وهذا نص الكلمة:
الإخوة ممثلي الأحزاب الوطنية ـ عربية وكردية.
الإخوة ممثلي أحزابنا ومؤسساتنا الكلدانية السريانية الآشورية
ضيوفنا الأكارم من الشخصيات الوطنية المستقلة
الأخوات .. الإخوة الحضور..
مساء الخيـــر….
}}
يسعدني باسم {{المنظمة الآثورية الديمقراطية}}، قيادة وقواعد، بأن أرحب بكم أجمل ترحيب في هذا الاحتفال الذي نقيمه بمناسبة الذكرى الرابعة والخمسين لتأسيس {{المنظمة الآثورية الديمقراطية}}، شاكراً لكم حضوركم ومشاركتكم لنا في هذه الأمسية الوطنية الجامعة.
منذ أربعة وخمسون عاماً، هنا في مدينة القامشلي اختمرت الفكرة في عقول نخبة من شباب شعبنا الكلداني السرياني الآشوري، فكرة اقتبسوها من رواد نهضتنا القومية كـ نعوم فائق وتوما أودو ومار شمعون بنيامين وآغا بطرس وفريد نزها.. وبتوجيهات وإرشادات الملفان شكري جرموكلي، أينعت الفكرة، وتوّهج الحلم، وتحوّل إلى حقيقة، فكانت ولادة {{المنظمة الآثورية الديمقراطية}} كأول تنظيم سياسي في صفوف شعبنا الكلداني السرياني الآشوري. وخلال أربعة وخمسون عاماً من مسيرتها، كتنظيم سياسي، كان يفترض بها أن تراكم الإنجازات تبعا لقواعد المنطق والبداهة، ويعتقد البعض أنها خلال هذه المدة الطويلة، لم تحقق أشياء ملموسة…لكن دعونا نفكر بطريقة مختلفة، وبمعزل عن الأسباب التي حالت دون تحقيق المنجزات. فلو لم تكن {{المنظمة الآثورية الديمقراطية}} موجودة كإطار وذات ، لحفظ الروح القومية الجمعية للسريان الآشوريين. هل كنّا سنشهد هذا التطور في الساحة القومية في الوطن والمهجر متجسدا في أحزاب ومؤسسات وأندية؟.. هل كان ثمة من يعترف بوجود وهوية شعبنا، من القوى السياسية السورية؟!. هل كان سيتسنّى لنا جميعاً الاجتماع في هذا البيت / المقر، الذي استكثره البعض علينا، وجعله عرضة للانتهاك والإغلاق بشكل تعسفي قبل فترة قصيرة؟. هذا الاجتماع الذي تتجسد فيه وحدة شعبنا القومية، والوحدة الوطنية للشعب السوري بكل قومياته من عرب وآشوريين وأكراد وأرمن.. مسيحيين ومسلمين. هذا الجمع الذي يشكل نموذجاً مصغراً ورائعاً لسوريا المستقبل التي نطمح إليها، سوريا التي نستحقها، وتستحقنا.
اعتقد جازماً: بأن العقل الباطن للرفاق المؤسسين، وفي لحظة التأسيس.. كان يتطلع إلى ما نشهده ونعيشه اليوم، كيف لا وهم من أطلقوا شعار: من أجل الوجود والحرية..
أعزائي الحضور:
ارتكزت الفكرة القومية {{للمنظمة الآثورية الديمقراطية}} على وحدة شعبنا الآشوري بكافة طوائفه وتسمياته، وبأنه شعب أصيل، واستمرار حي ومتواصل لشعب وحضارة ما بين النهرين وسوريا، بتسمياتها ومراحلها التاريخية المتعددة، من سومرية وأكادية وآشورية، وكلدانية ـ بابلية، وآرامية وسريانية. وهي جميعاً تسميات عُرف بها شعبنا في هذه المنطقة وفق تسلسل تاريخي حضاري يجسد منظومة لغوية وإنسانية واحدة ومتكاملة.
