الرئيسية / اخبار اشورية / المطران مارغريغويوس يوحنا إبراهيم يهنأ شعبنا في العراق بمناسبة عيد الميلاد

المطران مارغريغويوس يوحنا إبراهيم يهنأ شعبنا في العراق بمناسبة عيد الميلاد

حلب(سوريا) – أدو أورغ ++ ها نحن نختتم سنتنا /2010/، باحتفالنا بعيد ميلاد السيد المسيح بالجسد، ورأس السنة الميلادية الجديدة. ومع نهاية كل عام، عادةً نضع نصب أعيننا هدفين: الأول : أن نتطلع إلى أحداث هذا العام الذي مضى بأحداثه المفرحة والأليمة، ونتخذ من كل موقف عبرة لحاضرنا ومستقبلنا. والثاني : أن نصلي ونأمل أن تكون السنة الجديدة القادمة، حافلة بالأخبار السارة، وحبلى بالبركات والنعم التي نرجوها لكل المواطنين في مجتمعاتنا دون أن تكون هنالك الأسوار والحواجز التي تفصل بين المواطنين الصالحين.

لقد تكدرت خواطر المحبين للسلام خلال هذه السنة /2010/، بأحداث خطيرة ومقلقة للغاية، خاصة في فلسطين الجريحة، والعراق المصلوب على خشبة الآلام منذ سنوات. منها : التعدي على دور العبادة، وإشاعة حالة الذعر والخوف والرعب في قلوب الناس، والابتعاد عن كل معاني القيم والأخلاق الموجودة في كتبنا المقدسة، بل التخلي عن تقاليدنا الشريفة وعاداتنا الجليلة، التي أرشدتنا بأن نحافظ على الرباط المقدس الذي يجمع بين المؤمنين بالله تعالى، من خلال سمات أصبحت جزءاً من تراثنا، لأنَّها تعمدت بها الأرض لقرون طويلة خلت. وفي مقدمة هذه الأحداث الأليمة مجزرة كنيسة سيدة النجاة في بغداد التي اهتزَّ لها الضمير العالمي، واستنكرها المسلمون والمسيحيون في كل العالم، لا بل استهجنها أصحاب الإرادة الطيبة، وكل المحافل الدولية، والحكومات، وكلهم اعتبروا هذه المجزرة وصمة عار في جبين الإنسانية، خاصةً ونحن في بداية القرن الحادي والعشرين. لقد سجّل أعداء الدين صفحة سلبية جديدة في تاريخ البشرية، لأنهم اعتدوا على ضحايا بريئة كان وجودها في كنيسة سيدة النجاة لرفع الصلاة إلى الله الواحد الأحد، والطلب منه ليعيد الأمن والسلام إلى ربوع العراق، والوئام والتآلف بين أبنائه من كل المكوِّنات التي تشكل هذا الفسيفساء الجميل لأرض حضارة بلاد الرافدين، ومرتع الثقافة المتعددة.

إذاً ستبقى سنة /2010/ الأليمة بأحداثها، وخاصة حدث كنيسة سيدة النجاة محفورة في الذاكرة عدّة أجيال. نحن المؤمنين بالله تعالى، نحمل رسالة السيد المسيح التي تدعو إلى السلام والمحبة إلى كل العالم، لهذا فعيد الميلاد بالنسبة إلينا نحن المسيحيين هو عيد السلام، وعيد المحبة. إنّنا نردد مع الملائكة الذين ظهروا في ليلة الميلاد الترنيمة الخالدة : المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، والرجاء الصالح لبني البشر. فكلّ صلواتنا نرفعها في ليلة الميلاد إلى خالق السموات والأرض، الذي خلق الإنسان على صورته ومثاله، وسوَّاه ونفخ فيه نسمة الحياة، ونرجوه من خلالها ليرسخ مفهوم السلام في كل أرجاء العالم، وأن تكون المحبة العلامة الفارقة التي تجمع أتباع الديانتين، وأن يكون الرجاء الصالح هو أهم هدف من خلال توجهاتنا ورؤانا وتطلعاتنا إلى بعضنا بعضاً. لقد تبارك الشرق الأوسط في هذه السنة بأعمال سينودس الأساقفة ـ الجمعية الخاصة من أجل الشرق الأوسط، الذي عقد في روما مابين 10 و 20 تشرين الأول 2010، وبدعوة كريمة من قداسة البابا بيندكتوس السادس عشر.

