بانياس(سوريا) – وكالات ++ اندلعت المظاهرات الاحتجاجية اليوم الأربعاء في عدد من المدن السورية منها حلب ودرعا وحمص وبانياس التي تطالب بالحرية والمساواة ومحاكمة رؤوس الفساد في الدولة وإطلاق سراح المعتقلين والتعددية الحزبية ورفع حالة الطوارئ بشكل كامل.
هذا وقد اعتقلت السلطات إحدى الشخصيات المعارضة في سوريا حيث تبدو الحركة الاحتجاجية عازمة على الاستمرار على الرغم من إقرار الحكومة لحزمة مراسيم يقضي أبرزها بإلغاء حالة الطوارئ في البلاد. كما عزلت السلطات السورية رئيس قسم الأمن السياسي في بانياس الواقعة في الجزء الغربي من سوريا التي شهدت أحداثا دامية خلال الأسبوعين الماضيين للتحقيق معه في حوادث مرتبطة بأعمال العنف في المدينة الساحلية. وأعلن رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية أن "دورية تابعة لفرع الأمن السياسي بمدينة حمص اعتقلت مساء الثلاثاء المعارض السوري البارز محمود عيسى اثر حديث أدلى به لقناة الجزيرة الفضائية".
وأوضح عبد الرحمن أن عيسى أجاب خلال اللقاء "على سؤال المذيع حول قضية استشهاد العميد عبدو خضر التلاوي وولديه وابن شقيقه في حمص على يد مجهولين وأكد أنه يعرف الضابط بشكل شخصي ويحترمه ولا يعرف من ارتكب هذه الجريمة، لكنه طالب الدولة بفتح تحقيق فوري وإلقاء القبض على المجرمين". وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أعلنت خبر مقتل الضابط وأفراد من عائلته والتمثيل بجثثهم على يد "مجموعات المجرمين المسلحة".
الداخلية تدعو إلى عدم التظاهر
ودعت وزارة الداخلية اثر ذلك في بيان لها السوريين إلى الامتناع عن القيام بأي مسيرات أو اعتصامات أو تظاهرات "تحت أي عنوان كان" موضحة انها تطلب ذلك من أجل "المساهمة الفاعلة في إرساء الاستقرار والأمن". وفي رد مباشر على ذلك أصدر أهالي حمص بيانا أكدوا فيها على استمرارهم بالتظاهر السلمي وعلى تمسكهم بمطالبهم ردا على رواية السلطات السورية عن قيام "تنظيمات سلفية" بـ "تمرد مسلح" في بانياس وحمص. قال البيان "نحن السوريون الحمامصة لم نعلن تمردا مسلحا ولسنا سلفيين و نعلن أننا ما زلنا نصر على مطالبنا التي عرفتموها من خلال تظاهراتنا السلمية ومن خلال اعتصامنا السلمي البريء". وأضاف "كنا معتصمين في ساحة الحرية "الساعة الجديدة سابقا" من كل الأجناس والأطياف في المجتمع السوري رجالا ونساء وشيبا وشبابا وأطفالا وبكل سلمية".
وأشار إلى أنه "لا مطالب لنا إلا الحرية والديموقراطية والمجتمع المدني ورفع حالة الطوارئ ومكافحة الفساد والتعددية الحزبية والسياسية ومحاسبة كل من تلطخت يديه بدماء السوريين وقام بإطلاق الرصاص على المعتصمين والمتظاهرين العزل والعدالة والمساواة على أساس المواطنة وإسقاط أي معيار آخر". كما تظاهر أكثر من ألفي شخص في تظاهرة احتجاج ضد النظام السوري في بانياس مساء الثلاثاء متحدين حظر التظاهر، حسبما أفاد شهود عيان. وأكد الشيخ انس العيروط لوكالة الصحافة الفرنسية في نيقوسيا عبر الهاتف أن التظاهرات في بانياس "ستستمر للمطالبة بالحرية".