وإن كان شعبنا يعتز بانتمائه المسيحي عقيدة وإيماناً، فإن المنظمة تؤكد على تعريفه بدلالة هويته وخصوصيته القومية والثقافية، وليس انطلاقاً من هويته الدينية.. لذلك فإنها تعمل من أجل الحفاظ على الوجود القومي للشعب الآشوري، وتثبيت حقه بالعيش على أرض وطنه متمتعاً بكامل حقوقه القومية والإنسانية، وبكامل حقوق المواطنة بالتساوي مع كافة شركائه في إطار ديمقراطي يتسم بالعدالة والمساواة والشراكة الكاملة. وتطالب بالاعتراف الدستوري بحالة التنوع القومي والثقافي واللغوي في سوريا، والإقرار بالوجود والهوية القومية والثقافية للشعب السرياني الآشوري باعتباره شعباً اصلياً، وضمان كافة حقوقه القومية والسياسية، واعتبار لغته وثقافته السريانية، لغة وثقافة وطنية، وذلك ضمن إطار وحدة سوريا أرضاً وشعباً. ووفق ما تنص عليه المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والشعوب الأصلية.
لقد طرحت المنظمة الآثورية الديمقراطية، ومنذ سنوات طويلة فكرة التلازم ما بين النضالين الوطني والقومي إيماناً منها بأن حقوق شعبنا لا يمكن تحقيقها إلاّ عبر حل وطني ديمقراطي شامل. وقد اكدت في مبادئها على أن الشعب هو مصدر السيادة ومصدر جميع السلطات، وبأن الديمقراطية هي النظام الأمثل لبناء المجتمعات المتحضرة باعتبارها حالة إنسانية راقية، ونظام عالمي ذي اسس وقيم محددة وواضحة تستند إلى مبادئ الحرية وسيادة الشعب، ودولة المؤسسات، وتداول السلطة عبر صناديق الاقتراع، وبأنها نظام قائم على حكم القانون وسيادته. ولعلها من المفارقات أو المصادفات أن يكون المبدأ الثالث من مبادئها العامة، موازياً بالترقيم للمادة الثالثة من الدستور السوري، حيث تدعو المنظمة إلى فصل الدين عن السياسة، وحيادية الدولة تجاه الأديان، إذ ترى في العلمانية والديمقراطية شرطان متلازمان لا يمكن أن يتحقق أحدهما بمعزل عن الآخر. وترى أن المجتمع الديمقراطي العلماني يوفر حريات واسعة لكل الأديان، ويمنع التمييز الطائفي والقومي واضطهاد المرأة والأقليات، ويحدّ من استغلال الدين من قبل السلطة أو التيارات السياسية المتنافسة، ويحفظ له مكانته السامية في النفوس، كونه يمثل قيماً أخلاقية عليا. من هنا فإننا ندعو لإلغاء المادة الثالثة من الدستور الحالي ومنع تكرارها في أي دستور جديد. كما أن المنظمة لا تناهض السلطة الديكتاتورية فحسب، وإنما تعتبرها مهينة لكرامة الإنسان، وخطراً على المجتمع، وتهديداً لحرية الأفراد والجماعات، لذلك تدعو لإلغاء كل المواد التي تكرس منطق الاحتكاروالاستئثار بالسلطة والثروة من قبل جماعات أو احزاب أو افراد.
إن المنظمة تعتبر نفسها جزءاً من الحركة الوطنية الديمقراطية في سوريا، وتعمل مع كافة القوى الوطنية، على بناء دولة ديمقراطية علمانية. وتنطلق في مقاربتها للمسائل الوطنية، من احترام الدولة السورية بحدودها الراهنة المعترف بها من الأمم المتحدة باعتبارها وطنا نهائياً لجميع ابنائها. وتعمل على إعادة الاعتبار للرابطة الوطنية السورية، وتنميتها وتعزيزها، وبناء هوية وطنية سورية جامعة، تنهل من واقع التعدد القومي والديني والثقافي واللغوي التي يتميز بها المجتمع السوري، هوية وطنية عصرية عابرة لحالات الانقسام المجتمعي سواء على أساس قومي أو ديني أو طائفي أو مناطقي، كمدخل لمعالجة وتجاوز الخلل والشرخ الكبير الذي اصطنعه النظام الشمولي بين مختلف فئات الشعب السوري، وتحويل حالة التنوع والتعدد إلى عنصر غنى وإثراء وطني، بدلاً من أن تكون عامل تمزيق للهوية الوطنية السورية، ومهدد للوحدة الوطنية. ولهذا فإنها تتبنى النهج السلمي الديمقراطي، وترفض كل أشعال التعصب والتطرف والاستعلاء القومي والديني، وتعمل من أجل نشر ثقافة حقوق الإنسان، وتعزيز قيم المواطنة والاعتدال والعيش المشترك، وجعل الحوار والانفتاح والتفاعل قاعدة أساسية للعلاقة بين مكونات المجتمع، ومختلف التيارات السياسية والفكرية. ووفق هذا النهج سارت في بناء علاقاتها قومياً ووطنياً.
