وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء 11 أيار/مايو 2016
روما- أكّد مسؤول المنظمة الآثورية الديمقراطية في أوروبا أن مسيحيي سورية متمسكون بالبقاء داخلها، وأشار إلى أن “أسوأ مرحلة” لهجرتهم كانت في ظل خمسة عقود من حكم النظام السوري الحالي، ونفى أن يكون لدى آشوريي سورية أي نوايا انفصالية.
وقال سنحاريب ميرزا، مسؤول المنظمة في أوروبا وعضو الائتلاف السوري المعارض لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء “ما زال السريان الآشوريين متمسكين بالبقاء عَلى ارضهم للحفاظ على وجودهم، بالرغم مما تعرضوا له من انتهاكات في قرى الخابور الآشورية والحسكة والرقة ومعلولا والقريتين وحمص وغيرها، ومع هذا فقد تأثر الوجود المسيحي عامة، والسرياني الآشوري بوجه خاص، وتناقصت أعدادهم بشكل كبير نتيجة الهجرة بعد تعرضهم لشتى أنواع الانتهاكات من قبل مختلف أطراف الصراع”.
لكنّه رأى أن فترة حكم النظام السوري الحالي كانت “أسوأ فترة” عرفها مسيحيو سورية من حيث الهجرة، وتدنت نسبتهم أكثر مما تدنت خلال 1400 عام الماضية. وقال “كانت نسبة مسيحيي سوريا عام 1918 حوالي 30%، ثم بلغت 35% أوائل عهد الاستقلال عام 1946، وناهز عددهم في حلب الـ 40% من سكانها، أمّا اليوم فتتراوح نسبتهم بين 8 و12%، ويعود هذا التراجع بشكل أساسي إلى أن الفترة الممتدة بين عامي 1980 و1990 في ظل حكم النظام قد شهدت هجرة لحوالي مليون مسيحي سوري بسبب سياسات النظام الحاكم في دمشق. وأردف “فطوال أربعين عاماً عمل النظام على تغذية الاعتقاد بأنّه حامي الأقليات وأنه بزواله ستلجأ الأغلبية السنية لتصفية حساباتها التاريخية مع تلك الأقليات، ولكن هذه المقولة تفقد مصداقيتها لأسباب عدّة، فقد عاش المسيحيون في سورية ولقرون دون نظام الأسد في ظل أكثرية سنية وكان لهم موقع متميّز في مجالات عدّة، أما فترة سيطرة نظام الأسد على السلطة فكانت أسوأ فترة عرفوها من حيث الهجرة، حيث فقدوا امتيازاتهم وتدنّت نسبتهم أكثر مما تدنت خلال الـ 1400 سنة الماضية”.
ونفى القيادي المعارض حاجة المسيحيين لحماية أو طمأنة من الأكثرية السورية، وشدد على أن دولة المواطنة هي التي تحمي الجميع، وقال “لا نعتقد بأننا بحاجة إلى حماية الأكثرية، بل نحن بحاجة إلى حماية القانون لكل المواطنين، وتطبيق مبدأ حقوق المواطنة المتساوية والاعتراف الدستوري بحقوق السريان الآشوريين القومية كما نصت عليها الشرعة الدولية”. واعتبر أنه “لا يمكن ضمان حماية حقوق أحد المكونات السورية بمعزل عن حماية حقوق كل السوريين، لذلك نحن نطالب بالمواطنة المتساوية وسيادة القانون وبدولة علمانية ديمقراطية، فالقضية هي مسألة مبدأ، لا يتأثر من حيث المضمون بالعدد سواء أكثرية أو أقلية”.
وأضاف “ندافع عن الحقوق القومية للشعب الآشوري كمكون أساسي وأصيل في وطنه ضمن وحدة سورية الجغرافية، وندعو إلى نظام وطني بإدارة لامركزية يسمح لنا بتدريس لغتنا القومية واعتبارها لغة رسمية وطنية تدرس في المناهج الدراسية لمن يرغب، ونعمل من أجل بناء دولة ديمقراطية علمانية مدنية تعددية، لكن ورغم هذا، فإننا في الوقت نفسه نسعى لأن ينتج ذلك عن قناعة السوريين بجدواه وفوائده، ونهتم بفتح نقاشات معمقة حول درجة اللامركزية، باعتبارها قضية لم يتح لعموم السوريين مناقشتها وبلورة موقف حيالها، ونعتقد بأنه من السابق لأوانه طرح مشاريع لا تحظى بالتوافق والقبول من كل المكونات، كما أن أي إطار دستوري أو قانوني يجب أن ينبثق من الإرادة الوطنية للشعب السوري عبر هيئاته ومؤسساته الوطنية التمثيلية المنتخبة بعد زوال نظام الاستبداد، ثم تجري بعد ذلك عمليات التكييف والملاءمة مع خصوصيات المناطق وبما لا يتعارض مع روحية المنظومة الدستورية والقانونية على المستوى الوطني”.
وقال ميرزا أن النظام دأب على إظهار نفسه بمظهر المدافع عن الأقليات وأن البديل عنه هم المتشددون والمتطرفون، وقال “تستغل أنظمة الاستبداد مثل هذه الذرائع لدعم شرعيتها تجاه الخارج وترسيخ تسلّطها في الداخل عبر تقديم نفسها بمظهر المناهض للإرهاب واستخدام موضوع الإسلام السياسي المتطرف كفزاعة تلوّح بها في وجه القوى الديمقراطية ولا سيما أبناء الأقليات لتخويفهم من البدائل لتكريس، لكن تتحمل المعارضة السورية جزءاً من المسؤولية أيضاً لعدم تمكنها من حماية مسار الثورة من الانحرافات والتدخلات الخارجية”.
ونفى مسؤول المنظمة الآثورية في أوروبا أن يكون للآشوريين السريان أية مشاريع انفصالية بل مطالب بالاعتراف الدستوري بالوجود والهوية القومية والمواطنة الكاملة، وقال “إن السريان الآشوريون مثلهم مثل الكثير من الأثنيات والأقليات الدينية والعرقية واللغوية الأخرى مازالت تعاني في وطنها التاريخي من كل أشكال التمييز والاضطهاد والقهر والاقتلاع من الجذور حتى بات هذا الوجود مهدداً بالاندثار، ولا يمكن تحقيق حماية للوجود المادي والحضاري لهذا الشعب في موطنه الأصلي إلا بعودة الأمن والاستقرار في ظل دولة المواطنة الكاملة والمتساوية لجميع السوريين والنظام الديمقراطي العلماني وضمان الاعتراف الدستوري بالوجود القومي للسريان الآشوريين كمكون قومي من مكونات الشعب السوري في ظل هوية سورية جامعة تعكس حقيقة التنوع القومي والديني في المجتمع السوري”.