الاخوة في كنيسة الاتحاد المسيحي الكرام
الاخوة في المجلس الوطني الكردي- الاخوة في مجلس شعب غرب كردستان
الاخوة الحضور الكرام
بالعربية مساء الخير وبالسريانية بريخ رمشو وبالكردية روج باش
بداية لا بد من تقديم الشكر للكنيسة الانجيلية على دعوتنا لهذه المبادرة الجميلة، التي تجمع أهل البيت الواحد، أبناء الجزيرة السورية، الأرض الواحدة المشتركة، أبناء الوطن الواحد، عربا وكوردا وأرمنا وكلدان سريان آشوريين.
تحت هذا السقف نجتمع أخوة وشركاء، أحفاد لأخوة وشركاء كانوا عبر تاريخهم الطويل تربطهم أواصر المحبة والعيش المشترك وقبول الآخر المتنوع والمختلف، عاشوا ورسموا بحق لوحة فسيفساء جميلة، جمال طبيعة هذه البلاد التي حباها الله كل خير وخصب وجمال، أرض الرافدين أرض الهلال الخصيب، أرض سوريا الابجدية والحضارة.
لا نقول ذلك شعرا وعواطف بل هو حقيقة التاريخ والواقع، لم يشهد بلدا بالعالم القديم ما شهدته بلادنا، بلاد الرافدين وبلاد الشام، من تنوع قومي وديني، حافظ كل على هويته ولغته وخصوصياته، وبنفس الوقت شارك الآخر في لغته وثقافته وأدبياته. وهكذا تشكلت لوحة إنسانية رائعة ضمت في ألوانها الصابئي، اليازيدي، المسلم، المسيحي، اليهودي، الكوردي، العربي، الارمني، والكلداني السرياني الآشوري، في حالة فريدة لم يشهد مثيلا لها في التنوع والجمال.
نجتمع اليوم تحت شعار جميل قاله السيد المسيح في موعظته على الجبل "طوبى لفاعلي السلام لأنهم أبناء الله يدعون"، وأضيف آية وردت أيضا في العهد القديم "ܡܐ ܦܐ ܘܡܐ ܫܦܝܪ ܠܐܚ̈ܐ ܕܥܡܪܝܢ ܐܟ݂ܚܕܐ– ما أبهى وأجمل أن يحيا ويسكن الأخوة معا". وهي تعبير عن إرادة الخالق بأن يحيا أخوة الأرض المشتركة والقيم المشتركة سوية بسلام وآمان وليس أخوة الدم فقط.
السلام هو ثقافة بلادنا وشعوبنا منذ القدم، عبرت عنه مدونات وألواح أور وسومر وأكد وبابل وآشور، وشرائع لبت عشتار واورنامو وحمورابي. وأبناء النهرين وسوريا من الآشوريين السريان يبدأون التحية ب "ܫܠܡܐ ܥܠܝܟ݂ܬܘܢ”؛ وترجمتها السلام عليكم، ولا يزال المسلم يحي الآخرين أيضا ب"السلام عليكم". ولنتذكر أن السيد المسيح قال آخر كلماته قبل صعوده مودعا تلاميذه "سلامي أترك لكم سلامي أعطيكم".
ولكن أي سلام نتكلم عنه؟ هل يمكن أن يكون سلام الذل والخنوع؟ هل يمكن أن يكون سلام القبول بالظلم والاستبداد؟ أم هو سلام العدل والمساواة والحقوق؟. أي سلام نريد، هذا هو السؤال الكبير.
إن فهمنا في المنظمة الآثورية الديمقراطية للسلام، ونعتقد أنه يشاركنا فيه معظم القوى التي تتبنى الديمقراطية في سوريا عربية وكوردية وغيرها. إن فهمنا للسلام الحقيقي والدائم هو بتحقيق نظام ديمقراطي تعددي علماني قائم على أسس العدل والمساواة وشرعة حقوق الإنسان، على مبدأ المواطنة المتساوية حيث يتوفر فيه الحق لكل مواطن سوري بغض النظر عن دينه وقوميته رجلا وإمرأة المساواة الكاملة بالحقوق وفي تسلم أعلى المناصب بالدولة بما فيها الرئاسة الأولى، سواء كان أسمه عمر أو علي آزاد أو كيفورك آو آشور أو حنا، نظام يعترف بالحقوق القومية المتساوية لكل مكوناته القومية في ظل هوية وطنية مشتركة تحتوي هذا التنوع الثقافي التاريخي الرائع الذي تغتني به سوريا أرض الأبجدية والحضارات. سوريا بيتا ووطنا نهائيا لكل أبنائها.
الأخوة الأعزاء
روح التعايش الأخوي، روح قبول الآخر، روح الاحترام المتبادل، هي سمة مجتمعنا المتميز عبر تاريخه الطويل، عاش وتآخى العربي مع الكوردي مع الأرمني والكلداني السريان الآشوري، المسلم والمسيحي واليهودي والصابئي واليزيدي جنبا إلى جنب في معادلة حياتية لم يشهد لها مثيل في بلاد أخرى.
لم يكن بالطبع التاريخ كله ناصعا مضيئا، فقد تخلله بقعا سوداء ورمادية كانت في التحليل نتائج لصراعات الدول على أرضنا حركت فيها غرائز الحقد والعصبية والتطرف، ولكن عموم تاريخنا يسطع بالروح الايجابية والانفتاح وقبول الآخر المختلف، يذكر لنا التاريخ كيف تعاون وساند السريان المشارقة والمغاربة الفتوحات العربية الاسلامية تخلصا من الروم والفرس، وكيف ساهموا في مرحلتي الخلافة الأموية والعباسية في بناء الدولة ونقل علومهم والعلوم اليونانية عبر لعتهم السريانية إلى العربية، وكيف تعاونوا بل حاربوا مع صلاح الدين ضد الغزاة الفرنجة فيما عرف بالغزوات الصليبية.