فعلى الصعيد القومي، فإن نهجها هذا، جعل منها محوراً ومنطلقاً لكل أشكال التعاون والتنسيق بين أحزابنا ومؤسساتنا القومية في الوطن والمهجر. ومن خلال قدرتها على التواصل والانفتاح وتغليب المصلحة القومية، أقامت تفاهمات وتحالفات راسخة ومستديمة، فمن خلال تحالفها مع الحركة الديمقراطية الاشورية، وتفاهماتها مع الحزب الآشوري الديمقراطي والاتحاد الآشوري العالمي، والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري وبقية تنظيمات شعبنا بمختلف تسمياتها، تم الوصول في الآونة الأخيرة إلى بناء تحالف قومي باسم تجمع التنظيمات الكلدانية السريانية الاشورية. ومؤخراً وقعت بياناً هاماً مع المجلس القومي لبيث نهرين حول الأوضاع الراهنة في سوريا وتوحيد الرؤية حيالها. وفي هذه المناسبة فإننا ندعو كل أحزاب ومؤسسات شعبنا في سوريا للاجتماع معاً حول طاولة حوار للتباحث في الأوضاع السياسية التي يمر بها وطننا، وتفعيل آليات التعاون والتنسيق فيما بيننا بما يحقق التكامل وتوحيد الرؤى والمواقف خدمة لقضية شعبنا ووطننا.
أمّا على الصعيد الوطني، فقد انضمت المنظمة الآثورية الديمقراطية إلى ائتلاف إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي السلمي منذ بدايات تشكيله، وبنت علاقات أخوية وثيقة مع أحزاب الحركة الوطنية الكردية، وكذلك مع العديد من القوى والشخصيات الوطنية في سوريا. علاقاتها وتحالفاتها التي تفخر وتعتز بها، كلها انبنت على أساس التعاون التام والمصداقية الكاملة.
اليوم ومع دخولها الشهر الخامس، تزداد الانتفاضة السلمية للشعب السوري اتساعاً وانتشاراً بفضل عزم وشجاعة وتضحيات الشباب السوري، لتشمل معظم المدن والبلدات السورية من أجل المطالبة بالحرية والكرامة والديمقراطية، وإنجاز عملية التغيير الديمقراطي السلمي، وإنهاء حكم الحزب الواحد واحتكار السلطة، وبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة وفق عقد اجتماعي جديد، يستند إلى دستور عصري يرسخ أسس التعدد السياسي والقومي في المجتمع. وفي المقابل زادت السلطة من حدة العنف والقمع تماشياً مع خيارها الأمني الذي اعتمدته منذ بداية انطلاق الحراك الشعبي، بهدف القضاء على حركة الاحتجاج والتظاهر السلمي. وبالرغم من فشل وعقم خيارها الأمني في الحدّ من من حركة التظاهر. بقيت السلطة متمسكة بهذا الخيار، ما اوقع البلاد في ازمة سياسية عميقة ومعقدة. ولم تنجح كل المقاربات والخطوات المحدودة التي اعتمدتها، في إخراجها من مازقها و من عزلتها الداخلية والخارجية، فالتدابير الخجولة التي أقدمت عليها تحت مسمّى الإصلاح، افتقرت إلى الجدية والصدقية اللازمة، فإعلان رفع حالة الطوارئ، ومراسيم العفو المتعددة، وقانون التظاهر وغير ذلك، بقيت مجرد وعود، ولم تطبق فعلياً على أرض الواقع، لهذا لم تلقً الصدى والتفاعل المطلوب شعبياً، بسبب انعدام الثقة بين السلطة والمجتمع. وحتى دعوات الحوار التي أطلقتها السلطة، لم تلامس الرغبة الشعبية العارمة في ضرورة تحقيق التغيير الوطني الديمقراطي، وتفكيك دعائم وبنية دولة الاستبداد القائمة على منطق الاحتكار وتسلط الأجهزة الأمنية الذي أنتج تحالف منظومة الأمن والمال والفساد.
