آدو نيوز
الملتقى التشاوري للقوى الوطنية الديمقراطية في سوريا
القاهرة 3-4-5 أيار 2017
رؤية المنظمة الآثورية الديمقراطية حول النظام السياسي لسوريا المستقبل وبعض المبادئ الدستورية ومطالب السريان الآشوريين.
أولا: حول المطالب التي تتعلق بالسريان الآشوريين:
1- الإقرار بأنّ سوريا دولة متعدّدة القوميات والديانات والثقافات، يقرّ دستورها بحقوق كافة المكوّنات القومية والدينية، واعتبار لغاتهم وثقافاتهم لغات وثقافات وطنية، تمثّل خلاصة تاريخ سوريا وحضارتها.
2- الاعتراف الدستوري بالوجود والهوية القومية للسريان الآشوريين، وضمان حقوقهم القومية والسياسية والثقافية، واعتبار لغتهم وثقافتهم السريانية، لغة وثقافة وطنية وذلك ضمن إطار وحدة سوريا أرضا وشعبا.
ثانيا: النظام السياسي المنشود ما بين الدولة المدنية والعلمانية :
إنّ قيام نظام سياسي جديد يلبّي طموحات السوريين، بعد إزالة النظام الحالي بكافة رموزه، وتفكيك منظومته الأمنية القائمة على القمع والتسلط، وتعميم الفساد، هو هدف تجمع عليه كافة قوى المعارضة الوطنية. لقد تبنّت معظم قوى المعارضة وتياراتها الفاعلة، مصطلح الدولة المدنية الحديثة، وتحاشت أي ذكر للعلمانية، ربما مراعاة للتيارات الإسلامية التي يرى بعضها في العلمانية معادلا للكفر والإلحاد. ولم تجهد هذه القوى نفسها في توضيح وتحديد ملامح ومقوّمات الدولة المدنية بالشكل المطلوب. ولم تنجح في تبديد الغموض الذي اكتنف مصطلح الدولة المدنية خصوصا من منظور القوى الإسلامية، بل زاد من التوجس والمخاوف عند البعض، خصوصا لدى الأقليات، لأنها لا تحقق مبدأ المساواة بين المواطنين، وتكرّس التمييز فيما بينهم على أساس الدين، وما يحمله ذلك من مخاطر على وحدة المجتمع والدولة.
إن فهمنا للدولة المدنية الديمقراطية الحديثة ينطلق من كونها دولة مستقلة ذات سيادة، دولة دستورية تمتلك دستورا وضعيا توافقيا، يساهم في صياغته كافة القوى السياسية والمكونات الوطنية، وهي دولة عابرة للقوميات والأديان والمذاهب، وهي بهذا المعنى دولة كل المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم المختلفة، وليست حكرا لدين أو مذهب أو طائفة أو عرق أو أيديولوجيا أو حزب أو عائلة، هي الدولة التي تحترم العقائد الدينية ولا تعاديها دون أن يترتب على ذلك أية امتيازات. هي دولة الحقوق والواجبات ودولة المواطنة المتساوية وتحييد الدين عن السياسة والدولة، السيادة فيها للشعب وتقوم على فصل السلطات وتسود فيها سلطة القانون على الجميع، وتعتمد الديمقراطية كنظام سياسي يقوم على التداول السلمي للسلطة عبر انتخابات نزيهة. وفق هذه الرؤية فإن مفهوم الدولة المدنية برأينا لا يتعارض ومفهوم العلمانية، بل يتقاطع معه إلى درجة التطابق. لهذا فإننا في المنظمة الآثورية الديمقراطية ندعو لتبنّي مصطلح العلمانية، ونرى أن ذلك يستجيب لتطلعات عموم مكونات المجتمع السوري. إننا في المنظمة الآثورية الديمقراطية نرى في العلمانية والديمقراطية شرطان متلازمان، لا يمكن أن يتحقق أحدهما بمعزل عن الآخر. والنظام الديمقراطي العلماني يوفر حريات واسعة لكل الأديان، ويمنع التمييز الديني والطائفي واضطهاد الأقليات والمرأة، ويمنع استغلال الدين وتوظيفه من قبل السلطة أو التيارات السياسية المتنافسة لأغراضهم الخاصة، ولا ننظر إلى العلمانية باعتبارها عقيدة أو أيديولوجيا، وهي ليست معادية للأديان ولا تنتقص من قدسيتها، بل تهدف إلى تحديد مسافة فاصلة بين الدين والدولة، وأن تقف الدولة على مسافة واحدة من جميع الأديان، وتكفل للجميع حرية ممارسة دينهم وعقائدهم وطقوسهم دون فرض وصاية أو هيمنة من الدولة والمجتمع على أساس ديني.
