بقلم : الدكتور جميل حنا/ الكتلة السريانية الآشورية في المجلس الوطني السوري
الرابع والعشرين من شهر أكتوبر/تشرين الأول اليوم العالمي للأمم المتحدة كرس هذا اليوم إحتفاء لمناسبة تأسيس منظمة الأمم المتحدة قبل ثمانية وستين عاما عقب إنتهاء الحرب العالمية الثانية 1945.و كان الأعلان عن تشكيل هذه المنظمة الدولية حدثا هاما في تاريخ البشرية. لأن المبادىء التي ظهرت على أسسها هذه المنظمة كانت سامية الأهداف تصب في خدمة جميع الدول وشعوب العالم قاطبة.وأهم المبادىء الرئيسية التي تأسست عليها المنظمة الدولية هي السلم والأمن العالمي,تنمية العلاقات الودية بين الأمم وتعزيز التقدم الاجتماعي,وتحسين مستويات المعيشة, والتركيز على حقوق الإنسان.عندما تأسست هذه المنظمة وقع على إعلان تشكيلها احدى وخمسون دولة والآن يبلغ عدد أعضائها 193 دولة وقد أنضم الجميع لهذه المنظمة والموافقة على مبادئها بمحض إرادتهم الحرة والمستقلة وبطلب منهم .
وقد أنبثق عن المنظمة العالمية للأمم المتحدة عشرات المنظمات الدولية, وصدر عنها آلاف البلاغات والمواثيق والاعلانات وربما كان أهم ميثاق صدرعنها هو الاعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948, والتي تحث كافة الأعضاء الالتزام وتنفيذ كافة بنود هذا الأعلان العالمي الهام على الصعيد العالمي. وكان صدوره ثمرة جهود دولية بذلت أثناء الحرب العالمية الثانية وعقب تأسيس المنظمة الدولية.ونظرا لكون هذه المنظمة موحدة للجميع بطابعها الأممي وقبول جميع اعضائها بميثاقها فهي تمنح لها صلاحيات واسعة ضد كل من لا يلتزم بمبادئها واتخاذ أجراءات رادعة وحاسمة ضد البلدان والأنظمة السياسية الحاكمة التي تخرق مواثيق الأمم المتحدة على مختلف الأصعدة.
لقد خصصت منظمة الأمم المتحدة يوما من الأيام على مدار السنة لتذكير دول وحكومات العالم وشعوبها تنفيذ التزاماتها القانونية والأخلاقية والإنسانية وتطبيق ما تعهدت به أثناء أنضمامها للمنظمة الدولية.
وهنا نذكر بعض الأيام التي خصصتها الأمم المتحدة على مستوى العالم والتي تهم كافة شعوب الكون بأعتبارها احد الأركان التي تبنى عليها العلاقات بين الدول والشعوب وأيضا بناء مجتمع ونظام حكم يحترم وينفذ المعاهدات والمواثيق الدولية وعلى الأخص الاعلان العالمي لحقوق الإنسان وبقية المواثيق الهامة.وهنا نسرد بعض الأيام بأختصار شديد وعلى الأخص ما يتعلق بالحالة السورية الراهنة.