إن تكثيف الحملات الأمنية، واستمرار دورة العنف وإراقة الدماء، حتما سيقود البلاد إلى المجهول، وسيؤدي إلى استدراج التدخل الخارجي الذي نرفضه رفضاً قاطعاً. لهذا فإن التراجع عن هذا الحل الأمني، والأخذ بالحلول السياسية، وتبني مبدأ الحوار الوطني الشامل والمتكافئ، يشكل المخرج الوحيد والآمن لتجنيب البلاد من الانزلاق إلى مخاطر الفوضى والحرب الأهلية. على أن يتم تهيئة المناخات الملائمة لإطلاق حوار وطني مسؤول وبنّاء، وهذا لا يمكن ان يتحقق إلاّ من خلال: التطبيق الفعلي لرفع حالة الطوارئ، ووقف كافة أعمال العنف والقمع والقتل والاعتقال، واقتحام المدن، وفك الحصار عن المدن والبلدات المحاصرة، وإعادة الجيش الوطني إلى ثكناته، وإبعاده عن الخوض في النزاعات الوطنية وتحديد مهمته في الدفاع عن الوطن وحماية الشعب، والحدّ من تدخل الأجهزة الأمنية في الحياة العامة وإخضاعها لسلطة القانون، والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين السابقين، وأولئك الذين اعتقلوا على خلفية التظاهر، وإغلاق ملف الاعتقال السياسي نهائياً. والسماح بعودة المنفيين، وإلغاء القانون 49 وكل القوانين والإجراءات الاستثنائية. وإطلاق الحريات العامة والسماح بحق التظاهر السلمي بدون قيود، وكذلك السماح لوسائل الإعلام العربي والدولي وللمنظمات الحقوقية والإنسانية بالعمل داخل البلاد. وإنهاء إحتكار الإعلام الرسمي وفتحه أمام جميع القوى الوطنية ولمختلف الآراء والتوجهات، ووقف حملات التخوين والتحريض في وسائل الإعلام. وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة لمحاسبة المسؤولين عن أعمال القتل التي طالت المدنيين والعسكريين ورجال الأمن من أبناء شعبنا السوري.
إن تأمين هذه المناخات ينبغي أن يؤدي لعقد مؤتمر وطني شامل، تشارك فيه جميع القوى الوطنية في السلطة والمعارضة، وممثلين عن الشباب، للبحث في وضع أسس وآليات الانتقال السلمي والآمن من دولة الاستبداد إلى دولة ديمقراطية علمانية، تستند إلى عقد اجتماعي، يتجسد في دستور جديد وعصري يضمن العدالة والمساواة والشراكة الوطنية الكاملة بين كل مكونات الوطن، ويكفل التعددية السياسية والقومية، والتداول السلمي للسلطة على كافة المستويات.
إننا في المنظمة الآثورية الديمقراطية إذ نؤكد انحيازنا ودعمنا الكامل لانتفاضة الشعب السوري، فإننا في الوقت ذاته نهيب بالحفاظ على سلمية الانتفاضة، وتجنب أي شكل من أشكال العنف المضاد، والابتعاد عن الوقوع في فخ التحريض الطائفي والمذهبي، حفاظاً على الوحدة الوطنية، وتماسك نسيجنا الاجتماعي.
تنتاب شعبنا الكلداني السرياني الآشوري، والمسيحيون عموماً في سوريا، هواجس ومخاوف مشروعة، بعضها ناتج عن إرث تاريخي ما زال يحتل ذاكرته الجمعية، ويتعلق بمراحل الاضطهاد التي تعرض لها، لا سيما ذاكرة الإبادة الجماعية (السيفو) التي ما زالت حاضرة في الأذهان، والبعض الآخر يعود إلى الخشية من انتشار الفوضى، وانعدام الاستقرار الذي يترافق عادة وأجواء الثورات، وما يعنيه ذلك من تكرار التجارب المأساوية في العراق، ونسبياً مصر فيما يتعلق بوضع المسيحيين. والبعض يتخوف من البديل، أي استبدال ديكتاتورية بأخرى دينية أسوأ وأشد وطأة. والبعض يعتقد بأن الآشوريين والمسيحيين هم الحلقة الأضعف، وسيدفعون بالتالي أثماناً مضاعفة تطال استقرارهم ووجودهم وحرياتهم النسبية، في حال سيطرة التيارات الأصولية.
