الاخوة ممثلي الاحزاب والتنسيقيات والشخصيات الوطنية والعربية والكردية
الإخوة ممثلي أحزاب ومؤسسات شعبنا الكلداني السرياني الآشوري
ضيوفنا الاعزاء
الأخوات والأخوة الحضور
مساء الخير
يسعدني بداية باسمي وباسم قيادة المنظمة الآثورية الديمقراطية وكافة أعضائها، أن اجدّد الترحيب بكم في هذه الاحتفالية التي نقيمها بمناسبة الذكرى الخامسة والخمسين لتأسيس منظمتنا، شاكراً لكم الحضور والمشاركة معنا في هذه الامسية الوطنية الجامعة.
الإخوة الحضور
اليوم تدخل الثورة السلمية للشعب السوري من اجل الحرية والكرامة شهرها السابع عشر، ورائحة الموت تفوح في كل مكان، والدماء تنزف بغزارة، في وطننا الحبيب سوريا، وآلة القتل المتنقلة لاتكفّ عن الدوران في المدن والبلدات السورية الثائرة، تحصد مزيداً من الارواح، وتريق المزيد من الدماء الطاهرة، لاتتورّع عن ارتكاب أبشع المجازر متذّرعة بمقولات تتلطّى خلف عناوين تدّعي الوطنية والحفاظ على السلم، وآخر هذه المجازر، المجزرة التي حصلت في قرية التريمسة ، وراح ضحيتها المئات من إخوتنا، إننا ندين هذه المجزرة ومرتكبيها أشد الإدانة، ونحمّل النظام المسؤولية عن حصولها، وندعو إلى محاسبة مرتكبيها ومرتكبي المجازر التي سبقتها في الحولة والقبير وغيرها، وإنزال أقسى العقوبات بحقهم.
إنّ هذه المجازر والقتل اليومي للسوريين ليست سوى محصلة طبيعية لاستبعاد الحلول السياسية التي تقّدمت بها القوى الوطنية، واعتماد النظام للخيار الأمني والعسكري منذ بداية الثورة السورية المباركة، في قمع التطلعات المشرعة للشعب السوري في بناء نظام ديمقراطي عصري يقوم على أسس العدالة والمساواة والشراكة الوطنية الكاملة. هذا الحلّ الذي تمركز حول هدف وحيد وهو البقاء في السلطة مهما كانت الأثمان، والثمن كان باهظاً بلا شك على سوريا الشعب والوطن، وكانت النتيجة:
– استشهاد الآلاف من أبناء سوريا، مدنيين وعسكريين، وعشرات آلاف الجرحى والمعتقلين والمفقودين، ومئات آلاف النازحين، وأكثر من مليوني مهجر في الداخل.
– تعميم الخراب والدمار وضرب البنى التحتية في المدن والبلدات السورية.
– إيقاع المجازر الجماعية، وإثارة الاحقاد الطائفية والمذهبية، ووضع البلاد على أعتاب الحروب والنزاعات الأهلية.
– تدويل القضية السورية، وجعل سوريا ساحة للصراعات الدولية، وفتح المجال أمام احتمالات التدخل الخارجي بما يتعارض ومصالح الشعب السوري.
– تمهيد السبل أمام قوى التعصب والتطرف والإرهاب للدخول على خط الأزمة السورية تنفيذاً لاجندات لاتخدم وحدة وتطلعات الشعب السوري.
– إدخال البلاد في حالة من الإنهاك والإستنزاف المستمر على كافة الاصعدة، واستمرارها سيحول سوريا إلى دولة فاشلة، وعنصراً لعدم الاستقرار في المنطقة.
وإذا كنا نناشد المجتمع الدولي في تحمّل مسؤولياته الاخلاقية والقانونية والسياسية للإسراع في وقف القتل والعنف وما يستتبعه من عنف مضاد، والعمل على حماية المدنيين وإيصال المساعدات الأنسانية للمدن والبلدات المنكوبة، وفك الحصار عنها.
فإننا في الوقت ذاته نتوجّه إلى ماتبّقى من ضمير وحسّ إنساني لدى من يقتل إخوته من المواطنيين السوريين لنقول له: إنّ موتنا واستشهادنا يؤسّس لحياة جديدة لأبنائنا وأبنائكم، فارفعوا يدكم عن الزناد وتوقفوا عن القتل، وإن دمائنا التي تريقونها ستجلب الحرية والغدّ الأفضل لأبناءنا وأبنائكم، فهلاّ حقنتم هذه الدماء.
الأخوات والأخوة الحضور:
اعتدنا في مثل هذه المناسبات تحويل الانظار إلى الماضي والإسهاب في الحديث عن التاريخ، لكن في الظروف التي نعيشها، ليس مفيداً الإلتفات كثيراً إلى الوراء، حيث يصنع السوريون جميعاً بنضالاتهم وتضحياتهم وآلامهم تاريخاً جديداً للإنسان والوطن السوري، ومع ذلك لابد من إطلالة قصيرة لتسليط الضوء على حقيقة مواقف المنظمة الآثورية الديمقراطية.
