ربطت المنظمة الآثورية الديمقراطية ومنذ تأسيسها في الخامس عشر من تموز عام 1957، نضالها القومي بمسارات النضال الوطني الديمقراطي، إدراكاً منها بأنّ بلوغ التطلعات القومية المشروعة للشعب الكلداني السرياني الآشوري، بالاعتراف الدستوري بوجوده وهويته القومية وضمان كافة حقوقه في إطار "وحدة سوريا أرضا و شعبا"، لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال نظام ديمقراطي علماني، يقوم على أسس العدالة والمساوة والشراكة الوطنية الكاملة بين كافة مكوّنات المجتمع من عرب وأكراد وكلدوآشوريين سريان وأرمن وتركمان…. مسلمين ومسيحيين ويزيدين .
إنّ دفاع المنظمة الآثورية الديمقراطية عن حقوق شعبنا، و تبنيها لقيم الحداثة و حقوق الإنسان، و التزامها المبدئي برفض منظومة الاستبداد والفساد، جعل منها شريكا لكلّ القوى الوطنية الديمقراطية، ودفعها لحسم خياراتها مبكرا وبشكل واضح وصريح، لهذا فإن انخراطها في فعاليات أنشطة الثورة السلمية للشعب السوري جاء منسجماً مع مبادئها و برنامجها السياسي. ونتيجة لذلك عانت من صعوبات كبيرة، وتعرّضت قياداتها وكوادرها للملاحقة والسجون قبل الثورة وأثنائها، ولمحاولات التشويه الممنهج لمواقفها. ورغم كل هذا فإنها تابعت مسيرتها بعزيمة وإصرار على التمسّك بنهجها الوطني السلمي، والعمل مع كافة القوى الوطنية من أجل تحقيق الانتقال السلمي من نظام الاستبداد إلى دولة ديمقراطية حديثة تلبّي تطلعات كلّ السوريين.
بعد طول تردد وتقاعس من المجتمع الدولي عن القيام بمسؤولياته في وضع حدّ للنزيف و الانهيار الذي تعيشه سوريا، جاء التوافق الروسي – الأمريكي، على عقد جنيف 2، ليمثل بارقة أمل لإيجاد تسوية سياسية تستجيب لتطلعات الشعب السوري، في الخلاص من نظام الاستبداد والإنتقال إلى دولة مدنية حديثة تستند إلى أسس العدل و المساواة و الشراكة بين كلّ السوريين . غير أن هذه الآمال تبدّدت مع تأجيل جنيف 2 لأجل غير مسمّى، واتخاذ الصراع منحى مذهبي صريح ترافق مع زيادة الإنخراط الإقليمي والدولي في الصراع، ودخول الأطراف جميعا في سباق عسكري محموم من أجل الحسم أو تعديل موازين القوى. وفي خضم كلّ هذا عمّ الخراب والدمار، وتضاعفت أعداد الشهداء (مدنيين وعسكريين) وكذلك المهجرين والنازحين واللاجئين في الداخل والخارج، وتحوّل الكثير من السوريين مع تسارع الإنهيار الإقتصادي والمالي إلى فقراء ينتظرون المساعدات الإنسانية.
إنّنا في المنظمة الآثورية الديمقراطية، نطالب المجتمع الدولي و قواه الفاعلة، بالقيام بمسؤولياته السياسية والقانونية والأخلاقية، والمسارعة إلى فرض حل سياسي يوقف التدهورالحاصل في البلاد، حلّ يجبر النظام على الإنصياع لإرادة الشعب السوري في تقرير مصيره ومستقبله بحرية. لكن قبل ذلك ندعو لوقف آلة القتل والدمار لاسيما في شهر رمضان المبارك، والعمل على فكّ الحصار عن حمص وحلب وريف دمشق، وإيصال المساعدات الإنسانية العاجلة لكافة المدن والبلدات المحاصرة التي تعيش أوضاعا" مأساوية لا تطاق.