وبكل محبة نقول: إننا نتفهم هذه الهواجس ونقدرها، وندرك أنها تستند إلى وقائع حصلت في أكثر من بلد، وكانت نتائجها كارثية ومأساوية. ولكننا في الوقت ذاته ندرك بأنها ليست حتمية، و ليست من مفرزات النزوع والتحوّل نحو الديمقراطية خصوصاً في ظل غياب نموذج يعتد به للتحول الديمقراطي السلمي في المنطقة، وبقناعتنا هي نتاج خالص لعهود الاستبداد، فالاستبداد ليس ضمانة للاستقرار.. ولنتذكر بأن الاستبداد هو من أدىَ لجريمة الإبادة الجماعية (السيفو)، وأن الاستبداد هو من أوقع العراق في حروب عبثية، وجرّ اقدام الاحتلال الخارجي، وإن التيارات الدينية، إنما نمت وترعرعت في أحضان الأنظمة المستبدة، وأن الاستبداد هو من جعل الأقباط المسيحيين في مصر وغيرها مواطنين من الدرجة الثانية، وأن الاستبداد وغياب الحريات وتدهور الوضع الاقتصادي ساهم بشكل رئيسي في هجرة شعبنا من سوريا، ولم يوفر الأمان والاستقرار المنشود للحيلولة دون ذلك.
إن شعوب المنطقة انتفضت في وجه الطغيان والاستبداد. من أجل نيل حريتها واستعادة كرامتها المهدورة، وتشهد سوريا اليوم واحدة من أنبل وارقى الثورات السلمية من أجل الحرية والديمقراطية. ورغم وجود أوجه تشابه كثيرة بين ثورات شعوب المنطقة، لا بد من الإقرار بوجود خصوصيات وتمايزات تتعلق بطبيعة المجتمعات وتطورها الحضاري ومستوى الوعي المدني لدى شعوبها. من هنا نقول: إن سوريا ليست العراق وليست ليبيا، والإسلام في سوريا ليس كمصر أو غيرها، فتاريخياً تميز الإسلام والمسلمون في سوريا بالاعتدال والانفتاح.
إن عجلة التغيير في سوريا تسير بتسارع، وكل من يعتقد أو يراهن على عكس ذلك، فهو مخطئ ويجافي الحقيقة والواقع. فلا عودة إلى الوراء.
لهذا فإننا نتمنى على شعبنا أن يتجاوز التردد ويتخلى عن تحفظاته، وأن يكون شريكاً فاعلاً في التغيير، وهذا لا يمكن أن يتحقق ما لم يغير ذاته، وينزع مخاوفه، ويتجاوز شعوره بالضعف الناتج عن كونه أقلية. آن لنا كآشوريين، وكمسيحيين الخروج من الذمية السياسية والدينية، لنكون أحراراً، وكاملي المواطنة، وليس مجرد رعايا أو مواطنين من الدرجة الثانية. نحن لسنا الحلقة الأضعف، ويجب أن لا نكون. نحن أقوياء بوقوفنا مع الحق، اقوياء بعلاقاتنا مع شركائنا، أقوياء بعراقتنا ووجودنا، فنحن لسنا طارئون على هذه البلاد، أوضيوفاً على أحد، فسوريا اتخذت اسمها من اسمنا فبالتالي نحن أم الصبي. يجب أن لا يخيفنا السلفيون ولا الأصوليون ولا العرعور وكل الأصوات والأفكار النشاز عن طبيعة المجتمع السوري. مصلحتنا تكمن في قيام دولة ديمقراطية علمانية، تستند إلى اسس العدالة والمساواة والمواطنة والشراكة الحقيقية، وهذه الدولة وحدها تشكل ضمانة للاستقرار والازدهار.
