البيت العراقي الدولي- خاص
01-11-2010
عبرت العديد من المنظمات المسيحية والشخصيات الإعلامية والثقافية العراقية عن حزنها وغضبها لما جرى يوم أمس من فاجعة تعد الأولى من نوعها تنفذ فيها قوى إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة عمليات اختطاف واحتجاز رهائن وتقتل العشرات من المسيحيين العراقيين في كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في حي الكراة ببغداد، اثناء تأديتهم للقداس المسائي الذي حضره نحو مئة شخص من العراقيين الذين ينتمون الى الديانة المسيحية، يوم الأحد 31-10-2010.
ونددت المنظمة الاثورية الديمقراطية، التي تعنى بشؤون المسيحيين في الشرق الاوسط، بهذه العملية ووصفتها بالجبانة والغادرة، و بينت بأنها تأتي متزامنة ومكملة للحملة الممنهجة التي ترمي الى إفراغ العراق ومنطقة الشرق الأوسط من المسيحيين، حسب تعبريها.
وأعرب جورج شاشان، مسؤول المظمة الآثورية الديمقراطية في بلجيكا، في تصريح خص به مؤسسة "اتجاهات حرة"، عن خيبته لما آلت إليه الأمور والتدهور الأمني الذي يدفع ثمنه العراقيون بشكل عام والمسيحيون بشكل خاص، وقال: " أننا كمسيحيين ولأول مرة منذ 2000 ألفين عام، نشعر بأننا مهددون بالإنقراض من منطقة الشرق الأوسط"، مبيناً "اليوم يستطيع أي مجرم أو أي مجموعة مسيسة أو متطرفة أن تفعل ما يحلو لها ضد المسيحيين في العراق بدون رادع حقيقي وبدون حملة استهجان واستنكار مسؤولة كما يجري مع باقي الديانات والمذاهب حينما تتعرض لنفس هذا الخطر".
فيما اتهمت الإعلامية سانتا ميخائيل، الحركات الاسلامية المتطرفة بأنها هي المسؤولة عن مثل هكذا أعمال وسط صمت دولي وعربي مخجلين، وتقصير حكومي واضح في حفظ الأمن ودرء المخاطر التي تعصف بالعراق وبالمسيحيين بشكل خاص.
وانتقدت بشدة الإدعاءات التي ساقها تنظيم القاعدة بخصوص زوجة قس مصري قد أسلمت، وبين المسيحيين في العراق، وقالت أنهم عادة ما يسوقون لنا مبررات واهية توضح بشكل لا يقبل الشك منهجهم التدميري وكذلك خططهم بإفراغ العراق والمنطقة من المسيحيين سكان العراق الأصليين، مضيفة "ان إحصاءات الأمم المتحدة تقول بأن عدد المسيحيين في العراق عام 2003 كان مليون وثمانمئة ألف واليوم إنخفض عددهم إلى حوالي نصف مليون فقط".
وتساءلت ميخائيل التي هاجرت هي الأخرى من العراق بعد تلقيها تهديدات من قبل جماعات متطرفة، قائلة: "لماذا يحملوننا ما يجري في كل بلدان العالم؟ فما يجري من إساءات في الدنمارك على خلفية الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول محمد ندفع ثمنها نحن، وما يصرح به البابا الكاثوليكي في الفاتيكان ندفع ثمنه نحن، وكأن مسيحيي العراق هم امتداد للدول الأوربية المعروفة بعلمانيتها؟"، منتقدة موقف الحكومة العراقية على الصعيدين الأمني والإعلامي محملة إياها مسؤولية ما يجري من استهداف للمسيحيين، ومطالبة بضرورة القيام بواجبها بحفظ الأمن وتسليح حرس الكنائس بأسلحة تمكنهم من الدفاع عن أنفسهم.
و أشار رئيس مجلس إدارة البيت العراقي الدولي حسين الحسيني، إلى أن تنظيم القاعدة والقوى الإرهابية غالباً ما تحاول أن تصنع ضجة إعلامية على صعيد العالم، مستغلة الوضع الأمني الهش في العراق لتنفيذ عملياتها الإرهابية، ومحاولة ربط تلك الأحداث بما يجري في العالم سواء كانت في مصر أو في باريس، مبيناً "أننا نلاحظ أن تنظيم القاعدة خلال اليومين الماضيين فشل في تنفيذ عملياته الإرهابية وتهديداته الموجهة ضد فرنسا بشكل خاص بعد اكتشاف الطرود المفخخة من قبل قوات أمنية تقوم بواجباتها بشكل دقيق ومحترف، فعمدوا الى تعويض تلك الهزيمة بعملية بائسة في العراق الذي بات مسرحاً لتصفية الحسابات، لإنشغال ساسة العراق بتقاسم السلطة والنفوذ، ولعدم وصول جاهزية القوات الأمنية العراقية لدرجة تؤهلها من حفظ الأمن بشكل أكبر ".
