الرئيسية / مقالات آشورية / الحرية … بين لحى المتحجرين و عقول المتنورين

الحرية … بين لحى المتحجرين و عقول المتنورين

حرية …… حرية .. (طبعا مع الحفاظ على النغمة المعتادة)..
كلمة تتردد كثيرا مؤخرا… وتستحق وقفة و لو قليلة..
قليلون قلة ممن يرددونها يدركون معنى هذه الكلمة … و يستحقون الاحترام .. لأنهم يعيشون ولو جزءا من الحرية في تفاصيل حياتهم (اجتماعيا- فكريا- ثقافيا- تعايشيا -….)… وحق لهم أن يتوجوها على رأس مطالبهم المتناغمة مع قناعاتهم و واقعهم..
وثلة أخرى تراها منقادة بلا وعي وربما مدفوعة ب"فوضى القطيع" اذا استطعت تسميتها مع الحشود لتردد هذه الكلمة الدخيلة على حياتهم ..هم لم يعرفوا من قبل أي مرادف لغوي لها..و ربما لن يجدوا مرادفا ملموسا لها على أرض واقعهم فيما بعد..
..وتبقى هذه الكلمة من المذكورين أعلاهم في اطار سلمي بغض النظر عن الفهم الحقبقي لها أو الجهل بها..
حرية….كلمة..ضاعت بين سندان الحق المشرع و مطرقة التكفير الدامي..

فما نراه من بعض ..أصبحوا ربما الكثير في الآونة الأخيرة…هو النقيض تماما للمألوف و المتأمل…
المفاجأ أن ترى ذلك .. الملتحي..المتسمر في الشاشة (الذائع الصيت مؤخرا) ..يبث سمومه هنا وهناك… "داعيا للحرية".. هو البائد القادم من العصور ما قبل الحجرية..والقاطن في أنأى منطقة عن العالم وفقا للمقايييس الانسانية..حيث بفضله و أشباهه تم تغييب نصف المجتمع و أكثر تحت ادعاءات الشرف ..الأنثى (أمه-أخته-جارته-قريبته….)..لا تبصر النور الا بأذن من سماحته..أو الأحرى أن نقول أن النور لا يعرف مساره الى تقاسيم وجهها المتواري وراء ذلك اللثام الذي التحفت به من فروة رأسها و حتى أخمص قدميها… وحتى استنشاق الهواء من قبل هذه التي لا حول و لا قوة لها خاضع للرقابة و عقاب من تتجاوز هذه المحرمات…. يبدأ بصفعة و ينتهي أقله بكذا جلدة تكون وصمة عار عليها مدى الحياة…كرمى لهذا "الداعي الفاضل"…الذي محى ملامح أنوثتها و …انسانيتها….!!!

أيستقوي الواحد منكم على امرأة..؟؟ هل هذه هي الرجولة ؟؟
أن تسبي كرامتها و تسلب انسانيتها….ام انها البطولة ؟؟
ما هكذا تحكم النساء…و موصى بهم ( رفقا بالقوارير )..!!
و مع ذلك فهو "داعي الحرية"…….فتأمل..!!!

تراهم هذا و أشباهه يخولون لأنفسهم حق أن يبيحوا ما يشاؤون و يحرموا ما يشاؤون..يستنهضون الهمم بادعاءات و أضاليل لم تعد تنطلي على أحد..و لكن…المضحك المبكي هوالفتية ضعاف النفوس الذين ينساقون مغشي على عقولهم وراء فكرهم البالي…اتخذوا "الحرية" مطية لتسويق حقدهم و تحقيق غاياتهم الدنيئة و بأبشع الوسائل..ولكن هيهات أن يدركوا الى أين ماضون…ها هم يستبشرون النصر المبين ملتحين بشعر كث طويل كاد يلامس ركبهم التي تورمت قعدة و قياما..ركوعا و سجودا..دعوة للجهاد في سبيل الحرية.. !!!!

كلمة "حرية" يا أفاضل أكبر منكم.. لا بل انها عار أن تتفوه ألسنتكم بها…!! ..

و بفتاوى تم استحضارها منكم أو من ((عابثين وراء الكواليس)) لم تعرف هويتهم لحد الآن..و بغاية صريحة كانت أو افتعلت باسمكم …انحدرت كلمتكم..الى أبشع ما يمكن تصوره..لتستقر رصاصة في أجساد عزل..وتنتهي بأشلاء ممزقة متناثرة في حاويات القمامة أو مكدسة في مقابر جماعية..
الأيام الماضية بكينا و بكت الانسانية بشاعة حقدكم وقبح مبادئكم…حتى الانسانية تبرأت منكم..لأنكم عار على الانسانية برمتها.. و نعينا ببالغ الحزن و الأسف رحيل ضميركم…………
لم تتعدوا الخطوط الحمر وحسب ..بل تجاوزتم كل ألوان الطيف بعبث ولامبالاة لم يسبق لها مثيل..
ف…عن أي "حرية " تتحدثون بحق السماء…..؟؟؟!!!!