كما ونطالب قوى الثورة والمعارضة السياسية منها والعسكرية، بالارتقاء إلى مستوى تضحيات الشعب السوري من خلال العمل على تجاوز انقسامها، وتوحيد خطابها ورؤاها وأطرها وتفعيل دورها، وتركيز أولوياتها في التخفيف من معاناة السوريين، والسعي الجاد للقضاء على مظاهر الفوضى المنتشرة بين المجموعات المسلحة، وإخضاعها لإمرة القيادة السياسية، وإضفاء بُعد وطني جامع للصراع مع نظام الاستبداد، من خلال الحدّ من المظاهر الدينية المتطرفة وعزلها، لأنها أساءت للثورة و شوّهت صورتها لدى الرأي العام المحلي والدولي. والتأكيد على الالتزام التام بمعايير حقوق الإنسان ومحاسبة كلّ من يقترف انتهاكات بحقّ المدنيين.
خلال الأشهر المنصرمة تشكّلت في الجزيرة السورية هيئات للسلم الأهلي، وجرت حوارات صريحة ومعمّقة بين القوى السياسية من مختلف المكونات، بهدف الوصول إلى تشكيل أطر ولجان وطنية جامعة تقوم على أسس التعاون والشراكة، من أجل خدمة المجتمع والحفاظ على السلم الأهلي وقيم العيش المشترك، وتفادي الانجرار إلى الفتن والنزاعات. ورغم هذه الجهود الخيرة التي كانت المنظمة الآثورية الديمقراطية من أوائل من دعا إليها . فقد برزت بعض مظاهر التوتر والإحتقان بين بعض مكوّنات الجزيرة السورية، وأحيانا، بين أبناء المكون الواحد، وأسفر بعضها عن إراقة دماء عزيزة علينا جميعا.
وإذ نعبّر عن القلق، ونحذّر من خطورة هذه الحوادث، فإننا في الوقت ذاته ندعو الجميع للتحلّي بالمسؤولية، ومعالجة الأمور بحكمة وعقلانية بعيدا عن الإستفزاز وردود الفعل المتسرعة، وندعو جميع القوى الوطنية إلى تفعيل آليات الحوار والتعاون والتكامل، وصولاً إلى عقد لقاء وطني شامل يضمّ كافة القوى في الجزيرة، وينبثق عنه هيئة وطنية قادرة على مواجهة كل التحدّيات و الأخطار بروح وطنية مسؤولة.
إنّ شعبنا في سوريا يعاني كبقية السوريين من وطأة الأوضاع الأمنية والسياسية والأقتصادية القاسية، وفي بعض الأحيان يكون الضغط عليها مضاعفاً، وما يستجرّه ذلك من تأثير سلبي على وجوده القومي والإنساني، تجلىّ بهجرة الكثيرين من أبنائه.
إن المسؤولية القومية تدعونا لتجديد محاولاتنا في التوجّه إلى كافة قوى و مؤسسات شعبنا ودعوتها للحوار والتفاهم من أجل الوصول معا إلى صيغة عمل قومي مشترك قطعنا أشواطا" على طريق تحقيقها، للعمل معا" من أجل تعزيز قدرة شعبنا على البقاء والصمود، وتجنيبه أية تداعيات قد تضرّ بوجوده ودوره وتعزيز علاقاته مع كافة شركائه في الوطن، ليتسنى للجميع الخروج من الأزمة الخانقة التي تعصف بالبلاد، بأقل الأضرار والخسائر، مع الحفاظ على وحدة المجتمع باعتبارها ركيزة التقدم والتنمية والعيش المشترك في المستقبل.
المجد والخلود لشهداء شعبنا وشهداء سوريا
عاشت سوريا وطناً حراً لكل مواطنيها
سوريا 12/7/2013
المنظمة الآثورية الديمقراطية
المكتب السياسي