ولمواكبة عملية التغيير فإننا ندعو شعبنا ونخبه السياسية والفكرية والاجتماعية للانفتاح على شركائنا وبناء أوثق العلاقات معهم بعيداً عن حساسيات الماضي والأفكار المسبقة، فشعبنا لا مستقبل له خارج إطار العيش المشترك، وقيم الشراكة، ولا يمكن بناء مستقبل على الصراعات والأحقاد والخوف من الاخر، وإنما بالانفتاح ومدّ جسور التواصل معه. وبهذا نصون وجودنا، وتتعزز الثقة المتبادلة مع شركائنا في الوطن.
إن البناء على الإيجابيات، والتطلع إلى المستقبل، وليس النظر إلى الماضي، هو الذي يبني الوطن والإنسان. يجب أن لا نخاف شريكنا الكردي، بل علينا ان نتذكر أن شعبنا في العراق وجد ملاذه الآمن في إقليم كردستان العراق، وأن لائحة حقوق القوميات في الإقليم ما زالت الأرقى والأفضل من كل دساتير الدول التي نعيش فيها، يجب أن نتذكر أن إيرول دورا أصبح منذ مدة قصيرة، أول برلماني آشوري في تاريخ تركيا المعاصر، نتيجة التحالف مع القوى الكردية التقدمية.
يجب أن لا نخاف شريكنا العربي والمسلم، وعلينا أن نرى كيف يتعانق الصليب والهلال في التظاهرات، ولاسيما في يوم الجمعة العظيمة، التي كانت عظيمة بمعانيها ودلالاتها.
إننا نأمل ونتوقع من كنائسنا ومن رؤسائها الروحيين، القيام بدور أكبر في حث الشباب ودعوتهم إلى التمسك بجوهر وروح الرسالة المسيحية السامية، في التأكيد على قيم المحبة والسلام والإخاء والعدالة والحرية والحفاظ على العيش المشترك، والسلم الأهلي، تمثلاً بالرسالة الهامة التي أرسلها قداسة البطريرك مار اغناطيوس زكا الأول عيواص لرئيس الجمهورية.
نعيش جميعاً على أعتاب تحوّل ديمقراطي تاريخي، لم نشهده من قبل. لذلك فإن مفاهيم المعارضة والموالاة، ستكون مفردات متداولة ولصيقة بحياتنا من الآن فصاعداً، وهي تعبّر عن حالة سياسية صحية متقدمة فيما لو أدرناها بطريقة سلمية حضارية، بعيداً عن اي استفزاز او اشتباك قد يستدعي الفتنة والخصومة. لنجعل من قدرتنا على تنظيم الاختلاف، تمارين راقية لاختبار مدى قابليتنا واستعداداتنا للديمقراطية القادمة. أعتقد اننا قادرون على تجاوز هذا الاختبار بنجاح وبشكل سلمي وآمن قادر على اختصار طريقنا إلى الديمقراطية المنشودة.
أربعة وخمسون عاماً ولم نفقد الإيمان بحلمنا الذي لم يفارقنا لحظة، ومنذ أربعة أشهر بات هذا الحلم أقرب إلى التحقق. ما يدفعنا لتوسيع معنى ومفهوم المنظمة الآثورية الديمقراطية ليس بالمعنى التنظيمي والحزبي فقط، وإنما على صعيد الدور والفكر السياسي أيضا، بما ينقلها لفضاءات أرحب تخرجنا من حالة التكتل والانغلاق إلى آفاق التفاعل بوسائل مدنية قادرة على الارتقاء بمجتمعنا. وبهذا يمكننا تعزيز مناعة المجتمع وصون وحدته.
{{في الختام أتوجه بتحية للفتاة والمرأة الآثورية على دورها الكبير في حياة شعبنا ومنظمتنا.
ـ تحية للشباب الآثوري.
ـ تحية لكل الآثوريين في الوطن والمهجر.
ـ تحية لكل شباب سوريا الذي أوقد جذوة الحرية في نفوسنا.
ـ تحية إكبار وإجلال لأرواح شهداء سوريا من مدنيين وعسكريين ورجال أمن.
عشتم وعاشت سوريا وطناً حراً لجميع أبنائه.
المكتب السياسي
}}