ليس بالكثير من أبناء أمتنا (الكلدانية السريانية الاشورية) يعرفون عن مطكستا وتاريخها ونضالها. وقد تكون هناك جملة أسباب وراء ذلك، فالستار السياسي الذي كان يقطع التواصل بين العراق وسوريا من جراء التوتر السياسي والعقائدي بين طرفي حزب البعث الذي سيطر على كلا البلدين لعقود طويلة خلق حاجزاً فكرياً منع تبادل الإفكار والخبرات خاصة بين تنظيماتنا السياسية والقومية. كما كانت الطائفية المقيتة عاملا آخر لدى الكثير من أبناء أمتنا خاصة أولئك المتقوقعين في برجهم الطائفي المظلم الذين لم يروا في هذه المنظمة القومية الوحدوية غير كونها منظمة طائفية خاصة بالسريان السوريين. وتأتي التسمية "الأثورية" للمنظمة عاملاً آخر ومؤثراً في تعمية عيون وكبت عقول البعض من أبناء أمتنا عن معرفة حقيقة هذه المنظمة القومية الوحدوية المناضلة. لقد سبق وأن شرحنا في مناسبات سابقة عن العوامل التي أدت إلى تسمي هذه المنظمة بهذه التسمية وفصلنا في القول بأن الحزب أو المنظمة السياسية ما هو إلا أداة لتحقيق أهداف معينة وليس بالضرورة أن تكون التسمية متطابقة من حيث الشكل مع مضمون الأهداف التي يتبناها الحزب. فتاريخ هذه المنظمة ومسيرتها النضالية تؤكد تأكيداً قاطعاً بعملها وأهدافها الوحدوية لأمتنا. فالكدانية أو السريانية أوالأشورية كلها ورود جميلة وزاهية في حديقة أمتنا الواحدة المسورة بمقومات معروفة من لغة وتاريخ وعادات ومعتقدات وأماني مشتركة، وهي الحالة نفسها التي تنطبق على الحركة الديموقراطية الآشورية (زوعا) في معرفة التسمية عن مضمون الأهداف، حقائق تشكل من كلال التنظيمين أحزاب سياسية حقيقية فاعلة على الساحة سواء في العراق أم في سوريا أم في بلدان المهجر. وبعض المنظمات الكلدانية، خاصة التي تؤمن بوحدة أمتنا "الكلدانية السريانية الأشورية" وتشارك مع غيرها على طريق هذه الوحدة وتحديدا المنضوية تحت خيمة "تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الآشورية" هي الأخرى يجب أن نفهم علاقة تسميتها "الكلدانية" بمضون أهدافها القومية الوحدوية.
هذه هي حقائق عن المنظمة الأثورية الديموقراطية (مطكستا) ومن المؤكد بأن طبيعة علاقتي ببعض قادتها لا تحيدني عن الموضوعية في فهم تاريخها ومسيرة نضالها المشرف الذي يجعل من كل إنسان مؤمن بأهداف وشرعية حقوق هذه الأمة أن يقف معها أو يساندها حتى ولو بقليل من الكلمات والسطور تعبر عن هذه الحقيقة الموضوعية.
فالريادة السياسية القومية لهذه المنظمة تشكل جزءا من حقيقتها الموضوعية وتجعلنا جميعنا أن نقر بهذه الحقيقة. فهي تشكل أول حزب سياسي بالمعنى العلمي في تاريخ أمتنا والتي تأسست في تموز عام 1957 في سوريا. ومن يتابع الخلفية الفكرية والقومية لهذه المنظمة سيجد أن فكرها القومي الوحدوي نابع من الأسس الأولى التي وضعها رواد الفكر القومي الوحدوي منذ منتصف القرن التاسع عشر فصاعداً، أمثال الشهيد آشور يوسف بيت هربوت وبرصوم بيرلي ونعوم فائق وفريد نزها وشكري جرموكلي وسنحاريب بالي وديفيد بيرلي وغيرهم بالمئات وجميعهم من أبناء الكنيسة السريانية الأرثوذكسية ولكن إيمانهم القومي العميق بوحدة أمتنا "الكلدانية السريانية الأشورية" لم تستطيع الحواجز الطائفية من أعاقة نضالهم القومي سواء السياسي أو الفكري في مسيرة وحدة هذه الأمة كما هو الحال مع مطكستا في هذا العصر.
الريادة الأخرى والميزة التي تميزت بها مطكستا في نضالها هو في كونها الحزب السياسي الوحيد لأمتنا الذي تعرض قادتها للإعتقال في سوريا لأكثر من مرة، فلا يمضي عقد من الزمن حتى يزج النظام السوري بعض قادة المنظمة في سجونه بسبب نضالهم السياسي والقومي والإنساني كل هذا من دون أن يزعزع المواقف المبدئية لمطكستا الراسخة لا بل أستمر نضالها المعهود من دون خوف أو رهبة من سلطة النظام. فبعد أن تعرض بعض قادة المنظمة إلى الإعتقال لمرتين في السنوات الماضية فلم يستكينوا إلى الراحة والهدوء أو الخضوع لسطوة النظام بل إستمر نضالهم رغم الظروف الصعبة المميتة الحالية في سوريا والتي وضعتهم مع بقية أبناء شعبنا بين مطرقة النظام وسندان المنظمات الأرهابية وجعلت مهمة نضالهم صعبة للغاية ومحفوفة بالمخاطر والمهالك فكان من أحد نتائجه إعتقال النظام السوري لمسوؤل المكتب السياسي لمطكستا المناضل كبرئيل (كابي) موشي كرويه في قامشلي ثم نقله إلى دمشق وزجه في دهاليز سجونه المظلمة ومن دون أن يعرف مصيره لحد هذا اليوم.
أن الحديث عن فكر ونضال مطكستا لا تكفي صفحات كثيرة لا بل ربما كتب ومجلدات، فتسطير هذه السطور ولو بقلتها تأتي من باب التضامن مع قادة مطكستا في محنتها هذه وأن نعبر عن تضامننا معها ومع الصديق المناضل كابي موشي فنشد أيدينا على أياديه ونتذرع لربنا يسوع المسيح ليعطيه المزيد من القوة والصبر والإصرار على النضال من أجل حقوق شعبنا الكداني السرياني الآشوري وأن تفتح أبواب السجون أمامه لينطلق إلى الحرية مع بقية أبناء شعبنا بشكل خاص والشعب السوري بشكل عام… وهنا نعيد ونؤكد القول:
والجبناء يموتون كل يوم … الأبطال يبقون أحياء خالدون