اليوم العالمي: للتضامن,حقوق الإنسان,التمييز,العنف ضد المرأة,الطفل ,الشباب ,الفتيات .التراث, التعذيب والأعتقال,الشعوب الأصيلة,المرأة ,اللاجئين,الأقليات,الفقراء,المهجرين,أستخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية, الأسرة,الصحة والأطباء,الغذاء,الصحافة,التعليم,الحرية,اللعنف,الديمقراطية والكرامة الإنسانية,مقاومة الحروب والاحتلال…هذا غيظ من فيض القضايا الهامة التي خصص لها يوم عالمي.ولكن السوؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد.ماذا قدمت المنظمة الدولية للشعب السوري خلال عامين ونصف من تعرضه للقتل والإبادة والتدميرمن قبل سلطة الاستبداد والقوى الغازية المحتلة للبلد. حيث تم خرق فاضح وبشكل همجي لكل المواثيق والمعاهدات الدولية بدون أن يكون هناك رادع فعلي من قبل المنظمة الدولية يمنع القتلة والمجرمين من الاستمرار بأفعالهم الشنيعة ضد الشعب السوري.أين هي المنظمة الدولية من مسألة التضامن مع الشعب السوري!ماذا فعلت هذه المنظمة من أجل إيقاف العنف والقتل والسلم؟ماذا فعل اليونسف من أجل أطفال سوريا؟ماذا قدمت اليونسكو من أجل حماية التراث والتعليم والثقافة في هذا البلد المنكوب؟أين هي منظمات حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية من مسألة المعتقلين في سجون سلطة الإجرام في سوريا؟ أين هي منظمات الإغاثة العالمية من قضية تجويع الشعب السوري من أجل إركاعه؟أين هي منظمة الصحة العالمية من أجل الدفاع عن الكادر الطبي والمسعفين والممرضين الذين يقدمون خدمات إنسانية من أجل معالجة الجرحى والمرضى؟أين هي محكمة العدل الدولية ومحكمة جنايات روما لمحاسبة المجرمين؟أين هي المنظمات النسائية والإنسانية من حماية النساء والفتيات والأطفال من العنف والأعتداء والتعذيب والقتل؟أين هي الصحافة العالمية من قتل الصحفيين والأعلاميين وكوادر التواصل الإجتماعي؟أين هي منظمة الأمم المتحدة من إستخدام السلاح الكيمياوي ضد الشعب السوري من قبل سلطة الاستبداد؟ هذه بعض الأسئلة أو التسائل عن دورالمنظمة الدولية وهل تستطيع القيام بواجبها وتنفيذ المهام الملقات على عاتقها من أجل الحفاظ على حياة البشر ووضع حد للمجرمين السفاحين الذين يتفنون بقتل كل من ينادي بالحرية والكرامة الإنسانية.أن ميثاق الأمم المتحدة والأعلان العالمي وكل المعاهدات التي وافق عليها المجتمع الدولي. والتي تم صياغتها من قبل الدول الكبرى المؤثرة في القرارات الدولية ووافق عليها حتى الآن 193 دولة مستقلة في العالم. لم تلتزم الدول الكبرى بتنفيذ هذه المواثيق وكانت السبب وراء خرقها من قبل الكثير من دول العالم وذلك بسبب المواقف السياسية للدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن والتي لها حق الفيتو على أي قرار يصدر عن مجلس الأمن.سوريا أحدى الحالات المأسوية و سجل عار وخذي وإنعدام الأخلاق والقيم الإنسانية وعدم التزام بالمواثيق ألتي أقرتها وخرقت القوانين الدولية وخاصة من قبل الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.
سوريا كانت عضوا مؤسسا لمنظمة الأمم المتحدة وقد وقع القائد السوري العظيم فارس الخوري على ميثاق الأمم المتحدة وعضوية الأنضمام إليها بشكل رسمي.وبسبب مواقفه الوطنية الصادقة وحنكته السياسية والدبلوماسية البارعة وسلوكه الراقي كرجل دولة, نال إعجاب شديد من قبل مندوبي الدول المشاركين في جلسة الجمعية العمومية للأمم المتحدة.والتي طالبت بعقدها آنذاك سوريا من أجل أستقلال سوريا ورحيل القوات الأستعمارية الفرنسية عن أرض سوريا. وقد لعب الخطاب الذي ألقاه وقبله الجلوس على كرسي مندوب فرنسا لمدة خمسة وعشرين دقيقة كان كفيلا بأن يوافق الأعضاء على طلب سوريا بالأستقلال ورحيل القوات الأجنبية. وبعد ذلك بفترة وجيزة جدا حصلت سوريا على أستقلالها عام 1946 في السابع عشر من نيسان.ربما تكون هذه المرة الأولى من قبل المنظمة الدولية ما قدمته من دعم معنوي للشعب السوري للتخلص من القوى الخارجية وتحقيق الأستقلال.جميع القرارت التي أتخذت من قبل المنظمة الدولي بشأن الصراع والحروب مع إسرائيل لم تنفذ بأستثاء فك الأرتباط بين الجيش السوري والجيش الأسرائيلي.وهذا كان مقابل الحفاظ على النظام تحت سلطة الديكتاتور حافظ الأسد وتحقيق أمن أسرائيل من جبهة الجولان.