ثالثا: حقوق الأفراد والجماعات ….أسئلة الهوية والمواطنة والاندماج :
مفهوم المواطنة هو مفهوم أساسي تنهض عليه الدولة الوطنية الحديثة، كما أنه الأساس الدستوري للمساواة في الحقوق والواجبات بين أبناء الدولة الواحدة. ويرتكز هذا المفهوم إلى ثلاثة أسس أولها، حقوقي يرتبط بالمساواة بين المواطنين. الثاني، سياسي اجتماعي يتعلق بالمشاركة السياسية، وكذلك المشاركة في عائد التنمية. والثالث، رمزي معنوي يرتبط بمعاني الانتماء والارتباط بالوطن. ومفهوم المواطنة يتعلق بتعريف الفرد الذي يعيش على أرض هذه الدولة، فهذا الفرد لا يعرف بمهنته أو بدينه أو بجنسه أو بقوميته، وإنما يعرّف تعريفا قانونيا اجتماعيا بأنه مواطن، أي عضو في المجتمع له حقوق وعليه واجبات، وشرط المواطنة الكاملة هو المساواة التامة في الحقوق والواجبات وأمام القانون. ونرى أن هناك تلازما جدليا بين حقوق الإنسان وحقوق المواطنة، لأن مواثيق حقوق الإنسان ركزّت اهتمامها على حقوق المواطن في وطنه. انطلاقا من ذلك، يصبح النضال من أجل المواطنة، هو نضال في نفس الوقت من أجل تثبيت حقوق الإنسان كما وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية التي جاءت بعده، وأهمّها العهدين الدوليين لعام 1966 وإعلان الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 1992 الخاص بحقوق الأفراد المنتمين للأقليات القومية والدينية والأثنية والثقافية. إن ما يسري على حقوق الأفراد يسرى على حقوق الجماعات، وفق ما جاء في المواثيق الدولية لا سيما المتعلقة منها بحقوق الأشخاص المنتمين إلى الأقليات والشعوب الأصلية التي لحظت أهمية صون حقوق الجماعات خصوصا في الدول ذات التعدد القومي والديني والثقافي واللغوي، وعليه فإن تبنّي وإدراج المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الأفراد والجماعات في أي دستور مقبل للبلاد بحيث تكون جزءا عضويا وأساسيا منه وليس نوعا من الترف القانوني، بل هو ضرورة ملحّة لحلّ مسألة التعدد القومي والديني والثقافي في سوريا، حلاّ وطنيا ديمقراطيا عادلا ضمن الإطار الوطني.
إن الإطار الدستوري والقانوني هو الذي يحدّد مستوى وقابلية الاندماج الوطني في أيّة دولة. فإذا بني على أسس العدالة والمساواة والشراكة واحترام الهويات والخصوصيات، وقبل هذا وذاك على المواطنة الكاملة، فإن هذا يوفر فرصا أكبر لتحقيق الاندماج الوطني، وتعزيز الاستقرار، والتماهي في النظام السياسي الحديث.