هناك أمثلة كثيرة في تاريخنا ايجابية علينا إبرازها وتسليط الضوء عليها، وأخرى سلبية علينا تحليلها واستخلاص العبر منها لبناء حاضر ومستقبل جديد.
في هذه المناسبة لا بد من ذكر مواقف جليلة لقادة أكراد وقفوا إلى جانب شركائهم المسيحيين، عبيد الله النهري 1880، الملا سعيد ورفضه المشاركة في دعوى الجهاد ضد المسيحيين في تركيا وايران عام 1915 وذكره المؤرخ باسيل نيكيتين في ص340 في كتابه "تاريخ الكرد"، والشيخ فتح الله عام 1915 بطور عبدي، وحمو شيرو في سنجار، ولا بد من تحية موقف برلمان اقليم كردستان العراق في اقرار مشروع دستوره بالحقوق القومية للشعب ا لكلداني السرياني الآشورري بما فيه حقه بالحكم الذاتي في مناطقه التاريخية.
ولا بد اخيرا من المرور على العلاقة المميزة بين المنظمة الآثورية الديمقراطية ومجمل الحركة الكردية السورية، والتي هي انعكاس لإرادة الشعبين في بناء حياة جديدة مشتركة، التي تجلت في المشاركة في مختلف الاستحقاقات السياسية والدستورية، والنضال المشترك في مختلف أطر المعارضة السورية إلى جانب بقية القوى والأحزاب العربية، وأيضا العمل سوية في هيئات السلم الأهلي القائمة، والعمل المشترك مع الأخوة العرب في مبادة تشكيل "اللجنة الوطنية لمحافظة الحسكة" والتي تم التوافق على وثيقتها وموعد اعلانها قبل أشهر والتي للأسف لم ترى النور عمليا والتي نحن بحاجة ماسة لاحيائها، والأمثلة كثيرة في المشاركة في مختلف الأنشطة السياسية والاجتماعية.
هذا العمل المشترك خلق أرضا صلبة لبناء ثقة وإرادة ثابتة على العيش المشترك الحقيقي الذي من شأنه أن يكون عاملا لحل أي خلاف أو مشكلة كبيرة يتعرض له مجتمعنا، وأكبر مثال على ذلك تغلب الحكمة وإرادة شعبينا ومساعي قوانا السياسية الحية وشخصياتنا الوطنية التي تجلت في مصالحة ستبقى حية في تاريخ مدينة "ديريك-المالكية" في مصالحة مقتل الشاب "جوان" الذي سيبقى حيا في ذاكرتنا جميعا.
وأود أن اختم كلمتي بعرض بعض نقاط أراها ضرورية وأعتقد أن لا خلاف عليها من الحضور.
-نأمل أن تتكلل بالنجاح مساعي رأب الصدع والوحدة والوفاق في الحركة الكردية السورية من خلال جسمها الأساسي "الهيئة الكردية العليا"، ونعتقد أن وحدة الصف الكردي هو عام أمان واستقرار ينعكس ايجابا على محافظتنا وعلى سوريا وعلى الثورة السورية.
-علينا جميعا التحلي بارادة الحياة المشتركة المتساوية، بعيدا عن أفكار الأكثرية والأقلية، القوي والضعيف، القوة الحقيقية ليست بالسلاح والمال، بل هي في تبني ثقافة ومواقف تصب في مصلحة الجيميع عبر التوافق مع الجيمع، شركاء أرضنا المشتركة وطننا المشترك.
-علينا أن نتمثل في سلوكنا وسياستنا ثقافة وسياسة وسلوك هي نقيض لنظام الاستبداد، فشرعية الثورة تتحقق عندما تكون نقيضا للمستبد في الفكر والممارسة، إذن علينا نبذ التطرف والتعصب قوميا ودينيا، نبذ سياسة الاستحواذ والتفرد من قبل مكون على آخر، ومن فصيل على آخر، في التعاون والمشاركة والتوافق تتحقق مصالح الجميع، أقوياء وضعفاء أكثريات وأقليات.
-ضرورة ضبط طرفي معادلة دقيقة وصعبة، حق الفرد وحقوق الجماعة، الحقوق القومية لمكوناتنا القومية والحفاظ على وحدة الوطن سوريا أرضا وشعبا.
-علينا أن نتشارك في بناء مستقبلنا ومستقبل محافظتنا ووطننا، وفي تبني هوية وطنية مشتركة لمحافظتنا ووطننا، هوية تحتوي تنوعنا القومي، ولا تكون نقيضا لأي مكون من مكوناته، إن اسم سوريا الوطن خيمة وشجر وافرة نجد جميعا متساويين تحت ظلالها.
-لنعمل جميعا عربا وكوردا وآشوريين سريان مسلمين ومسيحيين ويزيديين، من أجل كل ما نتوافق عليه ونؤجل ما نختلف عليه ونتركه للزمن عسى تنضح الظروف لحله مستقبلا.
أختم بتكرار شكرنا للأخوة في كنيسة الاتحاد المسيحي على هذه المبادرة الطيبة التي اتاحت لنا ان نتكاشف ونتحاور كأحباء وأخوة وشركاء. ونشكر استماعكم جميعا وإلى لقاءات قادمة على الخير والمحبة.
بشير اسحق سعدي / مسؤول مكتب العلاقات العامة
المنظمة الآثورية الديمقراطية
ديريك 17-10-2013