كان على أخوتنا المسلمين في الوطن العربي، أن يدركوا أنَّ لغة هذا السينودس كانت شفّافة واضحة فيها كل معاني الاعتدال، ولا يتوخى السينودس إلاّ كل الخير للشعوب، والأقوام، والأديان، والمذاهب، التي عاشت مع بعضها بسلام وهناء قروناً طويلة بعد الفتح العربي. وفي رسالة السينودس الختامية دعوة إلى التعاون، وحوار الحياة مع المسلمين الذين يجمعنا وإيَّاهم الإيمان بالله الواحد الأحد، والعمل بالمعروف، والنهي عن المنكر. وقال آباء السينودس للمسلمين: إنَّنا أخوة، والله يريدنا أن نحيا معاً، متحدين في الله الواحد، ووصية محبة الله ومحبة القريب. معاً سنعمل على بناء مجتمعاتٍ مدنية، مبنية على المواطنة، والحرية الدينية، وحرية المعتقد. هذه الدعوة لا تتحقق في واقع الحياة إلاَّ إذا تمَّ التعاون التام بين المسلمين والمسيحيين لتعزيز الأمن، والسلام، وحقوق الإنسان، وقيم الحياة والعائلة.

وفي رسالة السينودس، ألقيت المسؤولية الجسيمة على كل المواطنين من كل الأديان والمذاهب، لأن مسؤوليتهم مشتركة في بناء الأوطان، وعليهم أن يكونوا مستعدين ليقدموا للشرق والغرب أنموذجاً للعيش المشترك، والتعاون في الثقافات المتعددة. إذاً رغم هذه الصفحات الأليمة، نريد نحن المؤمنين بالله، أن نعيش بتفاؤل كامل في حاضرنا ومستقبلنا. فعيد ميلاد سنة /2010/ هو دعوة حقيقية لترسيخ مفاهيم السلام بين أبناء الوطن الواحد. لهذا نرفع عيوننا إلى السماء، ونتضرع إلى الباري تعالى، بأن ينقذ الوطن من براثن الأشرار، وينجيه من المخططات الجهنمية، التي ستأتي على الأخضر واليابس، وتدمر كيان الحضارة في بلاد ما بين النهرين، وتقضي على أحلام المواطنين المخلصين الأوفياء الذين يعملون بجدّية من أجل أن يبقى النور ساطعاً في كل أرجاء الوطن، وأن يعيش المواطنون جميعاً تحت سقف الوطن الواحد، متمتعين بحرية التعبير والضمير والمعتقد، ليرفعوا مع بعضهم رايات السلام والمحبة إلى كل العالم.

إنَّنا نهنئ الأخوة والأخوات في العراق الحبيب، المسيحيين والمسلمين، الذين يحتفلون بأعياد الميلاد المجيد، ورأس السنة الجديدة، ونسال الله أن يجعل السنة القادمة /2011/ جديدة بالخيرات والنعم والبركات، التي تحل على الوطن وكل أبنائه وبناته، فتجعل منه مسكناً، يسوده السلام والمحبة والعدالة الاجتماعية.

وكل عام وأنتم بخير

المطران مارغريغويوس يوحنا إبراهيم
رئيس طائفة السريان الأرثوذكس بحلب

شاهد أيضاً

المنظمة تهنئ بمناسبة الذكرى 175 ليوم الصحافة الآشورية

31-10-2024 بمناسبة حلول الأول من تشرين الثاني، يوم الصحافة الآشورية، والمتمثل بالذكرى الخامسة والسبعين بعد …