من هنا فإن الدولة ذات التعدّد القومي والديني والثقافي يجب أن تنأى بنفسها عن أن تكون ملك لجماعة قومية بذاتها، أو لدين بعينه، وعليها أن تنبذ سياسات الاستعلاء والاحتكار، أو فرض هوية واحدة على الجميع، وعليها بدلا من ذلك القبول بأن يكون المواطنون متساوون بالكامل في الحياة السياسية من دون الاضطرار إلى إخفاء أو إنكار هويتهم القومية أو الثقافية أو الدينية الخاصة بهم. وتنطلق المنظمة الآثورية الديمقراطية في مقاربتها للمسألة الوطنية في سوريا من احترام الدولة السورية بحدودها الراهنة المعترف بها من الأمم المتحدة، بما في ذلك الجولان المحتل، باعتبارها وطنا نهائيا لجميع أبنائها، ويجب أن يعرّف شعبها من الناحية القانونية بدلالة هويته الوطنية الجامعة وليس بهوية بعض مكوناتها، وبهذا تكون الجمهورية السورية للعربي والكردي والآشوري السرياني والتركماني والأرمني. وهذا بالتأكيد لا يلغي عروبة مواطنيها العرب. كما تعمل المنظمة على إعادة الاعتبار للرابطة الوطنية السورية وتنميتها وتعزيزها، وبناء هوية وطنية سورية جامعة، تنهل من حالة التعدّد القومي والديني والثقافي التي يتّصف بها المجتمع السوري، هوية وطنية عصرية تتجاوز حالات الانقسام المجتمعي سواء على أساس قومي أو ديني أو طائفي أو مناطقي، كمدخل لا بد منه لمعالجة الخلل والشرخ الكبير في الرابطة الوطنية، وتحويل حال التنوّع إلى عامل غنى وثراء وطني، بدلا من أن تكون عنصر تمزيق للهوية السورية ومهدّد لوحدتها الوطنية, وهذا يستدعي من الجميع رفض كل أشكال التعصّب والتطرّف والاستعلاء القومي والديني، والعمل على إشاعة ثقافة المواطنة والاعتدال والتسامح والقبول بالآخر، وجعل الحوار قاعدة أساسية للعلاقة بين مكونات المجتمع والتيارات السياسية والفكرية المختلفة، كما تفرض على القوى السياسية القومية والدينية التحليّ بالواقعية، والتخليّ عن أجنداتها ومشاريعها المثالية التي تحيل البلاد إلى مجرد قطر أو ولاية في منظومة متخيّلة لا تجد صدى لها في الواقع، وعليها الانصراف إلى بناء دولة ديمقراطية حديثة قادرة على تحقيق الرفاه والازدهار لمواطنيها، وقادرة على التفاعل والتكامل مع محيطها الإقليمي والمجتمع الدولي وفق سياقات عصرية ومتطورة تلبيّ مصلحة شعبها ومصلحة الوطن عموما .
رابعا: إنّ المنظمة الآثورية الديمقراطية تتعاطى بمرونة وانفتاح مع الدعوات الرامية إلى تبنّي نظم إدارية حديثة، بدءا من اللامركزية الموسّعة وصولا إلى الطرح الفيدرالي، والتفاعل معها بإيجابية، وبما يضمن تجاوز مساوئ النظام المركزي الذي غذّى على مدى عقود، نزعات التسلّط والاحتكار والاستئثار في الحياة العامة، وبما يضمن توزيعا عادلا للسلطات والثروة، ويعزز العملية الديمقراطية، وتوسيع نطاق المشاركة، والإسهام في تحقيق الإنماء المتوازن لكافة المناطق في سوريا، على أن يتمّ ذلك في مناخات يسودها السلام والاستقرار والقدرة على التعبير عن الإرادة الحرّة لكلّ السوريين.
هذه بعض المقتطفات من رؤية المنظمة الآثورية الديمقراطية، والتي قد تشكّل حالة تمايز أو خلاف مع بعض القوى والتيارات الوطنية السورية، ولم نورد النقاط الأخرى التي تتطابق مع رؤية معظم القوى الوطنية السورية.
القاهرة 4/5/2017