وسأبدأ من حيث أنتهى الفيلم التسجيلي القصير الذي غطىّ حيّزاً لابأس به من مسيرة المنظمة عندما قال: " إن المنظمة داست على الأشواك لتفتح الطريق أمام شعبنا " ، والحقيقة أن المنظمة بسبب مواقفها القومية والوطنية تعرضت لحملات ظالمة بقصد تشويه صورتها ومواقفها، وعانت من كل أشكال التضييق والملاحقة والسجن قبل الثورة وأثناءها، وتعرضت لاقسى محاولات العزل والحصار حتى بين صفوف شعبها، بتوجيهات صريحة من السلطة الأمنية وأزلامها.
– حوصرت وحوربت، لأنها نادت بوحدة شعبنا الكلداني السرياني الآشوري بكل طوائفه وتسمياته، ولأنها رفضت التعامل معه كطوائف مسيحية، يحقّ لها فقط ارتياد الكنائس وممارسة الشعائر الدينية، وكأنها أقصى ما يطمح إليها.
– لأنها دعت إلى الاعتراف الدستوري بوجوده وهويته القومية كشعب أصيل وضمان كافة حقوقه ضمن إطار وحدة سوريا أرضاً وشعبناً، وفي ظلّ نظام ديمقراطي علماني يقرّ بالتعدد القومي ويقوم على أسس العدالة والمساواة والشراكة الوطنية.
– لأنها انتهجت سياسة الانفتاح والتفاعل والتكامل مع كل الشركاء في الوطن من عرب وأكراد وأرمن، مسلمين ومسيحيين ويزيدين، باعتبارهم إخوة وشركاء في الماضي والحاضر وسيبقون شركاء وإخوة في المستقبل.
– لأنها لم تقبل بالذمّية السياسية والدينية، التي حاول النظام الأمني الاستبدادي فرضها على السريان الآشوريين والمسيحيين وسائر أبناء الأقليات، ورفضت ان تكون عهدة لدى أيّ نظام، واختارت بدلا من ذلك قيم المواطنة والشراكة.
– لأنها رفضت سياسة الاستعلاء والإقصاء والتهميش والتذويب التي اتبعها حزب البعث منذ وصوله إلى السلطة تجاه كل القوميات الأصيلة في سوريا، ولا يعني هذا رفضاً للإخوة العرب أو لفكرة العروبة، وإنما في ذلك تكريس للمعاني الإنسانية والحضارية للعروبة، والتي لن تتحقق وتكتمل إلا بالإعتراف بكل الشركاء في الوطن.
– لأنها رفضت الانعزال والتقوقع على الذات وانطلقت إلى رحاب الوطن، ودعت لبناء هوية وطنية جامعة، تنهل من حالة التعدد القومي والديني والثقافي التي يتسم بها المجتمع السوري، هوية وطنية عصرية تتجاوز حالات الانقسام المجتمعي سواء على أساس قومي أو ديني أو طائفي أو مناطقي، هوية ترتكز على مبدأ المواطنة المتساوية، وعمادها دولة القانون والمؤسسات.
– لأنها نبذت كل أشكال التعصب والتطرف والاستعلاء القومي والديني، وعملت على نشر ثقافة الاعتدال والتسامح وقبول الآخر.
– لأنها أعلنت بوضوح وصراحة رفضها للاستبداد وسياسات القمع والاعتقال وكم الأفواه.
– لأنها ربطت نضالها القومي بالنضال الوطني، واختارت منذ أمد بعيد العمل مع كافة القوى الوطنية من أجل التغيير الوطني الديمقراطي السلمي والآمن، وتعزّز هذا التوجّه في انحيازها المبكر للثورة السلمية للشعب السوري والذي جاء منسجما مع مبادئها وتوجهاتها الوطنية.
إنّ سرد ما تعرضت له المنظمة من مضايقات وضغوط وحصار من السلطة وبعض شرائح ومؤسسات شعبنا وقوى أخرى، لا يندرج في إطار التظلّم والتبرير أو استدرار التعاطف، وإنّما كشف لحقيقة عاينها الكثيرون وسكتوا عنها، وكذلك هو للتأكيد على تمسّك المنظمة بنهجها الوطني حتى تتحقق أماني وطموحات كلّ أبناء الشعب السوري في حياة حرّة كريمة، والشعب الآشوري السرياني جزء أصيل منه.
الإخوة الحضور
انقضى ستة أشهر من عمر الثورة السورية، ورغم الاهتمام وزحمة المؤتمرات الدولية حول الملفّ السوري، إلاّ أنّ النتائج لم ترتق لمستوى التضحيات الكبيرة التي قدّمها الشعب السوري من أجل تحقيق تطلعاته في الحرية والديمقراطية، إذ أنّ المجتمع الدولي ما زال أسير التردّد والعجز ومنح النظام مزيدا من المهل والفرص للاستمرار في سياسته القمعية التي جرّت الكوارث على البلاد. وما إلحاح المطالبات الدولية المستمرة عربيا ودوليا بتوحيد المعارضة السورية، إلاّ دلالة وترجمة لهذا العجز ، حيث يتم توظيف هذا العامل للتهّرب من المسؤولية وإخفاء الأسباب الحقيقية للتباينات القائمة بين الدول الفاعلة في مجلس الأمن وتبرير تقاعسها. مع ذلك فإن المعارضة خطت مؤخرا خطوة هامة في مؤتمر القاهرة ينبغي استكمالها واتباعها بخظوات أخرى على طريق استكمال وثائقها واصلاح العيوب التي شابتها.
