28 شباط 2015
صدم العالم أجمع بالصور التي تناقلتها وسائل الإعلام الخميس والتي يظهر فيها رجال تابعون لتنظيم الدولة الإسلامية وهم يحطمون محتويات المتحف الوطني في الموصل بحجة أنها أوثان تناقض مبادئ الدين الإسلامي.
وطالت عمليات السرقة والتخريب الجداريات والتماثيل والحلي والأساور في قسم الآثار الآشورية إضافة الى بعض الأسوار والمباني التاريخية في المدينة في إطار سياسة ممنهجة اتبعها التنظيم منذ سيطرته على الموصل في حزيران العام 2014 من خلال تفجير أديرة وكنائس تاريخة وحرق مخطوطات نادرة تعود الى القرون الميلادية الأولى لمحو التاريخ الآشوري في هذه المدينة.
هذا وتزامنت جريمة نهب متحف الموصل مع شن التنظيم هجوما عسكريا منذ الإثنين الماضي للسيطرة على مناطق تواجد الآشوريين في ريف الحسكة الشمالي بسوريا، نتج عنها حتى الساعة خطف 255 مدنيا وتشريد قرابة 6000 آشوري من بلداتهم وقراهم.
إن الشبكة الآشـورية لحقوق الإنسان إذ تدين هذه الجريمة الشنيعة بحق الإرث الإنساني العالمي فإنها تدعو منظمة اليونسكو والمنظمات الأخرى المعنية للتدخل فورا من أجل حماية ما تبقى من آثار وكنوز تاريخية في نينوى حاضرة الآشوريين من خلال استعادة المتاحف والمواقع الأثرية من العابثين ونقل محتوياتها الى المتاحف العالمية الكبرى خشية تكرار هذا المشهد مرارا عقب فقدان الأمن في المدن العربية.
لا يمكن التصديق أن ما يحصل للآشوريين من مآس ممنهجة ومروعة في كل من قصر الملكة شاميرام في نينوى وبلدة تل شميرام في الخابور هو مجرد صدفة، فلقد حاولت الأنظمة الاستبدادية على مر القرون والعقود الماضية محو هوية ووجود الشعب الكلداني السرياني الآشوري في العالم العربي وإيران وتركيا، من خلال سياسيات التعريب والتتريك والأسلمة التي مارستها حكومات الأحزاب القومية والدينية المتعاقبة في هذه الدول، وإيديولوجيا الإقصاء السياسي والتهميش الاجتماعي والتفوق العرقي والتمييز العنصري تجاه الآخر المختلف دينيا ولغويا وإثنيا وثقافيا الأمر الذي مهد لولادة تنظيمات متشددة على شاكلة داعش.
إن داعش تحاول، كما شقيقاتها من النظم الاستبدادية، أن تمحو التاريخ وتنكل بالحاضر، إلا ان الاطفال الآشوريين، كما أجدادهم من قبل، سيحفرون بالخط المسماري العريض على ألواح الزمن أنهم متجذرون في أرضهم للأبد، هذه الأرض التي عاشوا عليها ولم يعرفوا وطنا آخر سواها.
الشبكة الآشــــورية لحقوق الإنسان