عزل رئيس قسم الأمن السياسي في بانياس
من جهة أخرى، قال عبد الرحمن أن السلطات السورية قامت بعزل الرائد امجد عباس رئيس قسم الأمن السياسي في بانياس. ونقل عبد الرحمن تأكيد أهالي بانياس أن "الرائد ظهر في شريط الفيديو الذي تم بثه في 12 ابريل/نيسان وظهرت فيه قوات الأمن السورية وهي تعتدي على أهالي سكان البيضا" المجاورة لبانياس. كما أكد شهود من بانياس أن "السيارات التي أطلقت النار في مدينة بانياس فجر الأحد قبل الماضي كانت قد انطلقت من أمام مكتب الرائد رئيس القسم" حسب المرصد. ورحب رئيس المرصد "بهذه الخطوة الايجابية على الطريق الصحيح".
وكان شاهد عيان قد صرح لوكالة الصحافة الفرنسية في 10ابريل/نيسان بأن "سبع سيارات تابعة لقوات الأمن وقفت أمام جامع أبو بكر الصديق في بانياس عند موعد صلاة الفجر الأحد وأطلق الموجودون فيها النار على المسجد". وأضاف أن "خمسة أشخاص أصيبوا بجروح كان احدهم داخل المسجد وأربعة في محيطه". وتمكن مطلقو النار من الفرار بعد ذلك "إلا أننا تمكنا من الاستيلاء على سيارتين والتقاط أرقام لوحات السيارات الأخريات" بحسب الشاهد. وطالبت بريطانيا الثلاثاء السلطات السورية بممارسة "أقصى درجات ضبط النفس" و"احترام حق التظاهر السلمي".
واشنطن تعرب عن قلقها
كما ذكرت الولايات المتحدة مساء الثلاثاء على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر أن "العنف هناك لا يزال يثير قلقا عميقا، ومن الواضح أن على الحكومة ان تقر بشكل عاجل مزيدا من الإصلاحات وأن تتوقف عن استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين". وأقرت الحكومة السورية الثلاثاء حزمة مشاريع مراسيم تشريعية يقضي أهمها بإنهاء حالة الطوارئ في سوريا, وهي أحد أهم مطالب الحركة الاحتجاجية التي انطلقت في سوريا منتصف الشهر الماضي. ولكن الناشط الحقوقي والمعارض السوري البارز هيثم المالح قلل من أهمية القرارات ما لم يتم رفعها فعليا وفق الأصول الدستورية. وقال المالح لوكالة الصحافة الفرنسية "لم يقر شيء لغاية الآن" موضحا أن رفع حالة الطوارئ تتم عبر "إصدار الرئيس السوري بشار الأسد لمرسوم جمهوري بموجب المادة مائة وواحد من الدستور السوري أو بإقرارها من قبل مجلس الشعب بعد عرضها عليه".
وكشف مصدر رسمي رفيع لصحيفة الوطن المقربة من السلطة أن المراسيم التشريعية الثلاثة الخاصة برفع حالة الطوارئ وإلغاء محكمة أمن الدولة وقانون تنظيم التظاهر السلمي التي أقر مشاريعها مجلس الوزراء الثلاثاء، ستصدر اليوم الأربعاء عن رئاسة الجمهورية. من جهتها اعتبرت صحيفة تشرين الحكومية الصادرة الأربعاء "أن ما فعله الجناة في مدينة حمص هو الوجه الحقيقي الأسود للتطرف الديني الذي وضعت الولايات المتحدة الأميركية أسسه النظرية، وتدريباته العملية في النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي".
أكدت صحيفة الثورة أنه "لم يعد ما يجري بحاجة إلى دليل أو إثبات على أن طباخين أميركيين، وآخرين عربا مأجورين هم من حدد نوع الطعام المسموم الذي أرادوا وضعه على موائد السوريين". وأضافت أن "سوريا اليوم أمام مشروع خارجي تدميري مخرب" مشيرة إلى أنها "إذ لم تتراجع أبدا عن مشروعها الإصلاحي فإنها بصدد مواجهة هذا المشروع كأولوية لا يمكن تأجيلها أو العبث بها".
وقالت صحيفة البعث الناطقة باسم الحزب الحاكم إن "الواقع يبرهن على أن ما قامت به عصابات الفوضى والإجرام يهدف إلى اختطاف إرادة الشعب ومصالحه، كما يهدف إلى عرقلة مشروع الإصلاح والتغيير، وإلى إحباط أي مشروع سلمي وطني يطور العلاقة بين الدولة والمجتمع".