دمشق( سوريا) – أعلان ++ دشنت ثورة الشعبين المصري والتونسي، والانتفاضات الجارية في اليمن وليبيا والبحرين، عصراً جديداً في المحيط العربي، هو عصر التغيير والانتقال إلى النظام الديمقراطي. وبغض النظر عن ظروف كل بلد والشروط الخاصة به، إننا نعتقد أنه لن يبقى أحد بمنأى عن هذا الانتقال. ونحن في سورية في عداد هذه البلدان التي تحتاج إلى التغيير ونعمل من أجله. فليست الديمقراطية غريبة عن تاريخ سورية وحياة السوريين.
إنه نداء التاريخ وفرصته المتاحة أمام وطننا، ليفتح الشعب السوري بإرادته وتصميمه باب التغيير الديمقراطي، ويغلق في الوقت نفسه بوابة الأزمة الشاملة التي تلف بلادنا، وزادها الفساد والفقر والبطالة تفاقماً ، مما أضعف قواها ومكانتها منذ عقود. وهنا لا بد من التوقف أمام الوقائع الجديدة والحقائق الصلبة التي كشفت عنها، ومازالت تكشف، يوميات الثورة الديمقراطية الجارية، التي تكتب تاريخاً جديداً في البلدان العربية وفي العالم.
– إن رياح التغيير هبت في المنطقة، وبدأت دولها تتحول وفق أجندات داخلية وبيد أبنائها. وتفتح عصراً جديداً، هو عصر حضور الشعب بقواه الشابة في المعادلة الوطنية. فعصر التحول الديمقراطي صار حقيقة واقعة، تمس الجميع عاجلاً أو آجلاً.
– نجاح التحركات السياسية السلمية في الشارع وأساليب العصيان المدني في إنجاز التغيير وتحقيق الأهداف السياسية والاجتماعية والاقتصادية للشعب.
– عجز الأجهزة الأمنية ومؤسسات الضبط على أنواعها، مهما كانت كبيرة ومجرَّبة، عن حماية النظام، والوقوف في وجه الشعب. وفشل المعالجات الأمنية وأساليب القمع والالتفاف ووضع الناس بمواجهة بعضها في كبح إرادة التغيير.
– حَكَمَ التاريخ على صيغة الدولة الشمولية الاستبدادية، التي تستمر في بلادنا، وبرهن على فشلها. وأعاد الاعتبار للدولة المدنية الديمقراطية التي تتمكن وحدها من إخراج البلاد من أزماتها.
– إن الاستمرار في المكابرة والوقوف في وجه التغيير يحمل في طياته مخاطر جدية على مستقبل سورية. يؤثر سلباً على الوحدة الوطنية، ويثير تفجرات مختلفة، تضعف مناعة البلاد وقدرتها على مواجهة الاستحقاقات المطلوبة.
– أظهرت تجربتا التغيير في تونس ومصر أن المخاوف منه غير مبررة. وأن أكلاف إنجازه على الجميع أقل كثيراً من أكلاف محاولات كبحه والحؤول دونه، كما يحصل الآن في ليبيا.
-انتزعت الشعوب والأجيال الشابة على وجه التحديد الثقة والإعجاب من النخب السياسية والثقافية في الحكم والمعارضة، وكشفت عن مفاجآت سارَّة في اقتدارها على مباشرة دورها ومسؤولياتها في حياة الوطن.
– الديمقراطية سمة العصر ومفتاح الحداثة، والانتقال إلى النظام الديمقراطي وتوطيده هو قضية الشعوب الأولى . وأي تقدم على هذا الطريق يلقى ترحيب المجتمع الدولي ومساندته.
