نص لقاء اجرته صحيفة “كوردستان” لسان حال الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا، مع الأستاذ بشير اسحق سعدي العضو القيادي بالمنظمة الآثورية الديمقراطية ، المنشور بالعدد الاخير رقم 505 يتاريخ 1 شباط 2015.
س1- سوريا تحتوي العديد من الاتجاهات السياسية ولكلٍ مشروعه، فما هو المشروع السياسي الذي تناضلون من أجل تحقيقه في سوريا، كمنظمة آثورية ديمقراطية على المستويين السوري والقومي الآشوري السرياني؟
ج1- مشروعنا السياسي كمنظمة قومية آشورية سريانية منذ التأسيس عام 1957، قام على ثلاثية مترابطة جدليا، تربط الهم الوطني بالديمقراطي بالقومي، إذ لا يمكن أن ينعم أي شعب بحقوقه القومية والانسانية دون توفر نظام ديمقراطي حقيقي يقر بالحقوق القومية المتساوية لجميع مكوناته القومية والمساواة التامة بالمواطنة، وضمن إطار سيادة دولة قوية تحفظ وتحمي وحدة أرضها وشعبها، ولذلك ناضلت المنظمة ولاتزال تناضل بسبل النضال السلمي الديمقراطي بعيدا عن العنف، من أجل تحقيق نظام ديمقراطي علماني تعددي قائم على مبادئ العدل والمساواة والشراكة الوطنية، وشرعة حقوق الانسان والمواطنة المتساوية، نظام يقر دستوره بالحقوق القومية المتساوية لكل مكوناته القومية عربا وكوردا وآشوريين سريان وأرمن وتركمان وغيرهم، ضمن إطار هوية وطنية جامعة تعكس تنوعه القومي والديني والثقافي، وعلم ونشيد يعكس لوحته المتنوعة الرائعة التي هي مصدر قوة وجمال لسوريا جديدة وطنا حقيقيا لكل أبنائها.
س2- إلى أي مدى للكنيسة دور أو تأثير في القرارات أو العمل السياسي لمنظمتكم؟
ح2- هناك كنائس وطوائف عددية لشعبنا الآشوري السرياني، والمنظمة لا علاقة تنظيمية أو إدارية لها بهذه الكنائس، تماما كما هو الحال لدى الأحزاب القومية الكردية أو العربية التي لا علاقة لها بالمساجد، إنما المنظمة تحترم كل كنائس ومؤسسات شعبنا الدينية والاجتماعية والثقافية المرتبطة بالكنيسة، وتعتبرها ميراثا وتراثا قوميا ووطنيا حافظ عبر تاريخ طويل على اللغة والثقافة والتراث السرياني لشعبنا، وللمنظمة علاقات ايجابية مع كل كنائس شعبنا في كل ما له مصلحة شعبنا ووطننا، دون تدخل أي طرف بشؤون الآخر.
س3- ما هو شكل العلاقة بينكم وبين الأحزاب العاملة على الساحة السورية بطرفيها المعارضة والموالاة؟
ج3- لا علاقة للمنظمة مع الأحزاب الموالية للنظام ومنها المنضوية بما يعرف ب”الجبهة الوطنية التقدمية، سوى علاقة مع الحزبين الشيوعيين تقتصر على المشاركة المتبادلة بالمناسبات السياسية والحزبية لكلا الطرفين، أما علاقة المنظمة مع بقية الأحزاب السورية التي كانت ولازالت بالمعارضة فقد بقيت كالسابق، علاقات مبنية على الاحترام المتبادل ويجمعنا معهم هدف مشترك وهو التغيير الوطني الديمقراطي، رغم التباين في بعض المواقف والرؤى السياسية، من هذه الأحزاب تلك المنضوية معنا ب”الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة”، وتلك المنضوية مع “هيئة تنسيق العمل الوطني”، إضافة للعلاقة الايجابية التي تربط المنظمة مع مختلف أحزاب وأطر الحركة الكردية في الساحة السورية، والمنظمة ترى أن هناك مشتركات بين كل هذه القوى السياسية المعارضة هو الانتقال لنظام ديمقراطي حقيقي يلبي طموحات كل مكونات الشعب السوري.
س4- بالرغم من المصير المشترك بينكم وبين الكورد في سوريا إلا أننا لا نزال نلمس حالة من التوجس والحذر من طرفكم تجاه الكورد.