إنّ الجهود والقرارات الدولية لم تسفر عن نتائج عملية على الأرض، فمنذ إطلاق مبادرة المبعوث العربي والدولي كوفي عنان ورغم قدوم بعثة المراقبين الدوليين، إلا أنّ أيّ من بنودها الستّ لم يطبق، بل على العكس أخذ القتل والعنف يتمدّد في كل الاتجاهات مترافقا مع قصف الكثير من المدن والبلدات ، ما اضطّر المجتمع الدولي لتشكيل مجموعة اتصال من أجل سوريا من أجل تطبيق هذه الخطّة.
إننا ندعو المجتمع الدولي للتوحّد من أجل الضغط على النظام وإيقاف دورة العنف، وحماية المدنيين واتخاذ قرارت حازمة وملزمة، تقود إلى الدخول لمرحلة انتقالية لنقل البلاد من نظام الاستبداد إلى نظام ديمقراطي عصري يلبي طموحات السوريين جميعا.
ونحذر من أن أي تأخير في معالجة الأوضاع المتفاقمة في سوريا لأنّ تداعيات الأزمة السورية سيكون لها مفاعيل خطيرة على الأوضاع في عموم دول المنطقة.
أعزائي الحضور:
إن النظام من خلال خيارته الشمشونية يحاول التأكيد والإيحاء على أنه مايزال يمسك بزمام الأمور وإثبات قدرته على إيقاع أفدح الأضرار. لكن الوقائع على الأرض تقول أن بنية النظام بدأت بالتصدع والتداعي بتسارع أكبر من المتوقع، وأن ملامح سوريا جدية آخذة في التشكّل دون هذا النظام ورموزه، بفضل إصرار الشعب السوري على المضيّ في ثورته حتى النهاية.
إنّ اللحظات الفاصلة بين انهيار نظام استبداي وتشكّل آخر جديد، يرافقها عادة تداعيات وآلام وهزّات ، والمسؤولية تفرض على جميع القوى الوطنية التي تعمل من أجل نجاح الثورة إلى التلاقي والجلوس معا هنا في أرض الوطن بدلا من إيفاد ممثيلها إلى عواصم العالم للتحاور هناك، والواجب يفرض علينا التحاور هنا وغدا من أجل تخفيف آلام الانتقال وتقديم البديل القادر على ملء أي فراغ في حال حصوله.
وإذا كنّا نرحّب بالإتفاق الذي حصل مؤخرا بين المجلس الكردي السوري ومجلس شعب غربي كردستان، فإن هذا الاتفاق على أهميته الكبيرة لا يشكل بديلا عن توافق وطني شامل بين جميع القوى الوطنية في الجزيرة عربية وكردية وسريانية آشورية المدعوة للعمل معا لتشكيل إطار وطني جامع يعمل كهيئة طوائ دائمة يكون من مهامها :
• تعزيز السلم الأهلي وترسيخ قيم العيش المشترك، ومنع أيّة تداعيات سلبية قد تضرّ بوحدة نسيجنا الاجتماعي.
• توحيد جهود أعمال المساعدة والإغاثة لإخوتنا الوافدين من المحافظات والمدن المنكوبة، وإظهار اقصى درجات التضامن والدعم للتخفيف من معاناتهم وآلامهم.
• العمل سويّا على حماية المنشآت والأملاك العامة والخاصة من أية إساءة أو اعمال تخريب، والسعي لتأمين كل الاحتياجات الأساسية للمواطنين.
• تحريم اللجوء للعنف، والحفاظ على الطبيعة السلمية للاحتجاجات الشعبية، والانفتاح والتواصل مع كافة الفعاليات المجتمعية، من أجل تحقيق التكامل بين كلّ الجهود الرامية لتحقيق هذه الأهداف التي تصلح أساسا لتوافق وطني يمكن البناء عليه والخروج بعهد وطني يكون بمثابة شبكة أمان اجتماعي لكل أبناء الجزيرة. ونحن كمنظمة على استعداد للسير في هذا المشروع واعتبارا من الغد وذلك بالتفاهم والتعاون مع الجميع.
ختاما أجدد شكري لكم على الحضور وحسن الاستماع .
تحية للمرأة الآثورية
تحية للشباب الآثوري
تحية لكل الرفاق في عيد تأسيس المنظمة
المجد والخلود لشهداء شعبنا وشهداء الثورة السورية والشفاء للجرحى والحرية للمعتقلين والعودة الآمنة والكريمة للنازحين واللاجئين .
عشتم وعاشت سوريا وطنا حرا لجميع مواطنيها.
سوريا 15 تموز 2012
المنظمة الآثورية الديمقراطية
المكتب السياسي