في ظلّ دولة ديمقراطية علمانية قائمة على أساس شرعة حقوق الانسان وتضمن حقوق الأفراد والجماعات. وعلى أساس العدالة والمساواة والحرية والمواطنة الكاملة والمتساوية. فان هذا الهدف يتطلب بلوغه تلازما كاملا بين النضالين القومي والوطني. وبناء عليه حدّدت المنظمة الاثورية الديمقراطية ورسمت نهجها ونضالها السياسي السلمي وانطلقت للعمل في الفضاءين القومي والوطني .
فعلى الصعيد القومي ومنذ تأسيسها، عملت المنظمة الاثورية على نشر الوعي القومي والثقافة القومية بين صفوف شعبنا الكلداني السرياني الاشوري والتأكيد على وحدته بكل طوائفه وتسمياته .
وناضلت من أجل الاعتراف الدستوري بوجوده وهويته القومية كشعب أصيل وضمان كافة حقوقه ضمن إطار وحدة سوريا أرضا وشعبا.
كما أن المنظمة إيمانا منها بأهمية وضرورة العمل المشترك ووحدة الصف لبلوغ الهدف, فقد قامت بالعديد من المبادرات تجاه أحزاب ومؤسسات شعبنا , وتفاعلت إيجابيا مع المبادرات التي طرحت عليها وذلك بقصد تشكيل تفاهمات وأطر تعمل كمظلة قومية استنادا لخطاب قومي موحد ورؤية سياسية مشتركة . كما تم مؤخرا بين المنظمة الاثورية وحزب الاتحاد السرياني . والمنظمة على استعداد دائم للانخراط في العمل القومي المشترك والذي يتطلب بطبيعة الحال التخليّ عن الأنانيات والمصالح الحزبية الضيقة لصالح القضية القومية والمصلحة العامة والمصيرية .
وعلى الصعيد الوطني فان المنظمة انطلقت الى رحاب الوطن , ودعت لبناء هوية وطنية جامعة ترتكز على مبدا المواطنة المتساوية والكاملة والتشاركية الحقيقية والعدل. فسوريا دولة متعددة القوميات والاديان مكونة من عرب واكراد وسريان اشوريين وتركمان وغيرهم ومسلمين ومسيحيين وإيزيديين. ويجب أن يتمتعوا بحقوق قومية ودينية متساوية, دون تمييز او تفضيل لقومية على اخرى او دين على آخر.
إن دولة المواطنة الحقيقية لا يمكن إنجازها الا من خلال نظام ديمقراطي علماني قائم على اسس العدالة والمساواة والشراكة واحترام الهويات والخصوصيات والمواطنة الكاملة. وهو السبيل الوحيد والكفيل بتحقيق الاندماج الوطني وتحويل التنوع الى عامل غنى وثراء وطني بدلا من ان يكون عامل تمزيق للهوية السورية ومهدد لوحدتها الوطنية.
وبناء عليه وانسجاما مع رؤيتها في تلازم النضالين القومي والوطني فقد نسجت المنظمة علاقات مع القوى السياسية الوطنية وانخرطت في الحراك السياسي الوطني بدء من ربيع دمشق في عام 2000 ومرورا بإعلان دمشق في 2005 وانتهاء بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ومشاركتها في الثورة السورية بطابعها السلمي والسياسي وبأهدافها بالحرية والكرامة والديمقراطية .