ج4- أعتقد أن كل المكونات القومية للشعب السوري لها مصير واحد مشترك ومن ضمنها شعبينا، وهو في إقامة نظام ديمقراطي علماني تعددي يقر بالحقوق القومية المتساوية للجميع ضمن إطار وطن سوري وهوية سورية مشتركة تقر وتعكس حقيقة التنوع القومي والديني في سوريا.
أما بالنسبة لما وصفتموه بوجود “حالة من التوجس والحذر تجاه الكرد من قبلكم”، فإذا كان المقصود المنظمة، أعتقد أن الوصف في غير محله لأن المنظمة علاقتها متينة مع كل قوى وأطر وأحزاب الشعب الكردي قائمة على الاحترام والثقة المتبادلة، وعند حدوث ما يعكر صفو العلاقة من أحداث وسلوكيات تفرزها طبيعة الحياة نتشارك جميعا في حلها بطريقة ودية ووفاقية، تؤكد إرادة طرفينا على صنع حاضر ومستقبل جديد لأبنائنا قائم على قيم العيش المشترك والاحترام المتبادل الذي نهدف له جميعا. أما إذا كان المقصود من السؤال وجود حذر وتوجس تلمسونه لدى أوساط شعبية من شعبنا، فأعتقد إن ما يجري في سوريا حاليا، من غياب للدولة في عديد من المناطق، ومن فوضى وحرب وصراعات أهلية، وظهور مجموعات مسلحة جهادية تكفيرية تقتل وتقطع الرؤوس على الهوية، وبروز نزعات اقصائية غرائزية غير منضبطة هنا وهناك، خلقت حالة من التوجس لدى كل الشرائح الاجتماعية، كل تجاه الآخر للأسف، وهذه الحالة من الحذر والتوجس من المنطقي أن تطال أوساط شعبنا الذي يحيي هذا العام الذكرى المئوية للإبادة الجماعية “السيفو” التي تعرض لها على أيدي الحكومة التركية إبان الحرب العالمية الأولى.
س5- وما الصيغة التي ترونها مناسبة للعمل المشترك بينكم وبين الكرد.
ج5- أعيد التأكيد إلى أن الصيغة المناسبة للعمل المشترك إذا كان المقصود بالعمل المشترك بالناحية السياسية بين المنظمة الآثورية والأحزاب والقوى الكردية، هي الصيغة التي يشترك فيها كل القوى السياسية للمكونات القومية السورية ضمن ثوابت سياسية ووطنية تقوم على مبدأ الشراكة الحقيقية والمساواة في الحقوق بمعزل عن مبدأ الأكثرية العددية، وعلى تبني الحل السياسي خيارا وسبيلا وحيدا لحل الأزمة السورية وصولا لإقامة النظام الديمقراطي العلماني التعددي اللامركزي هدفا مشتركا لجميع السوريين.
س6- بما إنكم كمنظمة جزء من المعارضة والائتلاف هل أنتم راضون عن أداء الائتلاف في هذه المرحلة؟
ج6- هذا السؤال هو الأسهل، والجواب لا.
س-7 ما هي الأسباب التي دعتكم لعدم المشاركة في الإدارة الذاتية لكانتون الجزيرة؟
ج7- دعيت المنظمة من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي للقاء تشاوري حول فكرة الاعلان عن ادارة ذاتية تضم محافظة الحسكة وعفرين وعين العرب (كوباني)، وقد جرت عدة لقاءات بين المنظمة ووفد من حركة المجتمع الديمقراطي الكردي (TEVDEM)، وكان رأينا أن مثل هذه المشروع يقتضي أن يتم توافق حوله من قبل اطر المعارضة السورية وأهمها “الائتلاف” و”هيئة التنسيق”، كون المنظمة هي عضو بالائتلاف وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) ايضا هو عضو في هيئة التنسيق، من اجل أن ينال هذا المشروع التفهم والتأييد من كلا الاطارين الأساسيين، ويجري التعامل معه بإيجابية وتفهم لضرورة إعلانه من قبل الاطارين، ولا يفهم بانه تغريد خارج السرب. كما أكدنا على ضرورة أن يجري توافق سياسي عليه من قبل جميع المكونات القومية الثلاثة في الجزيرة وقواها السياسية، وخصوصا المكون العربي، بما يوفر ذلك تأييدا شعبيا عاما يضمن نجاحه واستمراره، ونقطة اخرى تفترض ان تكون قيادة الادارة العليا توافقية بين المكونات الثلاثة لضمان حماية حقوق الجميع بعيدا عن تحكم الاكثرية بالأقلية، كما تحفظنا على حالة غير منطقية وغير ممكنة لإعلان ادارة ذاتية في الجزيرة، وهي حالة وجود النظام وسيادته وسيطرته الكاملة في مدينتين اساسيتين في المحافظة، وهي مدينتا القامشلي والحسكة، إذ أن الشرط الأول لقيام إدارة ذاتية هو أن تكون المنطقة محررة، أو في حكم المحررة وهذه الحالة غير متوفرة. واعلنا اعتذارنا عن المشاركة.