و تساءل رئيس مؤسسة مسارات للتنمية الثقافية ومستشار البيت العراقي الدولي سعد سلوم، خلال اتصال هاتفي مع مراسل مؤسسة "اتجاهات حرة، قائلاً:" لماذا يتم استهداف المسيحيين أكثر من غيرهم؟" موضحاً "بأن الثقافة التي سادت في العراق بعد 2003 هي ثقافة الأكثرية ودكتاتورية الأغلبية ضد الأقليات وهذه الثقافة أسست لخطاب يستبطن استخفافاً واضحاً وصريحاً ضد مكونات العراق الأساسية، وهي ثقافة تقوم على أساس معياري عددي وليس وفق معيار ودور ثقافي حضاري، وبالتالي تبقى الأقلية بوضع دفاعي ينظر له على أساس العدد"، مضيفاً "أنها فرصة لمراجعة ملف مسيحيي لأن هذا الموقف يذكرنا بعمليات تهجير وترحيل اليهود العراقيين في خمسينيات القرن المنصرم، وأن العراق بدون مسيحيين وبدون هذا التنوع الديني والفكري والثقافي والحضاري الذي هو رأس مال العراق الحقيقي، و من دونه سيتعرض العراق للإفلاس".
فيما اعتبر مدير تحرير المركز السيمو- عراقي، حيدر علي، هذا العمل الإرهابي الموجه ضد الأقليات بشكل عام هو بمثابة جزء من عمليات سياسية لها ارتباط وثيق بواقع الصراع الدراماتيكي الدائر بين الاحزاب، وتنفيذ لخطة غايتها افراغ العراق من جزء تاريخي مهم من الدينات واللغات المختلفة، مشيراً الى البعد السياسي والإعلامي لهذا الموقف، وقال: "لا يخفى على الجميع بأن هناك جهات تعمل ضمن اجندة تهدف الى ضرب جماعات لصالح جماعات أخرى، والأغلبية تدرك بأن هذا الأمر هو جزء من لعبة كبيرة مبيتة ولكن تنتظر أن تتحرك البيادق على رقعة الشطرنج للواقع العراقي السياسي، مضيفاً بأن تأريخ العراق السياسي هو تاريخ تصفيات، وعمليات التهجير القسري هي الوجه المكمل لتلك التصفيات وهذه المرة تجاوزت لتشمل عمليات التفريغ الثقافي والحضاري للعراق، فضلاً عن التصفيات الجسدية الجارية فيه.
وطالبت منى الساعدي، مديرة جمعية أصدقاء العراق الدولية، المنظمات العالمية بضرورة دعم الأمن والإستقرار في العراق ومساعدة الأقليات هناك، مؤكدة أن منظمتها ستعمل خلال الفترة المقبلة بحملات لجمع التواقيع والمساعدات للعراقيين في مختلف الجوانب الإنسانية والثقافية والطبية.
إلى ذلك، قال فراس الوائلي مدير تحرير مرصد "عسس" وهو مرصد متخصص بمراقبة و رصد الإشاعة في العراق، إن هناك معلومات وردت الى المرصد تفيد بأن القيادة العامة للقوات المسلحة حين وصلت إليها المعلومات الخاصة باحتجاز رهائن مسيحيين في كنيسة سيدة النجاة في الكرادة ببغداد، ارتبكت واعتبرت هذا الأمر عبارة عن مؤامرة جديدة تدار وتحاك ضدها وإن مدلولاتها سياسية، وعلى أساس ذلك كانت ردة فعلها سريعة وغير مدروسة وكلفت العشرات من المحتجزين حياتهم، مضيفاً "بأن القوات الأمنية وبناء على أوامر مباشر من مكتب القائد العام للقوات المسلحة شرعت بحملة إعتقالات بعد تلك العملية، وصفت بالعشوائية وهناك نحو 200 تم اعتقالهم لحد الآن مما وصفهم القادة الأمنيون بالمشتبه بهم".
وعبرت جماعة "عضد"، في وقت سابق عن تضامنها مع حق المسيحيين في العيش بسلام بأرض الرافدين ونددت بالأعمال الإرهابية التي تستهدف العراقيين بشكل عام والمسيحيين والأقليات بشكل خاص، مطالبة بوقفة مسؤولة من قبل الحكومة العراقية والمجتمع الدولي وجميع المنظمات الإعلامية والمدنية، للقيام بواجبها المهني والإنساني على أتم وجه.
*البيت العراقي الدولي- خاص