أعزاءي الحضور
أكثر من ست سنوات مضت على الثورة السورية والصراع الدامي لايزال مستمرا في سوريا. حيث العسكرة والتدخلات الخارجية وتحوّل سوريا الى ساحة مفتوحة للصراعات الدولية والاقليمية . وبروز وتمدد الجماعات المتطرفة والارهابية كداعش والنصرة على الساحة و تصدر مواجهتها المشهد السوري. وتحوّل الكثير من السوريين الى قتلى وجرحى ونازحين ومهجرين ولاجئين وسجناء راي. والدمار الذي عمّ البلاد، وتعطيل غالبية القطاعات والمؤسسات الاقتصادية والانتاجية والخدمية. وخروج السوريين من دوائر الفعل الاقتصادي والاجتماعي. وتحوّل سوريا الى دولة فاشلة يهيمن داعش على قسم منها والقسم الاخر تحول الى مناطق نفوذ لقوى خارجية دولية واقليمية. واضحت سوريا قضية حاضرة في كل الازمات الاقليمية والدولية. وزادتها تعقيدا الازمة الخليجية القطرية الاخيرة وما أنتجته من محاور صراع جديدة في الاقليم . لتغذي الازمات بعضها البعض ويتعقد المشهد وتتقلص افاق الحل. وخاصة في ظل فوضى التدخلات الاقليمية والدولية وتحول الصراع في سوريا الى صراع على سوريا .
غير انه في الوقت الذي يقترب معه القضاء على داعش والدخول في تحولات ومناخات جديدة تفترض تيسير وتنشيط مسار الحل السياسي في سوريا. فان ذلك يتطلب من المجتمع الدولي اخراج كافة الميليشيات غير السورية والاجنبية من سوريا. و تراجع القوى الخارجية عن اجنداتها في الصراع على سوريا. وتفعيل الارادة الدولية بالدفع لتحقيق الانتقال السياسي وفق مسار جنيف وبيان جنيف 1 وقرارات مجلس الامن 2118 و2254 . والذي يشكل الاطار القانوني والسياسي الوحيد المجمع عليه لإيجاد حل سلمي سياسي تفاوضي يحقق انتقال سياسي حقيقي من نظام الاستبداد الى نظام ديمقراطي علماني يقر بالحقوق المتساوية لجميع المكونات القومية والدينية . وينهي معاناة الشعب السوري ويفضي الى دستور جديد تتجسد فيه ومن خلاله حالة امان واستقرار مستدامة. ويضمن عودة المهجرين ويفضي لإعادة الاعمار والانطلاق لمسيرة إعادة بناء سوريا الجديدة. هذا في الوقت الذي نطالب فيه بتنفيذ قرارات مجلس الامن بما يخص الجانب الانساني واجراءات بناء الثقة مثل فك الحصار عن المناطق المحاصرة وايصال المساعدات الانسانية والافراج عن المعتقلين والكشف عن مصير المفقودين .
الاخوة والاخوات
ان مجتمع الجزيرة السورية يمثل حالة نموذجية تتجسد فيها كل تعبيرات واشكال التنوع القائم في سوريا قوميا ودينيا وثقافيا ولغويا. فعلى أرضها يعيش العرب والكرد والسريان الآشوريين والارمن . مسلمين ومسيحيين وايزيديين . وجميعهم ساهم في بناء نهضة الجزيرة عبر علاقات تفاعلية خلاقة سمتها الانفتاح والتسامح . واليوم في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد فإننا كمكونات ابناء هذه المنطقة وكقوى سياسية ومدنية فان المسؤولية الوطنية، تتطلب منا رعاية هذا التنوع وحمايته والحفاظ على السلم الاهلي وقيم العيش المشترك والعمل على تخفيف التوتر والاحتقان وانهاء الصراعات عبر الانفتاح واتباع وسائل الحوار بين جميع القوى على اختلاف انتماءاتها وتوجهاتها ونبذ العنف وكل اشكال التطرف والتعصب والاستئثار أيا كان شكلها ومصدرها . وارساء أسس راسخة للشراكة بين كافة المكونات القومية والدينية وتعبيراتها السياسية والاجتماعية .
ختاما :
تحية الى الرواد القوميين بالذكرى الستين لتأسيس منظمتنا
تحية الى الرفاق الاوائل والرفاق من الجيل الاول للتأسيس
تحية الى كل الاثوريين والاثوريات في الوطن والمهجر
الحرية للمعتقلين والافراج عن المطرانين يوحنا ابراهيم وبولص يازجي
تحية لأرواح شهداء شعبنا السرياني الاشوري وشهداء وطننا سوريا
وشكرا لكم جميعا لمشاركتكم حفلنا هذا
15/7/2017
المنظمة الاثورية الديمقراطية
المكتب السياسي