ومن هذا المنطلق يمكننا أن نجزم وبشكل قاطع من خلال مأساة سوريا بأن المنظمة الدولية للأمم المتحدة فاشلة وفشلت بالمهام الملقاة على عاتقها ولم تستطع تحقيق الأهداف والمبادىء التي من أجلها ظهرت للوجود.المنظمة الدولية هي أسيرة الأعضاء الخمس الدائمي العضوية وذلك لأمتلاكهم حق الفيتو على أي قرار يصدر عن مجلس الأمن.فإذاهي خاضعة لإرادة هذه الدول وهي مكبلة بقيود تمنعها من القيام بتنفيذالقوانين الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيرها من المعاهدات والمواثيق الدولية.منذ نشأة المنظمة الدولية أندلعب حروب كثيرة في بقاع مختلفة من العالم , ولم تستطع المنظمة منع قيام هذه الحروب بل كانت الدول الأعضاء الدائمين من مجلس الأمن مشاركين في هذه الحروب ليس دفاعا عن الشعوب والحرية والديمقراطية والقيم الإنسانية بل من أجل تحقيق أهداف سياسية وعسكرية وأقتصادية وفرض السيطرة والنفوذ في بقاع مختلفة من العالم.
إن فشل المنظمة العالمية الأولى عصبة الأمم التي تأسست عقب مؤتمر باريس للسلام عام 1919ومنذ قيام هذه المنظمة العالمية عام 1920 لم تستطيع تحقيق أهدافها وهو الحفاظ على السلم والأمن الدولي بسبب طغيان إرادة الدول الأوربية على العصبة , وعدم تمكنها من حل المشكلات الدولية وفرض الهيمنة والقوانين على الجميع ولأفتقارها إلى القوة العسكرية كما تذكر الكثير من المصادر في تلخيص أسباب الفشل.
وهناك عوامل مشتركة بين أسباب فشل عصبة الأمم ومنظمة الأمم المتحدة:
لم يتحقق السلم والأمن العالمي,لم تحل المشاكل العالمية الحروب مستمرة , خرق لميثاق الأمم المتحدة من قبل الجميع وخاصة الدول الكبرى.هيمنة الأعضاء الخمس الدائمين على المنظمة, عدم وجود قوة عسكرية تفرض الحلول في إطار الشرعية الدولية.
إذا كان هناك جدية في الالتزام بمبادىء ميثاق الأمم المتحدة وبكل المعاهدات والمواثيق الدولية والمنظمات العالمية المنبثقة من هذه المنظمة, والتقيد بقيمها الإنسانية والأخلاقية وبالقانون الدولي يتطلب تنفيذ بعض الأصلاحات الضرورية من أجل مستقبل أفضل للبشرية وتحقيق مبدأ العدالة والمساواة بين الدول الكبرى والصغرى وبين الشعوب كثيرة العدد وقليلة العدد ومن هذه النقاط التي نرى بأنها ضرورية هي كالتالي:
. زيادة أعضاء مجلس الأمن إلى عشرين عضوا يمثل مختلف القارات.
. إلغاء حق الفيتو كليا من ميثاق الأمم المتحدة, إتخاذ القرارات بالأغبية.
. تشكيل جيش عالمي يتدخل في أي دولة يخرق ميثاق الأمم المتحدة, والأعلان العالمي لحقوق الإنسان, وليس قوات حفظ السلام.
. إلغاء كافة الأحلاف العالمية العسكرية والأقتصادية,بل أن يكون حلف الأمم المتحدة هو الوحيد في العالم.
. تقليص ميزانية الجيوش الوطنية لصالح جيش الأمم المتحدة.
. إلغاء الإزدواجية والمعايير والمواقف الملتبسة لمنظمة الأمم المتحدة.
وأخيرا نتسائل هل ديكتاتورية بشار الأسد وسلطته الاستبدادية أقل من ديكتاتورية صدام حسين ومعمر القذافي وسلطتهم الاستبدادية , أم أن إزدواجية المعايير الأخلاقية والأنحطاط وأنعدام القيم الإنسانية تقف وراء مواقف الدول الكبرى. ومن يدعي بأن المصالح هي تحدد مواقف هذه الدول فإذا لا قيمة لوجود منظمة الأمم المتحدة. لأن ميثاق الأمم المتحدة والأعلان العالمي لحقوق الإنسان والقوانين الدولية ومحكمة العدل الدولية ومحكمة جنيات روما وكل المنظمات الدولية قائمة على المبادىء الإنسانية والأخلاق والضمير الإنساني ومن ليس مقتنع بهذا الكلام عليه قراءة هذه الوثائق.
مصدر: ويكيبيديا.
2013.10.20