إن رأينا بإعلان تأسيس الادارة الذاتية بالشكل الذي قام عليه، يشوبه من الناحية القانونية عدم توفر اجماع شعبي وسياسي، فضلا عن وجود سيادة كاملة للنظام في مدينتين رئيسيتين هما القامشلي والحسكة، مما يشكل ذلك حالة غير طبيعية وغير صحية خلالهما على الاقل، ومع ذلك لم تقف المنظمة في موقف سلبي من اعلان الادارة وتعاملت معها بإيجابية وخصوصا تربطنا بالأحزاب السياسية التي شاركت فيها علاقات ايجابية، فضلا مع الشخصيات المستقلة التي شاركت فيها. واحترمنا قرارهم واستمرت علاقتنا معهم، على مبدأ لا يفقد الخلاف للود قضية.
س8- قبل فترة عقدت اتفاقية دهوك بين طرفين كرديين، كيف تقرؤون هذه الاتفاقية؟ وما موقفكم منها؟
ج8- اتفاقية دهوك الموقعة بين المجلس الوطني الكردي وحركة المجتمع الديمقراطي الكردي في مدينة دهوك بتاريخ 20-11-2014، كان رأيي فيها أنها رسالة ارتياح واستقرار واطمئنان لمنطقة الجزيرة بشكل خاص، ولكل المناطق التي يتواجد بها الأكراد بسوريا، لما ورد فيها من بنود أساسية ثلاثة، أولها تشكيل مرجعية سياسية كردية مشتركة، والثانية مشاركة في الجهد العسكري والأمني بالمنطقة في “قوات حماية الشعب”، والثالثة المشاركة في “الادارة الذاتية” بعد إعادة تقييم وصياغة لوثائقها وإعادة هيكلة لإدارتها، وبعد تفعيلها بمشاركة أوسع من بقية المكونات. بالطبع أن مثل هذا الاتفاق وبرعاية مباشرة من رئيس إقليم كردستان، وكما علمنا أنها بدعم وتأييد اقليمي وربما أكثر من ذلك، سيساعد في وحدة الصف الكردي، وهذا سيوفر استقرارا أكثر وقدرة أكثر على مواجهة مخاطر اجتياحات محتملة ل”داعش” وأخواتها للمنطقة، التي تهدد استقرارها ووجود كل مكوناتها، وهذا الاتفاق يمكن أن يفسح بالمجال لتوافق سياسي يشمل أهم إطارين للمعارضة، “الائتلاف” و”هيئة التنسيق”، كون طرفي الاتفاقية هما أعضاء مشاركين بهما. ولكن للأسف لم ترى هذه الاتفاقية النور على أرض الواقع لحد الآن، نتيجة ما جرى من خلافات وإشكالات في تشكيل وانتخاب المرجعية السياسية، والتي نأمل أن يتمكن الطرفين من تجاوز هذه الخلافات، والمضي في انجاز هذه الاتفاقية التي نرى فيها مصلحة للحركة الكردية والوطنية بسوريا بشكل عام والجزيرة بشكل خاص.
س9- رؤيتكم لسوريا المستقبل؟
ج9- أنا متفائل برغم الجراح والدماء والمآسي والمشهد الحزين القائم بالمشهد السوري، ومهما تأخر الزمن، ستقوم من جديد سوريا جديدة حرة ديمقراطية، وطنا نهائيا لكل أبنائها.
س10- كلمة أخيرة؟
ج10- أشكركم على إتاحة الفرصة لي لهذا اللقاء، وأقدم من خلال صحيفتكم الشكر الجزيل لكل العاملين بإدارتها، ولكل قراءها الأعزاء.