القامشلي(سوريا) – أدو أورغ >>> تحتفل المنظمة الآثورية الديمقراطية في الخامس عشر من تموز، بالذكرى الرابعة والخمسين لتأسيسها، في وقت تشهد فيه سوريا، انتفاضة شعبية سلمية، يشارك فيها كافة أطياف الشعب السوري، طلبا للحرية والكرامة والديمقراطية. ورغم استخدام السلطة للعنف والقمع المفرط في مواجهتها، فإن الانتفاضة تتصاعد باستمرار، وتزداد عمقا وتجذّرا، بفعل شجاعة السوريين وتضحياتهم، في التعبير عن إرادتهم في السير قدما، نحو إنجاز التغيير الوطني الديمقراطي بالطرق السلمية.
إن إصرار السلطة على اعتماد الحل الأمني في الرّد على المطالب الشعبية المحقّة، أدّى إلى تفاقم الأزمة السياسية في البلاد، وزيادة الاحتقان في المجتمع. وإنّ استمراره مع استبعاد الحلول السياسية، سوف يطيل أمد الأزمة بلا شك، وسيقود البلاد إلى المجهول. كما وينطوي على خطر استدراج التدخلات الخارجية، وهو أمر نرفضه رفضا باتا.
لقد كان من ثمار الانتفاضة الشبابية، إعادة السياسة إلى المجتمع، بعد تغييب قسري دام حوالي خمسة عقود. وإطلاق حراك سياسي غير مسبوق، عبّر عن حاجة السوريين وتعطشهم للمشاركة في الشأن العام، وكشف عن طاقات هائلة، وقابليات واعدة لرسم مستقبل وغد أفضل للبلاد وأجيالها الشابّة، كان الاستبداد قد عطلها كليّا. وتجلّى الحراك في حوارات ولقاءات نظمتها قوى المعارضة والسلطة، سعت كلها للاقتراب من مطالب الشعب وتبنّيها، واجتهدت في البحث عن مخارج سياسية للأزمة التي تعصف بالبلاد. آخر هذه اللقاءات، كان اللقاء التشاوري الذي دعت إليه السلطة عبر هيئة الحوار الوطني، التي وضعت جدول أعماله، ومحاوره، وانتقاء القوى والشخصيات المشاركة فيه، دون أي حوار أو تشاور مع قوى المعارضة الوطنية الديمقراطية وممثلي الحراك الشعبي.
ورغم أهمية بعض الطروحات التي سعت بجهد لملامسة بعض المطالب الشعبية، وتجاوز بعض الخطوط الحمراء المرسومة من السلطة بصيغ عامة وضبابية. غير أنّ اللقاء جاء ناقصا ومبتورا، لاقتصاره على السلطة والمقربين منها، وبسبب غياب قوى المعارضة الوطنية وممثلي الشباب، ولأنه انعقد في ظل استمرارحملة أمنية لم تتوقف عن أعمال القمع والقتل والاعتقال وحصار المدن. إنّنا إذ نؤمن بأنّ الحوار يمثّل حاجة ومطلبا وطنيا، ومخرجا وحيدا، يجنب البلاد الفوضى ومخاطر النزاعات الأهلية.
فإننا نؤكد على ضرورة خلق المناخات المناسبة لإطلاق حوار وطني مسؤول وبنّاء، من خلال التطبيق الفعلي لرفع حالة الطوارئ، ووقف كافة أعمال العنف ضد المتظاهرين السلميين، وفك الحصار عن المدن والبلدات السورية المحاصرة، وإعادة الجيش الوطني إلى ثكناته، والحدّ من تدخل الأجهزة الأمنية في الحياة العامة، والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، وأولئك الذين اعتقلوا على خلفية التظاهر، وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة لمحاسبة المسؤولين عن أعمال القتل التي طالت المدنيين والعسكريين ورجال الأمن، والسماح لوسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية الدولية بالعمل داخل البلاد، وكذلك السماح بعودة المنفيين، وإطلاق الحريات العامة‘ وفي مقدمتها الحق في التظاهر السلمي دون أية قيود، وفتح الإعلام الرسمي أمام كافة القوى الوطنية ولمختلف الآراء والتوجهات، ووقف حملات التخوين والتحريض في وسائل الإعلام.
إنّ توفير هذه المناخات، من شأنه استعادة الثقة المفقودة بين السلطة والمجتمع ، واجتراح حلول وطنية للأزمة الراهنة بعيدا عن تدخلات الخارج وإملاءاته ، والإسراع في عقد مؤتمر وطني شامل، تشارك فيه جميع القوى الوطنية في السلطة والمعارضة، وممثلين عن الشباب، لوضع أسس وآليات الانتقال السلمي من دولة الاستبداد إلى دولة ديمقراطية علمانية، تستند إلى عقد اجتماعي عصري، يتجّسد في دستور جديد، يضمن العدالة والمساواة والشراكة الوطنية الكاملة بين كل مكونات الوطن، ويكفل التعددية والتداول السلمي للسلطة على كافة مستوياتها، ويضمن استقلال القضاء ومبدأ سيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان وفق الشرائع الدولية، كما ويقرّ بحالة التنوع القومي والثقافي في البلاد، والاعتراف الدستوري بالوجود والهوية القومية والثقافية لشعبنا الآشوري (السرياني) باعتباره شعبا أصليا، وضمان كافة حقوقه القومية والسياسية، واعتبار لغته وثقافته السريانية، لغة وثقافة وطنية، وذلك ضمن إطار وحدة البلاد أرضا وشعبا.
إنّ المنظمة الآثورية الديمقراطية، في الذكرى الرابعة والخمسين لتأسيسها، تجدّد دعوتها لكافة أحزاب ومؤسسات شعبنا لتفعيل آليات التعاون والتنسيق فيما بينها على طريق التكامل والتوحّد في الرؤى والمواقف حول كل مايخدم شعبنا ووطننا.
وباعتبارها جزءا من الحركة الوطنية الديمقراطية في سوريا، فإنها إذ تؤكد على أهمية الحفاظ على سلمية الانتفاضة، ونبذ وإدانة كل أشكال العنف أيّا كانت الجهات التي تقف وراءه، فإنها تجدّد تأكيدها على دعمها ومساندتها الكاملة لانتفاضة الشعب السوري بدون أية مواربة، حتى تحقيق غاياتها النبيلة في الحرية والديمقراطية، وتدعو شعبنا للمساهمة الفاعلة في عملية التغيير الديمقراطي السلمي، وصولا لبناء نظام ديمقراطي علماني، وحده يشكّل الضمانة الحقيقية للاستقرار والشراكة ونيل الحقوق.
تحية إجلال وإكبار لشهداء شعبنا ووطننا سوريا.. وعاشت سوريا وطنا حرّا لجميع أبنائها
سوريا 13 تموز 2011م 6761 آ
المنظمة الآثورية الديمقراطية
المكتب السياسي