اذهبوا..و عيشوا الحرية لأنفسكم و لمن معكم..و حرروا انسانية نسائكم…
ثم.. حرروا ألسنتكم الملتوية مطالبين بالحرية يا " دعاة الحرية "..!!!..
حريتكم لا نريدها…الحرية بالرجوع للوراء…** مع التذكرة أننا في القرن ال21

**
( افرحوا و أبشروا أيها المتحررين…ها هي الحرية تفتح أبوابها لكم على مصراعيها مع دعوة مليونية لاطلاق مليون لحية و مليون نقاب في مصر قبل شهر رمضان..)….نعم ..هذا ما تأتى من ثورة الحرية في مصر..!!!

لا نريد حرية من وراء لحى المتحجرين….بل نريد حرية من عقل المتنورين…
( الحق الحق أقول لكم : ليس كل من قال حرية حرية تليق به الحرية أو يستحق أن ينال الحرية )
الحرية قبل أن تكون خطابا أو فتوة على أي منبر تستعرض به تمردك وجبروتك…تبدأ من ذاتك و من ذات كل واحد منا..
سوريا لم تكن يوما وطنا لأمثالكم ..و لن تكون ..
أن تكون سوريا و فوق قداسة تراب الوطن..لا يعني أن تكون فوق الجميع بل يعني أن تبقى سوريا فوق الجميع..
سوريا لنا جميعا…
نساء و رجال..
مسيحيين و مسلمين و يزيديين..
سريان و كلدوآشوريين و أكراد و شركس و تركمان و عرب …
سورية مهد الأبجدية و منبت الكلمة.. ف..معا لنكتب بأحرف من نور سوريا الأجمل..سوريا الأكمل..لغد أمثل و مستقبل أشمل…
(((..و خير ما نفعله الآن هو دعوة للهدوء و الحوار البناء تحت سقف الوطن الواحد..على الوقوع في الدوامة المفرغة من الاتهامات و التخوين والقاء اللوم بين الأطراف المختلفة التي تبتاين مواقفها على مستوى الرأي فحسب ..وتتفق على سيادة الوطن فوق الحميع …)))

الصراخ لا ينفع ..
التخوين لا ينفع..
العتاب لا ينفع..
البكاء على الأطلال لا ينفع ..عفا الله عما مضى يا سادة…
كفانا تعلقا بأمجاد الخوالي وكراكيب الماضي..
من منا لم يتجرع المرارة من كأس كان لنا نصيب منها جميعا..
من منا لم تتذيل كرامته بالخيبة يوما ما..
من منا لم يتألم..
من منا لم يتمنى أن تعود عجلة الزمن للوراء ليمحي آثارا.. أبت أن تفارق أجسادا عشقت الحرية الجميلة..وعانقت آهات العذاب بصمت لا يعتريه خوف أو خشية..من أجل أن تحيا كلمة واحدة تختصر هوية حضارة موغلة آلاف السنين في القدم..لئلا يأفل نجمها…
معتنق ذاك الجسد المعذب عز عليه أن تحتضر هويته..فرسم خارطة طريقه نحو بعث الكلمة…نحو الخلود… أختارالشوك عوضا عن التأمل كالمنتحب في أزاهيرالماضي.. .
نعم….
تألمنا..و صبرنا… ولكن الفرصة مواتية اليوم لننفض غبار الأخطاء التي تحمل الوطن وزرها كثيرا…الأخطاء تعنينا كلنا..لا تعني فرد واحد أو كرسي واحد..لأن هذا الفرد أو الكرسي ليس شماعة نعلق عليها أخطاءنا على الدوام..
كلنا نخطئ و هذه سمتنا كبشر.. فما بالنا اذا كان الخطأ على مستوى المنظومة الأكبر.. الوطن..!!!..

تحصيل المسلوب منك في الماضي مهم..و لكن الأهم كيف ستسرده الآن بالتساوي مع الآخرين..
اذا …. معا من أجل الكلمة..معا نحو الحوار..معا لبناء وطننا بأنفسنا..و لينبري أصحاب اللحى و متبني الديقراطيات الزائفة.. في اجترار الفتاوى و النظريات ..
معا لفيسفساء بألوان و أطياف شتى ..معا من أجل (لنا جميعا)..

كما قالت السورية "كوليت خوري"..: (( الوطن يتسع للجميع…و يبقى الوطن فوق الجميع ))
فوق الجميع…..الأبرار و الأشرار و الأحرار و الأبواق..
معا…يدا بيد…( لتلافي ما لا يحمد عقباه غدا )…

سوريا لأنك الحب الأزلي الأول والأوحد… ولأنك كنت البداية..ستبقين حتى النهاية.. فدمت يا سوريا وطنا أبديا لنا..

أوراما نعمان حنا
22 62011‬

شاهد أيضاً

عندما يغادرنا مبدعٌ كالموسيقار جورج جاجان

14-05-2021 بقلم سعيد لحدو تعود الموسيقا السريانية بجذورها إلى حضارة مابين النهرين وطقوسها الدينية والمهرجانات …