إننا نعتقد بأن الشعب السوري بمقدوره أن يصنع طريقه الخاص للخروج من الاستبداد، ويبني دولته الديمقراطية بالاستناد إلى تجربته التاريخية ووعيه السياسي وطبيعته السلمية الحضارية. ونؤمن بقدرته على عبور مرحلة التغيير بأمان بعيداً عن التطرف والعنف، إذا نجح السوريون في دخول هذه المرحلة بوعي وإرادة وتصميم، وفي ظل وحدة وطنية حقيقية والتفاف حول خطة عمل لعبورها. وإيماناً منا بضرورة التغيير وحتميته، وتحسساً لمسؤولياتنا الوطنية فإننا: نتوجه إلى جميع السوريين، وخاصة الطاقات الشابة الواعدة منهم، بنداء من أجل الثقة بالنفس وبقدرة الشعب على إجراء التغيير وصنع مستقبل بلدنا أسوة بإخوتنا في البلدان العربية التي انتفضت وحققت ما تريد. وندعو إلى الالتزام بالتحرك السلمي والهدف المشترك الذي يحوز على الإجماع الوطني، ألا وهو بناء الدولة المدنية الديمقراطية، ورفض أي شكل من أشكال التمييز أو النفي أو الاستبعاد لأي فئة أو قوة وطنية، وعدم الانجرار لأي مظهر من مظاهر التطرف أو العنف أو الانتقام. لأن شعبنا ينظر إلى المستقبل، ويتطلع إلى فتح صفحة جديدة في تاريخ البلاد، تتجاوز أخطاء الماضي وخطاياه. ونتوجه إلى جميع قوى المعارضة أحزاباً ومنظمات وشخصيات وطنية وطاقات شابة، على أمل اللقاء في لجنة وطنية للتنسيق من أجل التغيير. تنسق المواقف، وتخطط للنشاطات وتديرها. فوحدة قوى التغيير أولى الوسائل الضرورية لتحقيقه.
على السلطة السياسية المسئولة عن حكم البلاد، تحمل مسؤولياتها الوطنية في هذه الظروف الدقيقة، واتخاذ موقف جريء وحكيم من قضية التغيير الوطني الديمقراطي المطروحة على جدول أعمال بلادنا، والتي يمكن أن تجد طريقها إلى المعالجة والحل عبر حوار وطني شامل بين جميع القوى والأحزاب والفعاليات الاقتصادية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني. يرسم معالم هذا الطريق، والجدول الزمني لتحقيقه، ومهمات كل جهة لوضعه موضع التنفيذ. وينتظر الشعب تمهيداً لذلك إجراءات سريعة على الأرض لا تحتمل التأجيل، تذيب الجليد بين السلطة والمجتمع، وتمد جسور الثقة الضرورية لأي عمل وطني جامع.
ويشكل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي ورفع حالة الطوارئ وإلغاء الأحكام العرفية والقوانين والمحاكم الاستثنائية، وإلغاء نتائج الإحصاء الاستثنائي لعام 1962 والقانون49 لعام 1980 ، وإطلاق الحريات العامة مدخلاً لا غنى عنه في هذا السبيل. ولن يكون نتيجة ذلك رابحون وخاسرون. لأننا نربح جميعاً مستقبل سورية وشعبها. نربح وطناً جديرون به، ينعم جميع أبنائه بالأمان والاستقرار والعيش الكريم. إن السوريين جديرون بالحرية ومصممون على بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة. دولة الكل الاجتماعي المستندة إلى الشرعية الدستورية وسيادة القانون، والقائمة على مبدأ المواطنة المتساوية بالحقوق والواجبات، تصون الحريات العامة وحقوق الإنسان، لتستعيد سورية عافيتها وموقعها ودورها في محيطها. إن تجنيب سورية آلام هذا المخاض الكبير مسؤولية الجميع، وتتطلب الكثير من الشجاعة والحكمة والتضحية، وتشكل اختباراً لوطنية السوريين واستحقاقهم الانتماء لسورية الوطن والشعب.
إنها ساعة الحقيقة.
فمستقبل سورية ينادي شعبها.
فتحية لمن يبادر في تلبية النداء.
وتحية لأرواح الشهداء، شهداء التغيير الديمقراطي في جميع البلدان العربية.
دمشق في 25/2/2011
الأمانة العامة
لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي